+ A
A -
جنيف- قنا- انتقد سعادة الدكتور علي بن صميخ المري رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بشدة، استمرار دولة الإمارات العربية المتحدة في انتهاكاتها لحقوق المواطنين والمقيمين في دولة قطر، مشيراً إلى تسجيل 2105 انتهاكات إماراتية منذ بدء الحصار المفروض على قطر، من بينها 1212 انتهاكاً لقرار محكمة العدل الدولية، بعد مرور عام ونصف من صدوره.
وأعلن المري في الوقت ذاته عن قرب إصدار تقرير بشأن تمادي السلطات بالمملكة العربية السعودية في انتهاك حقوق المواطنين والمقيمين في دولة قطر، وقال إنه سيتم تسليم التقرير إلى لجنة مناهضة كافة أشكال التمييز العنصري وكافة الآليات الدولية.
وشدّد سعادته، في تصريحات صحفية في جنيف، على أن سلطات أبوظبي لم تنشئ آلية واضحة لتنفيذ قرار محكمة العدل الدولية لحماية مصالح الضحايا وضمان وقف الانتهاكات، ما يؤكد مجدّداً استمرارها في العراقيل والإجراءات العقابية والتمييزية في حق مواطني ومقيمي دولة قطر، ضاربةً عرض الحائط بكافة تعهداتها والتزاماتها بتنفيذ قرار المحكمة.
وحذّر سعادته المجتمع الدولي من تزايد القلق على حقوق الضحايا جراء تمادي الإمارات في انتهاكاتها، وطالب كلاً من محكمة العدل الدولية ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر إلى الإسراع بالاستجابة للتوصيات التي ضمّنتها اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ختام تقريرها لأجل وضع حدًّ للانتهاكات الناجمة عن استمرار الحصار منذ عامين ونصف.
واجتمع سعادة رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان خلال زيارته لجنيف، مع عدد من المسؤولين في المفوضية السامية لحقوق الإنسان وإدارة الإجراءات الخاصة بالأمم المتحدة، حيث قدّم لهم نسخة من التقرير الثاني بشأن الانتهاكات الإماراتية للقرار الاحترازي لمحكمة العدل الدولية. كما سلّم نسخة من التقرير إلى مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ورئيس مجلس حقوق الإنسان.
ونوّه سعادته بأن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان ستخاطب الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس محكمة العدل الدولية، والمفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ورئيس اللجنة الأممية لمناهضة التمييز العنصري، والمقررين الخواص للأمم المتحدة، ورئيس البرلمان الأوروبي، إلى جانب 600 منظمة دولية، لمطالبتهم جميعاً بالتحرّك الفوري للضغط على دولة الإمارات، ومطالبتها بالانصياع لقرارات محكمة العدل الدولية ووقف انتهاكاتها. وأوضح أنه سيتم إرسال التقرير إلى كافة البعثات الدبلوماسية المعتمدة لدى الأمم المتحدة والوكالات الدولية المتخصصة.
التقرير الثاني
وكشف سعادة الدكتور علي بن صميخ المري النّقاب عن التقرير الثاني الذي أعدته اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، بشأن استمرار الانتهاكات الإماراتية لقرارات محكمة العدل الدولية الصادرة، بناء على الدعوى القضائية التي رفعتها دولة قطر أمام المحكمة بتاريخ 11 يونيو 2018 ضد دولة الإمارات، على خلفية انتهاكها للاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، باعتبار أن كلتا الدولتين طرف في الاتفاقية المذكورة.
وكانت محكمة العدل الدولية قد أصدرت بتاريخ 23 يوليو 2018 قرارها رقم 172 الذي تضمن مطالبة دولة الإمارات العربية المتحدة باحترام التزاماتها بموجب الاتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز العنصري، كما ألزمتها باتخاذ تدابير مؤقتة بهدف الحيلولة دون تفاقم النزاع أو تمديده.
