+ A
A -
كتب يوسف بوزية وقنا
تفضل سمو الشيخ عبدالله بن حمد آل ثاني، نائب الأمير، بحضور افتتاح المؤتمر السابع للمنظمة العالمية للبرلمانيين ضد الفساد، بفندق شيراتون الدوحة صباح أمس.
حضر الافتتاح عدد من أصحاب السعادة الشيوخ والوزراء، ورؤساء البعثات الدبلوماسية المعتمدين لدى الدولة وكبار المسؤولين البرلمانيين.
ورحب سعادة السيد أحمد بن عبدالله بن زيد آل محمود رئيس مجلس الشورى في كلمته في افتتاح المؤتمر بجميع المشاركين، منوها باستضافة دولة قطر لأعمال هذا المؤتمر الذي يصادف اليوم العالمي لمكافحة الفساد تحت شعار «النزاهة تهمنا»، والذي يتزامن أيضا مع الإعلان عن الفائزين بجائزة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى الدولية للتميز في مكافحة الفساد في كيغالي عاصمة جمهورية رواندا.
وأكد سعادته أن استضافة قطر للمؤتمر جاءت تأكيدا للعزيمة والجهود الصادقة التي تبذلها دولة قطر بقيادة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى -حفظه الله- في سبيل مكافحة الفساد نظرا لما لهذه الظاهرة من آثار مدمرة على الدول وشعوبها.
ولفت إلى أن الفساد عقبة كؤود في طريق التنمية المستدامة، وأنه إذا بقي خارج دائرة الرقابة فلن يسمح للحريات أن تتوسع ولن يسمح للعدالة أن تسود.. وقال إن كثيرا من الدول تشهد اليوم حراكا شعبيا ينادي بالإصلاح ومحاربة الفساد، ولا تزال دائرة دعوات الإصلاح ومحاربة الفساد تتسع يوما بعد يوم، مما يعطي هذا المؤتمر أهمية كبيرة.
وأشار سعادة رئيس مجلس الشورى في كلمته إلى مساهمة المنظمة العالمية للبرلمانيين ضد الفساد الرائدة منذ إنشائها في عام 2002، بدور حيوي في الحملة العالمية لمكافحة الفساد، وذلك بإنشاء تحالف عالمي للبرلمانيين الذين يعملون في مكافحة الفساد وتجنب آثاره الاقتصادية والسياسية وتكلفته الاجتماعية.
وشدد سعادته في هذا السياق على أن دولة قطر تدعم بقوة كافة الجهود الدولية لمكافحة الفساد، وتقف بكل إمكاناتها مع المنظمة العالمية للبرلمانيين ضد الفساد وبرامجها الهادفة للقضاء عليه أو تقليل آثاره.
وأضاف قائلا «يأتي وقوفنا مع المنظمة متوائما مع قناعاتنا في دولة قطر بأن البرلمانات بما لها من صلاحيات رقابية وتشريعية يمكن أن تلعب دورا جوهريا في الحرب ضد الفساد، بوصفها المؤسسات التي تجعل الحكومات مساءلة أمام شعوبها.. وبما أن البرلمانيين يمثلون الشعوب فإنهم مطالبون بأن يكونوا قدوة في أدائهم لواجباتهم، وأن يستصحبوا القيم الأخلاقية لمجتمعاتهم ويلتزموا بأعلى معايير النزاهة».
وأوضح سعادته أن البشرية أدركت على مر العصور بأن الفساد شر محض وآفة كل عصر، بوجوده تسقط وتزول الحضارات وفي غيابه تزدهر الحضارات وتنمو الدول.
ونبه في هذا السياق إلى أن الدول والحكومات والمنظمات الإقليمية والدولية قد استشعرت خطورة الفساد وتداعت لتوحيد الجهود، لوضع الخطط والإستراتيجيات لمحاربة كافة اشكاله وأنواعه، من خلال إقامة آليات للوقاية منه.
وقال إنه من هذا المنطلق عمد الاتحاد البرلماني الدولي إلى تعزيز ودعم جهود البرلمانات والبرلمانيين من خلال التعاون والتنسيق مع أجهزة الأمم المتحدة المعنية بمكافحة الفساد.
