+ A
A -
عبدالله رضوان كاتب تركي
(لا بد أن يمن الله بفتح القسطنطينية)
الله أكبر ما أروعها من بداية سيسعد بها الختام تلك الكلمات التي كانت تتناثر من بين شفتي أسطورة من أساطير الإيمان والفداء والتربية، رجل يعود بجذوره إلى بلاد الشام، ولكن القدر جاء به ليجعله مربيا لغرة فتيان بني عثمان وأوفاهم شجاعة وعلما وشبابا؛ ليكون ملهما وأستاذاً للسلطان محمد الفاتح.
فهل عرفتم من يكون هذا المترع إيمانا وسموّا؟ إنّه آق شمس الدّين يا سادة، كان مولده في دمشق عام (792 هـ)، يتصل نسبه بالخليفة الراشد أبي بكرالصديق، كان من العارفين ومن أعلم أهل زمانه.
وقبل أن نبدأ حكاية الشيخ الملهم وطالبه العبقري الفذ اسمحوا لي أن أؤكد لكم أن أعجب قصص الخيال لا تبلغ حقيقة هذه القصة التاريخية التي أحدثكم عنها.
لقد كانت بداية تلك التربية كما ذكرتها كتب التاريخ يوم ذهب (الحاج بيرم الولي) لزيارة السلطان مراد الثاني وكان معه تلميذه وابنه المعنوي آق شمس الدين، وقد طلب السلطان مراد أن يقوم هذا الشيخ المبارك بتعليم ابنه الأمير محمد، ذلك أن السلطان مراد كان يحلم بفتح القسطنطينية كبقية السلاطين، سأل الشيخ الحاج بيرم: من سيفتح القسطنطينية؟
فأجابه الشيخ حاج بيرم وهو يشير إلى الأمير محمد والشيخ آق شمس الدين: «إن هذا الفتح سيكون ميسرا لهذا الأمير وهذا الشيخ»
نعم فالأمير محمد والشيخ آق شمس الدين سيكونان هما أصحاب الفتح المبين.
لله درك أيها الشيخ بيرم! ما هذه الفراسة التي حباك الله إياها!
ولكن فيم العجب وهذا رسول الله يقول: (اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله).
ويفترّ ثغر السلطان مراد عن ابتسامة الرضا والسعادة، إنه الفتح المبين الذي يلوح في الأفق ويرسمه القدر لولده محمد.
وبشغاف قلبه يستمع الأمير محمد من معلمه آق شمس الدين حديث رسول الله في فتح القسطنطينية: (لتفتحن القسطنطينية فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش).
نعم لقد أخذ الحديث النبوي بمجامع قلبه ولبه وعايشه في ليله ونهاره. أيعقل أن يكون هو المقصود بهذا الحديث الشريف، ولكن هذا العالم الرباني يسقيه شراب اليقين بهذا الحديث، ويدرك هذا الأمير الصغير أمير مغنيسيا أنه على موعد مع القدر، ولكن متى ؟
وتتابع الأيام رحلتها في موكب الزمان ويقبل الفتى على تعلم القرآن والحديث والفقه واللغات والعلوم الكونية تحت إشراف أستاذه آق شمس الدين.
ويأتي اليوم الموعود، يختار السلطان مراد جوار ربه، ويعين الأمير محمد سلطانا، نعم يموت والده تاركا له أكثر من 880 ألف/‏‏كم أمانة في عنقه.
ويرنو السلطان بنظره نحو القسطنطينية وهو يردد (إما أن نأخذ بيزنطة أو تأخذنا)
نعم يرنو بنظره نحوها وهو الذي يعرف أنها تعاصت على معول الفاتحين.
تلك المدينة التي دفن عند اسوارها أحد أفذاذ الرعيل الأول من صحابة رسول الله، إنه أبو أيوب الأنصاري يوم جاء وهو يمني نفسه بفتح القسطنطينية.
أجل إنها القسطنطينية عاصمة الدنيا، وكيف لا وهذا أحد عظماء الغرب يقول فيها: «لو كانت الدنيا مملكة واحدة لكانت القسطنطينية أصلح المدن لتكون عاصمة لها».
وبإشارة من الشيخ آق شمس الدين فهم السلطان محمد أن موعد اللقاء قد أزف وعلى أبواب القسطنطينية كانت جحافل المؤمنين تحاصرها برا وبحرا، أكثر من 150 ألف مقاتل يدعمهم أكثر من 400 سفينة مع مدفع عملاق صنعه المهندس أربان... وتدور رحى الحرب، ويحمى وطيس المعركة ما يقارب عن 54 يوما هوجمت فيها الأسوار وحفرت فيها الأنفاق، ولكن كل المحاولات باءت بالفشل حتى أن البيزنطيين استطاعوا حرق بعض السفن الإسلامية.
copy short url   نسخ
22/01/2020
1674