+ A
A -
آمنة العبيدلي
في العام الماضي كتبت في هذه الزاوية مقالا بتاريخ 16 سبتمبر تحت «عنوان شكرا وزارة التعليم» وتضمن الثناء على جهود سعادة الوزير الدكتور محمد عبدالواحد الحمادي لتوجيهه بتشكيل لجنة لمراجعة المناهج الدراسية الحديثة والعمل على تنقيحها بما يتوافق وتحقيق خطة الوزارة في تخريج كوادر وطنية قادرة على تحقيق رؤية الوطن في التنمية، وكان الهدف من المقال أن نزكي همتهم وعزيمتهم.
واليوم أكتب في نفس الزاوية لكن للأسف تحت عنوان «فشل الوزارة»، نعم فشل الوزارة لأنها لم تكتف بالكتب التي قررتها في الفصل الأول وكنا نظن أنها هي مقرر السنة فإذا بها تفاجئنا بالمزيد من الكتب على الكتب فأصبح المقرر لا يناسب مستوى المراحل التعليمية والفئات العمرية بل يفوق قدرات الاستيعاب، وبالتالي لم تطمئن أولياء الأمور على مستقبل أولادهم، كما لا تحقق أهداف التعليم أو تلبي احتياجات الدولة من كوادر ذات كفاءة، ولعل المسؤولين في الوزارة يتابعون هذه الأيام آراء وردود أفعال التلاميذ وأولياء الأمور وحتى المعلمين على المبالغة في ضخامة المناهج وحشوها بمعلومات مرهقة غير مجدية، فهل يعقل على سبيل المثال أن يكون مقرر الرياضيات أربعة من الكتب الضخمة، أي كتابين في كل فصل؟!
أكاد أجزم أن هذا لا يثقل كاهل أطفالنا فحسب، بل يثقل كاهل الخوارزمي أحد أشهر علماء الرياضيات عند العرب والمسلمين، وإسحاق نيوتن أحد أشهر علماء الرياضيات عند الأوروبيين، وإني أتساءل مع غيري من أولياء الأمور هل تظن إدارة المناهج أنها بذلك قد جمعت كل مسائل الرياضيات وقوانينها بهذا الحشو المرهق والمبالغة في ضخامة المنهج؟، بالعكس.. هي قد أرهقت الطلاب والمعلمين وشتتت أفكارهم وأربكت عقولهم واستهلكت قواهم دون فائدة علمية، وما يقال عن الرياضيات ينسحب على غيرها من مواد أخرى.
أسئلة كثيره تطرح نفسها، أيهما الأهم أن نخرِّج كوادر مدربة ذات كفاءة تخدم الوطن وتحقق رؤيته، أم نفرح عندما يقال عنا أن مناهجنا من الضخامة بمكان، ولا تعادلها أي مناهج في أي من الدول الأخرى؟ بصراحة يخيل لي أن الذين وضعوا المناهج ظنوا أن المطلوب منهم ليس تعليم التلاميذ ولكن تعجيزهم وتعقيدهم، وحتى من معلميهم وأولياء أمورهم، ولكم أن تتخيلوا هذا المشهد داخل الكثير من المدارس، قبل أن تنتهي الحصة يكون مدرس الحصة التي بعدها واقفا بباب الفصل ليدخل بمجرد أن يخرج زميله، حتى لا يعطي للتلاميذ ولو دقيقة أو دقيقتين لقضاء حاجاتهم أو الترويح عن أنفسهم، هذا فضلا عن طول العام الدراسي وكأننا نسعى إلى التسجيل في موسوعة جينيس للأرقام القياسية بأننا أصحاب أطول عام دراسي وأضخم مقررات في العالم.
والعجيب في أمر الوزارة أنها مضت في خطئها، إذ كان يمكنها إصلاحه بمجرد رصد استياء المعلمين وأولياء الأمور وإرهاق التلاميذ بأن تلجأ إلى حذف بعض الفصول أو الأبواب من المقررات الضخمة، لكنها لم تفعل ظنا منها أن هذا يأتي لها بالإشادة، فإذا به يجر عليها سيلا من الانتقادات لدرجة أن أحد النشطاء كتب على مواقع التواصل الاجتماعي يشير إلى أن الطلاب بحاجة إلى الاستشفاء لأن صلاحيتهم كطلاب قد انتهت بعد عام دراسي طويل.
أظن وليس كل الظن إثما أنه قد حان الوقت لاتخاذ إجراءات من شأنها مراعاة كل المعايير المطلوبة لأفضل تعليم وتساعد الطلاب على التميز والمعلمين على الأداء وتطمئن أولياء الأمور على مستقبل أبنائهم.
المباهاة والعبرة يا سادة يا كرام ليست بضخامة المناهج ولا بطول العام الدراسي ولكن بالمخرجات ومستويات الطلاب، وحول ضعف المستويات حدث ولا حرج، والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.
بقلم: آمنة العبيدلي
copy short url   نسخ
18/06/2019
575