+ A
A -
كتب - منصور المطلق
تصوير - محمود حفناوي
اختتم أمس المؤتمر الدولي حول وسائل التواصل الاجتماعي «التحديات وسبل دعم الحريات وحماية النشطاء»، الذي انعقد بالدوحة على مدار يومين بتنظيم اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بالشراكة مع مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان والبرلمان الأوروبي والتحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والفيدرالية الدولية للصحفيين.
وجمع المؤتمر أكثر من 250 منظمة حكومية وغير حكومية ومدافعين عن حقوق الإنسان وعاملين في مجال الإعلام والتكنولوجيا وآليات حقوق الإنسان والمنظمات التي تعنى بحقوق الإنسان على المستوى الوطني، كما سلط المؤتمر الضوء على الفرص التي قدمتها وسائل التواصل الاجتماعي في تعزيز حقوق الإنسان، وناقش التدخلات التي تحدث عند استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
وناقش المشاركون في المؤتمر التصدي لإساءة استخدم وسائل التواصل الاجتماعي والعراقيل الموضوعة أمام هذه المنصات والتي من شأنها أن تعيق الخطاب الحر، كما تمت الإشارة لخطاب الكراهية وكيف تساهم هذه الوسائل في بعض الأحيان في التحريض ونشر الكراهية واستهداف الأقليات.
وأعرب المشاركون عن شكرهم وامتنانهم لدولة قطر واللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، وشجعوا على الالتزام بهذه المبادئ من أجل تعزيز الحريات ولحماية النشطاء عبر الانترنت وخارجه.
كما ناقش المشاركون سبل تضييق الحيز المدني، مشيرين إلى أن هذه المنصات أصبحت مساحة مشاركة لأصوات المعزولين في السابق. كما أن هذه المنصات قد تكون مساحة ممتازة للمراقبة والإشراف الدقيق، وبالتالي فإن هناك حاجة لمواجهة الأخبار الملفقة، وهذا بدوره يستدعي وضع المعايير حتى لا يتم الخلل بحرية التعبير.
وأشارت التوصيات إلى الجرائم السيبرانية وخطاب الكراهية والطرق التي تستخدم لبث هذه المفاهيم غير الحسنة، وهناك قوانين غير واضحة ومبهمة في بعض البلدان والتي لا تعرف هذه الجرائم بشكل واضح، كما أن هناك بعض العقوبات غير المتناسبة عن تلك الجرائم.
وطالبت التوصيات بأن تحدد القوانين المحتوى وتكون شفافة ولابد من الإشارة للخطابات المقموعة علاوة على تصحيح الكثير من البيانات الموجودة. وبحسب القانون الدولي، يجب أن تكون التدابير قادرة على التحكم بهذا المحتوى، ولابد من تقييم هذه الإجراءات بشكل دوري وان تقوم التدخلات بناء على مشاورات تشمل كل أصحاب المصلحة وأن يكون الاشراف مستقلاً.
ودعت التوصيات لاحترام حق الحصول على تعويضات والحق في اللجوء للمحاكم لابد أن يكون مصاناً، ولا بد من توفر معلومات حول حق بعض الشركات في حذف أو حجب المحتوى على الانترنت، والحكومات مطالبة بإزالة التشهير ولابد ان يكون ذلك كله مصانا من خلال القوانين.
كما طالبت التوصيات الدول بضمان عدم وجود قيود على حرية التعبير ولا بد من تجريم أي نوع من عرقلة هذا الخطاب وأن يكون ذلك واضحاً في القانون خاصة اذا كان الخطاب تحريضاً على العنف، وهذا يتطلب فلترة المحتوى، وفي بعض الأحيان لا يكون متناسباً مع الحق في الخصوصية ويشكل نوعاً من القمع.
ودعت التوصيات لضرورة تعزيز حقوق الإنسان بموجب مبادئ باريس للتأكد من أن هذه المنظمات لاتخضع للتهديد بما في ذلك الأنشطة على الإنترنت.
