+ A
A -
تحقيق – أكرم الفرجابي
مع نهاية العام يلجأ آلاف الموظفين باختلاف درجاتهم الوظيفية إلى «استهلاك» رصيد الإجازات قبل أن يضيع عليهم، الأمر الذي قد يؤثر سلباً على أداء العمل في كثير من المؤسسات، خاصةً في الجهات الخدمية التي تقدم خدمات مباشرة للجمهور، حيث يتسبب خروج الموظفين للإجازة، في تأخير إنجاز المعاملات وتعطيل الأداء.
وقال مواطنون لـ «الوطن» إن الأشهر الأخيرة من العام تحديداً، تكثر فيها إجازات الموظفين بشكل غير مدروس في معظم الجهات، إذ يتسبب ذلك في تعطيل مصالح المواطنين، نظراً لقلة أعداد الموظفين في بعض المؤسسات، مطالبين بوضع آلية مدروسة لتحديد إجازة الموظف قبل نهاية العام، لعدم المساس بآلية العمل ومصالح المواطنين والمراجعين.
إجراءات صارمة
في البداية دعا المواطن حسن حاجي، الجهات الحكومية إلى اتخاذ إجراءات صارمة لضبط مواعيد الاجازات السنوية لموظفيها ومواجهة تكدس المعاملات بعدد من الإدارات الخدمية بسبب حرص الموظفين على استهلاك رصيد إجازاتهم دون الالتفات لأعباء العمل، مبيناً أن سوء تنظيم مواعيد الاجازات ساهم في إرباك العمل بعدد من الدوائر الحكومية، مشيراً إلى أن تحديد مواعيد هذه الاجازات هو مسؤولية مباشرة لمديري الإدارات المعنية.
وأوضح حاجي أن نظام الإجازات أثر سلباً على الانتاجية بالقطاع الحكومى خاصةً في الوزارات والهيئات المرتبطة بشكل مباشر بانهاء إجراءات معاملات جمهور المواطنين والمقيمين، لافتاً إلى أن بعض الإدارات في دوائر حكومية لم يكن بها أكثر من موظف أو اثنين لمدة أسبوعين أو أكثر بسبب خروج معظم الموظفين فيها لاستهلاك رصيد الاجازات قبل أن يضيع عليهم، ورغبة عدد كبير منهم في الحصول على إجازات في نفس الوقت.
مواعيد الإجازات
ومن جانبه يقول المواطن محمد الأحرق، إن المسؤولين في كثير من الأحيان لا يتمكنون من توفيق مواعيد الإجازات بين الموظفين، في الوقت الذي لم يكن أمامهم سوى الموافقة على قيام موظفيهم بإجازاتهم امتثالاً للقانون، مشدداً على ضرورة مراجعة ضوابط الإجازات بحيث تكون وفقاً لحاجة وطبيعة عمل الجهات الحكومية لا سيما الخدمية منها، لأن معاملات الجمهور يجب ألا تسدد فاتورة خروج معظم الموظفين لاستهلاك رصيد الإجازات. وطالب الأحرق بضرورة التزام الموظف بكافة الأنظمة والقوانين وتطبيقها على أكمل وجه حتى لا يتسبب في تأخير أو تعطيل العمل، لأن الموظف يجب عليه أن يتحمل الأمانة والتكليف بأداء عمله على أكمل وجه وأتم صورة حتى لا يتسبب في حدوث مشكلات وتوترات خاصة إذا كان الأمر يتعلق بالقطاعات الخدمية التي تمس حياة الناس اليومية ومصالحهم.
مصالح الناس
ومن ناحيتها قالت المواطنة رشا الزمان، إن من حق الموظف التمتع بإجازته المستحقة، ليرتاح خلالها من عناء وتعب العمل، إلاّ أنها طالبت في الوقت ذاته بضرورة أن يكون هناك جدولة دقيقة وبرنامج زمني محدد لتنسيق خروج الموظفين إلى إجازاتهم منذ بداية العام وحتى نهايته، بحيث لا يؤدي ذلك إلى تعطيل مصالح الناس وحبس المعاملات في الأدراج إلى حين عودة الموظف المختص من الإجازة، إذ إنه توجد معاملات لا تحتمل التأخير، ويترتب على تأخيرها أضرار تلحق ببعض الأطراف، مما يستدعي إيجاد البديل المناسب الذي يستلم موقع الموظف المجاز ويكمل الإجراءات التي بحوزته. وفي ذات السياق قالت موظفة بإحدى الجهات الحكومية، إن الربكة التي تحدث بسبب إجازات الموظفين في نهاية العام تعود إلى سوء التنسيق للإجازات في الإدارة المعنية التي تتم دون الأخذ في الاعتبار المصلحة العامة وظروف العمل، مشيرةً إلى ضرورة وجود جدولة لإجازات جميع الموظفين بحيث يضع كل موظف مع بداية كل عام إجازته السنوية بالتنسيق مع باقي الموظفين في الإدارة الواحدة، حتى لا يتعارض ذلك مع مصلحة العمل، وأوضحت أنه بسبب ظروف وضغط العمل قد لا يستفيد الموظف من الإجازة إلا مع نهاية العام، وبما إنه تم إلغاء بند بيع الإجازات يصبح الموظف مضطراً للخروج للإجازة حتى لا تضيع عليه، مبينةً أن إلغاء بند بيع الإجازات هو السبب وراء تكدس العمل في المصالح الحكومية، مطالبةً بإعادة النظر في إلغاء هذا البند.
