+ A
A -
قالت دراسة حديثة إن قطر حلت في الصدارة عربيا بالشمول المالي حيث تتجاوز نسبة ملكية الحسابات المصرفية في المجموعة التي تضم قطر ودول مجلس التعاون الخليجي إلى جانب ليبيا المتوسط العالمي البالغ 62 % في 2014 و69 % في 2017 أما المجموعة الثانية فتشمل كلا من لبنان والأردن وفلسطين ومصر والصومال واقتصادات المغرب العربي (الجزائر وتونس والمغرب) وهي اقتصادات ذات معدلات شمول مالي متوسطة تتراوح بين 25 % و45 % أما المجموعة الثالثة فتتضمن كلا من سوريا والعراق وجزر القمر وموريتانيا والسودان وجيبوتي واليمن وهي اقتصادات ذات معدلات شمول مالي أقل من أو يساوي 23 % وهو متوسط دول افريقيا جنوب الصحراء في العام 2011.
وأشارت الدراسة التي أعدها الدكتور عبد الحليم عمار غربي وتضمنها العدد الجديد من مجلة بيت المشورة العلمية المحكمة إلى أن نسبة البالغين الذين قاموا بالادخار لدى مؤسسات مالية رسمية في قطر تعتبر بين الأعلى عربيا بواقع 25.4 % مقارنة مع مستويات بلغت 22.6 % في سلطنة عمان و 21.2 % في لبنان و18.3 % في تونس و17.1 % في ليبيا و 14.3 % في السعودية و 11.4% في الجزائر و10.1 % في الأردن و9.1 % في موريتانيا و7.5 % في السودان وبلغت نسبة الادخار النقدي خلال فترة القياس البالغة (12 شهرا) مستوى 56.3 % في قطر وهو معدل مرتفع عربيا.
وأفادت الدراسة أن اتحاد المصارف العربية يرى أن الشمول المالي مفهوم يهدف إلى تعميم المنتجات والخدمات المالية والمصرفية بتكاليف معقولة على العدد الأكبر من الأفراد والمؤسسات خصوصا فئات المجتمع ذات الدخل المحدود وذلك من خلال القنوات الرسمية وابتكار خدمات مالية ملائمة وبتكاليف منافسة وعادلة لتفادي لجوء تلك الفئات إلى القنوات والوسائل غير الرسمية مرتفعة التكاليف والتي لا تخضع للرقابة والإشراف.
ولفتت الدراسة التي تحمل اسم فجوة الشمول المالي والمصرفي في الاقتصادات العربية إلى أن الشباب في معظم الاقتصادات العربية لا يتمتعون باستقلالية مادية قبل عمر الخامسة والعشرين عاما كما أن الشباب دون سن الـثامنة عشرة عاما لا يمكنهم فتح حسابات مصرفية وإدارتها الأمر الذي يفسر تدني معدلات الشمول المالي في معظم الاقتصادات العربية باستثناء دول مجلس التعاون الخليجي فيما تكشف البيانات المتاحة عن ارتفاع مؤشر ملكية الحسابات المصرفية عربيا عندما يتم احتساب البالغين فوق سن الـخامسة والعشرون عاما.
ورصدت الدراسة حزمة من الفرص المتاحة لتحسين وصول الخدمات المالية لعدد أكبر من الأفراد والمشروعات في الاقتصادات العربية من خلال تعزيز الشمول المالي عبر التوسع في تقديم الخدمات المالية المبتكرة وتبنى استراتيجيات وطنية للتثقيف المالي بما يحقق معالجة نقص المعلومات وتذليل العديد من الصعوبات المترتبة على هذا النقص وخاصة بالنسبة إلى المشاريع الصغيرة والمتوسطة الأمر الذي سيساهم في دمج القطاع المالي غير الرسمي ضمن القطاع المالي الرسمي وتيسير الحصول على التمويل المطلوب كما يتطلب سد فجوة الشمول المالي في الاقتصادات العربية تضافر العديد من الجهود على مستوى المؤسسات الحكومية من خلال تبني استراتيجيات متكاملة وفاعلة للشمول المالي ودعم عملية التثقيف والتعليم المالي مع تهيئة البيئة المواتية لضمان حقوق مستهلكي الخدمات المالية بوضع ضوابط لحماية المستهلك المالي بما يسهم في تحسين فرص الوصول للتمويل والخدمات المالية بهدف زيادة فرص النمو والاستقرار الاقتصادي والاسهام في تحقيق العدالة الاجتماعية.