وأوصى المشاركون شركات التواصل الاجتماعي بإنجاز قانون حقوق الإنسان كمرجع لحماية الحق المدني وكيفية العمل في هذا المجال خاصة فيما يتعلق بالشفافية والحجب ولا بد من تطبيق مبادئ سانت كلارا حول الشفافية وتطبيق التوصيات الخاصة بتراخيص الأمم المتحدة حول حماية وتعزيز حقوق التعبير. وطالبت التوصيات بضرورة التعاون مع الصحفيين والناشطين من أجل حمايتهم من سوء التصرفات والسلوكيات العدائية خاصة في الدول التي لايجد فيها الأشخاص للحماية من قبل الحكومات، مشيرة إلى أن هناك مجموعة من الخيارات القانونية التي يمكن الاستفادة منها في حال وجود طلب لحجب الإنترنت. ودعت التوصيات للالتزام بإطار عمل حقوق الإنسان ومحاولة تجنب التمييز وتوسيع خيارات المستخدمين عندما يريدون الوصول لهذه المعلومات والاستفادة من كل ما تقدمه شركات التواصل الاجتماعي لضمان الاستخدام الآمن لهذه المعلومات.
وحول التوصيات لمناصري حقوق الإنسان دعت التوصيات للعمل على تنظيمات وتشريعات ومعايير واضحة، بالاضافة لمناصرة عملية محو الأمية الرقمية وبناء قدرات الفاعلين في المجتمع المدني فيما يتعلق بكيفية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة لتأمين المساعدات القانونية للصحفيين المتعلقة بحرية التعبير وتعزيز عملية تنفيذ احترام الحقوق واخلاقيات الصحفيين.
وطالبت التوصيات شركات الإعلام بتأمين التدريب ونشر الوعي الأمني خصوصاً لمن يعمل في الصحافة الاستقصائية وأن يقوم مستخدمو التواصل الاجتماعي باستخدام التشفيرات اللازمة خصوصاً لمن يعمل في الصحافة ومناصري حقوق الإنسان، مشيرة إلى أن التشريعات جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان، كما أن مواثيق حقوق الإنسان ضرورية لحرية التعبير والحق في الخصوصية بالانترنت.
وأكدت التوصيات على ضرورة تعزيز الاستجابة لكل الهجمات التي يتعرض لها الصحفيون والعمل مع الإعلام المستقل ومحاولة تعزيز حريات التعبير والخطاب المستقل بالإضافة لاتخاذ التدابير اللازمة لتعزيز عمل الصحفيين خاصة الذين يعملون في أماكن الصراع مثل اليمن وأفغانستان وسوريا الذين يتعرضون للخطر كل يوم لتوثيق الانتهاكات على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما تستمر عمليات القتل والترهيب ضدهم.
وطالبت التوصيات الأمم المتحدة بتقديم المشورة للدول حول السياسات التشريعة وتعزيز الالتزام بالاتفاقيات الدولية وأن يتم تعديل التشريعات بطريقة تعمل على تنفيذ الالتزام بهذه الاتفاقيات، والعمل مع الشركات حول مسؤولية احترام حقوق الإنسان وتنفيذ إعلان مراكش 2018 حول دور مؤسسات حقوق الإنسان في تعزيز وتنفيذ الحيز المدني وبالتركيز بشكل خاص على المرأة.
وشددت التوصيات على ضرورة مراقبة الحيز المدني عبر الانترنت وخارج الانترنت عبر تقسيم هذه البيانات استناداً للبيانات والجندر وكل المعلومات المتعلقة بحالات القتل وكل الانتهاكات ضد الصحفيين والنقابيين والمحامين والأكاديميين والتلاميذ استناداً لهدف التنمية المستدامة السادس عشر.
وأضافت التوصيات بأن هذا المؤتمر ينص على ان مؤسسات حقوق الإنسان تلعب دوراً مهم جداً في تعزيز وحماية الحيز المدني عبر الانترنت وحماية حقوق الإنسان بسبب صلاحياته استناداً لمبادئ باريس. وفي هذا السياق تقدم الدكتور علي بن صميخ المري رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بالشكر الجزيل لكل مقدمي أوراق العمل، وكل المتدخلين في الجلسات النقاشية وورشات العمل المختلفة التي حفل بها المؤتمر على مدار يومين، وقال «لقد تابعت بعضاً من نقاشاتكم، وأسعدني كثيرا ما دار خلال اليومين من تبادل للنقاشات والآراء خلال الجلسات ومجموعات العمل».
