+ A
A -
يعتبر قطاع النقل والمواصلات ركيزة رئيسية لأي عملية تطوير تتم ضمن خطط التنمية الاقتصادية والصناعية والاجتماعية التي تشهدها مختلف دول العالم.
وأدركت دولة قطر مبكرا أهمية تطوير وتحديث البنية التحتية لقطاع المواصلات لدعم القطاعات الاقتصادية والصناعية والخدمية المتنوعة، خاصة في ظل النمو السكاني السريع والتوسع الاقتصادي القوي الذي شهدته الدولة خلال السنوات القليلة الماضية.
ونمت أعداد سكان الدولة بنحو 29 % خلال الخمس سنوات الماضية لتسجل بنهاية يوليو الماضي قرابة 2.5 مليون نسمة بالمقارنة مع 1.9 مليون نسمة بنهاية يوليو 2014، وفقا لجهاز التخطيط والإحصاء.
وفي ضوء توجه الدولة الهادف إلى التحول للاقتصاد الرقمي القائم على المعرفة، تواصل وزارة المواصلات والاتصالات العمل بدأب لتأسيس بنية تحتية عالمية للنقل وإنشاء منظومة مواصلات برية وبحرية وجوية ذكية تعمل وفق أحدث التقنيات التكنولوجية الداعة للتنمية المستدامة، وتواكب متطلبات حكومة قطر الذكية، خاصة في ظل تنامي إجمالي مساهمة قطاع المواصلات في الناتج المحلي للدولة إلى نحو 17.2 مليار ريال خلال العام 2017 بالمقارنة مع 10.6 مليار ريال في العام 2013.
وتجلى اهتمام الدولة بقطاع المواصلات بوضوح في مخصصات الموازنة العامة لعام 2019 بتخصيصها ميزانية قدرها 16.4 مليار ريال لقطاع المواصلات والاتصالات أو ما يشكل 7.9 % من إجمالي مصروفات الموازنة، كما تم توفير مخصصات بقيمة 1 مليار ريال لتوسعة وتطوير مطار حمد الدولي ضمن خطة تطوير بتكلفة إجمالية تصل إلى 10 مليارات ريال في إطار جهود الدولة لتوفير أفضل الخدمات في خطوط النقل الجوي، فضلا عن مخصصات أخرى لتنفيذ برنامج قطر للنقل العام والذي من المتوقع أن تصل تكلفته الإجمالية إلى 3 مليارات ريال حتى عام 2021.
إلى جانب ذلك، خصصت الدولة 95 % من استثماراتها الضخمة في البنية التحتية لمشاريع تنظيم قطاع النقل البري، بهدف زيادة طول الطرق السريعة إلى 8500 كيلو متر، وبناء 200 جسر و30 نفقا جديدا بحلول العام 2020.
«5» مشروعات رئيسية
ولا يخفى على أحد ما يشهده النقل البري من طفرة تكنولوجية تراها العين في مختلف أنحاء الدولة يتم تنفيذها بإشراف وزارة المواصلات والاتصالات، التي تعكف حالياً على دراسة وتنفيذ 5 مشروعات رئيسية ضمن استراتيجيتها لمشاركة القطاع الخاص في مشروعات النقل العام، وهي الحافلات الكهربائية، وإنشاء 17 موقعا لبعض مشاريع البنية التحتية للنقل العام، وتشييد 3000 موقف ذكي للحافلات، وتطوير مركز حافلات الخليج الغربي، وتشغيل التاكسي المائي (العبارات البحرية)، فضلا عن خططها لرفع كفاءة أداء واستخدام الحافلات العامة، بالتنسيق مع مواصلات «كروة» مشغل حافلات النقل العام في الدولة، وتطوير شبكة المسارات الحالية، واعتماد مسارات جديدة والبطاقات الذكية في الشراء وإعادة التعبئة، وتطوير وإصدار تطبيق الجوال.
