+ A
A -
تحقيق - يوسف بوزية
أثار قرار إلغاء برنامج الدمج في مركز النور للمكفوفين بشكل مفاجئ استياء كبيراً بين أهالي الطلاب، حيث جاء قرار الغاء البرنامج بعد مسيرة من العطاء للمكفوفين بمختلف جنسياتهم وأعمارهم وتعدد اعاقاتهم. وأعرب أولياء أمور لـ الوطن عن أملهم في أن يعاد النظر في هذا القرار لما فيه من مصلحة للطالبات والطلاب وارتباطهم بمركز النور للمكفوفين، مؤكدين أن ما زاد من اعتراض الأهالي هي الحاجة الملحة لوجود معلمين ومعلمات متواجدين مع أبنائهم المكفوفين لاعطائهم مواد الرياضيات والعلوم والحاسوب في غرفة مصادر التعلم بطريقة تتناسب مع اعاقتهم البصرية، بما فيها تحويل الرموز والمعادلات إلى لغة برايل والتي يعتبر معلمو برنامج الدمح ذوو خبرة عالية في هذا المجال بسبب تأهلهم وخضوعهم لدورات متخصصة في الاعاقة البصرية.
كما عبر بعض الطلاب المكفوفين أن برنامج الدمج التابع للمركز كان يوفر احتياجاتهم الاكاديمية والاجتماعية والنفسية، بطاقمه من معلمي المواد العلمية كالرياضيات والعلوم والفيزياء والاحياء ومادة الحاسوب وأخصائيي الحركة والتوجه والتي يتعلم فيها الطالب كيفية استخدام العصا البيضاء والسير منفردا بها دون الحاجة للاعتماد على الاخرين، في المرحلة الاعدادية والثانوية وصولاً لاعتاب الجامعة.
انقطاع المواصلات
وفي هذا السياق أكدت أم العنود انه تم اخطارهم بتوقف مواصلات الطلاب والطالبات بعد تاريخ 31 ديسمبر2019، ولن يعد مركز النور مسؤولا عنهم، ما جعل أولياء الأمور يحملون المؤسسة القطرية للعمل الاجتماعي تبعات انقطاع المواصلات على أبنائهم المكفوفين، وما ينتج عن ذلك من تبعات بما فيها التعثر الدراسي في حال عدم استطاعة أولياء الأمور توفير وسيلة مواصلات مع مرافق لأبنهم أو أبنتهم الكفيفة، خاصة وأن بعض الطالبات في الصف الثالث الثانوي وهم مقبلون على اختبارات اخر الفصل الدراسي، مؤكدة ان أي تغيير أو ايقاف أي خدمة سوف يؤثر على مستقبلهم ونتائج آدائهم في الاختبارات.
أجهزة المكفوفين
من جانبه، أكد أبو معاذ ان جميع المعنيين بالمركز سواء من اولياء الأمور أو موظفين بجميع تخصصاتهم من معلمين واخصائيين ومدربين واداريين قد استبشروا خيراً بقرار ضم المركز ضمن للمؤسسة قطر للعمل الاجتماعي بمراكزها السبع، حيث بات المركز بمثابة الابن الثامن لمؤسسة قطر للعمل الاجتماعي، معرباً عن استيائه من أولى قراراتها بالتخلي عن أهم برنامج من برامج مركز النور للمكفوفين والذي يعد الشريان الحيوي لتقديم الدعم والمساعدة للطلاب والطالبات في أولى خطواتهم في البيئة الخارجية وهي بيئة المدرسة، حيث يندمجون فيها مع أقرانهم من الطلاب الأسوياء، كما تظهر الحاجة لمساعدة فريق متخصص وهو فريق برنامج الدمج الذي قامت مؤسسة العمل الاجتماعي بالغائه في اول بادرة وقرار تتخذه بعد ضم مركز النور للمكفوفين لها.
وأكد أن أولياء الأمور بعد هذا القرار يساورهم الشك في استمرار توفير جميع أجهزة المكفوفين مثل البرنتو وجهاز بريل سنس وغيرهم من الأجهزة الحساسة، والتي يعتمد الطالب الكفيف عليها اعتمادا كليا في تعلمه وفي تخزين المواد العلمية، وحتى صيانة هذه الاجهزة تطلب دراية وخبرة سابقة في مجال الاعاقة البصرية، متسائلا ما اذا كانت إدارة التربية الخاصة في وزارة التعليم تستطيع توفير احتياجات الطالبات والطلاب المكفوفين.
للتعامل مع المكفوفين
وأعربت ام جود عن استيائها من قرار المؤسسة القطرية للعمل الاجتماعي بإلغاء برنامج الدمج التابع للمركز، متسائلة عن سبب اتخاذ مثل هذا القرار المجحف في حق الطلاب المكفوفين على حد قولها، خصوصا بعد ما قضاه المكفوفون جميعا في مركز النور من حالة عدم الاستقرار التي مروا بها طيلة العشر سنوات الماضية، ما بين تنقل تبعية مركز النور من وزارة إلى مؤسسة إلى وزارة أخرى، إلى استقلاله بحد ذاته لا يتبع أي جهة، ليستقر أخيرا تحت مظلة المؤسسة القطرية للعمل الاجتماعي، فتأتي الأخيرة وتلغي جزءا مهما وبرنامجا حيويا يعتمد عليه الطالبات والطلاب المكفوفون في عملية دمجهم في البيئات المدرسية الخارجية.
