+ A
A -
هجوم جديد على سفينتين في منطقة الخليج وتتهم الولايات المتحدة طهران بالوقوف وراءه وهو ما ينفيه الإيرانيون. إنه تطور جديد يزيد الطين بلة ويفتح المنطقة على عدة سيناريوهات من أبرزها الحرب، حسب آراء خبراء عدة.
لا تكاد حدة التصعيد بين واشنطن وطهران تهدأ قليلا حتى يستجد ما يؤججها مجددا، ويزيد من الاحتقان، الذي تشهده أساسا منطقة الخليج، وذلك منذ اندلاع الأزمة الجديدة بين طهران وواشنطن على خلفية الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي الإيراني وفرض واشنطن عقوبات توصف بالخانقة على إيران.
وآخر المستجدات هو استهداف ناقلتي نفط في بحر عمان الخميس (13 يونيو). فقد تعرضت سفينة شحن يابانية تديرها شركة ألمانية وكذلك سفينة تابعة لشركة شحن نرويجية للهجوم. وتحمل الولايات المتحدة الأميركية إيران مسؤولية الهجوم، إلا أن طهران تنفي ذلك بشدة. وسط تضارب الأنباء والمعلومات حول تفاصيل الحادث. ورغم أنه لم يسفر عن سقوط ضحايا؛ لكن مراقبين يرونه أقوى مؤشر حتى الآن على أن سيناريو الحرب لا يبدو بعيدا، فما هي السيناريوهات الأخرى المطروحة؟
«إسرائيل قد تشارك جوياً»
هذه هي المرة الثانية، التي يتمّ فيها استهداف ناقلات نفط في هذه المنطقة الاستراتيجية، في ظرف شهر، وذلك بعد تعرّض أربع سفن بينها ثلاث ناقلات نفط لعمليات وصفت بـ«التخريبية» قبالة سواحل الإمارات في 12 مايو لم يكشف عن ملابساتها حتى الآن. وجاء الهجوم الجديد كذلك بعد يومٍ من استهداف الحوثيين لمطار أبها جنوب السعودية. مؤشرات كلها تثير القلق والمخاوف من اتجاه المنطقة نحو حرب مدمرة عكس تصريحات المسؤولين الإيرانيين والأمريكان، التي تؤكد في كل مرة أن البلدين لا يريدان الحرب.
الخبير الألماني غيدو شتاينبرغ يقول إن إيران عادة لا تهاجم بشكل مباشر لكن هناك علامات واضحة بأن الإيرانيين مسؤولون عن الهجوم. شتاينبرغ الخبير في شؤون الشرق الأوسط صرح أيضا في مقابلة مع DW أن خيار المواجهة العسكرية وارد ويجب أن يتم الاستعداد له «فقد يحدث فجأة شيء ما في خليج عمان أو الخليج أو مضيق هرمز». وفي هذا السياق يشير الخبير الألماني إلى نقطة إضافية تتعلق بالمهلة النهائية التي أعطتها طهران للأوروبيين و«إذا لم يعط هؤلاء فرصة لإيران لتحسين وضعها الإقتصادي، ستستأنف تخصيب اليورانيوم وعندها لن تنحصر اللعبة في البحرية الأميركية فقط بل ستشارك القوات الجوية الإسرائيلية كذلك».
خلق توتر للتمهيد لتسوية؟
بدوره يرى الخبير العسكري والاستراتيجي السعودي حسن الشهري أن إيران تقف خلف استهداف الناقلتين في بحر عمان «كما تثبت ذلك عدة أدلة استخباراتية وسياسية وتقنية، فهي سبق أن هددت بذلك وتوجد صور لأقمار صناعية تثبت تورطها بالإضافة إلى التقييم الأميركي الذي أكد ذلك أيضا».
ويقول الخبير السعودي في تصريحات لـ DW عربية إن «إيران تهدف من خلال الهجوم إلى خلط الأوراق وخلق بيئة ضاغطة أمنيا واقتصاديا بسبب العقوبات الأميركية عليها وخوفها من ثورة داخلية». ولهذا السبب «تحاول جر المنطقة إلى حرب، كما أفشلت كل الوساطات من أجل تحقيق ذلك»، يضيف الشهري.
