+ A
A -
أدهم شرقاوي
في مثل هذا اليوم من العام 1858م وُلد «شارل دوفوكو»، ولمن لا يعرفه فهو راهب وقسيس كاثوليكي فرنسي، عاشَ فترة من عمره في الصحراء الكبرى بين قبائل الطوارق!
أحد عشر عاماً قضاها هناك، داعياً إلى النصرانية، مُحاوِلاً أن يُثني الناس عن دينهم، ولكنّه لم يستطِع أن يُقنع طارقيّ واحد بتركِ الإسلام، حتى العجوز التي كانت تخدمه لقاء مُرتّب مرموق، قالتْ له يوماً: أنتَ رجل طيب ومليح وخسارة أن تموت كافراً!
ذكّرتني هذه القصة بالمُبشِّرين الذين أتوا إلى إحدى قُرى الصّعيد في مصر، فبنوا للنّاس مدرسةً ومُستوصفاً، واشتروا لهم الثياب والهدايا، طمعاً في ردِّهم عن دينهم، وفي يوم الاحتفال لافتتاحِ المُستوصف كان الناس يتحدّثون بصوتٍ عالٍ ولم يستطعْ القِس الأكبر أن يُسكتهم، فقال له العمدة: مش كده حضرتك!
ثم قامَ وقال بأعلى صوته: صلُّوا على رسول الله! فقالوا بصوت واحد: اللهم صلِّ على مُحمّد وآل مِحمّد! وعمَّ الصمت وخيَّم الهدوء!
هذه أُمّة زرع فيها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بذرة تنمو داخل القلب، تتشعّب في الجسد كله، ترى الرجل منّا لا يعرف كيف يخُطُّ حرفاً، ولا يكتب جُملة، لا يعرف شيئاً عن العالم حوله، ولكن اذكرْ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أمامه حتى تجده فيلسوفاً في الحب، حبْراً في الاتباع! وترى المرأة لا تعرف من الفِقه إلا الوضوء والصّلاة، مُنحنِية على عكازها، فيها رمق من حياة، حدِّثها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فكأنّك نفختَ فيها روحاً جديدة!
كل هذا ليس مُبرِّراً أن لا نلتفت لفُقراء المسلمين وضُعفائهم وحاجاتهم الدنيوية، إنّما نذكره من باب عظمة هذا الدين، ولكنّه دين دنيا وآخرة معاً!
بقلم: أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
15/09/2019
804