وشدد سعادة السيد أحمد بن عبدالله بن زيد آل محمود في كلمته على أن دولة قطر قد خطت خطوات متقدمة في سبيل مكافحة الفساد ومنها المساهمة في الجهود الدولية التي تبنتها الأمم المتحدة، مشيرا في هذا الصدد إلى انضمام الدولة لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، والتي تعتبر من أهم الاتفاقيات الدولية التي تم التوافق عليها على المستوى العالمي، نظرا لأن الفساد يعتبر آفة لا يمكن القضاء عليها إلا من خلال التعاون الدولي، كما وقعت دولة قطر على الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، ودأبت كذلك على الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة الفساد، الذي يصادف اليوم التاسع من شهر ديسمبر من كل عام، من أجل إذكاء الوعي عن مشكلة الفساد.
وتابع سعادته قائلا في سياق متصل «ولأهمية المؤسسات الوطنية في جهود مكافحة الفساد فقد أصدر حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى قرارا بإنشاء هيئة للرقابة الإدارية والشفافية تتبع مباشرة لسموه، كهيئة متخصصة في تعزيز النزاهة بهدف تحقيق الرقابة ونزاهة الوظيفة العامة ومنع وقوع الجرائم التي تمس المال العام أو الوظيفة العامة.. كما صُدرت عدد من التشريعات والتدابير الإدارية التي تركز بشكل أكبر على جانب الوقاية والمساهمة في تحقيق أعلى مؤشرات النزاهة والشفافية وأيضا الدور الآخر يقوم به ديوان المحاسبة».. كما أنشأت قطر في نفس السياق بالتعاون مع الأمم المتحدة مركزا باسم مركز حكم القانون ومكافحة الفساد، ونظم المركز عددا من الدورات الإقليمية والدولية لبناء القدرات في مجال مكافحة الفساد والرشوة.
ونوه بأنه بتوافق بين المركز، وبدعم من مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، تم إطلاق مبادرة «جائزة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الدولية للتميز في مكافحة الفساد» لتتزامن مع الاحتفالات باليوم العالمي لمكافحة الفساد.
ولفت سعادة رئيس مجلس الشورى إلى أنه قد تم إطلاق هذه الجائزة من قبل دولة قطر كتقدير وتكريم للمنظمات والأفراد والجماعات الذين يقدمون مساهمات قيمة في منع ومكافحة الفساد، مشيرا إلى أن النسخة الأولى من الجائزة نظمت في عام 2016 في فيينا في النمسا، والثانية في جنيف في سويسرا عام 2017، والثالثة في كوالالمبور في مملكة ماليزيا عام 2018.
كما شدد سعادته في كلمته على أن دولة قطر قد تبوأت مكانا متقدما في المحيط الإقليمي في حربها ضد الفساد، وقال إن من ذلك ما أشار إليه صندوق النقد العربي في تقريره الأخير إلى أن قطر احتلت المركز الأول على مستوى الدول العربية في مكافحة الفساد الإداري وذلك حسب «تقرير تنافسية الاقتصاديات العربية» الذي أصدره الصندوق.
وأكد أن مؤشر التنافسية يعكس دور الدولة في عدالة المحاكم، والسياسات التي تمارسها تجاه المواطنين ومدى فعاليتها للتصدي للمحسوبية، ودور القضاء في التصدي للفساد الإداري والرشاوى، وتطهير قطاع الأعمال من الفساد، وتوفير درجة عالية من الأمان والثقة للشركات الأجنبية.
وتوجه سعادة رئيس مجلس الشورى في ختام كلمته بالشكر والتقدير لسعادة الدكتور فضلي زون، رئيس المنظمة العالمية على إدارته الحكيمة للمنظمة وللأمانة العامة للمنظمة على جهودها في الإعداد لهذا المؤتمر، وتمنى أن يكلل بالنجاح المنشود، كما توجه بالشكر والتقدير لجميع المشاركين لجهودهم في مجال مكافحة الفساد، معبرا عن تطلعه لإسهاماتهم في مداولات هذا المؤتمر بالأفكار والخطط لمواجهة الفساد وتداعياته، راجيا لهم إقامة طيبة في بلدهم قطر وأن يجدوا من الوقت ما يمكنهم من الوقوف على معالم النهضة التي تشهدها دولة قطر في جميع المجالات.
