+ A
A -
أيمن عمر
شهد لبنان، في 17 أكتوبر 2019، احتجاجات شعبية واسعة ضد تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، مطالِبة بتغيير الطبقة السياسية الحالية من الأحزاب الحاكمة، ومهما اختلفت توصيفات هذه الاحتجاجات من ثورة إلى انتفاضة إلى حراك، فإنها تعكس رفض أغلبية اللبنانيين للسياسات الاقتصادية والمالية المعتمدة، وللنموذج الاقتصادي اللبناني المنتج للأزمات والفساد، الذي يعمِّق الهوة بين الطبقات الاجتماعية، ولكن المفارقة في الأمر أن السلطة السياسية الحاكمة، بالرغم من حالة الصدمة التي أحدثتها هذه الاحتجاجات في بداياتها، لم تستجب لمطالبها حتى اللحظة، لا بل تسعى السلطة إلى احتوائها وإجهاضها ما أمكنها ذلك.
وبعد تشكُّل حكومة لبنانية جديدة برئاسة حسان دياب، في 21 يناير 2020، وفي ظل تفاقم الأزمة المالية والاقتصادية واشتداد حدة الصراعات الداخلية واستمرار الحراك اللبناني، تبحث هذه الورقة في الاختلالات الاقتصادية والتحديات التي تطرحها، ومدى قدرة الحكومة على مواجهتها ووقف التدهور الاقتصادي فضلًا عن التعافي واستعادة التوازن النقدي والاستقرار المالي.
اختلالات اقتصادية
كشفت التحركات الشعبية هشاشة بنية الاقتصاد اللبناني وعمقت من أزمته، وأظهرت العديد من الاختلالات في مختلف المجالات، ومن أبرزها:
- الركود الاقتصادي وازدياد الفقر والبطالة وارتفاع الأسعار: كان البنك الدولي قد توقع في السابق انكماشًا صغيرًا في 2019، أما الآن، فتوقع أن يكون الركود أكبر بسبب الضغوط الاقتصادية والمالية المتزايدة. ونبَّه البنك الدولي إلى احتمال ارتفاع نسبة الفقر في لبنان إلى 50% إذا تفاقم سوء الوضع الاقتصادي، وكذلك ارتفاع معدل البطالة بشكل حاد، خصوصًا بين الشباب. مع الإشارة إلى أن تقديرات البنك الدولي لعدد اللبنانيين الفقراء كانت تصل بهم إلى نحو الثلث (نحو 33%) عام 2018، في حين كانت النسبة تبلغ 27.4% في 2012، كما نبَّه إلى أن الطبقتين الفقيرة والوسطى سوف تكونان الأكثر تضررًا في مثل هذه الأزمات الاقتصادية، فضلًا عن أن أسعار السلع ارتفعت، والعديد منها تخطى نسبة ارتفاعه 40%.
- إغلاق العديد من المؤسسات أبوابها: وجد آلاف اللبنانيين أنفسهم مهددين بخسارة وظائفهم، وبعضهم خسرها بالفعل جرَّاء تسريحهم من دون سابق إنذار، فيما تلقى موظفون في قطاعات عدة تعليمات بالحضور إلى مراكز عملهم بدوام جزئي مقابل نصف راتب. وبحسب الهيئات الاقتصادية فإن «آلاف المؤسسات مهددة بالإقفال وعشرات آلاف الموظفين والعمال مهددون بفقدان وظائفهم».
وفي تقرير اقتصادي أظهر أن أكثر من 60 ألف شخص فقدوا وظائفهم منذ نهاية شهر نوفمبر 2019، وأن إجمالي الوظائف المفقودة منذ أكتوبر 2019 هو 220 ألف وظيفة، أي بزيادة نسبتها 38%.
