+ A
A -
أكّد سعادة سفير روسيا الاتحادية بالدوحة، السيد نور محمد خولوف توافقَ الرؤى القطرية-الروسية تجاه مكافحة الإرهاب والسعي لحلٍّ سلميٍّ عاجلٍ للأزمة السورية. وقال في حوارٍ مع الوطن إنّ السبيلَ الوحيدَ لإنهاء معاناة الشعب السوري يتمثّل في إجراء انتخاباتٍ رئاسيةٍ برعايةِ ومراقبةِ الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية المختصّة داخل سوريا، وخارجها في أماكن تواجد اللاجئين بما فيها تركيا والأردن والدول الأوروبية.
ونوّه سعادة السفير إلى ترحيب بلاده بأي نتيجةٍ قد تُفضي إليها الانتخابات، وحتى «إن أسفرت عن ضرورة استقالة بشار من أجل مستقبل أفضل لسوريا ووفقاً لإرادة شعبها فسوف تُرحب روسيا بهذه النتيجة».
ودعا خولوف قوى الثورة والمعارضة السورية إلى «تطوير قدراتها التفاوضية»، منتقداً «رفضَ (الهيئة العليا للمفاوضات) للحوار وإصرارَها على الشروط المسبقة». ووصف هذا الموقف بأنّه «مؤسفٌ وغير بنّاء»، متسائلاً: «كيف لاستقالة بشار الأسد أن تكون شرطاً مسبقاً للعملية السياسية، في حين أنّها يمكن أن تكون من نتائجها فقط؟».
وفي مجال مكافحة الإرهاب، أكد السفير خولوف «جاهزية روسيا لتقديم المساعدة اللازمة لأي طرف يحتاج إليها مهما كان مؤيداً للنظام أو المعارضة».. نافيا تورط روسيا في المجابهة بين النظام وفصائل المعارضة التي لم تصنف كجهات ارهابية .. وفيما يلي نصُّ الحوار:
• ما الجديد في المشهد السوري اليوم لِيحملَنا على التفاؤل بالحل السياسي؟
-إنّ من أهم تطورات الأحداث في سوريا تزايد انضمام المدن والمناطق إلى الهدنة يوماً بعد يوم. وهذا الأمر يبعث على التفاؤل حيث إنه يتيح التخفيف من معاناة الشعب الذي لا يزال يتعرّض لعمليات الإرهابيين المتسترة. كما قد يساهم ذلك الاتجاه في حثّ الجوانب السورية الممثلة للدولة والمعارضة الوطنية على الجلوس إلى طاولةٍ مستديرةٍ للتفكير في صيغة المصالحة المقبولة لكل السوريين. ولا بد من الإشارة هنا إلى أنّ القوات الجوية الروسية تواصل غاراتها الناجحة على مواقع الإرهابيين وخاصةً في مدينة حلب وتحرز نجاحاً ملموساً في تدمير البنية التحتية لداعش وغيره من المنظمات الإرهابية. أما الحل السياسي فهو يعود للسوريين فقط وليس في صلاحيات روسيا التدخل في مثل هذه الشؤون. وموسكو سوف ترحّب بأي حلٍّ أساسُه إرادة الشعب السوري والآليات الديمقراطية.
مكسب ملموس
• وكيف تقيّمون القدرات القتالية للمعارضة السورية، خاصةً بعد معركة حلب؟
-نحن نُدرك تماماً أنّ للنظام والمعارضة الوطنية أهداف متناسبة، وهي تحريرُ سوريا من الفصائل الإرهابية والحفاظُ على وحدة الدولة. وما حدث في حلب مكسبٌ ملموسٌ في هذا الاتجاه. بل أنا آمل بصدقٍ في أنّ هذه القدرات القتالية التي ذكرتِها لن تتوجه ضد الشعب من أجل مصالح سياسية أنانية، بل ضدّ عدوٍّ مشتركٍ؛ عدوُّ سوريا والعالم. وكما قلت قبل ذلك، إنّ من المهم للمعارضة أن تُطوّرَ «قدراتها التفاوضية» إن صحَّ التعبير، فهذا يصبُّ في صالح تلبية احتياجات الشعب السوري. وفي مجال مكافحة الإرهاب، أؤكد مرةً أخرى جاهزية روسيا لتقديم المساعدة اللازمة لأي طرف يحتاج إليها مهما كان مؤيداً للنظام أو المعارضة. ومن المهم أن تقوم قواتنا الجوية بتنسيق ناجح مع المعارضة فهذا مفيد جداً لأنه يساعد في استطلاع مواقع الإرهابيين ويمنع قصف الفصائل المعارضة.
