+ A
A -
نادر العضياني
لا تنحصر القوة في المعنى الفيزيائي وحده، حيث القدرة على تحريك الأشياء، بل تمتد لتشمل معانيَ عدة آخذةً بذلك أبعاداً أخرى في شتى مجالات الحياة، ومن هنا نطرح أهمية قوة الإقناع والدور المحوري للتعليم فيها؛ لكون ذلك أحد المعاني الجلية لأبعاد القوة المختلفة، ولنا في ذلك مثال حي وحاضر في أذهان الكثيرين، حيث كان المتحدث باسم وزارة الخارجية قبل نحو أسبوع في لقاءٍ تليفزيوني على إذاعة مونت كارلو الدولية مع المذيعة إيمان الحمود حول موضوع الأزمة الخليجية وما ترتب عليها من أزمات مفتعلة، والشاهد في الموضوع هو المتحدث باسم وزارة الخارجية ولا علاقة لنا في هذا المقال بالوضع السياسي، إنما نسلط الضوء على قدرة الأستاذة لولوة الخاطر في تبيّان الحقائق مدعومة بالأدلة و البراهين دون تكلف أو تجاوز.
للقوة أشكال عدة ومن أشكالها: - القوة الناعمة وهي القوة القادرة على إقناع الناس بالحقائق دون ضجيج، وهكذا تتجلى لولوة الخاطر في كل محفل تخرج فيه لشرح وجهة نظرها حول القضايا السياسية الراهنة بما فيها الأزمة الخليجية بشكل يثير دهشة المشاهد؛ لما تملكه المتحدثة من قدرة على الإقناع بأسلوب قريب جداً من عقل المتابع أياً كان مستوى تعليم الإنسان الذي يتابع حديثها، وهذه ملكة قليل مِن الناس مَن يمتلكها في حين يحتاج لها الأغلبية من الناس؛ من أجل إقناع الآخرين بما يودون قوله وبما يفكرون فيه.
نبي الله لوط صاحب حق ورسالة ومع ذلك فإن الحق وحده لا يكفي بأن يقتنع الناس بما لديك، والدليل في ذلك «لو أن لي بهم قوة»، وهذا يعني أن الحق دائماً يحتاج إلى قوة يتكئ عليها وينطلق منها، ومثلما ذكرنا فإن للقوة أوجه وأشكالاً، ومن أشكالها الفاعلة وذات التأثير الأمضى قوة الإقناع؛ فمن خلال هذه القوة نستطيع إقناع الآخرين بقضايانا وسلوكياتنا، ومن مزايا هذه القوة أنَّ النَّاس يأتون بقناعاتهم ووفقاً لخيارتهم.
الباطل عندما تصاحبه الحجة القوية- ولو كانت مبنية على الزيف- يكون أقوى لحظياً من الحق الذي يفتقد للحجة والمنطق، و بما أنَّ التعليم هو بمثابة الجرعة التي تُكسب النَّاس المعارف والمهارات التي من خلالها نمتلك القدرة على الإقناع؛ فإننا في أمس الحاجة لخلق جيلٍ واعٍ وقادرٍ على دحض الحجة بالحجة وتفنيد الآراء بالأدلة والبراهين.
لولوة ثمرة من ثمرات جامعة حمد بن خليفة ومثال حي على أهمية التعليم ومدى انعكاساته على حياة الفرد والمجتمع، وهذا يمنحنا- في التعليم بشقيه العام والجامعي- حافزاً قوياً ودافعيةً عاليةً نحو بذل المزيد من أجل الحصول على المزيد من اللَّآلئ والمواهب الوطنية والعربية القادرة على صناعة الفارق بجدارةٍ وإتقانٍ.
قوة التعليم في شقيه العام والجامعي كقوة اليد في مكوناتها من العضد والذراع، فإنْ ضَعُف أحد تلك المكونات ضَعُفت اليد وإنْ كان المكون الآخر قوياً، أي أنَّ العبرة بالمحصلة النهائية لا بقوة أحد المكونات؛ لذا فنحن نحتاج لأن يكون التعليم بشقيه العام والجامعي قوياً بما يكفي، ونحن بلا شك قطعنا في ذلك شوطاً معتبراً ونحتاج لأن نكمل بقية الأشواط بذات الزخم والإصرار.
copy short url   نسخ
18/06/2019
914