+ A
A -
أسامة أبو ارشيد كاتب وباحث فلسطيني مقيم في واشنطن
السياق الرابع، وهو الأهم، ونقول هنا إن التصعيد الإسرائيلي يأتي في سياق التصعيد الأوسع مع إيران، سواء بسبب ملفها النووي، أم جرّاء تعزيز نفوذها في سوريا، على الحدود الشمالية الشرقية لفلسطين المحتلة، أم في لبنان على الحدود الشمالية. ولأن إسرائيل تفضل حرباً بالوكالة مع إيران، أو عبر ضربات مركزة ضد مصالحها في سوريا، على الأقل في المرحلة الحالية، ولأنها تدرك أن فتح معركةٍ مع حزب الله في لبنان ستكون مكلفةً بالنسبة لها، فإنها قد تكون اختارت أن توجه رسالة إلى إيران عبر بوابة قطاع غزة، إذ أنه الحلقة الأضعف عسكرياً. ما يرجح ذلك أن الإعلام الإسرائيلي حفل في الأيام والأسابيع التي سبقت اغتيال أبو العطا بالحديث عن علاقاته بالجنرال الإيراني، قاسم سليماني، قائد قوة القدس التابعة للحرس الثوري، واعتباره رجل إيران الرئيس في القطاع. وينطبق الأمر نفسه على العجوري، والذي تتهمه إسرائيل بأنه المنسّق الرئيس بين الحرس الثوري وسرايا القدس.ولعل ما عزّز الحسابات الإسرائيلية للتصعيد مع الجهاد الإسلامي أن «حماس» لا تريد تصعيداً عسكرياً، على الأقل آنياً، ذلك أنها مثقلةٌ بأرزاء إدارة قطاع غزة، وهي تأمل أن تتمكّن من الوصول إلى اتفاق مع السلطة الفلسطينية في رام الله عبر بوابة الانتخابات ، تخفف وطأة القطاع وإدارته عنها. ولعل في حصر إسرائيل هجماتها خلال جولة التصعيد في حركة الجهاد الإسلامي، على غير العادة، إذ كانت في الماضي تستهدف حركة حماس بذريعة أنها من يحكم قطاع غزة، محاولةً لإحداث شرخ بين التنظيمين. وهكذا وجدت «حماس» نفسها محرجة أمام الجريمة والتصعيد الإسرائيلي وبين محاولاتها تجنّب مواجهة عسكرية واسعة ومدمرة للقطاع وأهله. أيضاً، أخذت إسرائيل في اعتبارها « العامل المصري»، والذي يعمل كابحا على الحق الفلسطيني، لا الانتصار له، إذ لا يتدخل للتهدئة إلا بعد أن ترتكب إسرائيل جرائمها، . ولعل في أنباء التهدئة بين الطرفين، الفلسطيني والإسرائيلي، والتي أُعْلِنَ عنها (صباح الخميس 14 نوفمبر الجاري)، تؤكد ما جاء آنفا، ذلك أنها جاءت بعد سقوط أكثر من 32 شهيداً فلسطينياً وأكثر من 80 مصاباً.
{ عن (العربي الجديد)
copy short url   نسخ
17/11/2019
227