+ A
A -
بعد يومٍ من الهجوم على ناقلتي النفط في خليج عُمان، عارض بعض حلفاء الولايات المتحدة الانضمام لإدارة ترامب في الإدانة الصريحة لإيران على هذا الحادث، مع ظهور روايات متعارضة أضافت عنصراً من عدم اليقين إلى التوترات المتزايدة بين واشنطن وطهران.
سارعت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإلقاء اللائمة على إيران، باستهداف سفينتين إحداهما نرويجية والأخرى يابانية، تحملان منتجاتٍ بترولية في هذا المضيق الاستراتيجي الذي يسافر عبره قدرٌ كبير من نفط العالم.
وأصدرت وزارة الدفاع الأميركية مقطع فيديو بالأبيض والأسود يُزعَم أنَّه يثبت ضلوع إيران في هذا الهجوم، لكنَّ بعض حلفاء الولايات المتحدة امتنعوا حتى الآن عن إلقاء اللوم على إيران صراحةً، بما في ذلك اليابان والنرويج. ونفت الحكومة الإيرانية من جانبها الاتهامات الأميركية بضلوعها في الهجوم.
تقول مجلة Foreign Policy إن القيادة المركزية الأميركية اتخذت خطوةً غير عادية بنشر مقاطع فيديو للحادثة، التي تقول إنَّها تظهر القوات الخاصة الإيرانية وهي تزيل لغماً لم ينفجر من جانب إحدى ناقلتي النفط اللتين تضررتا في هذا الحادث، بعد ساعاتٍ قليلة من الهجوم.
مالك إحدى الناقلتين
ينفي الرواية الأميركية
وناقض المالك الياباني لإحدى الناقلتين هذه الرواية التي أدلى بها الجيش الأميركي، قائلاً إنَّ السفينة أُصيبت بقذيفة طائرة، ولم يكن ما أصابها لغم أو طوربيد، وهو ما زاد من الالتباس.
ودعم وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت رواية القيادة المركزية، بعد أن أجرت الحكومة البريطانية تقييمها الخاص، فقال في بيانٍ له إنَّه «من شبه المؤكد» ضلوع الحرس الثوري الإيراني في هذه الهجمات، ودعا طهران إلى «التوقف عن جميع أشكال الأنشطة المزعزعة للاستقرار».
لكنَّ بعض حلفاء الولايات المتحدة الآخرين، الذين اختلفوا معها بسبب انسحابها من الاتفاقية النووية مع إيران لعام 2015، لم يذهبوا إلى هذا الحد، وبدا أنَّهم يتعاملون بحذر مع هذه المواجهة الدبلوماسية التي من الممكن أن تسبب انفجاراً بين واشنطن وطهران.
إذ قال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إنَّ دليل الفيديو هذا ليس كافياً بحد ذاته. وأضاف ماس، متحدثاً إلى الصحفيين في زيارة إلى أوسلو بالنرويج: «الفيديو ليس كافياً. يمكننا أن نفهم ما يعرضه الفيديو بالطبع، لكن بالنسبة لي فهذا لا يكفي للخروج بتقييمٍ نهائي».
حلفاء واشنطن
لا يريدون الاندفاع وراءها
وقال مايكل آيزنشتات، الخبير في شؤون المنطقة لدى معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، وهو مركز بحثي، إنَّ «بعض حلفاء الولايات المتحدة لا يريدون أن يُنظر إليهم على أنَّهم يتبعون خطى إدارة أميركية قد يُنظر إليها على أنَّها مندفعة في هذا الصدد. وكذا، فسوف ينتظرون إلى أن تحصل أجهزة استخباراتهم من مجتمع الاستخبارات الأميركي على تقييماتنا وأدلتنا الجنائية، وسوف يريدون أن يطلع رجال مخابراتهم بأنفسهم على السفن قبل التوصل إلى استنتاجاتهم الخاصة».
وأضاف آيزنشتات أنَّ هذا الهجوم يبدو «أنه يتلاءم مع نمط متسق للغاية مع هجماتٍ نفذتها إيران في الماضي»، بحسب تعبيره.