وعبر المري عن ثقته أن تلك النقاشات تصبّ في النّهاية في خدمة الهدف الأساسي للمؤتمر، ألا وهو دعم وحماية النشطاء ورواد التواصل الاجتماعي، مثلما وعد في بداية المؤتمر بالعمل بجهد للخروج بنتائج مهمة حول توسيع الفضاء المدني، وحماية النشطاء.
وقال إن النشطاء والمنظمات والضحايا عبر العالم، ينظرون إلى هذا المؤتمر، على أنه انطلاقة حقيقية نحو تحقيق الحريات، وحماية النشطاء، وإننا لن نألو جهدا للتشاور مع شركائنا لوضع خطة تنفيذية وآلية لتفعيل نتائج وتوصيات هذا المؤتمر، وطرحه على أجندات وبرامج المنصات الدولية.
واستذكر المري ضحايا النزاعات في العالم، وقال إن علينا أن نكون صوتاً للضحايا في كل المحافل الدولية، كما أن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان من خلال مبادرتها بتنظيم هذا المؤتمر، تتطلع إلى مزيد من التنسيق والعمل مع شركائنا ومعكم، رغم التدهور والتردي الحاصلين لمبادئ حقوق الإنسان.
وأضاف المري أن الحركة الحقوقية العربية قد تأثرت منذ العام 2011، وإن مثل هذه المؤتمرات هي فرصة لنجمع النشطاء والمنظمات العربية مع مثيلاتها في أوروبا وأميركا وأفريقيا وآسيا، من أجل تفعيل الحركة الحقوقية العربية، واستعادة بريق أمل من أجل ضمان عمل حقوقي عربي فعّال، يضمن الكرامة الإنسانية للأفراد.
وجدد المري شكره لكافة شركاء النجاح في تنظيم هذا المؤتمر الدولي، بمن فيهم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان والبرلمان الأوروبي والفيدرالية الدولية للصحفيين والتحالف الدولي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان.
من جهته تقدم مارك تارابيلا نائب رئيس لجنة شبه الجزيرة العربية في البرلمان الأوروبي بالشكر إلى الدكتور علي بن صميخ المري ودولة قطر لتنظيم هذا المؤتمر في الدوحة، وقال إننا نريد أن نؤكد لكم بأننا سنحافظ على المبادئ الأساسية التي تمت مناقشتها خلال اليومين الأخيرين والاتحاد الأوروبي سيكون معكم في هذه المبادرة.
وأضاف أننا استفدنا بشكل كامل خلال اليومين الأخيرين بما تم طرحه من أفكار وإشكاليات، وأود أن أشير إلى ما حدث في أوروبا من مآس بحق الصحفيين، شاهدنا ذلك في مالطا وتشيكوسلوفاكيا حيث تعرض صحفيون للاغتيال لمحاولة رفع مجرد تقارير، كما شاهدنا أيضا ما حدث لجمال خاشقجي، لكن من المهم أن نطرح العديد من الأسئلة لمواجهة هذه الإيديولوجيات ليس فقط ضد الصحفيين وانما ضد أشخاص آخرين.
وتساءل عن المدى الذي يتعين على الحكومات ان تحافظ على الكرامة البشرية والأمن البشري، وأجاب بأن ذلك واضح من خلال تقييمنا وهو التوازن بين حرية التعبير وحقوق الإنسان، فلطالما كان التواصل الاجتماعي مهمًّا جدا للمجتمع المدني حيث أدى إلى تغييرات سياسية واجتماعية في أنحاء العالم.