ويأتي التقرير الثاني الذي أعدته اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بعد التقرير الأول الذي أصدرته بتاريخ 15 يناير 2019، بعنوان «بعد مرور ستة أشهر.. عدم امتثال دولة الإمارات العربية المتحدة لقرارات محكمة العدل الدولية»، لرصد مدى التزام دولة الإمارات بقرار محكمة العدل الدولية. كما أن التقرير الثاني يأتي ضمن سلسلة التقارير التي أعدتها اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان عن الآثار السلبية للحصار على حقوق الإنسان في دولة قطر، والتي منها تقارير الانتهاكات الخاصة، وتقارير الانتهاكات العامة.
وأشار الدكتور المري إلى أن التقرير يتطرق إلى كافة البيانات والمعلومات الخاصة بهذه الانتهاكات، وبصورة خاصة نماذج بعض الحالات التي تؤكد عدم امتثال دولة الإمارات لقرار المحكمة وعدم إنشائها لآلية واضحة تعمل على تذليل الصعاب أمام الضحايا ورفع الضرر عنهم.
ولفت سعادة رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان إلى أن الانتهاكات الإماراتية التي يتضمنها التقرير الثاني تمّ رصدها من خلال الباحثين العاملين في اللجنة، الذين قابلوا الضحايا، واستمعوا لشهاداتهم وإفاداتهم، وتأكدوا من خلال خبرتهم ومصادرهم من اتساقها وموضوعيتها وواقعيتها. كما جمعت أيضاً من خلال تلقيهم للشكاوى عبر المكالمات الهاتفية على الخط الساخن أوعن طريق البريد الالكتروني الخاص باللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، وذلك منذ بداية الحصار وبعد صدور قرار محكمة العدل الدولية وحتى تاريخ إصدار هذا التقرير.
ويشير التقرير الذي أعدته اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان إلى أنها تواصلت مع جميع الضحايا المذكورين في هذا التقرير للحصول على موافقتهم وتفويضهم لإدراج حالاتهم في التقرير وتأكيد التفاصيل والتحديثات الخاصة بحالاتهم واستمرار معاناتهم حتى بعد قرار محكمة العدل الدولية. كما اشتمل التقرير على حالات رصدتها ووثقتها اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، خاصة بكل حق، قبل قرار محكمة العدل الدولية والتي تم الاتصال لمعرفة ما إذا تمت معالجتها بعد صدور القرار، إلى جانب رصد حالات جديدة تم رصدها بعد صدور قرار محكمة العدل الدولية.
ويسلّط التقرير الثاني للجنة الوطنية لحقوق الإنسان الضوء في الجزء الأول منه، على انتهاكات حقوق الإنسان المتضمنة في قرار محكمة العدل الدولية والتي أتت في شقين، الأول منهما يتعلق بالحق في لم شمل الأسر، والحق في التعليم، والحق في الوصول إلى المحاكم والهيئات القضائية الأخرى. وقد بلغ عددها (1212) انتهاكا. أما الشق الثاني فهو الكف عن استمرار تصعيد الأزمة الخليجية من خلال نشر خطابات الكراهية والتحريض على العنف وبث خطابات التمييز العنصري ضد دولة قطر وساكنيها.
ومن مجموع 1212 انتهاكاً ارتكبتها دولة الإمارات في حق دولة قطر، من الحقوق الواردة في قرار محكمة العدل الدولية، منذ بداية الحصار بتاريخ 5 يونيو إلى 31 ديسمبر 2019، يشير التقرير إلى تسجيل 90 انتهاكاً للحق في لمّ شمل الأسر، و155 انتهاكاً للحق في التعليم، و967 انتهاكا للحق في التقاضي.