تخوف أولياء الأمور
وأعربت أم جود عن تخوّف أولياء الأمور المؤكد وعدم ثقتهم في عملية الغاء برنامج الدمج، قياساً إلى ما حدث في المركز عندما كان يتبع وزارة التعليم لمدة عامين حيث عانى الطلاب المكفوفون الكثير من المشاكل والمتمثلة في قصورالأداء المبني على قلة الخبرة في كيفية التعامل مع الطلاب المكفوفين، كما ان هناك طالبات وطلابا من المكفوفين من غير القطريين الذين سوف تنقطع عنهم خدمة المواصلات من قبل الوزارة، والتي لن توفر مواصلات لغير المكفوفين القطريين، فمن سيوفر المواصلات لغير القطريين من الطالبات والطلاب المكفوفين؟ كما أن الكثير من الطالبات الكفيفات يسكن في مناطق بعيدة مثل بوسدرة والوكرة والمطار والسيلية والشمال، وهناك من الطالبات من هو في الصف الثالث الثانوي أي انه مقبل على شهادة الثانوية العامة وأي خلل في المواصلات سوف يؤثر على أدائهن وتحصيلهن الاكاديمي.
وتساءلت عن قيمة وجود مركز خاص ذي نفع عام يقدم خدماته للمكفوفين على مدار العام، بعد ان تم تغيير مسماه من معهد إلى مركز يتبع المؤسسة القطرية للعمل الاجتماعي التي تعتبر مؤسسة اجتماعية إنسانية في المقام الأول والاخير.
صدمة القرار
وعبر باقي أولياء الأمور عن بالغ حزنهم من هذا القرار المفاجئ واعتبروه كمن يفقد عضوا من اعضاء جسده، كما أثر هذا القرار على نفسية الطالبات والطلاب باستبعادهم عن برنامج الدمج عن بيتهم الأول وهو مركز النور للمكفوفين الذي يرتبط به الطالبات والطلاب المكفوفين ارتباطا نفسيا قبل أن يكون اكاديميا منذ أن كانوا صغارا في مرحلة الروضة ومن ثم المرحلة الابتدائية.
وأعربت أم مريم عن أملها في أن يعاد النظر في هذا القرار والغائه لما فيه من مصلحة للطالبات والطلاب المكفوفين وارتباطهم بمركز النور، مؤكدة ان طالبات وطلاب برنامج الدمج هم بمثابة ثمرة نتاج سنوات طويلة من العمل والجد والاجتهاد في المركز منذ نعومة أظافرهم منذ أن كانوا في مرحلة الروضة فكيف يأتي هذا القرار الصادم والمفاجئ الذي يظلم طالبات وطلاب الدمج ويفرق بينهم وبين أشقائهم المنتسبين للمركز، من حيث إنه يوجد لدى بعض الأسر أكثر من طالبة كفيفة، فمن الأسر لديها اثنان أو ثلاثة أو أربعة طلاب وطالبات من المكفوفين.
مادة الحركة والتوجه
وتقول ام عبدالله والدة احدى الطالبات أن عملية الغاء برنامج الدمج جاءت مفاجئة للطالبات والطلاب وجعل ابنتها تدخل في نوبة بكاء وحزن شديدة، لأن القرار سيحرمها هي وزميلاتها من الكتب والمراجع المطبوعة ببرايل كما سيحرمها من امتيازات عديدة، كما أنهم سيحرمون من خدمة مادة الحركة والتوجه التي يتلقى فيها الطالب الكفيف مهارة التنقل بسلاسة وأمان مستخدما العصا البيضاء، حيث يوجد لا معلمين متخصصين في اعطاء مهارة الحركة والتوجه خارج هذا المركز.
وقالت أم علي وهي والدة إحدى الطالبات ان مركز النور للمكفوفين يضم إدارة متخصصة كاملة بعدد كبير من المختصين في طباعة كتب برايل وتحويل أي مادة مكتوبة أو صورة إلى طريقة برايل، وهو ما قد لا يتوفر في مكان آخر.. وعبرت عن مخاوف أولياء الأمور من توقف المواصلات للطالبات وذلك لبعد المسافة حيث العديد من الطلاب يسكنون في مناطق السيلسة وأبو نخلة وليس بمقدور آبائهم توصيلهم، وتساءلت احدى الأمهات عن مصير ابنتها الكفيفة وقررت أنها سوف تقطع ابنتها عن الحضور للمدرسة في حال وقف المواصلات عن ابنتها.
وتشير سجلات مراكز الإعاقة إلى أن دولة قطر من أوائل الدول التي صادقت على اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في العام 2008، ومنذ ذلك الوقت قطعت شوطاً كبيراً في مجال تعزيز وحماية حقوق الاشخاص ذوي الإعاقة بمن فيهم المكفوفون، من خلال دمجهم الكامل في المجتمع وإشراكهم في عملية التنمية، منذ ان صادقت على اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في العام 2008، كما ضمنت ذلك في رؤية قطر الوطنية 2030، والتي من ضمنها تحقيق المساواة والعدالة لجميع فئات وقطاعات المجتمع، ويوجد في قطر حاليا 34 جهة متخصصة تقدم خدماتها التخصصية لذوي الإعاقة بمختلف إعاقاتهم.
وفي مجال العمل، أقرت الدولة قانونا، يلزم جميع الجهات الحكومية بتخصيص 2% من نسبة الوظائف للأشخاص ذوي الإعاقة.
copy short url   نسخ
11/12/2019
3127