+ A
A -
محمد سي بشير أستاذ جامعي وباحث جزائري
تناقش الحكومة الجزائرية مخطّط عملها في البرلمان بغرفتيه، فيما تعيش البلاد، منذ الانتخابات الرّئاسية في ديسمبر الماضي، إرادة لإحداث التّغيير، والقطيعة مع كلّ ما كان يميّز السياسة العامة في عهد النظام السابق، ومنها الجانب الاتصالي، بحيث تكون تصريحات المسؤولين متناسقة، ومفضية إلى تفعيل حقيقي لتلك الإرادة. ولكن ما حدث، أخيرا، من الرئيس عبد المجيد تبّون، ووزير الصحة عبد الرحمن بوزيد، في ملفين حيويين، السياسة الخارجية والسياسة الصحية، يشكّك في ذلك التغيير، وتلك القطيعة، بل، أيضا، في تلك الإرادة الاتصالية الجديدة.
تحدّث الرئيس تبون عن نية الجزائر إنشاء وكالة دولية للتعاون والعمل من خلالها على تخصيص مساعداتٍ لدول السّاحل في مجال التّنمية، في محاولة لاحتواء الأزمات الاقتصادية المتعاقبة، والتي تؤدّي إلى إدامة الفشل الذي يعمل على إبقاء الإرهاب والتداعيات الأمنية في اتجاه الشمال، أي الأراضي الجزائرية، وخصوصا بعد بروز الفشل المزدوج لكل من فرنسا، من خلال عملية برخان، وجيوش دول السّاحل الخمس، مع توالي ضربات الجماعات الإرهابية طوال العام الماضي. أما وزير الصحة فقال إن بلاده لا تمتلك إمكانات مالية لجلب الأدوية الجديدة المبتكرة في مخابر صيدلانية مختصة في معالجة السرطان، وهو تصريح أعاد إلى الأذهان التعامل غير اللائق مع مسائل حساسة، إضافة إلى مقاربة الإدلاء بمثل هذه التصريحات في ظروفٍ حرجة، وبكلام موجه إلى فئةٍ من المرضى تعاني من مأساة على المستويين الشخصي والصّحي.
عند تحليل التّصريحين نصل إلى نتيجة أولية، عدم التنسيق في إخراج صورة اتصالية موحدة للغة الخطاب الحكومي، مما ينتج، حتما، هذا التخبط بين حق ومصلحة، يجب الالتفات بواقعية لتحقيقهما، وتفويت لحقّ ومصلحة، يدفع ثمنه مرضى لا ناقة لهم ولا جمل في هذا التخبّط الاتصالي. وتشير النتيجة الثانية إلى خطّين موازيين، يغالي أولّهما في استراتيجية الجزائر الخارجية الموجهة نحو التنمية لمنطقة حيوية للأمن القومي الجزائري. ولكن على الخط الآخر لا يؤدّي الاهتمام بذلك إلى خدمة للمواطن الجزائري في أغلى ما يملك وهو صحته.
{ عن (العربي الجديد)
copy short url   نسخ
18/02/2020
81