+ A
A -
حوار - محمد الجعبري
المعلمة القطرية جميلة الشمري تعتبر أقدم معلمة قطرية في أكاديمية قطر-الدوحة، حيث جاء امتهانها لمهنة التدريس من منطلق حبها للمهنة ولوطنها، والتي ترى أن السبيل لرفعة هذه الأرض هو تربية جيل جديد من الشباب والفتيات محب لوطنه ويأخذ بأحدث ما وصل إليه العلم الحديث في جميع العلوم وجميع التخصصات.
حيث تؤكد المعلمة جميلة الشمري أن ما شجعها على امتهان مهنة التدريس في تخصص اللغة العربية، هو تحفيز أساتذتي الذين دفعوني نحو هذا المجال؛ لثقتهم بكون التعليم هو المجال الأكثر تناسبًا مع تفكيري الأكاديمي وشخصيتي الاجتماعية، وبالتالي الأكثر قدرة على إطلاق إمكانياتي وقدراتي.
قائلة: المدرسة وسّعت خبراتي وصقلت مهاراتي في التعامل مع الطلبة وأولياء الأمور، كما تم ترشيحي من قبلها لإعداد المناهج، إلى أن شعرت بالرغبة في تطوير خبراتي والتوجه نحو التعليم العالمي الدولي.. وإلى نص الحوار:
المسار المهني
} بداية، ما الذي دفعك لأن تختاري مجال التعليم؟
بعد حصولي على درجة البكالوريوس باللغة العربية، لم يكن مخططي أن أدخل مجال التعليم تحديدًا، نظرًا لأن تخصص اللغة العربية يتيح مجالات عمل واسعة في الدولة، لكن ما شجعني على ذلك، هو تحفيز أساتذتي، حيث دفعوني نحو هذا المجال؛ لثقتهم بكون التعليم هو المجال الأكثر تناسبًا مع تفكيري الأكاديمي وشخصيتي الاجتماعية، وبالتالي الأكثر قدرة على إطلاق إمكانياتي وقدراتي.
وبما أن رغبتي كانت دائمًا أن أقدم شيئا مختلفًا أنفع من خلاله مجتمعي، فقد توجهت بعد تخرجي من الجامعة مباشرة إلى التعليم.
} كأقدم معلمة قطرية في أكاديمية قطر-الدوحة في الوقت الحالي، كيف بدأ مسارك المهني، وصولًا إلى مدارس مؤسسة قطر؟
بعد التخرج، قمت بالتدريس لمدة 3 سنوات في مدرسة الوجبة الإعدادية، وهي المدرسة التي وسّعت خبراتي وصقلت مهاراتي في التعامل مع الطلبة وأولياء الأمور، كما تم ترشيحي من قبلها لإعداد المناهج، إلى أن شعرت بالرغبة في تطوير خبراتي والتوجه نحو التعليم العالمي الدولي.
وفي العام 2010، ومع الإنجازات الأكاديمية التي حققتها مدارس مؤسسة قطر وتوسعها عامًا بعد عام، بما يتزامن مع رغبتي في اكتساب تجربة جديدة تمزج بين إمكانيتنا الوطنية وتطلعاتنا العالمية، تقدمت إلى أكاديمية قطر- الدوحة، التي تعمل تحت مظلة التعليم ما قبل الجامعي بمؤسسة قطر، وتم الترحيب بي ودعمي، واستمر ذلك على مدار الأعوام اللاحقة، مما صقل تجربتي وعزز ثقتي بقدراتي التعليمية والبحثية، وذلك من خلال التدريس والأبحاث والأنشطة التي كنت أشارك بها.
البيئة التعليمية
} ما الذي يميز مدارس مؤسسة قطر كبيئة تعليمية وتعلّمية؟
تختلف الرؤية التي تقدمها مدارس مؤسسة قطر عن غيرها من المدارس، حيث تعتبر أكثر شمولية بالنسبة للمعلم والطالب، فالمعلمون هنا ينتمون إلى بلدان مختلفة حول العالم، قدموا منها محمّلين برؤى وأساليب وأفكار تعليمية مختلفة، حيث يتم تقديم هذه الرؤى وسط بيئة من التواصل والمشاركة، وبما يتناسب مع ثقافة البلد ومنهاجه التعليمي، وذلك من شأنه أن يفتح آفاقًا واسعة أمام الطلاب والمعلمين على حد سواء، ما يثري تجربتهم الأكاديمية ويعزز مهاراتهم وقدراتهم على تلقي المعلومات بأسلوب منفتح وواعٍ.
كما تتميز مدارس مؤسسة قطر بالدورة التعليمية الشاملة، والتي يُعتبر فيها التعليم ما قبل الأساس هو حجر الأساس، بحيث ينتهي الطالب من التعليم ما قبل الجامعي، لينتقل إلى مرحلة التعليم العالمي، والبحوث والابتكار.