وبدوره، أكد سعادة الدكتور فضلي زون رئيس المنظمة العالمية للبرلمانيين ضد الفساد في كلمته على أهمية التعاون والشراكة بين جميع المنظمات التي تتصدى للفساد في العالم، مشددا على أن الفساد يعد آفة تهدد سيادة القانون والمجتمعات وتقلل من قيمة المنظمات المحلية وتزيد من عدم الاستقرار الاجتماعي وتضر بشرعيات الدول وتؤثر على حملات الإصلاح.
وأضاف أن الفساد يعرقل المساواة ويقلل من الثقة في المنظمات المحلية ويمثل عائقا أمام تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ويبدد الفرص التي يستفيد منها الأشخاص لتحسين معيشتهم ويؤثر على الازدهار والأمن.
ولفت رئيس المنظمة العالمية للبرلمانيين ضد الفساد، إلى ضرورة مواجهة هذا التحدي وزيادة المساءلة ونشر النزاهة لبناء مؤسسات متينة تتصدى للفساد ومجتمعات أفضل.
وأعرب عن اعتقاده بأن تحقيق النزاهة وضمان نجاح تدابير المتابعة لمكافحة الفساد يحتاج إلى عدة أمور منها: مساهمات المعنيين والإرادة السياسية والرغبة في مكافحة الفساد من خلال مراقبة الأصول وتحقيق المساءلة، والمشاركة الاجتماعية في كل عمليات الإصلاح، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال مشاركة اتحادات النقابات العمالية والمجتمع المدني والقادة الدينيين وغيرهم.
وشدد سعادة الدكتور فضلي زون على دور البرلمانيين في مكافحة الفساد وتحقيق النزاهة والالتزام بمدونات السلوك وخلق المزيد من القواعد الصارمة لمكافحة الفساد، مشيرا إلى أن النزاهة العامة تأتي استجابة استراتيجية ووطنية لمكافحة الفساد فالنزاهة عكس الفساد وهي مسألة أخلاقية تجعل الاقتصادات الشمولية والقطاع العام أكثر فعالية وإنتاجية.
ودعا رئيس المنظمة العالمية للبرلمانيين ضد الفساد، القادة العالميين لكي يلعبوا الدور الأخلاقي المطلوب ويساعدوا البرلمانيين في حملاتهم لتحقيق النزاهة، مسلطا الضوء على الدور الذي لعبته منظمته في مكافحة الفساد منذ إنشائها باشتراكها في عدد من الشبكات لمكافحة لفساد والعمل في 62 منطقة بالعالم لتطبيق القانون والحكم الرشيد، وإصدار عدد من المنشورات ووضع دليل إرشادات خاص يشكل دليلا للبرلمانيين لكيفية العمل مع بعضهم ومع الشركاء لتحقيق التنمية المستدامة.
من جانبها، عددت سعادة السيدة جابريلا كويفلس بارون رئيسة الاتحاد البرلماني الدولي، في كلمتها، مضار الفساد الذي ينتشر في المجتمع ويهدد رفاه الإنسان وسعادته ووصوله للتعليم وللخدمات الأساسية والعامة ويعرقل حياة الناس ويمنعهم من ممارسة حقوقهم الوطنية والإنسانية.
وأضافت أن أمام البرلمانيين مسؤولية كبيرة للحد من الفساد وإنهائه بشكل كامل وتسليط الضوء عليه وإيجاد حلول قانونية لاجتثاثه بكل أشكاله وعلى جميع المستويات.
وأكدت السيدة جابريلا على دور المنظمة العالمية للبرلمانيين ضد الفساد في مواجهة التحديات ودورها الكبير في مواجهة المشاكل، مثنية على دور قطر في استضافة هذا المؤتمر ودور حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، في مكافحة الفساد حول العالم على مختلف الأصعدة وكل المستويات، مشددة على أهمية النزاهة في تحقيق القيم والمبادئ ونوع العالم الذي نريد أن نتركه للأجيال المقبلة.
