+ A
A -
يفترض في الظاهر، أن تكون الأزمة السورية قد دخلت نفقاً يستحيل الخروج منه بعد قمة القيصر والسلطان. فما زال الرجلان على موقفيهما المتعارضين إلى حد التناقض حول مستقبل بشار الأسد.
ورغم ان بوتين لم يشر مطلقاً في الأيام الأخيرة إلى تمسكه ببشار، فقد حرص أردوغان على تأكيد رفضه لبقاء الأسد، في حوارين مع «لوموند» و «تاس» قبل ساعات من قمته مع الرئيس الروسي. غير أن هذا التباعد في الرؤى لم يدفع الروس إلى الامتعاض، بل انهم أكدوا هم وشركاؤهم الأتراك انهم بصدد البحث عن حل يكون مقبولاً لكلتا العاصمتين.
ولا نملك إلا أن نسأل: كيف سيتحقق قاسم مشترك في غمرة تناقضهما حول كل شيء يخص سوريا؟ وكيف يمكن التفاهم بينهما وتركيا هي الرئة التي تتنفس منها الفصائل المسلحة الساعية إلى الاطاحة بالأسد؟ وكيف تتقارب مواقف موسكو وأنقرة فيما يقيم الروس علاقات عميقة مع حزب العمال الكردستاني الذي تعتبره تركيا إرهابيا؟
حتى اللحظة يصر الأتراك أن الذي يغذي داعش والمجازر في سوريا هو استمرار بقاء النظام، لذلك فان تجاهل بشار والتركيز على داعش يمثل استراتيجية خاطئة، ما يعني بكلمات أخرى ضرورة استهداف النظام وإنهاك قواته وإسقاط الدولة ومؤسساتها.
هذا الموقف التركي ترفضه موسكو لأنه عكس ما تقوله تماماً، لكنها صامتة بانتظار ما ستسفر عنه محادثات بدأت أمس في بيترسبورغ بين وفدين كبيرين من البلدين يسعيان إلى وضع آلية حل مشترك للصراع السوري.
رؤية بوتين تتسم بالصبر، من منطلق اعتقاده بأن تركيا ما قبل المحاولة الانقلابية هي غير تركيا بعدها، وأن أردوغان الغاضب من أميركا وأوروبا والناتو، غير أردوغان الواثق بالغرب والحريص على مواصلة التحالف معه.
وإذا كان بوتين يأمل بأن يقطف عبر المنافع الاقتصادية التي ستجنيها تركيا ما يبغيه في سوريا من إنجازات سياسية، فلعله يعول على «انزياح» بطيء قد يطرأ على موقف أنقرة من الملف السوري مع مرور الوقت. وإذا حدثت مثل هذه الاستدارة، فالخاسرون هم المعارضة وخاصة جبهة النصرة التي تقود العمليات العسكرية ضد الأسد.
لكن اعتماد موسكو على تحليل كهذا ليس مضموناً، لأن بوصلة التفاهم التركي ــ الروسي ستظل عرضة للتغير يوماً بيوم بل ساعة بساعة، رغم حرص القيصر والسلطان على قاسم مشترك يبدو الآن مستحيلاً، وإنْ كانت نتائج معركة حلب التي يقف فيها بوتين وأردوغان على طرفي نقيض، ستؤثر تأثيراً كبيراً على مسار التسويات المأمولة.
copy short url   نسخ
12/08/2016
642