كما تعتمد على المنهج الإبداعي في مركز التعليم المبكر، وتعمل على تشجيع الطلاب على الابتكار وأخذ زمام المبادرة في تعلمهم والتفكير بتطوير الذات، خلال كافة المراحل التعليمية.
} كيف صقلت مؤسسة قطر تجربتك الأكاديمية والتعليمية والبحثية؟
لقد صقلت تجربتي في أكاديمية قطر- الدوحة مهاراتي التعليمية والبحثية كذلك، فمؤسسة قطر تقوم على مبدأ إطلاق قدرات الإنسان، وهي تؤمن أن التعليم هو رحلة لمدى الحياة، مما يمكنّ جميع أفراد مجتمعها ومن بينهم المعلمين، من التعلم المستمر.
ومن هنا توفرت لي فرصة القيام بالأبحاث التربوية في مساري التعليمي، فقد شاركت في برامج عديدة تهدف إلى تعزيز اللغة العربية، من بينها «عربيتي» و«سراج»، كما شاركت في إعداد مناهج تدريس الدراسات العربية والإسلامية في المؤسسة. فكل عام، كنت أتعلم وأكتشف شيئا جديدًا يوسع مداركي، هذا بالإضافة إلى متابعة دراستي الأكاديمية بهدف الحصول على شهادة الماجستير في مجال الإدارة التربوية.
تعزيز اللغة العربية
} تدّرسين اللغة العربية منذ انضمامك إلى مهنة التعليم، أخبرينا عن المكانة التي تحتلها هذه اللغة لديك؟
منذ كنت طالبة في مرحلة دراستي المبكرة، اتخذت اللغة العربية مكانة خاصة لدي، حيث كنت من المتفوقات دائمًا في موادها، وكنت أستمتع بقراءة النصوص العربية وتحليلها، وأذكر أن والدي كان يُزوّدني بدواوين شعرية جعلتني أتذوق جمالية هذه اللغة، وأدرك قيمتها.
وكيف تحرصين من خلال التدريس وابتكار برامج هادفة في الأكاديمية على تعزيز العربية لدى طلابك؟
إن التحديات التي تواجه تعليم اللغة العربية في قطر ودول المنطقة العربية، والناجمة عن عوامل عديدة مثل الثورة التكنولوجية، والانتشار الأوسع للإنجليزية، تدفعنا إلى مضاعفة جهودنا في توعية الطلاب حول أهمية لغتهم الأم، وذلك عبر تنمية شغفهم تجاهها، باستخدام وسائل تعليمية مرِنة وسهلة الاستيعاب.
ويعدّ برنامج«عربيّتي»، والذي أطلق بالتعاون مع جامعة كارنيجي ميلون في قطر، إحدى الجامعات الشريكة لمؤسسة قطر، ثمرة لجهود مؤسسة قطر الرامية إلى تنمية مهارات الطلاب في اللغة العربية، وهو يهدف إلى مساعدة طلاب المدارس الابتدائية في تعلم القراءة والكتابة باللغة العربية الفصحى من خلال البرامج والألعاب التفاعلية.
كما أن برنامج «سراج»، إحدى مبادرات مؤسسة قطر، يعد مثالًا آخر على هذه الجهود، حيث يهدف هذا التطبيق الترفيهي ثلاثي الأبعاد إلى مساعدة الأطفال في تعلم اللغة العربية بأسلوب ممتع وشائق.
العودة إلى المدارس
} العودة إلى المدرسة، بعد عطلة الصيف، والالتقاء بالطلاب القدامى والجدد، ماذا يعني لك ذلك؟
يشعرني ذلك بالسعادة، حيث أشتاق لطلابي القدامى الذين يسرعون نحوي لدى رؤيتي في اليوم الأول ويعبرون عن اشتياقهم لي وللمدرسة، كما أن اللقاء بالطلاب الجدد يعني التعرف على أطفال بقدرات وطبائع مختلفة، ما يولّد لدي الفضول لاكتشاف مهاراتهم والعمل على تطويرها على مدار العام.
وخلال الحصص الدراسية الأولى بعد الصيف، أشجع الطلاب على مشاركة زملائهم التجارب التي مروا بها خلال العطلة، وما يجول في خواطرهم حول العام الحالي، وأي مخاوف قد تساورهم، فالعلاقة بين المعلم والطالب هي علاقة تواصل وتفاعل، والمعلم هو داعم تربوي ونفسي أيضًا لطلابه.
التعليم رسالة
} ما هي الصفات التي تميز شخصية المعلم، والتي يشترط توفرها في أي فرد يختار هذا المسار الوظيفي؟
التعليم هو رسالة، لذلك لا بد أن يكون للمعلم هدف محدد وواضح، وهو بأن يقدم خدمة لأبناء مجتمعه عبر التعليم، بحيث يجعلهم مواطنين فاعلين ومسؤولين.
