+ A
A -
كتب- سعيد حبيب
توقع تقرير صادر عن شركة برايس ووتر هاوس كوبرز «بي دبليو سي» البريطانية استمرار زخم النمو القوي للاقتصاد القطري في 2019 على وقع حزمة من محفزات النمو أبرزها المؤشرات التي تكشف عن تجاوز الاقتصاد لتداعيات الحصار ومواصلته مسيرة النمو والارتفاع الملحوظ في أسعار النفط وعودة الثقة سريعا إلى النظامين المالي والمصرفي واستمرار جهود التنويع الاقتصادي والتي أسفرت عن ارتفاع معدلات نمو القطاع غير النفطي من مستوى بلغ 3.8 % في 2017 إلى مستوى 4.7 % في 2018 علاوة على نشاط قطاعي البناء والصناعة والطفرة التي تشهدها الدولة في قطاع السياحة وأخيرا مشروع توسعة حقل الشمال ورفع وكالات التصنيف العالمية «موديز» و«فيتش» و«ستاندرد اند بورز» نظرتها المستقبلية للتصنيف السيادي للدولة وانتعاش البورصة القطرية.
وفي التفاصيل يرجح التقرير تضاعف معدلات النمو الاقتصادي لدولة قطر (معدل الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي) من مستوى 1.4 % في 2018 إلى مستوى 2.9 % في 2019 ويعكس ذلك بوضوح قوة الاقتصاد القطري نتيجة التطور الكبير الذي يشهده حيث يباشر القطاع النفطي (قطاع الهيدروكربونات) تنفيذ حزمة من المشاريع الواعدة أبرزها توسعة حقل الشمال عبر رفع الطاقة الانتاجية من الغاز الطبيعي المسال من 77 مليون طن سنويا إلى 110 ملايين طن سنويا بحلول نهاية 2023 أو مطلع 2024.
وطرحت «قطر للبترول» مؤخرا عطاءات لاستدراج عروض لبناء ناقلات الغاز الطبيعي المسال التي توفّر في البداية 60 ناقلة، لدعم مشروع توسعة إنتاج الغاز من حقل الشمال، مع إمكانية تجاوز 100 ناقلة جديدة خلال العقد المقبل كما طرحت أيضا «قطر للبترول» مناقصة لاستدراج عروض لأعمال الهندسة والتوريدات والبناء المتعلقة بتوسيع المرافق المشتركة لتخزين وتحميل وتصدير الغاز الطبيعي المسال لمشروع توسعة حقل الشمال وقد تم إصدار دعوة العطاءات لأفضل الشركات العالمية في هذا المجال، حيث تتضمن أعمال الهندسة والتوريدات والبناء لثلاثة خزانات للغاز الطبيعي المسال، وضواغط لاسترجاع الغاز المتبخر أثناء عملية التخزين والشحن، وخطوط أنابيب الغاز الطبيعي المسال من خطوط الإنتاج إلى منطقة التخزين، ورصيفين إضافيين لتحميل الغاز الطبيعي المسال مع إمكانية إضافة رصيف ثالث، وخطوط التحميل والإرجاع المتعلقة به.
حقل الشاهين
وترى «بي دبليو سي» أنه بالإضافة إلى تسارع العمل على مشروع توسعة حقل الشمال فإن استثمارات شركة توتال الفرنسية في تطوير حقل الشاهين النفطي ستساهم في تطويره بشكل كبير حيث تم إنجاز عملية نقل مهام تشغيل حقل الشاهين من شركة ميرسك إلى شركة نفط الشمال والتي تم تأسيسها بموجب اتفاقية شراكة بين قطر للبترول (70 %) وشركة توتال الفرنسية (30 %) علماً أن شركة نفط الشمال هي مشروع مشترك بين مؤسستين مشهورتين عالمياً وهما شركتا قطر للبترول وتوتال. وتهدف الشركة إلى تنمية ومضاعفة نسبة إنتاج النفط في حقل الشاهين على مدى السنوات الـ25 القادمة فيما تستهدف «نفط الشمال» حفر 3 منصات بحرية وحفر أكثر من 100 بئر على مدى السنوات الخمس المقبلة من أجل تحقيق الاستفادة المثلى من هذا الحقل النفطي العملاق.
