+ A
A -
كتب- يوسف بوزية طالب عدد من الدعاة والقانونيين المزكين والجمعيات الخيرية بالعمل على تسوية ديون المتعثرين للمصارف الإسلامية بالتزامن مع شهر رمضان الفضيل، وذلك من خلال أموال الزكاة والصناديق الخيرية التي ترعاها المؤسسات بعد النظر في هذه الحالات للوقوف على مدى استحقاقها لأموال الزكاة وفقاً لأحكام الشريعة.
وأكدوا في تصريحات لـ الوطن ضرورة توجيه أموال الزكاة في مساعدة حالات الغارمين والمتعثرين ماديا الذين يعانون من ديون وليس في استطاعتهم سدادها، خاصة خلال شهر رمضان المبارك لمساعدتهم في تجاوز الصعوبات التي تواجههم في حياتهم وبدء حياة جديدة.
أكد الداعية الشيخ عبدالله النعمة على أحقية المديونين في أموال الزكاة، وهم الذين أوقعتهم ظروفهم في قبضة الديون التي لم يتمكنوا من تسديدها، حيث إن هذه الفئة من المواطنين والمقيمين المتعثرين بقضايا مالية يطلق عليهم «الغارمين»، كما أنهم يمثلون أحد أبواب مصارف الزكاة الثمانية، فلك أن تعطيه من الزكاة ليصرفها في قضاء دينه أو حاجاته التي قد تكون ألحَّت عليه، لأن من شروط الزكاة تمليكها المستحق لقوله تعالى: «إنما الصدقات للفقراء» واللام للتمليك فإذا قمت بتسديد الديون عنه فأنت لم تملكه إياها.
دراسة الحالات
وأوضح في تصريحات لـ الوطن أن المديون المستحق للزكاة إنما هو الرجل المديون في أمر مباح وملح وليس من أخذ قرضا لمجرد الترفيه أو شراء سيارة فالأول هو أحد مصارفها الثمانية، منوهاً بضرورة متابعة دراسة الحالات التي يتقدم بها مستحقو الزكاة للوقوف على مدى استحقاقها وفقا للشريعة، مؤكداً ضرورة توجيه أموال الزكاة إلى مصادرها الشرعية بصورة جيدة يستفيد منها المجتمع وتخدم قطاعات عدة.
وأشار النعمة إلى الحملات التي ترعاها بعض الجمعيات والمؤسسات الخيرية في الدولة لسداد ديون عدد من الغارمين، سواء من صدرت بحقهم أحكام قضائية، أو من دخلوا السجن فعلا بسبب ديون عجزوا عن سدادها، وذلك بهدف تفريج كربتهم وإدخال السرور على قلوب أبنائهم وجمع شملهم مع أسرهم قبيل حلول عيد الفطر المبارك.
تعريف الغارم
في حين قال الشيخ عبدالله بن إبراهيم السادة إن من يتعثر في سداد دين اقترضه لشراء سيارة ليكون من أهل السعة أو الترف، أو للسياحة والترفيه فلا يستحق أن يُعطى من الزكاة، وإنما يستحق أموال الزكاة إذا استدان مبلغاً مضطراً إليه؛ لينفق به على نفسه أو على من تلزمه نفقته، كأبيه ولأولاده أو زوجته وليس عنده ما يسدد به الدين.. وينبغي التنبه إلى أن الغارم هو الذي يغرم بسبب عجز عن نفقة، أو للإصلاح بين متخاصمين، وما شابه ذلك، وهو (من تحمل غرامة في إصلاح ذات البين، وإطفاء النائرة بين القبيلين).
الأسر المتعففة
وفي تعليقه على تنظيم وتلقي أموال الزكاة وصرفها في الأوجه المقررة شرعاً دعا ناصر الحميدي، عضو مجلس الشورى، إلى تضمين قانون أموال الزكاة، مادة تلزم مجلس إدارة صندوق الزكاة، بصرف نسبة معينة من الأموال أو حد أدنى لا يقل عن 40 أو 50 % من أموال الزكاة، في مصارفها الشرعية داخل الدولة، لأن هنالك عوائل متعففة ينطبق عليها النصاب الشرعي للزكاة في حين أن ما يصلها من أموال الزكاة لا يفي باحتياجات هذه الأسر في ظل غلاء الأسعار الحالي.
وأكد الحميدي ضرورة أن يتم التدقيق على هذه الأموال وأوجه صرفها من قبل ديوان المحاسبة كجهة رقابية تحظى بثقة الدولة والمواطنين، بهدف حفظ المال العام والمساهمة في تحسين استخدام موارد الدولة والارتقاء بمبادئ المحاسبة والرقابة، وأوضح أن نص القانون لم يحدد أوجه صرف أموال الزكاة في داخل الدولة أم خارجها، داعياً إلى وضع نص محدد يبين آلية صرف هذه الأموال وما أوجه الصرف المحددة، وإن كانت هناك إمكانية للإنفاق في الخارج.