ويشير التقرير إلى أنه «بعد مرور عام ونصف من صدور قرار محكمة العدل الدولية ضد دولة الإمارات العربية المتحدة، ما تزال الإجراءات والتدابير التعسفية أُحادية الجانب المتخذة ضد دولة قطر من قبل دولة الإمارات تعرقل لمّ شمل الأسر، مما أدى لتمزيق النسيج الاجتماعي للأسرة الخليجية، حيث فرضت قيوداً مفاجئة على السفر للجميع دون مراعاة للحالات الإنسانية، في انتهاك واضح لحقوق الإنسان وخاصة حقوق الفئات الأولى بالرعاية كالأطفال والأمهات».
ويضيف «تدعي السلطات الإماراتية أنها منذ 5 يونيو 2017، لم تتخذ أية تدابير إدارية أو قانونية لإبعاد المواطنين القطريين، لكن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان تؤكد أن ذلك الادعاء ما هو إلا تضليل احتوى على كثير من المغالطات الواضحة للعيان بغرض الهروب من المسؤوليات القانونية والحقوقية المترتبة على الانتهاكات التي قامت بها السلطات الإماراتية منذ بدء الحصار والمستمرة فيها حتى بعد صدور قرار محكمة العدل الدولية. وهو ما أكدت عليه التقارير الصادرة من المنظمات الدولية، وبعض الوفود البرلمانية وتقارير المفوضية السامية لحقوق الإنسان والمقررين الخواص الذين زاروا دولة قطر بعد بدء الحصار، ووثقت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في دولة قطر في تقاريرها المتعاقبة مئات الحالات التي تم طردها من قبل السلطات الإماراتية دون مراعاة للجوانب الإنسانية للأسر المشتركة، أو الطلاب القطريين، أو أصحاب الأملاك، أو الأشخاص ذوي الإعاقة، أو المرضى ومتلقي العلاج والخدمات الطبية لديها».
وشدّد التقرير على أن «تنفيذ قرار محكمة العدل الدولية يلزم دولة الإمارات العربية المتحدة بإنشاء آلية واضحة لضمان إعادة لمّ شمل الأسر القطرية التي تضررت بسبب الإجراءات التعسفية أحادية الجانب والمستمرة حتى بعد صدور قرار المحكمة. إن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بدولة قطر رصدت ووثقت عدم امتثال دولة الإمارات لقرار محكمة العدل الدولية بخصوص لم شمل الأسر، وذلك من خلال الاتصالات التي قامت بها مع عدد كبير من الضحايا بعد صدور قرار المحكمة، بل إن هنالك حالات انتهاكات جديدة لهذا الحق هي الأخرى رصدت ووثقت أيضا».
وخلص التقرير إلى القول «إن حالات الانتهاكات المتعلقة بهذا الحق والتي بلغت (90) حالة، لم تتم معالجتها، بل واجهت بعض تلك الأسر صعوبات جمة لمحاولتهم لم شمل عائلاتهم. وقد تناول التقرير السابق، الذي أصدرته اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، عددا من الحالات التي استطاعت رؤية عائلاتها والصعوبات والعوائق التي واجهتهم من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة».
وقد سرد التقرير الثاني عينة من الحالات المتعلقة بانتهاك الحق في لمّ الشمل الأسري، مشيراً إلى أن اللجنة قامت بالتواصل مع كافة هذه الحالات للتأكد من أن دولة الإمارات لم تمتثل لقرار محكمة العدل الدولية.
وأكّد تقرير اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أن الحق في التعليم حق أساسي، وغير قابل للتصرف، مشيرا إلى أن اللجنة لاحظت انتهاكاً صارخاً لهذا الحق على امتداد عام ونصف من التدابير التعسفية القسرية أُحادية الجانب التي اتخذتها دولة الإمارات العربية المتحدة ضد دولة قطر حتى بعد صدور قرار محكمة العدل الدولية الذي يؤكد على إتاحة الفرصة للطلاب القطريين لإكمال تعليمهم في دولة الإمارات العربية المتحدة، أو الحصول على سجلاتهم التعليمية إذا كانوا يرغبون في مواصلة دراستهم في مكان آخر.
