+ A
A -
عواصم عماد فواز - زينب بومديان - نادية وردي - خديجة بركاس - خديجة الورضيما زالت أصداء زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، إلى واشنطن تتردد على المستويين العربي والأوروبي، حيث أفردت وسائل الإعلام الدولية مساحات كبيرة لمناقشة «القمة القطرية - الأميركية»، وتحليل تفاصيلها في ضوء الأحداث المتواترة التي تمر بها المنطقة.
وركزت وسائل الإعلام على الأزمة «الإيرانية الأميركية» وتطوراتها، وعوّل جل الخبراء والمراقبين في تعليقاتهم على الدور القطري الإيجابي لنزع فتيل الأزمة، وفتح قنوات الحوار والاتصال والتفاوض بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، بما يصل في النهاية إلى حل وسط ينهي حالة التوتر والتصعيد. في الوقت نفسه، أكد مسؤولون عرب وأوروبيون لـ الوطن أن زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إلى واشنطن «تاريخية»، وتمثل دور «نزع العصا من العجلة»، أي أنها جاءت في وقت غاية في الأهمية.
الحكمة والحوار
قال عبد الإله بنكيران -رئيس الحكومة المغربية السابق، وزعيم حزب العدالة والتنمية «حزب الأغلبية» لـ الوطن- إن منطقة الخليج تمر الآن بمنعطف خطير للغاية، وتتطلب الأحداث الجارية الحكمة والعقل أكثر من أي وقت مضى، وأن يتخلى جميع الأطراف عن التصعيد واستسهال الصدام، لذلك فإن زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، لواشنطن في هذا الوقت تحديداً وبحسب ما تم الإعلان عنه في وسائل الإعلام الأميركية، كانت لهدف أساسي واضح يتمثل في تجنيب المنطقة حرباً مُمدرة لن يخرج منها أحد رابحا، وستتأثر جميع الدول بهذه الكارثة لو حدثت، وحضرة صاحب السمو أمير قطر وحده من بين قادة المنطقة الذي يملك العلاقات المؤهلة للعب هذا الدور سواء بالتدخل لدى واشنطن أو إيران، بالتنسيق والتواصل البناء مع الأطراف الأوروبيين في الاتفاقية النووية، ومع روسيا أيضا، خاصة أن الدوحة حققت في الوقت نفسه نجاحاً أشاد به العالم في طريق مصالحة «الفرقاء الأفغان»، لذلك فإن القمة القطرية الأميركية في واشنطن «انتزعت العصا من العجلة»، ومن شأن ذلك دفع الأزمة نحو مسار التفاوض والحوار، والوصول إلى حل وسط ينهي الأزمة.
إجهاض المؤامرات
وأكد جان لوك ميلونشون، زعيم حركة «فرنسا الأبية» والمرشح الرئاسي السابق، أن فرنسا وألمانيا تتدخلان لدى إيران لإنقاذ الاتفاق النووي 5+1 عن طريق بحث سُبل إيجاد آلية للتبادل التجاري ونظم المدفوعات الدولية، في ظل العقوبات الأميركية المفروضة ضد طهران. وبالتوازي مع ذلك، يتم تشكيل لجنة مشتركة من الدول الأعضاء في الاتفاق «روسيا، وألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا، والصين» إلى جانب إيران، لبحث الأزمة وفق ما ينص عليه بند «فض النزاعات» في اتفاقية روما 5+1، ويعد التدخل القطري وزيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إلى واشنطن خطوة ممتازة لتهدئة التوتر، وتجنيب المنطقة حرباً يخشاها الجميع، لا سيما أن هناك استفزازات متزايدة من الطرفين، منذ وصول حاملة الطائرات والبوارج الحربية الأميركية للخليج العربي، ثم وقوع حوادث استهداف سفن تجارية في ميناء عجمان، مرورا باستهداف ناقلتي النفط في بحر عُمان، وإسقاط الطائرة الأميركية، وما زلت الحوادث المريبة التي لا يستبعد وجود مؤامرات حولها لإشعال الحرب مستمرة، لذلك جاءت زيارة حضرة صاحب السمو أمير دولة قطر في وقتها، لإفساح المجال للحوار والنقاش والتفاوض، من أجل حل الأزمة بعيدا عن التشنجات والمؤامرات التي قد يسعى بعض الأطراف في المنطقة إلى حياكتها من أجل إشعال الحرب.
