+ A
A -
- مازن حماد
نتانياهو وحش في تفكيره الذي ورثه عن أبيه المؤرخ «بن تسيون»، حيث يؤمنان بأن الواقع هو ساحة صدام «دارويني» يبقى فيه القوي ويختفي الضعيف. أما القيم والمشاعر والأدب فليس لها مكان في نظرهما.
الإنسانية إذن ليست واردة في حسابات الربح والخسارة، وهذه رؤية مريضة قادت إلى الفتاوى الحاخامية القبيحة التي تبيح قتل أطفال العدو واغتصاب نسائه وهدم بيوته وتشريد أصحابها وسجنهم وتصفية العائلات التي تقاوم، واحتقار غير اليهود.
وضمن الإطار ذاته، يرى نتانياهو أن القوي يجتذب الجميع إليه حتى لو لم يحبوه، أما الضعيف فسيغرس الخصوم سكيناً في ظهره حتى لو أحبوه، ويؤمن أيضاً بتميزه وتفرده وعبقريته، مجادلاً منتقديه بأنه ورث قبل عقدين دولة على شفا الضياع بسبب اتفاقيات أوسلو «الحمقاء» واستطاع بناء إسرائيل قوية اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً.
هذه الفلسفة الستالينية الهتلرية التي تسهل اعتماد التطهير العرقي والتفرقة العنصرية، يعارضها «آباء يهود» يحذرون باستمرار من مستقبل كالح السواد سيفرضه نتانياهو وأمثاله على إسرائيل. وقد لفت نظري موقف الأب الروحي للصهيونية آشر تسفي غينتسبيرغ الملقب بـ«آحاد هعام» والمتوفي عام «1927»، وهو موقف يتلخص في أن الشعب الذي لا يأخذ جيرانه بالحسبان ستكون نهايته الانسحاب من حدود الإنسانية والعدل، وإلحاق الأذى بالآخرين.
يعترف هعام بحق تقرير المصير كمبدأ أساسي وأخلاقي يسري على كل الشعوب، ولكنْ لا مكان لهذا الحق لدى ساسة عُميت بصائرهم وجفت أخلاقهم كنتانياهو. وفهم من تعليقات الأب الروحي المذكور على وعد بلفور لدى صدوره عام «1917» أنه يؤيد الدولة ثنائية القومية، فيما يعتقد كثيرون أنه يمكن ترجمة الوعد إلى دولتين مستقلتين في إطار كونفدرالية مشتركة. أما الانحدار إلى «لا دولة فلسطينية»، فهذا ذروة الخداع التاريخي اللا أخلاقي الذي يؤجج الصراع بدل أن ينهيه.
غير أن أي حق يهودي في فلسطين، يجب ألا يلغي حق السكان الذين يعملون ويعيشون في هذه البلاد منذ أجيال، كما قال هعام في كتاب صدر عام «1920»، فهذا بيتهم القومي أيضاً، ما يجعل المكان حقاً للشعبين، على حد تعبيره.
وضع إسرائيل الحالي يتناقض مع صهيونية هعام، فالقومية التي تتحد ضد «العدو الفلسطيني» تدل على وعي ثقافي في غاية التدني، وهي قومية نتانياهو وليبرمان وبنيت، كما يقول الباحث دمتري تشومسكي في صحيفة هآرتس.
ويذهب إلى الاستنتاج بأن كلاً من محمود عباس وحماس وإيران وداعش وهتلر ومحمود درويش عرَّفوا بدقة الهوية القومية الإسرائيلية. والخلاصة أن نتانياهو وضع إسرائيل على حد السيف، حيث يقود السياسة حقد هائل على الفلسطينيين.
copy short url   نسخ
21/08/2016
649