كما يفترض بالمعلم أن يكون قادرًا على تحديد قدرات وإمكانيات كل طالب، بحيث يتعامل معه وفقًا لهذه القدرات، أي كفرد مستقل يمتلك شخصية وكيانًا خاصًا، وأن يقوم باحتواء الطالب ومراعاته وتقديم الدعم اللازم له.
ويعّد حب المهنة أيضًا معيارًا لنجاح المعلم، فالشغف يقودنا نحو التميز، والتميز هو طريقنا للإبداع والابتكار، وهي العناصر التي تقع في صميم ما نقوم به كمعلمين في مدارس مؤسسة قطر، حيث نسعى لأن نقدم المعلومات بأسلوب مبتكر ومرِن وبعيد عن الطرق النمطية.
} كيف يسهم تعليم الآخرين في الارتقاء بتجربة المعلم التربوية والانسانية في آن؟
يمنح التعليم الذي يقوم على تنمية معارف وخبرات الطالب المعلّم شعورًا بأهمية دوره كمربٍ للأجيال، ما يضعه في موقع مسؤولية كبيرة تحتّم عليه أن يكون متمكنًا وكفؤًا ومحبًا لمهنته، كي يؤدي رسالته بكل أمانة.
تحديات
} ما هي النصيحة التي توجهينها لكل من يفكر في خوض غمار التعليم كمهنة؟ وهل تشجعين القطريات على هذا التوجه؟
من دون شك، يعدّ التعليم من أكثر المهن تأثيرًا في بناء المجتمعات، فالمعلم هو مربٍ يشرف على جيل بأكمله، ويعدّه لمواجهة تحديات الحياة، ما يجعل لهذه المهنة بعدًا إنسانيًا راقيًا.
في الواقع، يؤثر التعليم في بناء شخصية المعلم بشكل كبير، يثريه فكريًا، ويصقل مهاراته في التواصل مع مختلف الفئات من أولياء أمور، وطلاب، ومعلمين، كما يعلّمه الصبر، حيث يتواصل مع أطفال يحضرون يوميًا إلى المدرسة، لدى بعضهم تحديات معينة، توجب المرونة والحكمة في التعامل.
كما يحفز التعليم المعلّم على ابتكار أساليب تربوية مبدعة تنّمي حب المعرفة لدى طلابه، ما يجعل مهنته متجددة وحيوية، ولا تخلو من المتعة كذلك.
لذا، فأنا أشجع القطريات على الدخول في مجال التعليم، لما لهذه المهنة من انعكاسات إيجابية عليهن، وعلى المجتمع بأكمله.
} وما هي أبرز التحديات التي تواجهينها باستمرار كتربوية، وكيف تتغلبين عليها؟
لا تخلو مهنتي من التحديات، أبرزها الابتكار كعنصر رئيسي في عملية التعليم، لأن تنوع الطلاب من ناحية الأعمار والقدرات والإمكانيات يفرض على المعلم أن يبتكر أساليب جديدة لنقل المعلومات للجميع وبعيدًا عن التكرار.
وهذا ما أركز عليه منذ بداية مسيرتي التربوية، حيث أحرص على التدريس بأساليب متجددة تقوم على النقاش والتواصل وتتلاءم مع البيئة الديناميكية التي تتميز بها مؤسسة قطر، بهدف الارتقاء بعقول أبنائنا وجعلهم مواطنين فاعلين في مجتمعاتهم.
} هل تلتمسين أي رغبة لدى طلابك بأن يُصبحوا معلمين وأساتذة في المستقبل؟
أفتخر أن نسبة كبيرة من طلابي، والفتيات تحديدًا، يرغبن في أن يصبحن معلمات في المستقبل، وخلال اختبار أجريته للطلاب في السابق، تبين أنهم يميلون لتدريس اللغة العربية بشكل أكبر من الإنجليزية.
} ما هو الهدف الأسمى الذي تسعين إلى تحقيقه من التعليم بشكل عام، في مدرسة تابعة لمؤسسة قطر بشكل خاص؟
لقد تمكنت، حتى اليوم، من تحقيق إنجازات عديدة في مجالي، ولعل أكثر ما أعتز به هو الشباب المتفوقون الذين كانوا يومًا ما طلابًا لي، حيث حققوا ما كنت أتوقعه لهم.
المعلمة هي بمثابة أم لطلابها، تدرك مواطن قوتهم وتتوقع نجاحهم المستقبلي بشكل مسبق، وهذا الأمر يدفعني لأن أعطي المزيد، حيث أعمل على تحسين طرق التعليم وتقديم وسائل مبتكرة من شأنها أن تعزز تجربتنا التعليمية في مؤسسة قطر، وفي دولة قطر.
copy short url   نسخ
05/09/2019
4563