ونوّه تقرير اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان إلى أن «دولة قطر قامت منذ بداية الحصار بحل عدد من قضايا الطلاب المطرودين من دولة الإمارات العربية المتحدة، إلا أن ذلك لا ينفي الضرر الذي وقع بسبب التدابير القسرية، حيث واجه الطلاب صعوبات كثيرة، أبرزها عدم تجاوب دولة الإمارات العربية المتحدة أو جامعاتها مع الطلاب الذين قاموا بتسديد رسومهم الجامعية كاملة، حيث تم طردهم بدون مسوغات قانونية، وحذف مقرراتهم ودرجاتهم الجامعية، وإغلاق حساباتهم الإلكترونية على المواقع الرسمية للجامعات الإماراتية»، إلى جانب «صعوبة الحصول على مستنداتهم الجامعية التي تحدد مستواهم الأكاديمي، والمواد التي قاموا بدراستها، من أجل استئناف دراستهم في دولة أخرى»، وكذا «تأخر تخرجهم لإعادة تسجيلهم في جامعات خارجية أخرى، نظرا لاختلاف أنظمة القبول في كل جامعة، رغم أن بعضهم لم يتبق له سوى الجلوس للامتحان النهائي ليتخرج في جامعته الأصلية»، وصولاً إلى عدم وجود التخصصات التي درسوها في الجامعات التي كانوا يدرسون بها سابقاً واضطروا للقبول بتخصصات مشابهة، وهذا ما أدى إلى تأخر دراسة الطالب، أو اضطراره إلى أخذ مواد إضافية لصفوف دراسية أدنى مستوى قد تشكل عبئا عليه».
ولفتت اللجنة إلى أن المقرر الأممي الخاص بالحق في التعليم قام بزيارتين لدولة قطر في شهري يناير وديسمبر 2019، والتقى بعدد من ضحايا الانتهاكات الخاصة بالحق في التعليم نتيجة الحصار المفروض من دولة الإمارات، وقد خاطب دولة الإمارات مرتين لحماية حقوق الطلاب القطريين ولكنها لم تستجب لنداءاته وطلباته.
ورصدت اللجنة أيضاً اجتماع البعثة الفنية للأمم المتحدة بالطلاب القطريين المتضررين. كما قام عدد من المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان برفع شكاوى لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو» حول حالات طلاب قطريين انتهك حقهم في التعليم جراء الإجراءات التعسفية أحادية الجانب التي قامت بها دولة الإمارات العربية المتحدة والتي ما زالت قيد الإجراء.
وخلصت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في هذا السياق إلى التأكيد أنها رصدت حالات قليلة لانتهاك الحق في التعليم، تم حلُها وبصعوبة بعد قرار محكمة العدل الدولية.
ويشير التقرير الثاني للجنة الوطنية لحقوق الإنسان إلى أن انتهاكات دولة الإمارات العربية المتحدة بسبب الإجراءات والتدابير التعسفية أُحادية الجانب المتخذة ضد دولة قطر منذ عامين ونصف امتدت لانتهاك حق المواطنين القطريين في الحق في الوصول إلى المحاكم والهيئات القضائية الأخرى (الحق في التقاضي)، وفي الدفاع عن أنفسهم أمام المحاكم الإماراتية (الحق في المحاكمة العادلة)، على الرغم من أن دولة الإمارات العربية المتحدة ملزمة بموجب الاتفاقيات والمعاهدات الخاصة بمحكمة العدل الدولية بتنفيذ الأحكام الصادرة لصالح أي طرف من الأعضاء.
وحذّر التقرير من أن «عدم تنفيذ دولة الإمارات لأحكام محكمة العدل الدولية هو خروج على الشرعية الدولية وانتهاك للقانون الدولي والمواثيق والمعاهدات الدولية، وهو سابقة خطيرة غير معهودة، ان تنفيذ قرارات المحاكم سواء كانت وطنية أو دولية يجب أن يتم بشكل فوري وينبغي أن تفصل دولة الإمارات بين تنفيذ أحكام القانون وقرارات المحاكم والأهواء السياسية تحقيقاً للعدالة».