- أزمة الدولار: اشتدت أزمة شح الدولار -والتي بدأت ما قبل التحركات الشعبية- نتيجة ازدياد الطلب على الدولار في سوق النقد، وبلغت نسبة دولرة الودائع (أي استعمال الدولار بدل العملة الوطنية) (%73.4)، وهو أعلى مستوى لها منذ يوليو 2008، ما انعكس شحًّا في السيولة بالليرة اللبنانية وارتفاعًا في معدل الفائدة من يوم إلى يوم وإلى مستويات قياسية، بلغت في بعض الأحيان زهاء 100%، أدى الشح في السيولة بالعملة الصعبة إلى بروز أزمة في استيراد بعض السلع الحيوية مثل الدواء والطحين والمحروقات، ورغم أن مصرف لبنان أصدر العديد من التعاميم المنظمة لعملية تمويل استيراد هذه السلع، لكنها لم تفلح إلى الآن في حل المشكلة. وانعكس الشح في الدولار أيضًا على حركة سحوبات المودعين لودائعهم، والتي بدأت فعليًّا قبل حركة الاحتجاجات؛ حيث وضعت المصارف اللبنانية سقفًا لحركة سحوبات الدولار وصلت إلى 2500 دولار في الأسبوع. واختلف حد السحوبات من مصرف إلى آخر ما بين 200 دولار إلى 1000 دولار أسبوعيًّا بعد هذا الحراك؛ الأمر الذي خلق أزمة مصرفية ونقدية حقيقية تمثلت بوقوف المودعين صفوفًا ولساعات طويلة من أجل الحصول على 200 دولار من أموالهم كل أسبوعين. وعلى الرغم من وصول الموجودات الخارجية لدى المركزي زهاء 37.3 مليار دولار في نهاية ديسمبر 2019، إلا أنها لم تساعد على مواجهة الطلب المتزايد على الدولار الذي ارتفع سعره لدى الصيارفة، وهي السوق الموازية للسوق الرسمية في المصارف، حيث وصل إلى 2500 ليرة لبنانية لكل دولار، وهو الآن يتراوح بين 2200 و2300 ليرة لبنانية لكل دولار.
ويعزو العديد من المؤسسات الدولية ذلك، ومنها وكالة موديز، إلى أن احتياطي النقد الأجنبي القابل للاستخدام لدى البنك المركزي يبلغ نحو خمسة إلى عشرة مليارات دولار، وأنه سيُستهلك على الأرجح في المدفوعات القادمة لخدمة الدَّيْن الخارجي للحكومة، والذي يقدر بحوالي 6.5 مليارات دولار العام 2019 وهذا العام، بما في ذلك 1.5 مليار دولار استحقت في 28 نوفمبر 2019.
- ارتفاع الدَّيْن العام واحتمال العجز عن السداد: ففي نهاية أكتوبر 2019، وصل الدين العام الإجمالي إلى 87.1 مليار دولار، أي حوالي 155% من الناتج المحلي الإجمالي. وخفضت وكالة «فيتش» التصنيف الائتماني للبنان مرتين من قبل، في أغسطس وديسمبر من العام 2019، إلى «CC»، وكذلك خفضته «موديز» مرتين أيضًا، في يناير، ونوفمبر من العام 2019 إلى «Caa2»، وخفضته «ستاندرد أند بورز» إلى «CCC» في نوفمبر 2019.
وقالت فيتش: إن تخفيض التصنيف الائتماني للبنان يعكس أن إعادة هيكلة ديون الحكومة أو التخلف عن سدادها أمر محتمل بسبب عدم اليقين السياسي الحاد، والضوابط على حركة رأس المال الفعلية، وتضرر الثقة في القطاع المصرفي، الذي سيعوق تدفقات رأس المال اللازمة للبلد لتلبية احتياجاته التمويلية.
تحديات أمام الحكومة الجديدة
تدرك الحكومة اللبنانية الجديدة، أن الأزمة المالية والاختلالات في الاقتصاد اللبناني تطرح عدة تحديات، وتتطلب استعادة الثقة الخارجية والداخلية؛ الثقة الخارجية المتمثلة بتشجيع المجتمع الدولي وبعض الدول العربية على تقديم الدعم المالي والسياسي المطلوب للنهوض بالاقتصاد اللبناني. أما الثقة الداخلية فتتمثل في عودة الثقة بالنظام اللبناني ومؤسساته الدستورية والرسمية والانتظام العام، والأهم من ذلك كله استعادة الثقة بالنظام المصرفي والمالي وتحقيق الاستقرار النقدي والتوازن المالي. ويمكن تلخيص التحديات أمام الحكومة وأية حكومة قادمة، بما يلي:
- الالتزامات المالية والدولية: سدَّد لبنان في نهاية نوفمبر المنصرم (2019) سندًا سياديًّا بقيمة 1.5 مليار دولار استُحقَّ في 28 منه، في إشارة إلى التزامه بالوفاء بالسداد في أكثر الظروف استثنائية. لم تنتهِ هذا الاستحقاقات فهناك استحقاق في مارس 2020، قيمته 1.2 مليار دولار، و700 مليون دولار في أبريل، و600 مليون دولار في يونيو 2020. وقد حذرت وكالة فيتش الدولية من أنه بسبب مالية لبنان غير المستقرة، من المرجح أن يتخلف لبنان بطريقة ما عن سداد ديونه بل ومن غير المستبعد أن يعمد إلى السيطرة على جزء من الودائع المصرفية للمدخرين على غرار ما حدث في قبرص. وتعتبر هذه الاستحقاقات من أهم التحديات التي ستواجه هذه الحكومة من أجل تحسين التصنيف الائتماني للبنان، وعدم الوصول إلى مرحلة الإفلاس، وما له من تبعات خطيرة، وأيضًا من أجل الحفاظ على الثقة بسندات الدَّيْن اللبنانية.
