+ A
A -
بقلم- أ.د علي عبدالله آل إبراهيم
قبل عام 1990، كان ينظر إلى انتهاكات حقوق الإنسان على أنها شأن داخلي للدول. وبالتالي، لم تعتبر انتهاكات حقوق الإنسان في إحدى الدول قضايا تتطلب التدخل الخارجي. ومع ذلك، وبعد تفكك الاتحاد السوفياتي ونهاية الحرب الباردة، تجاوزت انتهاكات حقوق الإنسان كونها شأنا داخليا للدولة، وأصبحت قضية دولية في الوقت الحالي. وفي هذا الصدد، نشأت مشكلة أخرى، وهي أن مفهوم التدخل الإنساني فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة داخل حدود الدولة، تتجاوز في بعض الأحيان السيادة لبلد ما، وأدى في بعض الحالات إلى تطبيق العقوبات العسكرية. إن تدخل الجهات الفاعلة المهيمنة في النظام العالمي في الشؤون الداخلية للدول وفرضها «العقوبات العسكرية» تحت اسم التدخل الإنساني قد انتهى إلى حد انتهاك حقوق السيادة لهذه الدول، وقد أدى هذا الوضع إلى رد فعل متزايد بين المجتمع الدولي. وعلى الرغم من أن التدخل العسكري والتدخل الإنساني هما مفهومان مختلفان، إلا أن التدخل الإنساني، في الواقع، يجلب بعد ذلك التدخل العسكري. فالعمليات العسكرية التي استهدفت كوسوفو في عام 1999 كانت تدخلات إنسانية نفذت بدون قرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
ومع ذلك، لم يتم إدانتها، وأدى استخدام الفكرة بهذه الطريقة إلى إعادة مناقشة التدخل الإنساني منذ الحرب الباردة.
وعلى الرغم من أنه يظهر جليا بأنه ليس هناك بديل لمثل هذه التدخلات، تقترح الدبلوماسية الإنسانية القيام بمحاولات لإيجاد حلول للمشاكل عن طريق المفاوضات، وفي نفس الوقت تخليص الأشخاص المتضررين بينما لا تزال المفاوضات مستمرة. وفي معناها الكلاسيكي، تعتبر الدبلوماسية نشاطًا خاصًا ورسميا من قبل خبراء متمكنين فيما يتعلق بمجال واسع من قضايا الحرب والسلام التي تنظم الوظائف المتعلقة بالدولة.
وتعد «الدبلوماسية الإنسانية» إحدى الأدوات المكملة للدبلوماسية التقليدية، إذ يمكن النظر إليها باعتبارها إحدى أدوات القوة الناعمة.
ووفقاً للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، فإن الدبلوماسية الإنسانية تقنع قادة الرأي وصانعي القرار بالعمل في جميع الأوقات، لصالح الأشخاص الضعفاء، والاحترام الكامل للمبادئ الإنسانية الأساسية. والدبلوماسية الإنسانية هي مجال متنامٍ في الدبلوماسية وتعتبر جزءا من الدبلوماسية العامة، وهي تسعى لإقناع صانعي القرارات وأصحاب الآراء بالعمل على الدوام لما هو في مصلحة المستضعفين، وذلك باحترام المبادئ الإنسانية الأساسية على وجه تام. وتستند المبادئ الإنسانية على عوامل أساسية مثل:عدم التحيز، وعدم التمييز على أساس الدين والعرق والهوية والجنسية بين المستهدفين من جهود القائمين على تنفيذ الدبلوماسية الإنسانية، والحياد دون أن يكون ذلك ضد أي طرف فاعل في النزاعات، وكذلك الاستقلال دون الاعتماد على أي دولة أو جهة فاعلة سياسية.
وتعمل منظمات المساعدات الإنسانية بهذه المبادئ عندما تقوم بمهامها في مناطق النزاع المسلح. وتستخدم الدبلوماسية الإنسانية عدة أدوات وطرق للقيام بدورها منها: المناصرة والمفاوضات والاقناع. إضافة إلى الاتصال والاتفاقات الرسمية والمعاهدات، وغيرها من الأدوات المتاحة.
وختاما، وفي ظل التفاعل العالمي على وجه الخصوص مع قضايا المستضعفين، حريا بنا أن نقدم في عالمنا الإسلامي نماذج ناجحة وممارسات يمكن أن يقتدي بها العالم في مجال «الدبلوماسية الإنسانية»، في ظل تفاعل المسلمين مع القضايا والحاجات الإنسانية بصورة كبيرة، وخاصة خلال شهر رمضان المبارك، والذي يحقق موارد مالية كبيرة للمنظمات الخيرية والمجتمعية، وبالتالي تحويل تلك الموارد المالية إلى مشروعات ذات أثر مستدام تساهم في تلبية حاجات المستضعفين وتمكينهم من تلبية احتياجاتهم للعيش بأمان وكرامة.
copy short url   نسخ
23/05/2019
3423