وأوضح أن انتهاك الحق في الوصول إلى المحاكم والهيئات القضائية الأخرى تسبب في أضرارٍ عدة منها أن «العديد من المواطنين بعد صدور أحكام قضائية لصالحهم سواء باسترداد أموالهم وأملاكهم أو حقوقهم القانونية، تفاجؤوا بقيام محاكم دولة الإمارات العربية المتحدة بإلغاء تلك الأحكام، أو تجاهل تنفيذها، أو عدم تطبيقها، أو التراخي في استرداد حقوق قطريين يعيشون بدولة الإمارات العربية المتحدة». كما تعرض بعض القطريين لانتهاكات قانونية في تعاملات مالية وتجارية مع أفراد من دولة الإمارات العربية المتحدة، وتسببت تلك التعاملات في خسارة أموالهم وأملاكهم بسبب شيكات مرتجعة أو فقد حقوقهم المالية.
ورصدت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أنه وبعد صدور قرار محكمة العدل الدولية وحتى تاريخ صدور هذا التقرير لم تنشئ دولة الإمارات آلية واضحة لتنفيذ قرار المحكمة لحماية مصالح الضحايا.
وأوضح التقرير الثاني أنه «منذ صدور قرار محكمة العدل الدولية الذي يلزم الطرفين في شقه الثاني بعدم اتخاذ أي إجراء قد يؤدي إلى تفاقم النزاع أو تمديده أمام المحكمة أو يزيد من صعوبة حله، فإن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان رصدت استمرار دولة الإمارات في حملات الكراهية والتحريض على العنف وذلك من خلال وسائل إعلامها المرئية والمكتوبة ووسائل التواصل الاجتماعي حيث اشتملت تلك الحملات على الإساءة إلى رموز داخل دولة قطر، كما تضمنت تلفيق اتهامات كاذبة بضلوع دولة قطر في دعم الإرهاب، بالإضافة للسب والشتم والتطرق للأعراض وشن حملات تشويهية ضد اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان والتشكيك في مصداقيتها وإصدار الافتراءات عليها واتهامها بتزوير الحقائق».
ونوّهت اللجنة الوطنية إلى أن «هذه الحملات المستمرة مخالفة لكافة الدساتير والقوانين والاتفاقيات الإقليمية والدولية، فضلًا عن انتهاكها الواضح لمبادئ ومعايير حقوق الإنسان المتعارف عليها، وعلى الرغم من الجهود الدولية لمناهضة التمييز العنصري في العالم، تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة تعنّتها، وتحديها للقوانين، والاتفاقيات الدولية، عبر اتخاذ إجراءات عقابية ترتقي إلى جرائم التمييز العنصري في حق مواطني ومقيمي دولة قطر بل إن تلك الممارسات باتت نهجاً قائما في سياستها، وعلاقاتها الدولية».
وخلص التقرير في هذا الخصوص إلى التأكيد على أن دولة الإمارات لا تزال مستمرة في تلك التصعيدات من خلال استمرار انخراط بعض المسؤولين الرسميين فيها، وبعض الإعلاميين ومشاهير التواصل الاجتماعي في التصعيد والتحريض ضد دولة قطر.
واستعرض التقرير الثاني الذي أعدته اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان انتهاكات أخرى لدولة الإمارات العربية المتحدة، لم ينص عليها القرار الاحترازي لمحكمة العدل الدولية، إلاّ أن اللجنة الوطنية ارتأت ذكرها، وذلك لارتباطها ارتباطاً وثيقاً وبطريقة مباشرة وغير مباشرة بالحقوق الواردة في قرار محكمة العدل الدولية.
