+ A
A -
كتب - يوسف بوزية
حظي قانون حماية اللغة العربية، الذي أصدره حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، في منتصف شهر يناير 2019، بإشادة واسعة في الأوساط الثقافية والعلمية في دولة قطر، كما حظي بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي في قطر وخارجها، في سياق الجهود التي تقوم بها قطر، من أجل دعم اللغة العربية وإثبات مواكبتها للعلوم العصرية الحديثة.
ومع انتهاء المدة التي حددها القانون للجهات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية (يوم الثالث عشر من أغسطس الجاري) لتوفيق أوضاعها مع أحكامه، أعاد عدد من الباحثين والمغردين تفاصيل القانون، مطالبين بالعمل على تطبيقه والالتزام به حماية للغة العربية مما تعانيه من «عقوق» الكثير من المؤسسات والأفراد الناطقين بها في عقر دارها، متسائلين عن مدى التزام الجهات الخاضعة للقانون باستعمال اللغة العربية في اجتماعاتها ومناقشاتها وجميع ما يصدر عنها من قرارات وعقود ومراسلات وإعلانات مرئية أو مسموعة أو مقروءة وغير ذلك من معاملات، حيث يسري القانون على الجمعيات والمؤسسات الخاصة، والمؤسسات الخاصة ذات النفع العام، والجهات التي تمول موازناتها من الدولة.
عقود الشركات
وفي هذا السياق قال السيد ناصر بن سلطان الحميدي، عضو مجلس الشورى، إن جوهر المشكلة التي يعالجها القانون لا تكمن في التشريعات بقدر ما تكمن في تطبيق هذه القوانين على أرض الواقع.. مشيراً إلى أن العديد من الشركات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية التي تمول موازناتها من الدولة، بما فيها الشركات شبه الحكومية تبرم عقودها باللغة الإنجليزية فقط، في حين يلزمها القانون الآن باستعمال اللغة العربية في جميع ما يصدر عنها من قرارات ولوائح تنظيمية وتعليمات ووثائق، كما ينص القانون على أن تصاغ تشريعات الدولة باللغة العربية، ويجوز إصدار ترجمة لها بلغات أخرى، إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك. مؤكدا على أن ذلك يتوافق مع روح الدستور القطري الذي ينص على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة.
مهلة قانونية
وقال الدكتور حسن السيد، أستاذ القانون الدستوري بكلية القانون، جامعة قطر، إن المدة التي حددها القانون للجهات الخاضعة لقانون حماية اللغة العربية لتوفيق أوضاعها مع أحكامه قد انتهت بمرور يوم الثالث عشر من أغسطس الجاري، مؤكداً أنه ينبغي ألا يتم تمديد المهلة القانونية لأي جهة، إلا إذا أظهرت لمجلس الوزراء، أنها خطت خطوات عملية نحو توفيق أوضاعها مع أحكام القانون، وأنه وفقًا لخطة العمل تطلب التمديد لمدة أخرى مماثلة.
من جانب آخر، لا يتساهل مجلس الوزراء في متابعة تنفيذ الجهات لأحكام القانون، وتساءل السيد ما إذا كانت هذه المؤسسات الحكومية وغير الحكومية التي يسري عليها القانون قد أخذت هذه المدة على محمل الجد وهل أصدر مجلس الوزراء القرارات اللازمة لتنفيذه؟
إنجاز حضاري
من جهته أكد الدكتور علي أحمد الكبيسي- عضو المجلس العلمي لمعجم الدوحة التاريخي للغة العربية، المدير العام للمنظمة العالمية للنهوض باللغة العربية، أن قانون حماية اللغة العربية الذي أصدره صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يمثل إنجازاً حضارياً في تمكين اللغة العربية.. وإثبات مواكبتها للعلوم العصرية الحديثة.. والذي من شأنه معالجة المخالفات اللغوية السائدة في الواقع القطري والحد من تفشي اللغات الأجنبية واللغات المحلية الدارجة والمختلطة، على حساب اللغة العربية السليمة، في المؤسسات الخدمية والإعلامية والأكاديمية والتربوية.