• للمعارضة السورية ائتلاف وله قيادة، فلماذا تجاهلتها روسيا ولجأت لشخصيات من خارج الائتلاف للقاء مع نائب وزير الخارجية بوغدانوف بالدوحة منذ أيام؟
-كما قلنا أكثر من مرة، روسيا منفتحةٌ على الحوار الصريح مع أيّ طرف من أطراف النزاع، عندما يكون هذا الطرف منفتحاً على الحوار من جانبه. ولن يوجَد حلٌّ إلا عن طريق الاتصالات السورية-السورية بوساطةٍ أو بدونها. ويجب أن أشير في هذا السياق إلى أنّ روسيا فريدةٌ من نوعها، فهي الدولة الوحيدة في العالم التي تجري اتصالات مع جميع الأطراف السورية بلا استثناء، ومنها مجموعة القاهرة ومجموعة الرياض وغيرها. وإذا كان أحد الأطراف يمتنع عن الحوار المنفتح، فماذا نستطيع أن نعمل؟ أنا أقصد هنا «الهيئة العليا للمفاوضات» التي برأيي الشخصي يمكن أن نسميها بـ «الهيئة العليا لعدم المفاوضات». المشكلة أنهم يصرّون على الشروط المسبقة، وهذا يدفعهم لرفض الحوار.. إنّه موقفٌ غير بنّاء ومؤسف.
انتخابات بمراقبة أممية
• تصرّ العواصم العربية والمعارضة على استبعاد أي حل يكون الأسد جزءاً منه، فأي مقاربةٍ يمكن أن تحدث؟
-سمعنا مراراً عن الإصرار الغريب على هذا الموقف! بل حتى الآن لا يتّضح لنا كيف لاستقالة بشار الأسد أن تكون شرطاً مسبقاً للعملية السياسية، في حين أنّها يمكن أن تكون من نتائجها فقط. هناك آليات ديمقراطية متفق عليها عالمياً تعطي الشعب فرصةً للتعبير عن رأيه، وأهمُّها الانتخابات. والشعب السوري أكد تأييده للرئيس الحالي خلال الانتخابات الأخيرة. على فكرة، من المحزن أنّ أكثرية العواصم التي ذكرتِها تحفظت عن حقها وواجبها في رصد الانتخابات. برائي، إنّ من يُصرّ على رحيل الأسد ينتهكُ حقاً لا يتجزأ للسوريين وهو الحق في السيادة والاختيار والحرية. لا يوجد هنا الا خيارٌ واحدٌ وهو إجراء انتخاباتٍ رئاسيةٍ برعاية ومراقبة الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية المختصّة داخل سوريا وخارجها في أماكن تواجد اللاجئين، بما فيها تركيا والأردن والدول الأوروبية؛ فإذا أراد الشعب أن يكون الأسد رئيساً له، يصوّت له.. أما إذا أسفرت العملية السياسية الشرعية عن ضرورة استقالة بشار من أجل مستقبل أفضل لسوريا ووفقاً لرغبة شعبها فسوف تُرحب روسيا بهذه النتيجة.
