+ A
A -
خليل بن الدين إعلامي جزائري
سبع وخمسون سنة من عمر الجزائر المستقلة، لم تذق فيها طعم الديمقراطية، ولم يعرف التداول على السلطة إليها سبيلاً. لم تتغير موازين القوى كثيراً، فتدخل الجيش كان حاضراً في كل مفاصل الدولة، وفي مختلف أطوارها. وبقي ترتيب النظام السياسي في الجزائر مرهوناً دائماً بالمؤسسة العسكرية التي لم تبتعد عن الشأن السياسي في كل مراحل تطور الدولة الجزائرية منذ الاستقلال، فكان الجيش يمارس، في تسييره الشأن العام، مبدأ الفصل بين السياسة التي تركها للنقاش العام وللأحزاب، موالاة ومعارضة، أما الحكم فشأنه وحده لا ينازعه فيه أحد.جاء الحَراك جميلاً في 22 من فبرايرالماضي، مُبهجاً، واستفاقت البلاد على أجيال أخرى، طموحها كبير في أن ترى الجزائر متطورة مزدهرة. كبرت طموحات الحراك الشعبي ومطالبه، مع توالي أيامه، فما كانت مجرّد مطالب بانتفاء الولاية الخامسة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة تحولت سريعاً إلى مطالب بإزاحة ما أصبحت تسمى «العصابة»، ومن بعدها المطالبة بذهاب رموز النظام السابق كلها. ارتفع سقف مطالب الحراك، وتعدّدت رغباته وتباينت أحياناً كثيرة. حققت السلطة بعضها، كان أهمها زج بعض رموز النظام السابق في السجون، وتغاضت عن أخرى، كان في مقدمتها ذهاب رموز السلطة السابقة. استبعد الحراك أي تمثيلٍ له أو قيادة، ورفضت السلطة الفعلية، من جهتها، التعامل مع مختلف المبادرات السياسية من خارج الحراك، التي كان مصدرها تكتلات سياسية أو شخصيات وطنية. ولا ينكر أحد أن ما حققه الحراك الشعبي من نتائج كبيرة، كفيل بإنجاز نقلة نوعية في وعي الجماهير والمؤسسات، ذلك أن المشتغلين في حقل علم الاجتماع السياسي ينظرون إلى المسألة من زاوية التغير الحاصل في سلوك المجتمع ووعيه. وكان ما حدث خلال أشهر من الحراك كفيلاً بتحقيق أهدافٍ أصبحت في حكم المكتسبات. فالحراك حرّر الجميع.
{عن (العربي الجديد)
copy short url   نسخ
06/12/2019
135