+ A
A -
أدهم شرقاوي
في مثل هذا اليوم من العام 1935م استشهدَ عز الدين القسام، رجل الدين السوري روى بدمائه تراب فلسطين وهو يُقاوم الاحتلال الإنجليزي، مُعطياً هذه الأُمّة درساً عملياً في شرح سورة الأنفال!
عز الدين القسام لم يكن أول الفقهاء الذين خرجوا للجهاد، ولن يكون الأخير، هذه الأمة تعرف جيداً أن الذي فرضَ عليها الصيام، هو الذي فرضَ عليها القتال، وأن الجهاد عِبادة لا تقل عن الصيام والحج أهمية، ولستُ أبالغ إذ أقول إن التاريخ أثبتَ أن الله حفظَ لهذه الأُمّة صيامها وحجها بجهادها!
إن فكرة مأسسة الدين، أي جعله مؤسسة، وجعل رجال الدين أصحاب مناصب فخرية ومقامات هي فكرة مقيتة جداً، فالأصل أن الإنسان كلّما تعلّم وتفقّه صار أكثر التزاماً بدينه، لا العكس، أي أنه كلما تفقّه انسلخ عن واقع أُمّته، كان سالم مَوْلى أبي حذيفة يقول للصحابة في المعركة: بئس حامل القرآن أنا إن أُوتيتم من قبلي، وعلى أبواب القُسطنطينية استشهد أبو أيوب الأنصاري، وحاصر الجليد عبد الله بن عُمر أشهراً في تركمانستان، وعلى هذا الطريق سار العِز بن عبد السلام، والنووي، وابن تيمية، وابن القيم، وعبد الحميد بن باديس، وعُمر المختار، وهذه أُمّة لا يُحصي إلا الله عدد أبطالها الفقهاء!
ليس تقليلاً من قيمة الفقه والإفتاء وتعليم الناس والاهتمام بالحديث، ولكن إعلاءً للجِهاد هذه العبادة التي صار المفهوم الشائع عنها أنّها لعوام الناس وأن للفُقهاء الكراسي والمنابر والخطابة والإفتاء، إنّ قيمة العالم والفقيه والمُفكِّر والمُؤلِّف هي بمدى ارتباطه بهموم أُمّته وواقعها لا في العيش بين صفحات الكتب، وإن ثمة لحظات تمر بالأمة يصبح فيها دم الشهداء أثمن من حبر العُلماء، فهنيئاً لمن جمعَ المجدين معاً، ورحم الله عز الدين القسام!
بقلم: أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
20/11/2019
885