- معالجة جذرية لمشكلة الكهرباء: إن من أهم المشاكل في لبنان ما يعانيه قطاع الكهرباء من عدم تأمين التيار الكهربائي 24/‏24 ساعة والهدر والفساد المستشري فيه لأكثر من عقدين من الزمن، هذا القطاع الذي يكلف خزينة الدولة حوالي ملياري دولار. إن قطاع الكهرباء في حاجة ماسَّة للإصلاح. ومن هذا المنطلق، يتوجب على الحكومة اللبنانية أن تضع إصلاح هذا القطاع في أعلى أولوياتها لتحفيز النمو واستقرار المالية العامة.
- الإصلاح المالي وتخفيض نسبة العجز المالي: توقعت وكالة فيتش أن يصل العجز في الموازنة إلى 9.3% في 2019 مع وجود فائض أولي، واعتبرت أن الحكومة بحاجة إلى فائض أولي بنسبة 5% من الناتج المحلي الإجمالي على مدى السنوات الأربع المقبلة، من أجل استقرار الدين الذي سيبلغ 158% من الناتج في 2019(14). ومن شروط مؤتمر سيدر للحصول على الدعم تخفيض نسبة العجز المالي 1% سنويًّا لخمس سنوات على التوالي.
- مكافحة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة: وهذا ما قامت عليه الاحتجاجات الشعبية. وقد كشف وزير الاقتصاد الأسبق، آلان حكيم، أن الفساد يكلف الدولة اللبنانية 10 مليارات دولار سنويًّا منها 5 مليارات خسائر مباشرة. والخسائر المباشرة تعني الأموال التي كان من المفترض أن تدخل خزينة الدولة ولكنها خرجت من الدورة الاقتصادية وحُرمت منها الخزينة.
- بناء نموذج اقتصادي إنتاجي: إن جميع الأوراق الاقتصادية الإصلاحية التي قدمتها القوى السياسية دون استثناء تبنت ضرورة الانتقال من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد الإنتاجي، وكذلك فعلت خطة ماكينزي (خطة أعدتها شركة ماكينزي الأميركية بطلب من الدولة اللبنانية)، أي إن هناك إجماعًا على أن الاقتصاد الإنتاجي هو السبيل الوحيد لمعالجة المشاكل الاقتصادية والمالية الحالية، ولإكساب الاقتصاد مناعة ذاتية في مجابهة الأزمات مستقبلًا.
- عودة الثقة إلى القطاع المصرفي والمالي: عبر طمأنة المودعين على ودائعهم وإمكانية الحصول عليها في الوقت الذي يريدون وبالكمية التي يريدونها، وتسهيل عمليات انتقال التحويلات المالية، مع العلم بأن الثقة في هذا القطاع مرتبطة بالوضع السياسي العام، وبتخفيف الضغوطات والعقوبات الدولية عليه.
- عودة الاستقرار النقدي: أشار وزير المالية، غازي وزني، إلى أن إعادة سعر الدولار إلى 1507 ليرات شبه مستحيلة حاليًّا. وقبيل ساعات من الإعلان عن تشكيل الحكومة، حددت نقابة الصرافين بالتشاور مع حاكم مصرف لبنان سقفًا لسعر صرف الدولار بـ 2000 ليرة لبنانية للشراء و2050 للبيع. وأثار بيان نقابة الصرافين التساؤلات حول عدم وضعها سقفًا لسعر الصرف في الأشهر الماضية، مع أن التلاعب في سعر الصرف لا يزال مستمرًّا. وقال وزني: إن الحفاظ على استقرار سعر صرف الليرة يعني أن «لا نشهد تقلبات حادة صعودًا أو نزولًا فيه»، أي ليس تثبيته على 1507 كما كان سابقًا، في إحالة إلى تصريحه سابقًا عن صعوبة ذلك.