وقال إننا نواجه العديد من التحديات خصوصا فيما يتعلق بمحتوى الكراهية والاخبار الملفقة، ومن الواضح ان المجتمع الدولي مازال أمامه الكثير لضمان حرية التعبير للجميع، ولكن إذا ما نظرنا إلى التقدم الحاصل في أوروبا وكل أنحاء العالم في العقد المنصرم فإن المجتمع المدني ينبغي أن يبقى محفزا للاستمرار في النضال من أجل حقوق الإنسان.
بدوره، تقدم كارلوس نيجريت موسكيرا رئيس التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان بالشكر لكل من ساهم في تنظيم هذا المؤتمر، وكل الحماس الذي تحلوا وعملوا به، وقال إنه فيما يخص التحديات ومستقبل حقوق الإنسان في الفضاء الرقمي، فأريد أن أقول للدكتور علي المري لقد تجاوزتم بتنظيمكم المحكم كل التوقعات، وخلال هذين اليومين أكدنا أن نظامنا الديمقراطي والسياسي لا يزال أمامه طريق شاق وطويل لمواكبة التغير والتطور الكبير في إدارة مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال إن الأمر الثاني هو أن الفرص المتاحة بخصوص التحديات لحماية حقوق الإنسان تتزايد، وهذه المنصات هي الأفضل لحماية الحقوق الإنسانية ومن المهم مواصلة الطريق الذي بدأناه في هذا المؤتمر لإرساء القوانين التي تحمي الحريات الشخصية، وثالثا على المستوى المؤسساتي لايزال لدينا عمل كبير على مستوى منظمة التحالف لتأمين وضع خطط استراتيجية شاملة لهذه الآفاق. من جانبه نوه السيد أنتوني بيلانجر الأمين العالم للفيدرالية الدولية للصحفيين في بروكسيل بأعمال المؤتمر الذي نظمته اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان مع باقي الشركاء، وبالتوصيات التي أسفرت عنها مختلف الجلسات والمناقشات، داعيا إلى متابعة تنفيذها. واعتبر خلال الجلسة الختامية أن تحديات وسائل التواصل الاجتماعي تزداد كل يوم، وأن على الشباب امتلاك المهارات السليمة للتعامل مع هذه التكنولوجيا لإنتاج أفضل الأعمال، وهذا يبتدئ من الجهود التربوية والتعليمية للمؤسسات وباقي الأطراف المسؤولة.
وسلط الضوء على الجهود التي يقوم بها الاتحاد الدولي للصحفيين من خلال البرامج التي يضعها لتوعية الشباب ورفع مهاراتهم، إلى جانب البرامج التي تستهدف الصحفيين من المجالات المهنية والأخلاقية.
وقال إن تحديات وسائل التواصل الاجتماعي جعلت الصحفيين أكثر تريثا في إنتاج المحتوى، والتقيد بالمعايير والضوابط التي تحكم طبيعة عملهم، إضافة إلى تعزيز الوعي لديهم بحماية مصادر المعلومات المختلفة وليس فاضحي الفساد على سبيل المثال.
كما نوهت السيدة جورجيت غاليون مديرة شعبة العمليات الميدانية والتعاون التقني بالمفوضية السامية لحقوق الإنسان بالخلاصات الشاملة التي خرج بها المؤتمر، وقالت إن الأسئلة التي ناقشناها خلال اليوم الأول استطعنا أن نتلمس أجوبتها خلال اليوم الأخير وتضمين بعض تلك الأجوبة ضمن التوصيات التي خرج بها، والتي نطلب الالتزام بمتابعة تنفيذها.
وقالت غاليون إننا ننتظر العمل مع جميع الشركاء سواء حكوميين أو منظمات حقوقية ومع شركات التواصل الكبرى وباقي الأطراف من أجل الدفع بالنقاشات إلى أبعد مستوى، واقتراح الإجراءات التي من شأنها تنظيم هذا الفضاء وتعزيزه بما ينسجم مع القوانين الدولية ومضامين حقوق الإنسان.
وأضافت أن المفوضية ستعمل مع الجميع، وخاصة مع المجتمع المدني ومع شركات التكنولوجيا وباقي الفاعلين من أجل تذليل العراقيل مستقبلا.
copy short url   نسخ
18/02/2020
487