وترصد «بي دبليو سي» آفاقا أوسع لنمو قطاع الغاز القطري حيث إنه تجرى ترتيبات لتشغيل مشروع برزان للغاز الطبيعي الذي تبلغ تكلفته نحو 10 مليارات دولار ولا يقتصر الأمر عند قطاع الطاقة فحسب وإنما يشمل حزمة مبادرات ستنعكس إيجابا على الاقتصاد القطري أبرزها: مبادرة توطين التي أطلقتها «قطر للبترول» بهدف تعزيز توطين سلسلة الإمداد في القطاع، وزيادة قاعدته من مؤسسات القطاع الخاص الصغيرة والمتوسطة بمشاركة واسعة من العديد من الجهات والمؤسسات الرسمية، وشركات قطاع الطاقة، وشركات تقديم الخدمات والصناعات المساندة، حيث يستهدف برنامج «توطين» إلى تعزيز مرونة سلسلة الإمداد، والحفاظ على القيمة الاقتصادية داخل دولة قطر من خلال خلق حوالي 100 فرصة استثمارية جديدة في قطاع الطاقة، والتي من المتوقع أن تضيف بدائل للاستيراد بقيمة 8 مليارات ريال قطري سنويا، بالإضافة إلى إتاحة أكثر من 5000 وظيفة جديدة عالية المستوى.
قطاع السياحة
وأضافت أن قطاع السياحة القطري يشهد أيضا نموا من خانتين بفضل جهود التطوير المستمرة حيث سجلت تدفقات السياحة الواردة إلى قطر في النصف الأول من العام الجاري نموا على أساس سنوى بواقع 11.5 % إلى مستوى 1.05 مليون زائر مقارنة مع مستوى بلغ 944.7 مليون زائر في الفترة ذاتها من العام الماضي واستفاد قطاع السياحة كثيرا من الطفرة التي تشهدها السياحة البحرية حيث تكشف بيانات مواني قطر عن استقبال ميناء الدوحة خلال موسم السياحة البحرية 2018/‏‏‏‏‏‏ ‏2019، نحو 144.7 ألف زائراً بين سائح وطاقم وذلك على متن 44 باخرة سياحية بنمو 120% مقارنة بنتائج العام الماضي، ما يؤكد دور الميناء في تعزيز عائدات السياحة البحرية وتحويل قطر لمركز رئيسي لرحلات البواخر في المنطقة.
وتشير «مواني قطر» التي تدير وتشغل موانئ حمد والدوحة والرويس، إلى أن ذلك النجاح يؤكد دور الميناء الهام في تعزيز عوائد السياحة البحرية وتحويل قطر لمركز رئيسي للرحلات السياحية في المنطقة. ويتوقع المجلس الوطني للسياحة، بلوغ عدد الزائرين لقطر عبر السياحة البحرية حوالي 200 ألف زائر خلال موسم «2019 - 2020»، و300 ألف زائر بحلول موسم «2021-2022» وبمجرد الانتهاء من جميع المشاريع الخاصة بتنمية قطاع السياحة البحرية، فإن القطاع سيجتذب أكثر من 500 ألف زائر إلى قطر ويحقق إيرادات قدرها 350 مليون ريال (96 مليون دولار) سنوياً بحلول العام 2026.