أردوغان سياسي واقعي
• وما هو الدور الإيجابي الذي يُمكن أنْ تلعبه روسيا لوضع حدٍّ لمعاناة الشعب السوري، وإنجاز تسوية سياسية في البلاد وهي متورطة في العمليات العسكرية؟
-أولاً، أود أن أذكر أنّ روسيا من أكبر مانحي المساعدات الإنسانية لسوريا وأننا على الدوام نوزّع الإمدادات عبر مركزنا في حميميم. ثانياً، لا بدّ من الإشارة من جديد إلى أنّ العمليات التي تُجريها القوات الجوية الروسية تأتي تلبيةً لطلب القيادة السورية الشرعية ووفقاً للقانون الدولي، وهي ترمي إلى تدمير قواعد الإرهابيين ومخازنهم الخاصة بالأسلحة والوقود ومراكبهم وعتادهم. وكل قصف تسبقه دراسةٌ مفصَّلةٌ عن طريق كل الوسائل الاستخباراتية المتوفرة. هذا إطارُ انخراطِنا في القتال، واعتقد أنه أفضل طريقةٍ لمساهمة روسيا في إنقاذ السوريين من هذا النِّير الإرهابي. أما المجابهة بين جيش النظام وفصائل المعارضة التي لم تُصنّف كجهات إرهابية، فلا تتورّط فيها القواتُ الروسية. والقضاء على داعش وغيرهم هو أهمّ الخطوات لوضع حدٍّ لمعاناة الشعب السوري الذي أصبح درعاً حيّاً لهؤلاء الأوغاد الإرهابيين. أما آفاق تسوية الأزمة السياسية، فنحن نرحب بأي نتيجةٍ تُفضي إليها انتخابات رئاسية سورية برعاية ومراقبة أممية.
• ما آفاق التعاون بين موسكو وأنقرة للدفع نحو حلٍّ لأزمة سوريا بما يتناسب ومصالحهما في المنطقة؟
-تسرُّني ملاحظة تحسّنٍ ملموسٍ في العلاقات الروسية-التركية في الآونة الأخيرة، وهذا مهمٌّ للدولتين ولمنطقة الشرق الأوسط. وفيما يخصّ سوريا، فإنّ تركيا بدأت تؤكد إدراكها لخطورة ما يحدث في سوريا، وخطورة تهديدات الأزمة للمنطقة ككل ولتركيا ذاتها. فخامة السيد رجب طيب أردوغان سياسيٌّ واقعيٌّ، وتهمّه كثيراً مصالح بلاده وتهّمه ربما أكثر من طموحاته في السياسة الخارجية، وهو -انطلاقاً من ذلك- يسعى إلى المساهمة في حل الأزمة السورية في أقرب وقتٍ ممكن. كل هذا قد يجعل الحوار بين موسكو وأنقرة حواراً مثمراً يُساهم في تحسين الأوضاع في المنطقة.
مصالح دولية
• هل ستكون هناك خطة تعاون عسكري روسي-تركي مُحتمل في سوريا؟
-هذا السؤال يعود للعسكريين، وأنا كسفير لا اتدخل في نطاق صلاحياتهم. إنّ لروسيا وتركيا هدفا مشتركا واحدا في سوريا، وهو قطع إمدادات الإرهابيين عبر الحدود السورية-التركية. أما فيما يتعلّق بآفاق مشاركة تركيا في القتال على الأراضي السورية، فهذا ينبغي أن يكون بناءً على طلبٍ من دمشق أولاً.
• وما تقييمكم لمستوى المشاورات السياسية بين قطر وروسيا وتركيا فيما يخصّ الأزمة السورية؟
-كلّ دولةٍ لها مصالح، وهذا أمرٌ طبيعي.. ونحن ننطلق من هذا المبدأ. وجميع شركائنا يعرفون موقف روسيا. ونحن ندرك ما تسعى إليه دول أخرى. ومن المهم هنا أن يتفق كلٌّ من روسيا وقطر وتركيا على مبدئين رئيسيين: ضرورة مكافحة الإرهاب، وضرورة تسوية الأزمة السورية في أقرب وقتٍ ممكن. ولكنني أريد أن أشير من جديد إلى أنّه لا يجوز للقوى غير السورية أن يكون لها صوتٌ في هذا الملف، وإنّما بوسعها أن تساعد لا أن تتدخل.
copy short url   نسخ
21/08/2016
2119