+ A
A -
تعرّض تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» للهزيمة في سوريا والعراق، لكن لم يخرج من المعركة تماماً. إذ لا يزال التنظيم نشطاً، لكن في نطاق جغرافي ضيق. ويتطلب إبقاء التنظيم في هذا الوضع جهداً متواصلاً. إذ هناك أحداث عديدة يمكن أن تفسح المجال لصعوده مرة أخرى؛ سواء غياب الاستقرار في العراق أو خروج التوترات الأميركية الإيرانية عن السيطرة، بحسب تقرير لـ «مجموعة الأزمات الدولية»، نشره موقع Lobe Log الأميركي.
ما أهمية هذا الأمر؟
دفع العراقيون والسوريون وشركاؤهم الدوليون ثمناً باهظاً في سبيل طرد التنظيم المسلح من أراضي «خلافته» المزعومة. لكن حتى مع تراجعه لصورة حركة متمردة، لا يزال يشكل خطراً على السوريين والعراقيين في الداخل، وإذا تمكن من توحيد صفوفه فقد يعود ليهدد العالم بأكمله.
ما الذي يتعين فعله؟
تقول المجموعة الدولية إن إبقاء التنظيم ضعيفاً يستلزم «تجنب اندلاع أي صراع جديد» سواء في سوريا أو العراق قد يعرقل جهود محاربة «داعش».
ولم يستعد تنظيم «داعش» قوته في العراق أو سوريا حتى الآن، لكن استطاع الاستمرار في صورة جماعة متمردة مسلحة ووحشية في كلا البلدين. وأصبح، مقارنة بما كان عليه سابقاً، ضعيفاً ومقيداً جغرافياً. وحالت الأوضاع الداخلية، لا سيما في العراق، دون عودته.
«عصابات صغيرة».. ربما تكبر
في عام 2015، أطيح «داعش» من على عرش قوته، بعدما كان في وضع هجومي على جبهات عدة ومسيطراً على شبه دولة مسلحة تمتد على مساحات شاسعة من العراق وسوريا. وفي مواجهة حملة عسكرية ساحقة شنتها مجموعة من خصومه المحليين والدوليين، فقد «داعش» آخر مناطق سيطرته في العراق عام 2017، وفي سوريا في أوائل عام 2019. لكن في كلا البلدين، استطاع التنظيم الصمود بالتحول من الحرب شبه التقليدية إلى شن هجمات متمردة بأسلوب الكر والفر.
وفي العراق، تعمل «داعش» في صورة عصابات صغيرة شبه مستقلة ومنتشرة في أكثر المناطق الوعرة في البلاد، بما في ذلك الجبال والصحاري. ومن هذه المخابئ، يخرج مقاتلو «داعش» للاعتداء على المناطق الريفية؛ فيخطفون السكان ويبتزونهم ويقتلون ممثلي الدولة. وأصبحت عناصر «داعش» لا تشن سوى هجمات بسيطة، ولم تُنفِذ عمليات معقدة أو على نطاق واسع إلا على فترات متقطعة. وحتى الآن، لا يبدو أنها تمكنت من التسلل للمدن الرئيسية في العراق.
وتغير العراق بطرق قد تحول دون عودة «داعش» فيه إلى سابق قوته. إذ تلاشى الاستقطاب الطائفي الذي استفاد التنظيم من انتشاره في الدولة بأكملها. بالإضافة إلى ذلك، بعد أن عانى العديد من العرب السنة من صدمة مزدوجة جراء انتشار «داعش» الوحشي والحملة العسكرية لاستعادة مواطنهم التي سيطر عليها التنظيم. ومن جانبها، توقفت قوات الأمن العراقية عن تجاوزاتها، وبدأت ترتبط بعلاقة أكثر فاعلية مع العرب السُّنة.
تقول مجموعة الأزمات إنه على الرغم من هذه الأسباب التي تدعو للتفاؤل، فهناك تهديدات قائمة. إذ سيشكل تأمين المناطق النائية التي لا تزال عناصر «داعش» تعيث فيها فساداً تحدياً كبيراً. ولا يزال يتعين على الحكومة إعادة بناء اقتصاديات هذه المناطق وغيرها من المناطق التي تضررت بسبب الحرب ضد «داعش»؛ وهو ما أدى إلى تثبيط النازحين عن العودة، إضافة إلى ذلك، يبدو شفاء جروح المجتمع صعباً.
حتى مع احتمالات صمود «داعش» بشكل ما في كل من العراق وسوريا، يتعين على أعدائه العديدين أن يكونوا قادرين على احتواء التنظيم أو حتى إنزال مزيد من الضعف بصفوفه. ولهذا السبب يتعين حماية البلدين من أية صدمات جديدة قد تعرقل جهود مكافحة «داعش».
copy short url   نسخ
17/10/2019
971