وطبقا لأحدث البيانات الصادرة عن الوزارة، يتم العمل حالياً على تطوير البنية التحتية الداعمة لحافلات النقل العام، بإنشاء 9 محطات ومستودعات للحافلات تعمل بأنظمة ذكية و4 مواقع لمرافق المواقف، واستيراد 627 حافلة كهربائية صديقة للبيئة يتم تشغيلها خلال 2020.
خطط التوسع
وضمن خططها نحو توسيع استخدام التقنيات الذكية في القطاع، تدرس الوزارة قائمة من المشروعات في هذا الإطار أبرزها مشروع تخطيط نقل ذكي ومستدام في الدولة يحدد سياسات استخدام تطبيقات ونماذج ذكية للنقل تشمل شبكة الطرق والحافلات والسكك الحديدية وأنظمة التاكسي والمواقف الذكية، ومشروع النظام المتكامل لأجرة وإصدار تذاكر النقل العام عبر نظام ذكي ومتكامل.
وتضم القائمة مشروعاً يتعلق باستخدام تكنولوجيا (Wi-Fi) على أعمدة إنارة الشوارع لنقل المعلومات لمستخدمي الطرق ووسائل النقل الأخرى، والتحكم الذكي في التشغيل لترشيد الطاقة، بالإضافة إلى مشروع وضع برامج تشغيل وصيانة مستقبلية طويلة المدى للطرق تعتمد على التقنيات الذكية، ومشروع لنظام النقل السريع الأوتوماتيكي (وسيلة نقل ذكية تسير على العجلات في الطرق العادية).
ويعمل قطاع النقل البري في الوزارة مع الجهات ذات العلاقة والمختصة بالدولة على إنجاز عدد من المشاريع لتوفير خدمات إلكترونية لمستخدمي وسائط النقل البري من أبرزها إنشاء نظام إلكتروني متكامل لتراخيص النقل البري، وإنشاء وتطوير نظام فحص إلكتروني ورقابة ذكية للتأكد من التزام المشغلين بالمتطلبات والالتزامات أثناء عملية التشغيل، بالإضافة إلى إنشاء منصة إلكترونية لتنظيم النقل البري ستكون بمثابة أداة ربط بين الجمهور والمشغلين والوزارة توفر معلومات كاملة وواضحة عن عدد الرحلات وحجم الطلب على النقل التجاري للركاب والبضائع، فضلا عن الأجهزة الذكية المثبتة في بعض أنواع المركبات للحفاظ على سلامة السائقين والركاب كجهاز إنذار المسافة عن طريق الراديو وجهاز محدد السرعة، وكاميرات في وسائل نقل الركاب.
وتشمل مشروعات الخدمات الإلكترونية أيضاً نظاماً لقياس جودة أداء خدمات حافلات النقل العام للتأكد من التزام مركبات النقل العام بالخطوط المعتمدة ومدى التزامها بمواعيد وزمن الرحلة، واستخدام التكنولوجيا الذكية وأنظمة المعلومات المبنية على الذكاء الاصطناعي للتقليل من الازدحامات المرورية والحوادث، إلى جانب تقييم مستويات أداء أصول الطرق باستخدام تكنولوجيا متقدمة مثل Point Cloud وأنظمة معلومات حديثة متصلة بشبكة الاتصالات.
الارتقاء بالمواصفات
كما يعمل قطاع النقل البري بالوزارة مع شركائه على تجهيز عدد من الدراسات، والمشاريع، والمبادرات المتعلقة بتحسين كفاءة الطاقة في القطاع بهدف وضع برنامج كفاءة الطاقة لقطاع النقل للمركبات الخفيفة لخفض الانبعاثات الكربونية الضارّة بنسبة 7 % من إجمالي النسبة المستهدفة وهي 17 % عبر كافة القطاعات في قطر بحلول 2022، من أبرزها دراسة الارتقاء بمواصفات الحافلات والشاحنات باستخدام أفضل المعايير الدولية الصديقة للبيئة كمواصفة الوقود (EURO5)، ومشروع استخدام نظام استئجار ومشاركة الدراجات كوسيلة لتوصيل ركاب مترو الدوحة، ووضع الإطار العام لسياسة المركبات الكهربائية والهجينة في الدولة، بهدف تنويع الطاقة وزيادة عدد المركبات الكهربائية والهجينة في قطر إلى 10 % من إجمالي المركبات المستخدمة بحلول 2022.