أنواع الإجازات
ومن جهتها أوضحت المستشارة القانونية أسماء القره داغي، أن قانون الموارد البشرية حدد أنواع الإجازات التي يستحقها الموظفون العاملون بالهيئات والمؤسسات الحكومية بستة عشر نوعاً من الإجازات على اختلاف أنواعها وأسبابها، بينتها المادة (61) من القانون، وفتح القانون الباب لإضافة أنواع أخرى من الإجازات بموجب قرار يصدر من مجلس الوزراء، ولعل أهم تلك الإجازات هو الإجازة الدورية التي نظمت أحكامها المواد (62، 63) من قانون الموارد البشرية. وأشارت القره داغي إلى أهم ما يتعلق بأحكام تلك الإجازة فيما يلي: أولاً: أن مدة تلك الإجازة تختلف من موظف إلى آخر على حسب الدرجة الوظيفية، فموظفو الدرجة الحادية عشرة أو ما دونها يستحقون إجازة دورية لمدة (30) يوما عن كل سنة، أما موظفو الدرجات العاشرة وحتى الثامنة فيستحقون (40) يوما كإجازة دورية عن كل سنة، وموظفو الدرجات السابعة فأعلى فتحتسب إجازاتهم الدورية بمقدار (45) يوما عن كل سنة، ثانياً: أن الموظف المعين حديثًا لا يستحق إجازة دورية إلا إذا انتهت فترة التدريب المنصوص عليها في العقد بنجاح، وفي هذه الحالة يستحق الموظف إجازة دورية عن الفترة ما بين تعيينه وانتهاء السنة المالية تحتسب وفقاً لدرجته الوظيفية والمدة ما بين التعيين وانتهاء السنة المالية، ثالثاً: أن الموظف إذا حصل على إجازته الدورية وأثناء الإجازة وجدت أيام عطلة رسمية (إجازة عيد الفطر وعيد الأضحى واليوم الوطني) أو أصابه مرض استحق معه إجازة مرضية، فإن أيام العطلات الرسمية والإجازة المرضية تضاف إلى مدة الإجازة الدورية المستحقة للموظف، رابعاً: أنه لا يجوز للموظف ترحيل أكثر من نصف مدة الإجازة الدورية المستحقة له، ولا يسمح بالترحيل إلا للعام التالي فقط، فإذا ما كان الموظف يستحق إجازة دورية لمدة (30 يوماً) فالأصل أن يقوم بكامل إجازته في نفس العام المستحقة عنه، وإذا منعته الضرورة بالقيام بكامل إجازته فلا يسمح له بترحيل أكثر من (15 يوما) تضاف إلى الإجازة المستحقة عن العام التالي، فإذا انقضى العام التالي دون أن يستخدم المدة المرحلة سقطت تلك المدة ولا يحق له المطالبة بها فيما بعد، واستثناء من هذا الحكم أجاز القانون لأصحاب الوظائف الحرفية والعمالية ترحيل (كامل إجازتهم الدورية) بشرط أن يكون الترحيل للسنة التالية فقط.
الأمور الشائكة
وقالت القره داغي: تبعاً لذلك فإن القانون قد حسم أحد أهم الأمور الشائكة والمتعلقة بالإجازات المستحقة والمتراكمة ألا وهو أمر بيع أو شراء رصيد إجازات مستحقة، حيث نص القانون صراحة على أنه (لا يجوز منح الموظف أثناء الخدمة بدلا نقديا عن الرصيد المتبقي وغير المستنفد من إجازته السنوية)، خامساً: أن حق الحصول على الإجازة الدورية ليس حقاً مطلقاً، وإنما هناك بعض القيود التي تحيط بهذا الحق ومن أهمها حق جهة الإدارة في تنظيم الإجازات الدورية للعاملين بالهيئة أو المؤسسة، حيث أوجبت المادة (75) من اللائحة التفيذية لقانون الموارد البشرية على كل إدارة بالجهة الحكومية أن تقوم بإعداد جدول زمني بالإجازات الدورية لموظفيها، في ضوء المتوافر من رصيد هذه الإجازات لكل منهم، وطبقاً لما تقتضيه مصلحة العمل.
ونوهت القره داغي بأن عدم ترتيب الإجازات الدورية للعاملين في ذات الجهة أو المؤسسة قد يؤدي إلى تعطيل العمل بتلك الجهة، فمن البديهي أن يكون أمر ترتيب موعد الإجازات الدورية للموظفين متروكاً لجهة الإدارة التي عليها أن تسعى للتنسيق المناسب بين إجازات جميع الموظفين العاملين لديها حتى لا يؤدي غياب أحدهم أو بعضهم لتعطيل العمل بالجهة أو المؤسسة، كما أن القانون ولائحته التنفيذية وابتغاء للمصلحة العامة أعطى لجهة الإدارة حق مخالفة نظم الإجازات المستحقة في الوزارات والأجهزة الحكومية الأخرى، والهيئات والمؤسسات العامة التي تعمل بنظام المنوابة، على أنه أعطى للموظف الحق في التعويض عن تكليفه بالعمل أثناء اجازته المستحقة. وقالت القره داغي: من خلال هذا العرض يتضح أن القانون وإن أعطى للموظف الحق في الحصول على إجازة دورية عن كل سنة من سنوات العمل، إلا أن هذا الحق لم يكن مطلقاً، وإنما قيده القانون بقيود عدة – سبق بيانها – تحقيقاً للمصلحة العامة وحتى لا يؤدي استخدام هذا الحق للتأثير على سير العمل.
copy short url   نسخ
30/12/2019
4739