قمة تاريخية
وقال بابلو إغليسياس، زعيم حزب «بوديموس» الإسباني المعارض والنائب في البرلمان الأوروبي، إن الحوار السياسي وتفعيل سلاح الدبلوماسية سلاح أجادت دولة قطر استخدامه منذ بداية أزمة حصار قطر في الخامس من يونيو 2017، وبالدبلوماسية أيضاً مدت الدوحة جسور التواصل مع مختلف القوى الدولية، وقد عاينا جميعاً نجاعة سلاح الدبلوماسية القطرية في الأزمات المتعددة والمتكررة في المنطقة، ويثق الأوروبيون في قدرة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر على تقريب وجهات النظر بين أطراف النزاع، لا سيما أن تحركات ألمانيا وفرنسا وبريطانيا محكومة بمصالحها في المنطقة، سواء النفط أو حركة الملاحة البحرية كما هو واقع حاليا بين بريطانيا وإيران، والحال نفسه بالنسبة للدول الأوروبية الأطراف في الاتفاقية النووية. وأضاف: قطر وحدها في المنطقة التي تملك علاقات جيدة مع جميع الأطراف، يحكمها مبدأ المصلحة للجميع، وهي سياسة معروفة عن قطر تمثل مفتاح لحل الأزمات خاصة الأزمة الإيرانية الأميركية، والجيد بالنسبة للدوحة هو الإلمام الجيد بتفاصيل وخفايا المنطقة وممارسات بعض الأطراف فيها من تحت الطاولة، لذلك فإن التدخل القطري لدى واشنطن جاء في وقته وفي محله بالتحديد، ويتابع الشركاء الأوروبيون تطورات الوضع والمباحثات لحظة بلحظة، ونرى ذلك بوضوع من خلال وسائل الإعلام الأوروبية التي أفردت مساحة كبيرة من خريطة برامجها لمتابعة الأزمة وتناولها من زاوية «القمة الأميركية القطرية» في واشنطن، ومآلات الأزمة بعد هذه القمة التاريخية، وهي نتائج إيجابية بطبيعة الحال، لأن الجميع يعرفون صدق نوايا الدوحة تجاه المنطقة والمجتمع الدولي، وتجنبها للصراعات والتشنجات وميلها للحوار والتفاوض لحل الأزمات.
تدخل ثمين
وشدد جيريمي كوربين، زعيم حزب العمال البريطاني المعارض، والبرلماني البارز، على أن منطقة الخليج العربي باتت تعج بـ «العبث»، والتداخلات الأوروبية لحل الأزمة المندلعة بين واشنطن وطهران ليست على المستوى المطلوب، ولم تطرح جديداً في محاولة احتواء الأزمة منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق العام الماضي، وحتى بعد فرض العقوبات على طهران وتشديدها، وتطور الأمر في الخليج فيما بعد أبريل الماضي. كل هذه التطورات لم تتعامل معها الدول الأوروبية الأطراف في الاتفاقية «5+1» بالشكل الأمثل، فلا حل دون التواصل مع الإدارة الأميركية بشكل مباشر، وإيجاد نقاط إيجابية للانطلاق منها نحو حل نهائي لهذه الأزمة، القمة القطرية الأميركية في واشنطن خطوة مهمة للغاية، لأن الدوحة تحتضن أكبر قاعدة عسكرية أميركية خارج أراضيها، ولهذا حسابات مهمة في الأزمة، ويجعل لقطر كلمة مسموعة لدى واشنطن، لهذا يعول الأوروبيون على زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، من أجل وقف التصعيد أو تشنجات، والبحث عن حلول ملائمة أو مخرج منطقي من أزمة العقوبات الأميركية، وأيضا قطر قادرة على إقناع الإدارة الأميركية بوجهة النظر الأوروبية تجاه الاتفاق النووي، وفي كل الأحوال فإن القمة القطرية الأميركية خطوة مهمة في مشوار الوساطة، لإنهاء الأزمة والتوتر في المنطقة.
الوقت مناسب
وقالت كلاوديا روت، زعيمة المعارضة في البرلمان الألماني «البوندستاغ»، إن القمة الأميركية القطرية في واشنطن في غاية الأهمية بالنسبة للمنطقة ولأوروبا، فأميركا غير قادرة على حماية الممر الملاحي الدولي من الخليج وحتى شمال البحر الأحمر، وبالتالي فإن مصالح الجميع في خطر، وأوروبا رفضت في وقت سابق الدخول في مغامرة إلى جانب واشنطن في الخليج، فسبق أن جربت أميركا صعوبة تأمين الملاحة الدولية في المنطقة أثناء حرب العراق وإيران ثمانينيات القرن الماضي، وودفع الجميع الثمن آنذاك، واليوم لا يمكن تكرار المغامرة وتعريض مصالح الجميع للخطير في وقت يعاني السوق العلامي من الارتباك وتعاني دول أوروبا من أزمات مالية واقتصادية متفاقمة، خاصة بسبب أسعار الوقود، لذلك فإن الحوار والتواصل الهادئ بين جميع الأطراف بوساطة قطرية هو الحل الأنجع لتهدئة الأزمة ونزع فتيل الحرب، والأجواء الآن قد تكون ممهدة أكثر، خاصة أن الأطراف الخليجية النافخة في النار «السعودية والإمارات» مشغولة حالياً في مستنقع اليمن وطريقة الخروج منه بأقل الخسائر، وهذا الأمر صرفهم قليلاً عن الدفع بالأمور نحو الحرب بين إيران وأميركا، وحتى ترامب نفسه بدا أنه لا يريد حرباً، وأثبتت عشرات المواقف هذا الأمر، وبالتالي فإن الحوار الهادئ بين جميع الأطراف هو الحل لإنهاء الأزمة، وتجنيب المنطقة نزاعاً سيدفع الجميع ثمنه.
copy short url   نسخ
13/07/2019
1304