+ A
A -
السؤال:
أنا مدمنة على مشاهدة المواقع المحرمة عبر التلفاز أو النت، بسبب كثرة الفراغ، وكان ذلك يؤلمني جدا، وبعد أن تبت بقيت تلك الصور لا تفارق مخيلتي مع طردها بكل السبل، وأريد أن أعرف كيف أهتدي الهداية الحقة؟ لأنني وجدت نفسي ضعيفة جدا، وأريد أن أكون أقوى؟
الإجابــة:
إننا نبشرك فإن ربك الكريم الحليم، الذي قد لطف بك لا يرد عبداً جاءه تائباً نادماً مستغفراً، بل يقبله، وأيضاً يستره، بل إنه يبدل سيئاته حسنات، ويزيده من فضله ويضاعف أجره، كما قال تعالى: {إلا من تاب وآمن وعملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً}، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له، التائب من الذنب حبيب الرحمن).
وأما ما ذكرته من أنك ابتليت بهذه المشاهد التي لا تفارق مخيلتك، وأنك تحاولين طردها فلا تستطيعين، فهذه وللأسف، إحدى الآثار التي تتركها هذه الأفلام الخليعة، فإن الإنسان إذا ما رأى مثل هذه المشاهد وخاصة إذا تكرر ذلك منه، فإن هذه الصور تكاد أن تنتقش في ذهنه بحيث يجعلها عدو الله إبليس حاضرة في ذهنه كثيراً جداً، ليوقعه مرةً أخرى في هذه الرذيلة والعياذ بالله تعالى. ومن المعلوم أن أعداء الله، يتفننون في رسم هذه الصور، وإخراجها لا سيما إن كانت صوراً حية كالأفلام، بحيث يصير الضرر فيها متضاعفاً، والأثر مدمراً، مضموماً إلى ذلك ما يترك ذلك من أثر على الأخلاق في نفس المشاهد لهذه الأفلام المنحطة، بحيث إن من يبتلى بهذه البلية ولا يتوب منها يصبح فاقداً للمروءة عادماً للشرف، يشتهي الحرام ويؤثره على الحلال، بل ربما أدى ذلك إلى وقوعه في بعض الأمراض المعروفة التي هي من جنس عمل قوم لوط، نتيجة لانحراف الفطرة وانعدام الفضيلة. فإذا عرفت ضررها على نفسك ودينك وعرضك، أعانك ذلك على تجنبها والبعد عنها.
وأما الخطوات التي ينبغي أن تتبعيها للتخلص من هذه الذكريات البائدة فهي كالآتي: -
أولاً: المحافظة على صدق التوبة وقوتها، وعدم التردد والضعف في ذلك، كما قال تعالى: {فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم}، وقال تعالى: {خذوا ما آتيناكم بقوة.. }.
ثانياً: دوام التضرع واللجوء إلى الله لجوءاً صادقاً قوياً، بحيث تسألين الله أن يعينك على التخلص من هذه الآثار الباقية، وأن يشرح صدرك، ومن الدعاء الحسن في هذا المقام ما جاء في قوله تعالى: {رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري... }، وأيضاً: اللهم حبب إلينا الإيمان وزينة في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين، وهذا دعاء ثابت عنه صلوات الله وسلامه عليه.
ثالثاً: البعد عن أسباب الفتنة والإثارة، فابذلي وسعك أن تتجنبي الأماكن التي تثير الفتنة وتحرك النفس، وأيضا تجنب الدخول على مواقع شبكة المعلومات (الإنترنت) إلا للضرورة القصوى، مع تجنب مشاهدة البرامج التي ربما تذاع في التلفاز، والتي تحتوي على المحرمات، من الاختلاط والغناء ونحو ذلك من المحرمات والفواحش.
رابعاً: إن كان بمقدورك الرجوع إلى بلدك، بحيث تكونين أكثر تحصناً وأبعد عن مواقع الإثارة والتهييج للشهوات، فهذا هو الواجب، فإن الله جل وعلا أوجب على المؤمن البعد عن أسباب الفتنة والفساد في الدين، وهذا أمر يجمع عليه عند الفقهاء، على الحالة التي وصفنا في كلامنا هذا.
خامساً: املأي أوقات فراغك بكل ما هو مفيد، وأنت بحمد الله امرأة مسلمة، فليكن لديك وقت ما لسماع شريط إسلامي يرقق قلبك، ويفيدك في دينك، وكذلك كتاب نافع، ككتب السيرة التي تحوي سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك الرسائل النافعة المسهلة، بل إنك لو قمت بتعلم عمل نافع لك ولو كان دنيوياً، كتعلم الخياطة أو المشاركة في بعض الندوات الإسلامية ونحوها من الأمور التي تعود عليك بالخير في الدنيا والآخرة، فإن ذلك يعينك جداً في هذا الموضوع.
سادساً: حاولي أن يكون لك أخوات صالحات في أي بلاد تكونين فيها، فإن الرفقة الصالحة من أحسن ما يعين على طاعة الله، والثبات على دينه، والمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعض بعضاً.
سابعاً: إن كنت غير متزوجة فلتحرصي على الزواج برجل مسلم محافظ على دينه، فإن الزواج من أعظم ما يعين على حفظ الفرج وغض البصر، كما ثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم -: (فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصيام فانه له وجاء). والله تعالى أعلم.
copy short url   نسخ
16/06/2019
718