+ A
A -
باريس - الوطن - خديجة بركاس
وصف سياسيون وأمنيون فرنسيون المعارك الدائرة في عدن جنوب اليمن، التي أدت إلى سيطرة قوات الحزام الأمني والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا على المدينة، بـ «صراع الغنائم» بين السعودية والإمارات في اليمن.
مؤكدين لـ الوطن أن المعطيات المتاحة تؤكد أن السعودية كانت على علم بالمشروع الإماراتي في اليمن، وعلى اطلاع خطوة بخطوة بالدعم الإماراتي للانفصاليين ومساندتها لهم بهدف إقامة دولة جنوبية، لتتمكن الإمارات بهذا من السيطرة على الموانئ والنقاط الجغرافية المهمة بالنسبة لها، وفي الوقت نفسه تستفيد السعودية من عملية تفتيت اليمن وإفقاره وجعله في حاجة دائمة للمساعادت السعودية، لكن كل هذا تم دون تنسيق بين الحليفين، وإنما اتفقت الأهداف في النهاية.
حرب الغنائم
وفي حديث لـ الوطن، قال روجر ريتشارد، مستشار وزير الخارجية الفرنسي الأسبق والقيادي بحزب الجمهورية إلى الأمام (حزب ماركون)، إن الإمارات حرضت منذ البداية على هذه الحرب ودفعت السعودية ودول التحالف -رغم عدم تأثيرها- لشن حرباً على اليمن، بهدف السيطرة على نقاط جغرافية مهمة على الممر الملاحي الدولي، بدءا من مضيق باب المندب وحتى بحر عُمان، وأبرزت عمليات الاستماتة الإماراتية لاحتلال جزيرة سقطرى هذه النوايا، إلى جانب مئات المواقف والشواهد منذ بداية الحرب حتى اليوم التي تؤكد ذلك، ودُفعت السعودية دفعاً للواجهة كمسؤول أول وأخير عن نتائج الحرب، وأنفقت جُل الميزانية الباهضة لهذه الحرب. واليوم وبعد أن تمكنت الإمارات من السيطرة على أهدافها وتكبد التحالف خسائر فادحة وتزايد التأكيدات حول انسحاب القوات السودانية التي هي عصب التحالف وقوته الرئيسية، تراجعت الإمارات وقررت الانسحاب من اليمن كشريك في الحرب أو التحالف، لكنها موجودة بشكل منفرد من أجل حماية مصالحها أو غنائمها التي حازتها خلال السنوات الخمس الماضية، في الجهة الأخرى حصلت السعودية على مرادها بتقسيم اليمن وإضعافه لإخضاعة دائما لسيطرتها، وبالتالي الوضع الحالي في اليمن هو اختلاف مصالح لكن الأهداف مشتركة، والخيانة الإماراتية تقبلتها السعودية، لأنها لا تتقاطع مع مصالحها، وبالتالي فإن الحديث عن اتفاق وتهدئة مجرد تصريحات للاستهلاك المحلي، والوضع سيستمر على ما هو عليه ربما لوقت ليس قصيراً، فمحاربة الفصائل والتيارات والأطراف اليمنية لبعضها يصب في النهاية في مصلحة السعودية والإمارات.
وأكد شارل براساينس، المدرس بالأكاديمية العسكرية الفرنسية والضابط السابق بالجيش الفرنسي، أن الشرعية في اليمن باتت تعتبر السعودية والإمارات أطرافاً تضر باليمن، لا سميا أن السعودية تحديداً بدأت تنسج مقاربات جديدة في اليمن دون أن تكون الشرعية طرفاً فيها، وهذا يعني أن اليمنيين شعروا بالخداع، ولهذا انقلبت الفصائل ضد بعضها كل يبحث عن مصالحه، وما نراه اليوم هو ثورة داخلية يسعى اليمنيون من خلالها للتخلص من الشرعية التي انتخبوها فتلاعبت بهم لصالح السعودية والإمارات، واليوم باتت عبئاً على اليمن نفسه من جهة وحتى عبئاً على التحالف الذي استخدمها لسنوات في تدمير اليمن، لكن التحالف لا يستطيع التخلص من عبد ربه منصور هادي وأعضاء حكومته بسهولة، كون هذه الحكومة تمتلك الآن ورقة مهمة للغاية، وهي إمكانية الاحتكام إلى مجلس الأمن وملاحقة السعودية والإمارات بتوصيف قانوني «استغلال القرار الدولي لتنفيذ أجندات خاصة ضد مصلحة اليمن ولخدمة مطامعهم»، وبالتالي ستكون السعودية والإمارات مسؤولتين بشكل كامل عن الكارثة الإنسانية التي شهدتها اليمن، وهذه الجرائم فاتورتها باهظة بالتأكيد ولا قبل للسعودية أو الإمارات بتسديدها.
copy short url   نسخ
24/08/2019
1489