وأضاف أن القانون يؤكد في كل مواده أن تتبوأ اللغة العربية مركز الصدارة، حيث يمكن أن يكون شعار القانون «اللغة العربية أولا»، مشيرا إلى أن اللغة العربية أصبحت بموجب هذا القانون محط اهتمام كبير مما يعكس المساعي التي تبذلها الدولة في هذا المجال، مؤكدا أهمية تعزيز الوعي بأهمية اللغة العربية والمحافظة عليها وتطبيق مواد القانون من قبل المجتمع والأفراد والمؤسسات الحكومية، إذ إن اللغة تمثل هويتنا ومحور وجودنا.
وأضاف د. الكبيسي أن تطوير حوسبة اللغة العربية من خلال محركات البحث والقواميس الإلكترونية، وأرشفة الوثائق الرقمية، وتعريب المصطلحات العلمية والتقنية، هي في صلب أهداف المنظمة العالمية للنهوض باللغة العربية، إلى جانب وضع التوجه الإعلامي بأشكاله كافة ليصبح أقرب ما يكون إلى اللغة العربية الفصيحة المعاصرة، وتشجيع البحوث وتطويرها في مجال اللغة العربية، واستخدام التقنيات الحديثة في ذلك.
ردع المخالفين
وطالب علي لحدان المهندي بإلزام الوزارات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية التي يشملها القانون بتنفيذه، معربا عن أمله في التطبيق الصارم والمتابعة اللصيقة في تفعيل بنوده وتطبيق أحكامه حتى نتفادى تحويل القانون إلى مجرد حبر على ورق، خاصة أننا نعاني فعلاً من هيمنة اللغات الأجنبية ورداءة بعض الترجمات، تحديداً ما يرد في الإعلانات التجارية، وقد نص القانون على فرض غرامات مالية على المخالفين، تصل إلى 50 ألف ريال قطري على كل من يخالف أحكام القانون. حيث جاء في المادة 11 منه «مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر، يعاقب بالغرامة التي لا تزيد على خمسين ألف ريال، كل من خالف أيًّا من أحكام مواد القانون. ويعاقب المسؤول عن الإدارة الفعلية للشخص المعنوي المخالف بذات العقوبة المقررة عن الأفعال التي ترتكب بالمخالفة لأحكام هذا القانون، إذا ثبت علمه بها، وكانت المخالفة قد وقعت بسبب إخلاله بواجبات وظيفته.
تفاعل تويتر
من جانبهم تفاعل العديد من المغردين مع إعلان انتهاء المدة التي حددها القانون للجهات المعنية لتوفيق أوضاعها مع أحكام القانون، فقال علي فهد الشهواني:
إلى الآن فإن العديد من الجهات الحكومية وشبه الحكومية تتعامل وتحرر مراسلاتها باللغة الانجليزية، بما فيها التقارير والإيميلات، ضاربة عرض الحائط بكل المناشدات والمطالبات.. لغتنا العربية في خطر.
وغردت الباحثة القطرية في التوثيق اللغوي والتراث ظبية بنت عبدالله السليطي قائلة:
لم تملك أية لغة في العالم ما تملكه اللغة العربية من فصاحة وجزالة ووفرة ألفاظٍ وعمق معانٍ وبلاغة تراكيب، ونحمد الله الحمد كله أن قيض لنا ولها من يحميها في وطننا قطر،شكراً من القلب أميرنا العربي المتميز لإصدارك قانون حماية اللغة العربية في قطر وليس هذا عليك بغريب.
وقال حسين إن بعض المطاعم عربت فواتيرها لكن مازالت مؤسسة حمد الطبية ومستشفى سدرة تصدر التقارير باللغة الإنجليزية.. كما أن جامعة قطر لم تعرّب موقع التسجيل (بانر) حتى الآن استجابة لمتطلبات القانون الذي دخل حيز التنفيذ بانتهاء مدة الـ 6 شهور التي حددها القانون.
وقال سالم إن المستشفيات الحكومية إلى الآن مراسلاتها باللغه الإنجليزية.. الخطوط الجوية القطرية جميع موظفيها اللذين يستقبلون المسافرين يتحدثون باللغه الانجليزيه فقط لاغير.