تشريعات مرنة
وترى «بي دبليو سي» أن قطر تشهد تطورا كبيرا على مستوى التشريعات والقرارات التي عززت المرونة الاقتصادية وتحفز استقطاب الاستثمارات الأجنبية والتي شملت إعفاء مواطني 80 دولة من تأشيرة الدخول وتسهيل إجراءات استخراج الرخص التجارية وقانون تنظيم استثمار رأس المال غير القطري في النشاط الاقتصادي والذي بفتح المجال للاستثمار الأجنبي بنسبة تملك 100 % في جميع القطاعات، وإجراء التعديلات على قانون المناطق الحرة وهو ما يدعم بيئة الأعمال إلى جانب مشروع قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص وهو قيد الإنجاز حاليا وقانون بشأن تنظيم تملك غير القطريين للعقارات والانتفاع بها ولأن النمو الاقتصادي يستدعي أيضا نموا تكنولوجياً فإن دولة قطر تشهد تطورا كبيرا في قطاع التكنولوجيا حيث تتنافس كل من شركتي «OOREDOO» و«فودافون قطر» لتعزيز خدماتهما من شبكة الجيل الخامس 5G الأمر الذي سيضمن لدولة قطر الريادة في تقنية الجيل الخامس 5G على مستوى العالم كما يصب في النهاية لصالح العملاء الذين يستفيدون من جودة الخدمات وتكلفتها أيضا مما يطور قطاع الاتصالات الوطني ويضعه في المقدمة.
الجيل الخامس
ويتوقع التقرير طرح خدمات الجيل الخامس 5G في قطر بنهاية 2019 فيما تتمثل أبرز مزاياها في إمكانية الاتصال السريع، مع سرعات تحميل أعلى بكثير قياساً بالأجيال السابقة، وسعة أكبر، وفترة تأخير أفضل مما توفره أنظمة الاتصالات الجوالة المستخدمة حالياً. كما ستوفر الشبكة الجديدة عدة مزايا لم تكن متوافرة في الجيل السابق من تكنولوجيا الاتصالات الجوالة، مما سيلبي تطلعات الشركات والأفراد ومن المقرر أن تعزز تكنولوجيا 5G التطبيقات الجديدة لصالح العملاء مثل خدمات الرعاية الصحية عن بعد، والسيارات ذاتية القيادة، فضلا عن تطوير طريقة عمل القطاعات، إضافة إلى إمكانية تعزيز الواقع الافتراضي وإنترنت الاشياء، واستفادة قطاعات التصنيع والطاقة والزراعة والمرافق العامة والنقل والخدمات المالية وغيرها.
البناء والبورصة
وبحسب «بي دبليو سي» فإن قطاع البناء والتشييد سجل نموا من خانتين في قطر بواقع 11.6 % في 2018 وهو معدل قياسي بفضل زخم الإنفاق الكبير على المشاريع التنموية الكبرى ومشاريع كأس العالم 2022 أما قطاع الصناعة فسجل نموا بواقع 6.2 % بفضل جهود الدولة في دعم خطط الاكتفاء الذاتي وتعزيز الاستقلالية الاقتصادية في أعقاب الحصار المفروض على الدولة منذ الخامس من يونيو 2017 وخلال 2018 حققت البورصة القطرية المرتبة الأولى في قائمة أكثر الأسواق مكاسب بارتفاع مؤشرها بنسبة 20.83 % وحلت أيضا بالمرتبة الأولى خليجيا من حيث استقطاب الاستثمارات الأجنبية ببلوغ التدفقات الأجنبية الواردة إلى بورصة قطر مستوى 2.46 مليار دولار فيما جاء السوق السعودي في المرتبة الثانية بتدفقات أجنبية واردة بلغت 794 مليون دولار فقط وجاء سوق أبوظبي المالي في المرتبة الثالثة مستقطبا 506 ملايين دولار ثم جاء سوق دبي بالمرتبة الخامسة بخروج استثمارات أجنبية بلغت قيمتها 245 مليون دولار مما يعني أنه الأسوأ أداء خليجيا.
copy short url   نسخ
24/08/2019
2004