صندوق خيري
من جهته دعا المحامي نايف النعمة، إلى إنشاء صندوق خيري لدعم المتعثرين عن السداد لما يمثله ذلك من أهمية من الناحية الاجتماعية والأمنية والأسرية والنفسية للمتعثرين، وكذلك إيجاد قناة لزكاة المحسنين وأهل الخير تصب في هذا الصندوق.. منوهاً بدور المجتمع المدني، ممثلاً بالجمعيات الأهلية الخيرية، في سداد ديون المتعثرين وفك كربة الغارمين، لكن مساعداتهم المالية محدودة ولا تفي بالغرض، وأنه لابد من اشتراك جميع أفراد المجتمع في حملة، وإنشاء صندوق لدعم المحتاجين، مؤكداً أن كثيراً من المتعثرين في سداد القروض يحتاجون أحياناً إلى دعم مالي، خصوصاً أن العديد من القضايا المنظورة أمام المحاكم بسبب شيكات.
وحذر النعمة من الآثار الاقتصادية والاجتماعية للقروض على مستقبل الأسرة، لافتاً إلى الدراسات الاجتماعية التي تربط بين الديون والتعثر والأزمات المالية وزيادة نسبة الطلاق المبكر والأمراض النفسية والبدنية مثل الاكتئاب وأمراض السكري وضغط الدم والقلب.
وأشار النعمة إلى ضرورة إطلاق حملة تعريفية وتوعوية بأضرار الديون، وأن الشخص عليه أن يدرك خطورة الدين إذا لم يكن قادراً على سداده، وأنه من الممكن أن تدمر أسرة بسبب الغرامة والديون، لأن هناك بعض الأشخاص ليس لديهم وعي أو إدراك بخطورة الدين، وكذلك لديهم سوء تقدير للمصاريف.
ونصح في ختام تصريحه المواطنين والمقيمين بعدم الاستدانة، لشراء كماليات وليس أساسيات، مؤكداً أن الدين هم بالليل ومذلة بالنهار.
صندوق الزكاة
ويعتبر صندوق الزكاة الجهة الحكومية التي أسند إليها القانون الاختصاص بجمع أموال الزكاة وإخراجها إلى مستحقيها ممن تنطبق عليهم شروط المصارف الشرعية، ويتولى الصندوق حساب زكاة الشركات الخاصة الصغيرة والمتوسطة، وإجراء البحوث الاجتماعية والميدانية على طلبات المساعدة ودراسة تقارير الطلبات ومتابعة حالات المساعدة المنتهية، وذلك بهدف التأكد من استحقاق طالبي المساعدة وضمان وصول زكوات أهل قطر إلى مستحقيها.
كما يتلقى صندوق الزكاة الزكوات في مكتب التحصيل الرئيسي في مبنى الصندوق الكائن بشارع سلوى على تقاطع سوق الخميس والجمعة وفي عشرات المكاتب ونقاط التحصيل الفرعية الموجودة في مختلف أماكن الدولة كما يتلقى هذه المساعدات عن طريق استدعاء المحصل السريع على الهاتف الجوال رقم «55199996»، كما يمكن ذلك عن طريق أجهزة الصراف الآلي لكل من مصرف قطر الإسلامي «المصرف»، ومصرف الريان.
تحديث التشريعات
يذكر أنه جرى إعداد مشروع قانون جديد بشأن تنظيم تلقي وصرف أموال الزكاة، ليحل محل القانون رقم (8) لسنة 1992 بإنشاء صندوق الزكاة، في إطار تحديث التشريعات ومواكبة التغييرات.. حيث تتولى بموجب أحكام مشروع القانون، الإدارة المختصة بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، تلقي أموال الزكاة وصرفها في الأوجه المقررة شرعاً. واشتمل مشروع القانون على عدة أحكام جديدة غير تلك الأحكام الواردة في القانون السابق، من بينها حظر استثمار أموال الزكاة بأي طريق من طرق الاستثمار، والتأكيد على أن أموال الزكاة تودع في حساب خاص في بنك أو أكثر من البنوك الوطنية الإسلامية، يحددها الوزير، ويسمى حساب صندوق الزكاة.
كما تُنظر الدعاوى المتعلقة بتنفيذ أحكام هذا القانون على وجه الاستعجال، وللمحكمة في جميع الأحوال أن تقضي بشمول الحكم بالنفاذ المعجل بلا كفالة، وأنه لا يجوز تملك أموال الزكاة بالتقادم كما لا يجوز الحجز عليها لأي سبب من الأسباب.. وأن الإدارة عليها أن تعد بيانات تشتمل على قوائم بالمتقدمين والمستحقين للزكاة وفقاً لما يتوفر لديها من بيانات.
copy short url   نسخ
20/05/2019
3285