المقاربات والمعالجات المطروحة
يرتكز البيان الوزاري للحكومة اللبنانية الجديدة، التي وصفت نفسها بـ«حكومة مواجهة التحديات»، على برنامج عمل يتضمن خطة طوارئ إنقاذية، وسلَّة إصلاحات محورها ورشة إصلاح قضائي وتشريعي ومكافحة الفساد وتصحيحات ومعالجات في المالية العامة، يواكبها إجراءات اقتصادية تحفز الانتقال من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد منتج بالإضافة إلى شبكة أمان اجتماعية، هذه الإصلاحات وإن كانت متماهية مع مطالب الاحتجاجات الشعبية ومع ما اشترطه المجتمع الدولي لتنفيذ مقررات مؤتمر سيدر، وتم وضع سقوف زمنية لتنفيذ بعض منها، إلا أنها إصلاحات عامة وخطط فضفاضة تتطلب وضع خطط تنفيذية من قبل الوزارات المختصة وإلى ظروف إقليمية ومحلية مختلفة.
وتكاد تجمع الوكالات الدولية على ضرورة إعادة هيكلة الدَّيْن العام كإجراء مهم في معالجة الوضع المالي المأزوم؛ الأمر الذي لم يأت ذكره في البيان الوزاري. ويتطلب هذا الأمر اللجوء إلى صندوق النقد الدولي، وتتوقع وكالة فيتش أن اتفاقًا محتملًا مع صندوق النقد الدولي قد يؤمِّن دعمًا للوضع المالي في لبنان ويحرك التمويل الخارجي، لكن هذا الأمر سيفرض إعادة هيكلة على الدين الحكومي. هذا، ويحتاج لبنان تمويلًا استثنائيًّا من صندوق النقد، في حين أن «الكوتة» أي الحصة التي يمكنه الحصول عليها من الصندوق بنسبة 735% من حصته على مدى برنامج من ثلاث سنوات، ولن تكون كافية، إذ هي تبلغ 3.9 مليارات دولار. وكان صندوق النقد نشر وصفة في تقرير البعثة الرابعة، في 17 أكتوبر 2019، بعد الاتفاق مع السلطات اللبنانية وموافقة المجلس التنفيذي للصندوق لمعالجة الوضع الاقتصادي والمالي، تتضمن ما يلي:
ــــ زيادة الضريبة على القيمة المضافة من 11% إلى 15% أو 20%، ما يؤمِّن إيرادات إضافية للخزينة تتراوح بين 940 مليون دولار و2.1 مليار دولار.
ــــ إلغاء معظم الإعفاءات الضريبية على القيمة المضافة والممنوحة لعدد كبير من السلع الأساسية والغذائية. هذا الأمر يوفر إيرادات إضافية تصل قيمتها إلى 700 مليون دولار.
ــــ فرض ضريبة على البنزين بقيمة 5000 ليرة على كل صفيحة، لتأمين إيرادات بقيمة 470 مليون دولار.
ــــ إلغاء دعم الكهرباء، أي زيادة تعرفة الكهرباء لتصبح متلائمة مع قيمة النفقات التي تتكبدها مؤسسة كهرباء لبنان لإنتاج الطاقة وتوزيعها وجبايتها؛ ما سيوفر على الخزينة مبلغ 1.58 مليار دولار.
ــــ يجب إعادة النظر في هيكلية الرواتب في القطاع العام وفي نظام التقاعد اللذين يمتصان جزءًا أساسيًّا من الإيرادات.
ــــ يجب تأمين 0.6% من الناتج المحلي الإجمالي (ما يوازي 350 مليون دولار) من خلال زيادة كل الإيرادات العائدة على ضريبة الأملاك المبنية بنسبة 50%.
واعتبر رئيس جمعية المصارف، سليم صفير، في يناير 2020، أنه من المرجح إعادة هيكلة الدين السيادي للبنان بطريقة لا تضر بالاقتصاد ولا بالمودعين، مضيفًا أنه سيجري الدفع للدائنين الأجانب. وبحسب صفير، فإن إعادة الهيكلة هي العمل على آجال (الاستحقاق) والفوائد، ولا تعني إجراء عمليات جراحية. وقد اقترح مصرف لبنان? على الحملة المحليين لسندات أجنبية بقيمة 1.2 مليار ?دولار?، والتي يُستحق أجلُها في مارس، مبادلة ما بحوزتهم منها بسندات ذات أجل أطول. هذه الخطوة تتطلب موافقة ?الحكومة? وسَنَّ قانون.
وفي ما يتعلق بإعادة هيكلة الدين العام بالليرة، يعتبر بنك غولدمان ساكس أنه أمر ممكن، ومثالًا على ذلك، يمكن اعتماد سيناريو تبديل الحكومة بجميع سندات الخزانة الحالية أوراقًا جديدة بفائدة 1% فقط.