ويشير التقرير إلى أن إجمالي الانتهاكات الإماراتية بلغت 2105 انتهاكات منذ بداية الحصار، خلال الفترة من ( 5 يونيو 2017 إلى غاية 31 ديسمبر 2019) منها 967 انتهاكا للحق في التقاضي، و514 انتهاكاً للحق في الملكية، و363 انتهاكاً للحق في التنقل والإقامة، و155 انتهاكاً للحق في التعليم، و90 انتهاكاً للحق في لم شمل الأسر، و8 انتهاكات للحق في العمل، و4 انتهاكات للحق في الصحة، وانتهاك متعلق بمعاملة حاطة بالكرامة، وانتهاكان للحق في استخراج الوثائق الرسمية، وانتهاك خاص بالاختفاء القسري.
وفيما يتعلق بالانتهاك بشأن الحق في الملكية، فبلغ عدد الحالات المقدمة للجنة الوطنية لحقوق الإنسان (514) حالة انتهاك خلال العامين والنصف من الحصار الذي تفرضـه دولة الإمارات العربية المتحدة على دولة قطر. علماً أن هنالك المئات من الشكاوى لدى لجنة المطالبة بالتعويضات أيضاً.
وأكد تقرير اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان من خلال الحالات التي وردت إليها، استمرار تجاهـل دولة الإمارات لقرار محكمة العدل الدولية الذي يلزمها بمعالجة أوضاع المستثمرين والملاك القطريين، اذ لم تمكن دولة الإمارات الذين انتهك حقهم في الملكية من المستثمرين والملاك القطريين من حقهم في الوصول إلى المحاكم والهيئات القضائية الإماراتية.
وأشار تقرير اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في سياق متصل إلى أن دولة الإمارات استمرت في فرض القيود على حرية التنقل والإقامة ومنع وإعاقة حرية القطرين والمقيمين في دولة قطر، بما ينتهك أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان وكافة المواثيق والاتفاقيات الدولية ذات العلاقة. ونوّه بأن «ما ورد في قرار دولة الإمارات بتاريخ 21 فبراير 2019، من أنه لا تغيير في إجراءات قطع العلاقات في المنافذ مع قطر، يؤكد على الاستمرار في انتهاكها لهذا الحق».
وأوضحت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أنه «على الرغم من صدور قرار محكمة العدل الدولية حول الحق في الوصول إلى المحاكم والهيئات القضائية الأخرى، لم تُمكن دولة الإمارات العربية المتحدة المتضررين من انتهاكات الحق في العمل من التقاضي، كما لم تحاول إيجاد حلول مؤقته لمعالجة الحالات المتضررة من تلك الانتهاكات، والتي بلغ عددها (8) حالات انتهاك حسب ما ورد للجنة الوطنية لحقوق الإنسان من شكاوى».
وذكر التقرير أن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان رصدت استمرار سلطات دولة الإمارات خلال العامين والنصف من الحصار، تعمُد انتهاك الحق في حرية الرأي والتعبير، بصورة وصلت إلى حدود غير مسبوقة، وفرضت عقوبات، وإجراءات تعسفية أحادية الجانب على مواطنيها، ومن يتواجد على أرضها، بالسجن والغرامة وذلك بمجرد التعاطف مع دولة قطر.
وأشار إلى أن الانتهاكات الموجهة ضد حرية الرأي والتعبير كانت نافذة في تفاصيل المجتمع بشكل أكبر، واتخذ هذا النفاذ منحى غير أخلاقي وقيمي وحقوقي يعبر عن طبيعة نظام دولة الإمارات العربية المتحدة.
الحق في الصحة
ويشير التقرير كذلك إلى أن انتهاك دولة الإمارات للحق في الصحة بسبب اتخاذها تدابير تعسفية أحادية الجانب، قد أثر سلباً على كافة الضحايا وبالأخص الفئات الأولى بالرعاية منهم الأطفال والنساء وذوو الإعاقة.