وأوضحت أن الاتحاد البرلماني الدولي يهتم بأهداف التنمية المستدامة وتغيير الكوكب خلال العشر سنوات المقبلة والوصول إلى أهداف التنمية المستدامة وتحقيقها لذلك، فالعالم بحاجة لتغيير السياسات والمؤسسات وللقيام بهذا والوصول لنتيجة جيدة فعلية بناء الثقة العامة وبناء مؤسسات فعالة وإجراء عمليات شمولية وتسريع التقدم في هذا المجال.
ونوهت بأن العالم بحاجة إلى المزيد من الأبطال في البرلمانات الذين يربطون بين مكافحة الفساد وتحقيق النزاهة، مؤكدة أن الطريق طويل لمكافحة الفساد لكنها تؤمن أيضا بالإرادة السياسية وحكمة القيادة وقوة البرلمانات والبرلمانيين حول العالم. وبينت رئيسة الاتحاد البرلماني الدولي أن هناك 46 برلمانا من جميع أنحاء العالم التزمت تماما بإنهاء الفساد إلى الأبد، مطالبة بقية برلمانات العالم بالتزام صريح لجعل اجتثاث الفساد واقعا من خلال مجتمع فعال، موضحة أن ذلك يتأتى عبر نشر الثقة بين المواطنين والعمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة ونشر الوعي وتدخل البرلمانات عبر التشريعات وتخصيص الموازنات والمراقبة.
ولفتت إلى أهمية دور البرلمانات في التوقيع على الاتفاقيات الدولية وتوفير الحلول للمواطنين، مشيرة إلى دور البرلمانات في ترجمة هذه الاتفاقيات الدولية إلى واقع محسوس على الأرض وتحويلها لقوانين محلية وتخصيص ميزانيات لهذه الأولويات ومساءلة الحكومات حول آليات تنفيذ هذه الاتفاقيات.
وتابعت السيدة جابريلا بالقول «نحن بحاجة إلى الابتكار واتخاذ خطوات نحو المستقبل ووضع برامج وأهداف جديدة، للوصول إلى المساءلة الفعالة والإيجابية وإعطاء المزيد من التفسيرات وتطبيق الشفافية وتوعية الناس بأهمية البرلمانات والعمل على سياسات شاملة أكثر، لكسب ثقة الناس وترجمة التزاماتنا إلى وقائع محلية تحسن حياة الناس ونوعيتها».
وطالبت بالتركيز على هدف إنهاء الفساد للأبد وفتح صفحة جديدة لوضع سياسات جديدة في الكوكب، تحفز الإرادة السياسية لبناء مجتمعات أفضل ولخلق كوكب أفضل.
وفي ورقة عمل قدمتها في الجلسة الأولى قالت السيدة ماجدة الفلاح، عضو المنظمة الإقليمية للبرلمانيين العرب ضد الفساد، إن الفساد هو السبب الرئيس لزيادة الفقر والمعاناة للشعوب خاصة في الدول النامية.
وأضافت، ان الامم المتحدة حددت 17 هدفًا لتحقيق التنمية المستدامة في العالم لإدارة الموارد الطبيعية لغايات تلبية احتياجات الأجيال الحالية واللاحقة، الا ان اهم هذه الأهداف هو الهدف 16 وهو الهدف الذي يؤكد على ضمان سيادة القانون والعدل والسلام وبدون ذلك لا يمكن تحقيق باقي الأهداف.
وأشارت إلى انه وفقا لتقارير عالمية فان 13? من سكان العالم يعيشون على اقل من دولارين، كما ان نصف وفيات الأطفال حول العالم سببها سوء التغذية، ومنها هنا لا بد من التأكيد على أهمية تحقيق العدالة والحكم الرشيد لمواجهة الفساد.
وحول دور البرلمانيين في مكافحة هذه الآفة قال السيدة الفلاح انه لا بد ان يكون هناك دور فعال للبرلمانات حول العالم بالتعاون منظمات المجتمع المدني للحد من الآثار المدمرة لهذه الآفة من خلال الوصول إلى الحكم الرشيد الذي يعزز دور الشعوب في الحكم من أجل تعزيز الثقة بين الشعوب ومؤسسات الدول، مشيرة إلى ان التعليم هو المفتاح لبناء جيل يستطيع ان يكون قادرا على مواجهة الفساد والوقوف بوجه الفاسدين حفاظا على مواردهم وتعزيز مبدأي المساءلة والمحاسبة.
copy short url   نسخ
10/12/2019
881