فرص التعافي
إن الحكومة الجديدة أتت على وقع الاحتجاجات بعد 17 أكتوبر 2019، لذلك هي مُطالَبة بأن تستجيب لمطالب الشارع، ومن أهم شروط نجاحها البدء بإصلاحات بنيوية حقيقية تظهر جديتها للرأي العام الداخلي وللمجتمع الدولي الذي يريد حكومة سياسية موثوقة لاستعادة الثقة المطلوبة ولتوفير الدعم المالي المطلوب، هذه الإصلاحات تتمثل بالآتي:
- مكافحة الفساد ومحاسبة بعض المسؤولين عنه دون كيدية سياسية أو مذهبية.
- وضع آلية قانونية وقضائية لاسترداد الأموال المنهوبة.
- إعادة هيكلة للقطاع العام ووقف التوظيف العشوائي.
- إجراء قطع الحساب المالي للسنوات السابقة.
- تغيير جذري في هيكلية الموازنة العامة لتصبح ذات رؤية اقتصادية ومالية وليست مجرد أرقام حسابية.
- تفعيل دور المؤسسات الرقابية العامة مثل التفتيش المركزي وديوان المحاسبة.
- منع التدخل السياسي في عمل القضاء وأحكامه لضمان استقلاليته ونزاهته.
- سن قوانين وتفعيل إدارات مكافحة التهرب الضريبي والجمركي.
- إعداد قانون انتخابي جديد يعكس التمثيل الشعبي الحقيقي.
ولا حل للأزمة المستعصية إلا بالدعم الخارجي الذي عادة يأتي عن طريق دول الخليج وعلى رأسها السعودية، ولكن هناك تشكيك في أن ترحب دول الخليج بالحكومة اللبنانية الجديدة، التي يترأسها «حسان دياب»، خاصة من السعودية والإمارات، لأنها جاءت بدعم وتأييد من حزب الله وتنسب إليه.
أما بخصوص احتمالات التعافي، فإن تشكيل الحكومة يمكنه أن يكون جزءًا من إجراءات فرملة الانهيار المتسارع عند الحد الحاصل الآن، ما يعني أن فرص التعافي ولو الجزئي على المدى القصير متوفرة وممكنة التحقق إذا توافرت الإرادة السياسية لذلك. وأي حل للأزمة الحالية يبدأ عن طريق المعالجة السياسية التي تكرس الاستقرار السياسي والأمني وتستطيع بالتالي أن تنشِّط من الماكينة الاقتصادية.
ولكن هذا التعافي لن يؤتي ثماره على المدى الطويل إلا عن طريق الدعم الخارجي، وهذا الأخير مشكوك فيه في ظل اشتداد الصراع في المنطقة، فقد نقلت أوساط دبلوماسية تأكيد الأميركيين والأوروبيين بأن لا مساعدات للبنان، إذا لم تنفذ حكومته الجديدة ما هو مطلوب منها، وتحديدًا على صعيد الإصلاحات ومكافحة الفساد، ومشددة على أن مواقف الدول العربية تجاه هذه الحكومة «التي يديرها حزب الله»، لا تبشر بالخير، ما يعطي انطباعًا بأن الدول العربية، وتحديدًا الخليجية، لن تكون مستعدة لتقديم مساعدات للبنان في الوقت الراهن، أو «استقبال رئيس حكومة حزب الله» الذي يرغب في زيارتها.
والجديد على خط الدعم الدولي حتى اللحظة، هو الدعم الروسي المحتمل؛ إذ تدرس موسكو خيارات عديدة لدعم لبنان ومساعدته على الخروج من الأزمة، ولكن تطوير العلاقات اللبنانية-السورية والتعاون الاقتصادي يكاد يكون شرطًا روسيًّا لدعم لبنان. وهو ما جرى نقاشه بين دياب والسفير الروسي في بيروت، ألكسندر زاسبيكين، في 28 يناير 2020، حيث تضع روسيا في حساباتها تقديم قرض ميسر للبنان لـ30 عامًا، تتراوح قيمته بين 600 مليون دولار ومليار دولار، على أن تكون آلية صرفه خاضعة لمعايير شفافة وفي مشاريع واضحة تعود بالفائدة على الوضع الاقتصادي والمالي. ويقول متابعون لهذا الشأن: إن موسكو إنْ لمست جدية في صرف هذا المبلغ في مكانه الصحيح، لا تمانع حتى بتحويله إلى هبة في السنوات المقبلة.
وعلى العموم، فإنه من الصعوبة بمكان أن يبدأ الاقتصاد والوضع المالي والنقدي بالتعافي الشامل ما لم تكتمل الصورة النهائية لموازين القوى في المنطقة، وأن تكون لصالح استقرار لبنان وليس جعله جزءًا من الصراع.
{ باحث في الشأن الاقتصادي
copy short url   نسخ
15/02/2020
593