ودعت الدراسة المصارف والبنوك المركزية العربية إلى قيادة الاستراتيجيات الوطنية للشمول المالي والمصرفي وذلك من خلال حزمة من التدابير تتمثل في: وضع قواعد وأنظمة قانونية هدفها تيسير اجراءات المعاملات المصرفية بكافة أشكالها وتذليل العقبات على جانبي العرض والطلب لضمان وصول الخدمات المالية إلى مستخدميها إلى جانب العمل على تقنين القنوات غير الرسمية وإخضاعها لرقابة وإشراف البنوك المركزية والعمل على تشجيع إنشاء وتطوير قنوات إضافية للخدمات المالية التقليدية وذلك باستخدام التكنولوجيا الحديثة وتحسين البنية التحتية المالية المساندة من خلال إنشاء نظم المعلومات الائتمانية وتطوير أنظمة الدفع والتسوية والوساطة المالية علاوة على تحفيز القطاع المالي والمصرفي على تعزيز التوعية ونشر الثقافة المالية والمصرفية وإنشاء إدارات أو مجموعات عمل داخل المصارف المركزية تعنى بقضايا الشمول المالي والمصرفي والإفادة من المبادئ والإرشادات الصادرة عن السلطات الإشرافية والمؤسسات الدولية المعنية بقضايا الشمول المالي والمصرفي.
وشددت الدراسة على أن توسع البنوك الإسلامية في المنطقة العربية يوفر إمكانيات هائلة لتعزيز الشمول المالي والمصرفي في الاقتصادات العربية حيث أن قطاع الصيرفة الإسلامية يتمتع بسعة كبرى لاستيعاب المزيد من المتعاملين من غير المشمولين بالخدمات المصرفية وفي الأعوام الأخيرة اعترفت المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين بالصناعة المالية الاسلامية بوصفها أحد ابرز أدوات مواجهة تحدي الاستبعاد المالي والمصرفي فيما تشير التقديرات إلى أن الصناعة المالية والمصرفية الإسلامية مقبلة على المزيد من التطور لاسيما فيما يتعلق بتحسين نوعية الخدمات وابتكار منتجات جديدة للوصول إلى قاعدة أوسع من العملاء وتعزيز الشمول المالي والمصرفي في الاقتصادات العربية. يشار إلى أن الخطة الاستراتيجية الثانية للقطاع المالي بالدولة (2017 - 2022) والتي قام بإعدادها كل من مصرف قطر المركزي وهيئة قطر للأسواق المالية وهيئة تنظيم مركز قطر للمال (الجهات الرقابية المالية الثلاث) تستهدف تعزيز الشمول المالي؛ بوصفه ركيزة استراتيجية أساسية للمساهمة في تعزيز النمو المستدام، وخلق فرص العمل، والحدّ من حالات عدم المساواة، وحماية الاستقرار المالي يحظى بأهمية معترف بها على صعيد واسع. ومن هذا المنطلق، وبحسب ما ورد في الخطة «فقد تم اعتماد هذا الهدف الجديد، ليس فقط من خلال الأعمال المتعلقة بالعرض مثل التدابير التي تسمح بالنفاذ إلى التمويل ولكن أيضاً من خال الأعمال المتعلقة بالطلب كتعزيز التثقيف المالي، كما أن من الأهمية بمكان ضمان الوصول إلى مجموعة كاملة من الخدمات المالية المناسبة والعالية الجودة والاقتصادية من قبل المجموعات السكانية أو الأعمال التجارية التي لا تملك حسابات مصرفية أو التي لا تحظى بمثل هذه الخدمات».
ووفق الخطة فإن عدد فروع البنوك للمائة ألف شخص- الذي يعدّ أحد قياسات الشمول المالي الديموغرافي- ارتفع بنسبة 60 % تقريباً خلال الأعوام 2009 إلى 2016، في حين ازداد الشمول المالي الجغرافي، أي عدد فروع البنوك للألف كيلومتر مربع بنسبة 10 % خلال الفترة نفسها وترى الخطة أن استخدام الابتكار المالي في جعل العمليات المالية في شكل رقمي وآلي سيؤدي إلى إتاحة الفرصة للقطاع المالي بالوصول إلى العملاء والمستثمرين من جميع الفئات بشكل سهل وبتكلفة أقل. كما تشكل هذه الخدمات المالية مقاربة صديقة للبيئة وتعطي الفرد في الوقت نفسه إمكانية الوصول إلى المنتجات والخدمات المالية المفيدة والممكنة.
يذكر أن مجلة بيت المشورة هي أول مجلة علمية دولية محكمة ومرخصة من وزارة الثقافة والفنون والتراث في دولة قطر، وحاصلة على التصنيف الدولي الخاص بالمجلات العلميةISSN ومفهرسة في قواعد بيانات عربية واجنبية، وهي تعنى بنشر البحوث في مجالات الاقتصاد والصيرفة الإسلامية وباللغتين العربية والإنجليزية، وتهدف إلى نشر الوعي المعرفي من خلال إتاحة هذه البحوث والدراسات للمستفيدين من خلال وسائط النشر الورقية والإلكترونية، وتضم الهيئة الاستشارية للمجلة كوكبة من الأكاديميين المختصين والبارزين من مختلف الدول العربية والإسلامية.
copy short url   نسخ
20/05/2019
1306