وأصبح بإمكان المواطن والمقيم والزائر، منذ الثامن من مايو الماضي، استخدام مترو الدوحة في التنقل داخل الدولة، عقب بدء الوزارة التشغيل التجريبي للقسم الأول من الخط الأحمر التابع للمترو في 13 محطة، وطرح «الريل» تطبيق ذكي خاص بخدمات المترو لتشجيع الأفراد على استخدامه.
ونفذت «الوزارة» بالتعاون مع «الريل» و«كروة» خططا لتحقيق التكامل بين وسائل النقل، من توفير شبكة الحافلات المغذية للمترو (مترولينك)، وإطلاق خدمة (مترو إكسبرس) لمستخدمي المترو في الخليج الغربي عبر تطبيق ذكي خاص بها.
ويتصل ترام مدينة لوسيل، الذي يضم 28 تراماً متطوراً، بشبكة مترو الدوحة، وتشمل شبكة الترام التي يتوقع إطلاقها في 2020 عدد 4 خطوط تضم 25 محطة، فيما سيعتمد الترام أنظمة صديقة للبيئة تتعامل مع العوائق المرورية أفضل من الحافلات العامة.
بالإضافة إلى المترو وترام لوسيل، ستنظم الوزارة أيضًا عمل مشاريع نقل مستدام أخرى لا تزال قيد التطوير حاليًا مثل ترام مشيرب وسط الدوحة، وترام المدينة التعليمية.
النقل الجوى
وفي قطاع النقل الجوي بات واضحاً للعيان الخطوات التي قطعها مطار حمد الدولي، رابع أفضل مطار في العالم وفقاً لتصنيف سكاي تراكس العالمية للعام 2019، في رحلته نحو التحول إلى مطار ذكي بالكامل.
وحاليا يلمس المسافر عبر «حمد الدولي»، مدى التحول الذي طرأ على تجربة السفر عبره خاصة في ظل توافر خدمات تسجيل الوصول الذاتي، والدخول والمغادرة عبر البوابات الإلكترونية وغيرها من الخدمات التي تتيح للمسافرين المزيد من القدرة على التحكم في رحلتهم عبر المطار من بدايتها وحتى نهايتها.
وفي نهاية مايو الماضي، أطلق «حمد الدولي»، المرحلة الثانية من برنامجه «المطار الذكي» بالاستعانة بتقنيات التعرف على الوجه عبر البيانات الحيوية الموجودة في جميع النقاط الرئيسية التي يمر بها المسافرون.
ويسهم «المطار الذكي» في تحسين العمليات التشغيلية والاستخدام الأمثل لموارد المطار ومرافقه، وتقديم المعلومات المطلوبة عند اتخاذ القرارات المتعلقة بالسعة المستقبلية لمبنى الركاب وتدفق المسافرين، ما يدعم الخطة التوسعية للمطار الذي يشهد بدء المرحلة الثانية من خطته التوسعية التي تستهدف زيادة المسافرين عبره إلى 53 مليون مسافر سنويا بحلول 2022.
لا يقتصر الأمر فقط على تطور البنية التحتية المتمثلة في مطار حمد الدولي عند الحديث عن صناعة النقل الجوي، بل يمتد ليشمل التجهيزات المتطورة لأسطول الخطوط الجوية القطرية التي تتخد من «حمد الدولي» مقراً رئيسياً لعملياتها باتجاه 164 وجهة عالمية، والتي تعتمد حالياً على أسطول حديث يضم 250 طائرة متطورة مجهزة بأحدث تقنيات ووسائل التكنولوجيا الأكثر تطوراً في المجال، حيث تضم طائرات «القطرية» نظام «أوريكس ون للاتصالات»، الذي يمكن المسافر من البقاء متصلا بالإنترنت عن طريق خدمة (On Air) وبوصولها لارتفاع أكثر من 10 آلاف قدم، يمكن استخدام الأجهزة الإلكترونية المحمولة وتصفح الإنترنت للبقاء على اتصال بكل من على سطح الأرض، كما يتوفر اتصال (Wi-Fi) من خلال شبكة «أوريكس ون» على متنها.
