+ A
A -
فلسطين - الوطن
تُجرى على قدم وساق عمليات بناء وتوسعة بالعديد من المستوطنات الإسرائيلية في محافظة الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة، تلتهم خلالها مساحات جديدة من أراضي المواطنين في الجهات الشمالية والجنوبية والشرقية للمحافظة. وفي الأثناء، يصعد الاحتلال من وتيرة تسليمه للإخطارات وقرارات المصادرة في مناطق المحافظة، حيث تعد الخليل الأوفر حظا مع بقية محافظات الضفة الغربية المحتلة.
ومؤخرا، كشف مركز «الحوراني» للدراسات والتوثيق أن الاستيطان الإسرائيلي سرطان أسود يلتهم قلب مدينة الخليل، لافتا إلى أن إسرائيل كثفت من الإجراءات التعسفية غير القانونية، وسياسة الفصل والتمييز العنصري ضد القديمة، لتقليص أعداد الفلسطينيين باستخدام سياسات ممنهجة تهدف إلى تهجيرهم بالقوة، وتعزيز الوجود اليهودي، وتشمل هذه السياسات الأحادية وغير القانونية سياسة الفصل المكاني الذي يعمل على عزل الأحياء الفلسطينية عن بعضها البعض.
ونوه المركز بأن هناك عدة بؤر استيطانية تقع في قلب مدينة الخليل، حيث إن هذه البؤر تتمتع بموقع استراتيجي ومطل على البلدة القديمة وبعض الأحياء في مدينة الخليل، وهي بؤر متصلة مع بعضها البعض ومع مستوطنة «كريات أربع» بطرق معبدة لتسهيل التنقل منها وإليها بالإضافة إلى تسهيل الوصول إلى الحرم الابراهيمي.
وتسعى سلطات الاحتلال لتوسيع هذه البؤر بشكل مستمر من خلال أتباع سياسات عنصرية ضد السكان العرب من خلال نشر عشرات الحواجز ونقاط التفتيش وإغلاق تام لبعض الشوارع والأسواق في محاولة لطرد السكان العرب والتضييق عليهم بغية تهجيرهم من المكان حيث قدر عدد المحال التجارية المغلقة بحوالي 1829 محلا تجاريا منها 520 مغلقة بأوامر عسكرية خاصة في شارع الشهداء والباقي مغلق من قبل أصحابها بسبب إغلاق الطرق ووضع الحواجز ونقاط التفتيش داخل أزقة البلدة القديمة، وأدت هذه الإجراءات العنصرية إلى تهجير نحو ألف عائلة خرجت من البلدة القديمة منذ عام 1967. ولا يسمح لغير السكان الفلسطينيين بالدخول إلى داخل البلدة القديمة إلا بإذن خاص أو بتنسيق مسبق، والتي وضع على جميع مداخلها المتصلة بالأحياء الأخرى حواجز شبيهه «بالمعابر الحدودية» من أجل التفتيش والتدقيق بالأسماء والتنكيل في المواطنين، بالإضافة إلى إغلاق بعض الممرات الضيقة بالأسلاك الشائكة ووضع البوابات الحديدة قرب التجمعات الفلسطينية داخل البلدة من أجل الفصل بينهم وبين البؤر الاستيطانية، يشار إلى أن 21 حاجزا عسكريا اسرائيليا منتشرة في أنحاء المحافظة.
ويشير مركز «الحوراني» إلى أنه «في منطقة»هـ 2، يعمل الاحتلال على نقل المسؤوليات والصلاحيات المدنية إلى الجانب الفلسطيني، باستثناء تلك المتعلقة بالإسرائيليين وممتلكاتهم، والتي ستستمر الحكومة الإسرائيلية بمسؤولياتها عليها».
وقد تم فرض التقسيم الزماني والمكاني على المسجد الإبراهيمي حيث تسيطر إسرائيل على 60 % من مساحة المسجد، ولا تسمح للفلسطينيين الدخول إليه إلا بعد إجراءات أمنية مشددة على مداخله والتي ينتشر عليها نقاط تفتيش وأجهزة الكشف عن المعادن، وفي أحيان كثيرة لا يرفع الأذان من المسجد الإبراهيمي بحجة الازعاج للمستوطنين داخل البلدة القديمة.
وتفرض إسرائيل الإغلاق الشامل على المسجد الإبراهيمي ومحيطه في الأعياد اليهودية وتسمح للمستوطنين بإقامة صلواتهم واحتفالاتهم دون أي عوائق، وهذا أنعكس سلبا على السياحة الدينية للمسجد الإبراهيمي وفي البلدة القديمة بفعل الإجراءات المشددة التي تفرضها إسرائيل على زوار المسجد من المسلمين.
