+ A
A -
كتب - يوسف بوزية
أدى آلاف المصلين من المواطنين والمقيمين صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد الإمام محمد بن عبد الوهاب، واستمع المصلون إلى الخطبة التي ألقاها فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن حسن المريخي، وتناول خلالها: فضل الله ببلوغ هذا العيد، وبيان ما يكون في يوم النحر، والأضحية وأحكامها، والحث على مواصلة العمل بالدين الحنيف.
وتوافد آلاف المصلين منذ الصباح الباكر إلى جامع الإمام، فشهدت الشوارع القريبة من المسجد زحاما كبيرا، وأغلق المصلون الشوارع المحيطة بالمسجد والطرقات المؤدية إليه، وتبادل المصلون بعد أداء الصلاة التحايا والتهاني في مشهد إنساني وإيماني بليغ يعكس الاحتفاء بقدوم عيد الأضحى المبارك.
استهل خطيب جامع الإمام خطبة عيد الأضحى المبارك بقوله: إن ذبح الأضاحي من أحب الأعمال الصالحة إلى الله تعالى في هذا اليوم المبارك، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما عمل ابن آدم من عمل يوم النحر أحب إلى الله من هراقة الدم»، وقال صلى الله عليه وسلم: «ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام»، يعني أيام العشر. والأضحية من العمل الصالح فهي أحب الأعمال الصالحة في يوم النحر، أمر الله تعالى بها في محكم تنزيله، فقال عز وجل: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)، وقال عز وجل: (لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ)، فهي سنة إبراهيمية وسنة محمدية، حيث ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين وذبحهما بيده وسمى وكبر ووضع رجله على صفاحهما، أحدهما عنه وعن أهل بيته، والآخر عنه وعمن لم يضح من أمته.
واستدل فضيلته على وجوب الأضحية على المستطيع، بقوله تعالى: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من وجد سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا.
شروط الأضحية
وأوضح فضيلته أنه لا يجوز ذبح الأضحية قبل طلوع فجر يوم النحر، كما أنه لا يجوز قبل انتهاء صلاة العيد، حيث إن وقت الذبح يبدأ بعد الصلاة، ويبقى وقت الذبح ممتدا إلى آخر أيام التشريق، مؤكدا في هذا السياق على أن الأضاحي لها شروط، فهي طاعة من الطاعات، وتكون من الإبل أو البقر أو الغنم سواء كانت ضاناً أم معزاً، ولا بد في هذه الأنعام أن تكن خالية وسليمة من العيوب، والعيوب ثلاثة أقسام: قسم ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها لا تجزئ، وقسم منها فيها كراهة مع الإجزاء، وقسم ثالث عيب معفو عنه، فألا يوجد في الأضحية من باب الأفضلية فقط، ومن باب التمام والكمال. أما العيوب التي لا تجزئ، فقد ذكرها صلى الله عليه وسلم في قوله: «أربع لا تجزئ من الأضاحي: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ظلعها، والكسيرة التي لا تنقي».
مكافأة دنيوية
وأكد د. المريخي أن الله عز وجل شرع الأعياد لفرح المسلمين في إطار الشرع والقيم والأخلاق، كما شرعها لمقاصد نبيلة ومعانٍ جليلة وأهدافٍ وغاياتٍ رفيعة، إذ إن العيد مكافأة دنيوية للعبد على طاعته لربه، والعيد تذكير بالفرح والسرور الأكبر يوم يلقى المسلم ربه فيبشره برضوانه والقبول. وأضاف في خطبة العيد بجامع الإمام محمد بن عبدالوهاب أن المعنى الأسمى للعيد هو الفرح والسرور، وهما نعمتان لا يستغني عنهما إنسان، وكل أحد يسعى في هذه الدنيا لينزل الفرح والسرور نفسه، ويجاور داره، ويستقر بأرضه.
أيام التشريق
وأوضح إمام مسجد محمد بن عبدالوهاب في خطبته أن تلك الأيام المباركة يسن فيها للمسلم أن يكبر الله تعالى ويذكره بعد قضاء كل صلاة في يوم العيد وأيام التشريق الثلاثة، وهذا هو التكبير المقيد بأدبار الصلوات، وينتهي بصلاة العصر يوم الثالث عشر من ذي الحجة، كذلك يحرم على المسلم صيام أيام التشريق الثلاثة، لما ثبت في البخاري عن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهما، قالا: «لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي». وعن الأضحية، قال فضيلته: مما يشرع في هذه الأيام المباركة الأضحية فتشرع في يوم العيد وأيام التشريق الثلاثة، وهي سنة مؤكدة، فعلها النبي وواظب عليها وأمر بها.
نعمة الوطن الآمن
وخاطب المريخي المصلين قائلاً: اعلموا أن النجاة والسلام والعافية للأبناء والأنفس والبلدان والمجتمعات لن تكون إلا في ظلال هذا الدين واتباع سيد المرسلين، والخوف والجوع والخسارة باتباع الشهوات، فأغلى ما تملكون دينكم، فعضوا على الملة والدين واستمسكوا بعُراه وشدوا التمسك بالرحى، لقد أعطاكم الله تعالى أمناً وأماناً واستقراراً فحافظوا على ذلك بطرد الذنوب والمعاصي والبراءة منها ومن الشركيات والبدع وسائر الفتن، (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ). وكما منّ عليكم بنعمة الوطن الآمن وتوفر الأرزاق، فقد امتنّ عليكم بولاة أمركم الذين هم يحبونكم وتحبونهم ويشعرون بكم ويبذلون ويعملون لصالح البلاد والعباد، وهذه نعمة جُلى ومِنة عظمى، معكم في كل أموركم، في أفراحكم وأتراحكم منكم وفيكم، فالتفوا حوله، مساندين ومؤيدين وحماةً وحُراساً وبُناة أوطان بإسلامكم وأخلاقكم، يقول رسول الله: «خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم» يعني يدعون لكم، رواه مسلم، وتقبل الله منا ومنكم أعمالكم الصالحة ووفقنا لما يحبه ويرضاه. وشهدت ساحات جامع الإمام أجواء إيمانية واجتماعية ممزوجة بالفرحة والسرور من العائلات وأطفالهم، وكل من جاء لأداء صلاة العيد، حيث كان هناك جو من الود والتآلف ما بين المواطنين والمقيمين على اختلاف جنساتهم، أكد من خلاله المقيمون أنهم يحتفلون بالعيد وكأنهم في بلدانهم ووسط ذويهم وعائلاتهم، موضحين أن أجواء العيد في قطر مميزة وبخاصة الصلاة في جامع الإمام التي يحرصون على المشاركة فيها كل عيد، لما لها من بهجة وفرحة. وقد حرصت العائلات من المواطنين والمقيمين على اصطحاب الأطفال أثناء أداء الصلاة، لكون يوم العيد يوم فرحة للأطفال بخروجهم وارتدائهم الثياب الجديدة، ومن ثم حصلوهم على العيدية عقب الصلاة، كونها من الطقوس والعادات الاجتماعية المميزة في الأعياد.
copy short url   نسخ
12/08/2019
1017