النقل البحري
وعلى صعيد النقل البحري، خلال فترة وجيزة بات ميناء حمد الذي بدأت عملياته التشغيلية في ديسمبر 2016، وافتتح رسمياً في سبتمبر 2017، مرتبطاً بنحو 50 ميناء إقليمياً وعالمياً في 3 قارات عبر 28 خدمة ملاحية مباشرة، بفضل تجهيزه بأحدث الحلول والتقنيات الذكية في صناعة النقل البحري، والتي أسهمت- وفقا للتخطيط والاحصاء- في العام 2017 بنحو 3.5 مليار ريال في الناتج المحلي للدولة بنمو ناهز 10 % مقارنة مع العام 2013.
وتولي الوزارة لمشروع ميناء حمد أهمية خاصة باعتباره ركيزة خطط تطوير قطاع النقل البحري، حيث تم تزويده بأحدث التقنيات الذكية المتبعة في تشغيل الموانئ، كان آخرها (نافس إن 4) وهو النظام التشغيلي لمحطة الحاويات رقم (1)، والذي تم ربطه بنظام نافذة قطر الموحدة للتخليص الجمركي (النديب) لتسريع الإجراءات، ونظام (بي سي إس) لربط جميع أصحاب المصلحة داخل الميناء وتسهيل خدمات التخزين في المحطة.
وتشرف الوزارة حالياً بالتعاون مع الجهات التابعة لها، على تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع ميناء حمد، والتي تعد محطة الحاويات رقم 2 (CT2) التي ستكون آلية بالكامل، إحدى أبرز ركائزها والمتوقع انتهائها في 2021.
ومن المخطط ان يتم تزويد محطة الحاويات 2 بأحدث رافعات الحاويات من السفن إلى الرصيف، وبطاريات العربات الموجهة آليا AGV التي تمتاز بقدرتها على الشحن السريع مع الأذرع الروبوتية في ساحة المحطة، وستكون جميع البوابات أوتوماتيكية، كما ترتبط بأنظمة التشغيل وتبادل البيانات الإلكترونية.
وتخضع موانئ بحرية أخرى بالدولة لأعمال تحديث شاملة أبرزها ميناء الرويس، الذي يجري الانتهاء من المرحلة الثالثة والأخيرة من تطويره والتي تضم توسعة وتعميق أحواض الميناء إلى 10 أمتار، وتوسعة الحوض ومد رصيف السفن، ليواكب بذلك الميناء، المعايير والمواصفات العالمية المطلوبة لاستقبال مختلف أنواع السفن.
ويجري تحويل ميناء الدوحة، إلى محطة استقبال وانطلاق رئيسية للبواخر السياحية، ضمن عملية تطوير تكلف 550 مليون دولار، فيما تعتزم الوزارة بدء تشغيل مشروع خدمات العبارات البحرية كجزء من شبكة النقل المتكاملة.
وتشرف الوزارة على مشروع آخر هو المراسي الذكية الذي يتوقع الانتهاء منه في 2020، ويهدف لتنفيذ 1000 موقف ذكي وصديق للبيئة لرسو المراكب الخاصة في مرافئ موزعة على 4 مناطق هي الوكرة والخور والذخيرة والرويس، وفق أحدث النظم والمعايير العالمية الصديقة للبيئة.
ويعمل القطاع على ميكنة وأتمتة جميع الخدمات الخاصة به، اذ أطلقت الوزارة مؤخراً ضمن تطبيقها الإلكتروني 25 خدمة إلكترونية جديدة تختص بالسفن الصغيرة والكبيرة، ووفرت بمبناها جهازاً للخدمة الذاتية لشراء وتجديد تأمين المسؤولية تجاه الغير للوسائط البحرية الخاصة أو التجارية، فيما تعمل حاليا على توفير مثل هذه الخدمات لمكاتبها الخارجية في الخور والرويس.
copy short url   نسخ
23/09/2019
1694