بالإضافة إلى اعتداءات المستوطنين المستمرة ضد السكان الفلسطينيين بشكل متواصل، من عمليات دهس وإلقاء حجارة وشتائم وغيرها، بالإضافة إلى إلقاء الحجارة والأوساخ على بيوت السكان ومحاولتهم الدائمة للسيطرة على بيوت أخرى.
وينوه المركز إلى أن الاحتلال أصدر في أغسطس 2017 أمرا عسكريا بإنشاء مجلس محلي للبؤر الاستيطانية الموجودة في قلب البلدة القديمة بمدينة الخليل، ومنحها سلطات إدارية بلدية مطلقة لتقديم الخدمات المحلية ولإدارة شؤون مستوطنيها بنفسها، ويحمل هذا القرار في طياته أبعادا عنصرية واستيطانية خالصة ضد السكان الفلسطينيين، ويعني هذا القرار أن 800 مستوطن سيتحكمون بـ 40 ألف مواطن فلسطيني يعيشون داخل البلدة القديمة، بالإضافة إلى أنه يعزز من الوجود الاستيطاني من خلال تطوير الخدمات المقدمة للبؤر الاستيطانية والعمل نحو تحسين البنى التحتية التي تخدم الوجود الاستيطاني بشكل منفصل عن السكان الفلسطينيين، بالإضافة إلى منع البناء الفلسطيني داخل أحياء البلدة القديمة، وزيادة الضرائب على السكان وإصدار رخص بناء لتعزيز البؤر الاستيطانية وتوسيعها.
واعتبر المركز الممارسات الإسرائيلية في مدينة الخليل غير قانونية، لمخالفتها لاتفاق الخليل الموقع بين الجانبين من جهة، ومخالفتها لاتفاقية جنيف الرابعة، ولقواعد القانون الدولي باعتبار المستوطنات والبؤر الاستيطانية غير قانونية وغير شرعية من جهة أخرى.
وتقع مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، وتبعد 35 كلم عن مدينة القدس، وتعتبر من أكبر المدن الفلسطينية من حيث عدد السكان بعد مدينة غزة، حيث يبلغ عدد سكانها ما يزيد على أربعمائة ألف نسمة، جميعهم من المسلمين المحافظين.
تحول خطير
وتعليقا على ذلك، يؤكد خبير الاستيطان عبد الهادي حنتش أن الاحتلال يقوم بتشييد وحدات استيطانية جديدة في محافظة الخليل.. مشيرا إلى أن بعضها تم الانتهاء من بنائه، فيما تقع وحدات أخرى من ضمن مخططات الاحتلال التي تنوي سلطات الاحتلال الشروع بها خلال المرحلة القادمة.
وتعتبر المشاريع الاستيطانية الأخيرة بمثابة خطة تحول الخليل إلى أراض مبعثرة وممزقة وبين المنطقة والأخرى بؤرة استيطانية لها حدودها التي تتوسع بمزاج القائمين عليها وليس للفلسطينيين مكان بجوارها.
ويقول حنتش: «إن ربط المستوطنات ببعضها يجري على قدم وساق وأكثر من 11 مستوطنة ممتدة فيما بينها إما بالتواصل عبر الوحدات الاستيطانية أو الشوارع التي يتم خلالها الاعتداء على الفلسطينيين ومنعهم من أراضيهم والتضييق عليهم، وهذا مؤشر على أن الاحتلال يطبق فكرة عزل المناطق وتمزيقها لتصبح سهلة المصادرة وهذا ما يحدث».
ويشير إلى أن الاحتلال يعمل على توسيع العديد من المستوطنات المقامة على أراضي الفلسطينيين في الخليل ما يعني أن مرحلة جديدة من المصادرة والإخطارات بوضع اليد على مئات الدونمات بدأت.
ويلفت إلى أن عمليات البناء والتوسع الاستيطاني لا تتوقف عند هذا الحد، بل لجأت سلطات الاحتلال لشن عمليات اعتداء جديدة على أراضي المواطنين الفلسطينيين في المناطق القريبة من مستوطنة «إشكليوت» وبؤرة «أفيجايل» في الجهة الجنوبية للمحافظة.
ويتزامن ذلك في وقت تقيد سلطات الاحتلال حرية حركة المواطنين الفلسطينيين في أراضيهم هناك، لديمومة عمليات إخلائها وعمل أشباح الاستيطان فيها بعيدا عن مرأى أصحاب الأراضي.
ولا تختلف عمليات البناء والتوسع الاستيطانية في تلك المستوطنة، عن مستوطنة «كرميتسور» الممتدة شمال الخليل على أراضي بلدتي حلحول وبيت أمر.
copy short url   نسخ
11/11/2019
3194