من جانبه يستبعد الخبير العسكري والاستراتيجي شارل أبي نادر أن تكون إيران وراء الهجوم ويشرح ذلك في تصريحات لـ DW عربية بالقول «إن من غير المنطقي أن تقوم إيران بخطوة كهذه في وقت تستقبل فيه رئيس الوزراء الياباني الذي يحاول تهدئة الأوضاع». أما إذا ثبت فعلا أنها من يقف وراء الهجوم، فيقول الخبير إن هدفها قد يكون «خلق توتر- لا يصل إلى الخط الأحمر، الذي هو اندلاع حرب- بهدف الضغط على السوق الاقتصادي العالمي لإيجاد تسوية وإنهاء التوتر في منطقة حيوية بالنسبة للعالم». وفي هذه الحالة سيكون هذا من السيناريوهات المطروحة أي أن تُواصل إيران هذه الهجمات على أمل الوصول لتسوية.
أما السيناريوهات الأخرى المطروحة بحسب الخبير اللبناني فهي اندلاع حرب حقيقية، أو انصياع إيران واستسلامها للشروط الأميركية وسيكون هذا «خيارا مُرا» خاصة أن إيران «فقدت الثقة في الإدارة الأميركية وتعتبر أن أي اتفاق جديد قد يُعقَد معها يمكن أن يتم التراجع عنه كما حدث مع الاتفاق النووي». أما السيناريو الرابع، وهو الذي يرجحه الخبير اللبناني، فهو إشراك المجتمع الدولي خاصة الصين والاتحاد الأوروبي، المعني كثيرا بملف إيران، من أجل بحث اتفاق جديد أوسع.
«الحرب ضرورة وليست خياراً»
وبينما يستبعد شارل أبي نادر تورط إيران في الهجوم، يَرى أن الطرف، الذي من مصلحته حدوث هجوم كهذا هو الولايات المتحدة «وذلك بهدف إيجاد تبرير لمهاجمة إيران وتدويل منطقة الخليج تحت شعار حمايتها وحماية الملاحة فيها». ويضيف الخبير اللبناني «ربما تسعى واشنطن لجعلها منطقة أمنية وهو ما سيفرض مراقبة وتفتيش البواخر وبالتالي مثلا منع عمليات تهريب النفط في حال كانت دول ما مازالت تتعامل مع إيران رغم العقوبات».
لكن الخبير السعودي حسن الشهري يرى أن واشنطن لا تحتاج تبريرا لشن حرب على طهران، «بل بالعكس إيران قدمت هدية للولايات المتحدة بهجومها هذا، فترامب رجل اقتصاد لا يميل إلى الحروب كما أن عليه ضغوطا من الكونغرس في هذا الشأن».
وبالتالي حسب الشهري: «ربما يكون هذا الحل من أجل إجبار إيران على العودة لدورها الطبيعي كدولة عادية في المنطقة ». ويعتقد الخبير السعودي أن الحرب في هذه الحالة «ضرورة وليست خياراً» ويضيف أنها «قد تكون الحل الأمثل كذلك للشعب الإيراني».
أما عن السيناريوهات المطروحة في اعتقاده فيرى الشهري أنه قد يتم ضرب أهداف داخل إيران وشلها «وهو ما يمكن أن يؤدي إلى حرب حقيقية في المستقبل».
الشكوك في الادعاءات الأميركية منطقية، لأن الحرب على الدكتاتور العراقي صدام حسين عام 2003 استندت بالكامل على ادعاءات خاطئة للحكومة الأميركية وقتها. ويضاف إلى ذلك أننا نعيش اليوم في عصر رقمي بشكل متزايد، حيث أصبح التلاعب الاحترافي بمقاطع فيديو وأدلة مشابهة أسهل مما كان عليه في ذلك الوقت. للوهلة الأولى يبدو من غير المنطقي أن إيران (وحتى الجناح المتشدد فيها) تقدم للولايات المتحدة، وعن طيب خاطر، سبباً ممكناً لحرب لا يمكن أن يخسر فيها إلا طرف واحد في ضوء توازن القوى العسكرية، وهي إيران نفسها.
من ناحية أخرى يشير خبراء إلى أن الحرس الثوري الإيراني لديه بالفعل «خبرة» في التعامل مع الألغام الملتصقة، وأن طهران هدّدت في الماضي عدة مرات بتعطيل حركة ناقلات النفط، الهامة للاقتصاد العالمي وبشكل خاص لتجارة النفط الخام، في مضيق هرمز، وذلك في حالة اندلاع نزاع.
copy short url   نسخ
18/06/2019
378