تثير التقارير المتضاربة حول هاتين الهجمتين المزيد من الاضطراب في منطقةٍ تعاني بالفعل من التوترات، في وقتٍ تُصعِّد فيه إدارة ترامب من الضغط على النظام الإيراني من خلال فرض عقوباتٍ صارمة ومناوراتٍ دبلوماسية.
من جانبه، شدد باتريك شاناهان، القائم بأعمال وزير الدفاع الأميركي، على الحاجة إلى التوصل إلى «إجماعٍ دولي» بشأن هذا الموقف.
وقال شاناهان يوم الجمعة أمام البنتاغون: «يتدفق 15 % من نفط العالم من خلال مضيق هرمز، لذا فمن الواضح أنَّنا بحاجة إلى وضع خطط للطوارئ في حالة تدهور الوضع. ونحن أيضاً بحاجة إلى توسيع دعمنا لهذا الموقف الدولي».
إيران: الحادث مدبر
من جانبه، أدان وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف اتهامات الولايات المتحدة بضلوع إيران في الحادث، قائلاً إنَّ هذه الاتهامات قد أُلقيت من دون «ذرةٍ من دليلٍ حقيقي أو ظرفي».
بل لقد ذهب ظريف إلى حد التلميح بأنَّ الحادث كان مدبراً، إذ غرَّد على تويتر: «كلمة (مريب) لا تكفي لوصف ما حدث». وقد وقعت هاتان الهجمتان بينما كان رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي في اجتماعٍ مع المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي، لإجراء محادثاتٍ يتعلق جزءٌ منها بمحاولة فتح حوارٍ بين طهران وترامب.
وقد رفض خامنئي بشدة مثل هذه الفكرة، إذ قال: «إنَّني لا أرى ترامب جديراً بأي تبادلٍ للرسائل، وليس لديّ أي رد عليه، ولن أرد عليه».
ما الذي ستفعله
الولايات المتحدة في هرمز؟
وأدانت القيادة المركزية الهجمات بوصفها «تهديداً واضحاً لحرية الملاحة الدولية وحرية التجارة»، وتعهدت بأنَّ الولايات المتحدة وشركاءها في المنطقة «سنتخذ جميع التدابير الضرورية للدفاع عن أنفسنا ومصالحنا».
وقال الكابتن بيل أوربان، المتحدث الرسمي باسم القيادة المركزية: «ليس للولايات المتحدة مصلحة في الانخراط في صراعٍ جديد في الشرق الأوسط. ومع ذلك، فسوف ندافع عن مصالحنا».
جاءت هذه الهجمات الجديدة بعد أيامٍ فحسب من جولةٍ من المقابلات الإعلامية أجراها القائد الجديد للقيادة المركزية كينيث ماكينزي، حذَّر فيها من أنَّ إيران تشكل تهديداً «وشيكاً» للقوات الأميركية في الشرق الأوسط. وقال ماكينزي لصحيفة Wall Street Journal إنَّ التعزيز السريع للقوات الأميركية في الخليج الشهر الماضي في أعقاب التهديدات المبلغ عنها قد نجح في جعل الوضع مستقراً، مضيفاً أنَّه ربما يوصي بوجودٍ أكبر للولايات المتحدة في المنطقة.
وقال بعض الخبراء إنَّ شركاء الولايات المتحدة في المنطقة، مع أنهم لا يريدون صراعاً شاملاً، فمن المرجح أن يضغطوا على الجيش الأميركي لكي يفعل المزيد للرد على «العدوان الإيراني».
إذ قالت بيكا واسر، المحللة السياسية بمؤسسة راند: «أبدى الشركاء الإقليميون مثل السعودية والإمارات ضبطاً للنفس، لأنَّهم يعرفون أنَّ الصراع الأميركي- الإيراني ليس في مصلحتهم. ومع أنَّهم لا يريدون صراعاً مفتوحاً، فإنهم لا يمانعون في أن توجه الولايات المتحدة ضربةً لإيران، لكي ترسل رسالةً مفادها أنَّ أي تخريبٍ يعتمد على تكتيكات المنطقة الرمادية لن يُتسامح معه».
copy short url   نسخ
17/06/2019
1172