كما أكّد التقرير الثاني الذي كشف عنه سعادة رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أن ما قامت به دولة الإمارات يعدّ خرقاً فاضحاً للاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري ولكافة القواعد والقوانين والاتفاقيات والمواثيق الإقليمية والدولية من خلال عدم امتثالها بعد عام ونصف لقرار محكمة العدل الدولية، وذلك بعدم اتخاذها تدابير مؤقته تعمل على تذليل الصعوبات أمام ضحايا الحصار على دولة قطر وتدابيرها التعسفية القسرية أُحادية الجانب.
وأوضح التقرير أن «دولة الإمارات قد انتهكت على نحو واضح الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، وعدد من المواثيق والمعاهدات الإقليمية والدولية. كما انتهكت بشكل صارخ اتفاقية شيكاغو (اتفاقية الطيران المدني الدولي)، وحظرت حركة الطيران المدني القطري فوق أراضيها ومياهها الإقليمية ومجالها الجوي دون أن يكون هناك أي ضرورة حربية أو أسباب تتعلق بالأمن العام.
ولاحظ التقرير أن ما قامت به دولة الإمارات العربية المتحدة من إجراءات تعسفية تمسّ جوهر الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، عبر استهداف القطريين على أساس أصلهم الوطني، وبسبب التدابير التي اتخذتها دولة الإمارات العربية المتحدة، يجعلها تنتهك حقوق الإنسان الأساسية لمواطني ومقيمي دولة قطر.
وأشار إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة انتهكت التزاماتها بموجب المادتين 4 و7 من اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز العنصري «بفشلها في إدانة الكراهية والتحيز العنصري والتحريض على مثل هذه الكراهية والتحيز ضد دولة قطر ومواطنيها». كما أن دولة الإمارات أخفقت ضمن نطاق سلطتها القضائية في تزويد القطريين بحماية فعالة وسبل الانتصاف من أعمال التمييز العنصري.
وخلص التقرير الثاني للجنة الوطنية لحقوق الإنسان إلى التأكيد على استنتاجات اللجنة السابقة حول تداعيات الحصار على قطر، ومضمونها أن «الإجراءات والتدابير التعسفية القسرية الأحادية الجانب المتخذة من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة تسببت في جملة من الانتهاكات لحقوق الإنسان المدنية والاقتصادية والاجتماعية».
كما أشارت اللجنة إلى «استمرار انتهاكات حقوق الإنسان بسبب الإجراءات والتدابير التعسفية والقسرية الأحادية الجانب المتخذة من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة في 5 يونيو 2017 وحتى تاريخ هذا التقرير، وعدم اتخاذها لتدابير مؤقتة تعمل على حل قضايا المتضررين ورفع الضرر عنهم هذا بعد عام ونصف من قرار محكمة العدل الدولية».
ونوّهت بأن «الإجراءات المتخذة من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة لمعاقبة المواطنين والمقيمين في دولة قطر ومواطني دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية استخدمت كأداة للضغط السياسي ووسيلة لإدارة الخلافات السياسية، وبما يرقى إلى عقوبات جماعية تطال الأفراد والممتلكات».
آلية واضحة
وأكدت أن «الإمارات لم تنشئ آلية واضحة لتنفيذ قرار محكمة العدل الدولية، وذلك من خلال التعريف أو الإشهار عن أي آلية متخذة يتم اللجوء إليها من قبل الضحايا وتسوية أوضاعهم، بالإضافة إلى عدم إنشائها خطوطاً ساخنة لهذا الغرض». كما أن «الإجراءات التمييزية المتخذة من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة وخطاب التحريض والكراهية الذي ينحو دائما نحو احتقار الشعب القطري والإساءة إليه، والتجاوز في حق رموز الدولة كل ذلك يرقى إلى مرتبة التمييز العنصري».
