+ A
A -
كتب - محمد حربي
وصف الدكتور محمد هنيد، أستاذ العلاقات الدولية في باريس، زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى – حفظه الله – إلى الجمهورية الفرنسية، أنها تأتي في إطار تتويج مسيرة طويلة في العلاقات والتعاون المشترك بين دولة قطر، وفرنسا، وتتسم بالخصوصية، منذ سنوات،
ولا سيما إبان فترة حكم صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، حتى اليوم، مما يعني أنها في حالة نسق تواصل، في العلاقة، التي ترتكز في الأساس على شراكات كثيرة، منها: السياسية، والاقتصادية، فضلا عن التقارب في الرؤى بشأن العديد من قضايا المنطقة.
وقال الدكتور محمد هنيد، إن الفرنسيين ينظرون إلى العلاقات بين دولة قطر، وجمهورية فرنسا أنها استراتيجية، وتحظى بثقتهم، لعدة أسباب مختلفة، أهمها: استقرار البنية السياسية، والرؤية القطرية، بمعنى أن سياساتها لم تشهد اهتزازات إزاء القضايا الإقليمية والعربية، كما هو الحال بالنسبة لمثيلاتها في المنطقة، وعلى وجه الخصوص خليجيا، ومثال على ذلك، ما حدث في المملكة العربية السعودية، والإمارات، وغيرهما من دول المنطقة.
وأوضح د. هنيد، أنه من العوامل التي تعزز ثقة الفرنسيين في استراتيجية العلاقات مع دولة قطر، الشراكة القطرية – الفرنسية الهامة، سواء على جانب التسليح، من خلال الصفقات التي أبرمتها فرنسا مع دولة قطر، وأبرزها صفقة طائرات رافال، وأيضا الجانب اللوجستي، ومحاربة ومكافحة الإرهاب، وحماية واستقرار أمن المنطقة، والتوازن السياسي فيها، وتبادل الخبرات بين الجانبين، لما له من أهمية بين الدوحة وباريس. وأشار إلى أن أهمية دولة قطر، كشريك استراتيجي لفرنسا في المنطقة، يأتي أساسا، من منطلق ما تتميز به وجهة النظر القطرية، بالنسبة للصراعات.
أضافة إلى أنه توجد هناك نقطة أخرى، فيما يتعلق بنظرة الفرنسيين لاستراتيجية الشراكة مع دولة قطر، هو الحضور القطري الفاعل، في قضايا عربية هامة، مثل القضية الفلسطينية، والصراع العربي – الإسرائيلي، والمساعدات القطرية، لقطاع غزة، وتقديم الدعم الإغاثي، والإنساني للفلسطينيين، وكذلك الوقوف إلى جانب حكومة فلسطين في رام الله، وكانت الدوحة حلقة الوصل مع الجانب الأوروبي، ونقل رساله، الرافضة لوضع حركة حماس على قائمة الإرهاب، وغير ذلك.
أيضا، نجحت الدبلوماسية القطرية، في الحفاظ على علاقات طيبة، مع لاعبين إقليميين فاعلين، ومهمين، سواء فيما يتعلق بالملف اليمني، أو السوري، مما يجعل الدوحة، محطة مهمة في دعم الجهود الدولية، لإيجاد الحلول للمنطقة، ويكون الدور القطري عامل استقرار.
مشددا على أنه، ينبغي عدم إغفال الدور الذي أصبحت تلعبه الدوحة في المنطقة، من خلال دبلوماسية الوساطة القطرية، ودورها في حل كثير من الملفات، والقاضايا حتى الشائك منها، كما هو في ملف مفاوضات حركة طالبان، مع الولايات المتحدة الأميركية، لاسيما أن لفرنسا قوات موجودة في أفغانستان، وكذلك الحضور الفرنسي في مناطق النزاعات والصراعات، كما هو الحال في منطقة القرن الإفريقي، وبالتالي تظل بحاجة إلى لاعب فاعل، ووسيط له قبول هناك، وهذا يتوافر في الجانب القطري، الذي لديه القدرة للقيام بذلك.
وحول توقيت الزيارة، أكد الدكتور محمد هنيد، أنه له أهميته الكبيرة، وذلك يرجع إلى أن فرنسا خاصة، وأوروبا بشكل عام، تعاني من تحديات كبيرة، والحاجة ذلك إلى بناء شراكة استراتيجية، لا تعتمد فقط، على العامل السياسي، بل على الجانب الاقتصادي، لتأثيره في تحقيق هدفها.
وأضاف، أن زيارة حضرة صاحب السمو، أمير البلاد المفدى، تحظى باهتمام صحفي، وإعلامي كبير، بسبب طبيعة العلاقات التاريخية بين قطر وفرنسا، وطبيعة الاستثمارات القطرية في الجمهورية الفرنسية، وبناء مشاريع شراكة بين الجانبين، تفرضها الأزمة الاقتصادية التي يعيشها الفرنسيون، وحاجتهم إلى مستثمرين عرب، وهم يثقون كثيرا بالمستثمرين القطريين.
وأوضح د. هنيد، أن صورة دولة قطر في عيون الإعلام الفرنسي، اصبحت أكثر وضوحا، بعد أن ثبت للفرنسيين كذب وافتراءات الحملات الإعلامية المأجورة، لتشويه صورة القطريين، ومن ثم النظرة للدور القطري، كشريك شرق أوسطي مثالي للجمهورية الفرنسية، يمكن الوثوق به، ليس من حيث طبيعة الاستثمارات وضخامتها، ولكن من حيث استقرار وثبات هذه العلاقة، وهذه الخاصية له أهميتها، لأنها تعطي رسائل اطمئنان في التعامل بين الدول وبعضها.
وأضاف أنه من بين العوامل التي تعزز من رؤية الفرنسيين لدولة قطر، كشريك استراتيجي موثوق فيه، هو حنكة وذكاء الدبلوماسية القطرية، في التعامل مع الأزمات، ولا سيما أزمة الحصار، والنجاح القطري في امتصاص هذه الصدمة، وتحويلها إلى فرصة لإثبات صلابة الإرادة، وتلاحم الشعب بجانب قيادته، وسيمفونية الوفاء التي عزفها المواطنون مع المقيمين، للصمود والتحدي.
copy short url   نسخ
19/09/2019
454