ومن بين التغريدات الواردة على لسان المواطنين:
{ أمواج @AmwajjjQ:
منذ شهر استلمت تقريرا طبيا من أحد المستشفيات الحكومية باللغة الإنجليزية، علما أنني لا أجيد الإنجليزية وأبديت استغرابي من تجاهل قانون حماية اللغة العربية في المعاملات والمراسلات الرسمية.. فقد كان المفروض أن استلم نسخة عربية من التقرير.
{ بو فهد:
لا أعتقد أن هناك قانون واحد سيتم أخذه على محمل الجد، مالم تتابعه السلطة بنفسها بشكل جاد، وتفرض عقوبات صارمة على مخالفيه، أما مجرد صدور قانون ما لا يعني بالضرورة تطبيقه والعمل على توفيق الأوضاع بموجبه.
{ بنت مريم @al__ro7:
لو تم تطبيق القانون بشكل جدي، لم نستلم إجازاتنا وتقاريرنا الطبيه باللغه الإنجليرية.. وهذا غير البنوك والمصارف العاملة في الدولة.. نصف تطبيقاتهم وخدماتهم باللغه الإنجليزيه ونحن لسنا قادرين على الاستفادة منها نظرا لكونها باللغة الانجليزية..
{ AJ+ ayan @qa6r:
أعتقد أنها خطوة جيدة ولكن لن يتم التطبيق بصورة واقعية إلا في حالة إضافة مراقبة تنفيذ هذا القانون لجهاز رقابي، بحيث يكون جزء من التدقيق والمراقبة السنوية على غرار ما يقوم بهد ديوان المحاسبة على الأجهزة الحكومية (مع استثناء العديد من الجهات ) بحكم عدم سلطة ديوان المحاسبة عليها.
{ المتميزة @DOgaa7UKyekh59J:
قطر دولة عربية إسلامية لغتها الرسمية كما ينص الدستور هي اللغة العربية
{ Roudha @msmadhatter:
الحل الأنسب أن تجعل الدولة التعليم إجباري باللغة العربية في كل المدارس دون استثناء.. ووجود الإمكانيات لموظفي الجهات الحكومية في تعلم العربي، مع إلزام العمالة في المحلات التجارية بتعلم اللغة العربية البسيطة لغرض التواصل والمساعدة.
أسماء الشركات
يذكر ان القانون يتضمن إلزام الشركات التجارية والمالية، بأن تسمى بأسماء عربية الشركات، والمؤسسات ذات الأغراض التجارية والمالية والصناعية، والعلمية والترفيهية أو غير ذلك من الأغراض.
ويجوز للشركات والمؤسسات العالمية والمحلية التي يكون لأسمائها الأجنبية أو أسماء منتجاتها شهرة عالمية ذات علامة مسجلة، أن تحتفظ بالاسم الأجنبي، على أن تتم كتابته باللغة العربية إلى جانب اللغة الأجنبية.
ويضيف نص القانون: تكتب باللغة العربية البيانات والمعلومات المتعلقة بالمصنوعات والمنتجات القطرية، ويجوز أن يرفق بها ترجمة بلغة أخرى، كما يلزم بأن تكتب العلامات التجارية والأسماء التجارية والمسكوكات والطوابع والميداليات باللغة العربية، ويجوز كتابة ما يقابلها بلغة أخرى، على أن تكون اللغة العربية أبرز مكانًا. كما تلتزم المؤسسات التعليمية الخاصة بتدريس اللغة العربية مادة أساسية مستقلة ضمن مناهجها، ووفقًا للقواعد والضوابط التي تضعها وزارة التعليم والتعليم العالي.
إلى جانب ذلك، التأكيد على أن تنشر الأبحاث العلمية التي تمولها الجهات الحكومية وغير الحكومية باللغة العربية، ويجوز النشر بلغات أخرى، على أن يقدم الباحث في هذه الحالة، مختصرًا باللغة العربية.
copy short url   نسخ
22/08/2019
2464