وأشار التقرير إلى «استمرار عدم تمكين الضحايا من الوصول إلى العدالة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وممارسة حقهم في التقاضي والمحاكمة العادلة يشكل مانعاً من إنصاف هؤلاء الضحايا وتعويضهم واسترجاع حقوقهم رغم محاولاتهم العديدة، كما أن قانون تجريم التعاطف الذي أصدرته السلطات الاماراتية في 7 يونيو 2017، والذي ينص على أن التعاطف مع قطر يعد جريمة معاقبًا عليها، أدى إلى عرقلة تنفيذ هذا الحق حيث رفض العديد من مكاتب المحاماة الإماراتية توكيلات قطريين خوفا من وقوعهم تحت طائلة العقوبات المقررة في القانون المشار إليه».
وأوضح أن «الغرض من الإجراءات المتخذة من دولة الإمارات العربية المتحدة في المجال الاقتصادي والتجاري والاستثماري هو استهداف وضرب البنية التحتية للاقتصاد الوطني لدولة قطر، وإلحاق الأضرار بالحقوق الاقتصادية للأفراد والمجتمعات في سابقة خطيرة قد ترقى إلى جريمة العدوان». وتابعت اللجنة الوطنية في استنتاجاتها مؤكدة أن «دولة الإمارات لم تراع أدنى شروط التعاملات التجارية والاقتصادية والاستثمارية، وهو ما يؤكد عدم وجود بيئة استثمارية آمنة بما يضمن حقوق المستثمرين والملاك والعمال إلى جانب حرية تنقل السلع والبضائع». كما «لم تراع دولة الإمارات العربية المتحدة حقوق الفئات الأولى بالرعاية من المرأة والطفل والأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن، كما تسببت إجراءاتها التعسفية في الحرمان من التعليم والمنع من العمل وانتهاك الحق في الصحة».
وأشارت اللجنة إلى أن «إطالة أزمة الحصار ومآسي الضحايا وعدم إنصافهم واسترجاع حقوقهم، يهدد الأمن والسلم الدوليين ويقوض كافة جهود الوساطة، وقالت إن استمرار مأساة الأسر المشتتة أدى بشكل كبير إلى تمزيق النسيج الاجتماعي الخليجي، وفاقم معاناة النساء والأطفال في انتهاكات صارخة لاتفاقية حقوق الطفل واتفاقية منع كافة أشكال التمييز ضد المرأة».
ولفتت إلى عدم وجود تجاوب من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة لإزالة الانتهاكات ورفع الضرر عن المتضررين، ونبهت إلى أن ما قامت به من إجراءات كان مجرد مناورة لتحسين صورتها أو تسويف الوضع القائم، كما أن الآليات الغامضة المفتقدة للمصداقية التي زعمت إنشاءها لمعالجة أوضاع الضحايا لم تعالج الوضع الحقوقي والإنساني لهم، في حين أنه بخصوص هذه الآليات لم يتم التواصل بينها وبين اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان رغم سعي اللجنة الحثيث نحو ذلك. كما لم يتم الرد على أية خطابات وجهتها اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان إلى المؤسسة الوطنية المثيلة وبعض منظمات المجتمع المدني ذات الصلة في دولة الإمارات العربية المتحدة، ولم يكن هناك أي تعاون منها منذ بدء الحصار وحتى الآن.
وخلصت اللجنة الوطنية في استنتاجاتها إلى القول «لم تتخذ السلطات القطرية إجراءات تعسفية مشابهة لما اتخذته دولة الإمارات العربية المتحدة، كما سعت جاهدة لاحتواء الأزمة وتداعياتها السلبية على المواطنين والمقيمين الذين من بينهم رعايا دولة الإمارات العربية المتحدة». وقالت اللجنة الوطنية إنه «بعد صدور قرار محكمة العدل الدولية في النزاع المعروض عليها بشأن الاتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز العنصري منذ عام ونصف، لا تزال دولة الإمارات العربية المتحدة مستمرة في انتهاكات حقوق الإنسان. ولا تزال أيضا الحالة العامة لحقوق الضحايا تثير قلقاً متزايداً، ومن ثم يجب معالجتها بصورة عاجلة».
copy short url   نسخ
26/01/2020
757