+ A
A -
كتب – أكرم الفرجابي
أشاد خبراء بمؤتمر الآليات الوطنية والإقليمية والدولية لمكافحة الإفلات من العقاب وضمان المساءلة بموجب القانون الدولي، الذي استضافته الدوحة مؤخرا ، معربين عن ارتياحهم للنتائج والتوصيات التي خلص إليها.. ودعا الخبراء إلى إعادة النظر في هيكلة المحكمة الجنائية الدولية في ظل اختلاط الأوراق بين ما هو سياسي وما هو قانوني، لا سيما في ضوء عدم اتخاذ المحكمة أي تدابير بشأن التجاوزات الإسرائيلية بحق المدنيين الفلسطينيين.
قالوا في حديثهم لـ الوطن: إن فلسطين تقدمت إلى المحكمة الجنائية الدولية بقضايا انتهاكات ارتكبتها دولة الاحتلال الإسرائيلي منذ حوالي أكثر من ستة أشهر، كما تقدمت أيضاً بشكاوى بعد حرب 2014 على قطاع غزة، إلا أنه حتى هذه اللحظة لم يحدد المدعي العام إذا كانت المحكمة مختصة في هذا الموضوع أو غير مختصة، ويأتي الرد بأن المحكمة التمهيدية لاتزال تنظر في الموضوع، لكن عندما يكون الأمر متعلقاً بعالمنا العربي ودول العالم الثالث، في أقل من مدة شهر تقريباً يصدر أمر من المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بمذكرة اعتقال لإلقاء القبض على الرئيس (سين) أو (صاد).
مبادرة طيبة
وصف سعادة توفيق بودربالة، رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسيّة في تونس، مؤتمر الآليات الوطنية والإقليمية والدولية لمكافحة الإفلات من العقاب وضمان المساءلة بموجب القانون الدولي، بأنه مبادرة طيبة تستحق كل إشادة وتقدير، معرباً عن ارتياحه لاستضافة الدوحة هذا المؤتمر المهم، الذي شارك فيه أكثر من (250) منظمة ومحكمة دولية، مشيراً إلى الحيوية التي تتمتع بها اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في دولة قطر، والتي بموجبها استطاعت أن تجمع ما بين الهيئات واللجان داخل الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، مؤكداً أن الهيئات واللجان في كل البلدان هي مؤسسات مستقلة، ولها دور حمائي يشمل كافة حقوق الإنسان، ولكن هناك أيضاً هيئات أخرى لها نوع محدد من القضايا، وتكون جهودها منصبة نحو انتهاكات بعينها مثل مكافحة التعذيب والاتجار بالبشر وغيرها، لكن الهيئات واللجان الوطنية تلعب دوراً شاملاً في حقوق الإنسان، لذلك تقع على عاتقها مسؤولية أكبر.
وقال إن المؤتمر شكل أكبر دليل على الأهمية التي يوليها المجتمع الدولي لمحاربة الإفلات من العقاب، من خلال عمليات تقصي أولاً، ثم تشخيص ما وقع، وتحديد الضحايا والمسؤولين، ثم المساءلة والمحاكمة أو الاعتذار، في حال إذا كان لا توجد هنالك أعمال إجرامية، ثم رد الاعتبار للضحايا، وكتابة التاريخ، والمساءلة أمام القضاء لمن اقترف جرماً، وكل ذلك يتم طبقاً للقانون دون أي تشفي، ثم التعرف على ما فعل بالاعتراف، وتقديم الاعتذار إذا كان أمكن ورد الاعتبار ثم المصالحة الوطنية، والحيلولة دون الرجوع إلى ما وقع من انتهاكات، مثلما حدث في جنوب إفريقيا، مشدداً على عدم التكرار الذي لا يأتي إلا بإرساء العدالة والاعتراف بالذنب والمحاكمة أو الصفح ثم المصالحة الوطنية، مشدداً على ضرورة وجود مرصد دولي تحت مظلة الأمم المتحدة لرصد كل الانتهاكات وضمان عدم التكرار، حيث إنه يكون هو المعيار الذي يمكن الرجوع إليه في حالة وقوع انتهاكات جسيمة، مطالباً بإعادة النظر في هيكلة المحكمة الجنائية الدولية، كونها لا تقوم بالتتبع إلا في دول العالم الثالث، وأن إسرائيل تفعل ما تريد وأميركا تفعل ما تريد، وبحسب القانون أي يطرف لم يقبل التوقيع على ميثاق روما لا تتم مساءلة بها، موضحاً أن مجلس الأمن بإمكانه أن يصدر عقوبات ضد دول لم تنخرط في هذه المنظومة لحفظ السلم والأمن ما بين الشعوب.
دور بارز
ومن جانبه أكد توفيق الحميدي، رئيس منظمة سام للحقوق والحريات في اليمن، أن المنظمات الحقوقية المحلية كان لها دور بارز في كشف الانتهاكات التي ارتكبتها الأطراف المتعددة في اليمن، قائلاً: نحن مثلاً في منظمة سام كنا أول منظمة كشفت السجون السرية لدولة الإمارات في جنوب اليمن، وأيضاً الانتهاكات التي ارتكبتها جماعة الحوثي في الشمال، وكذلك رصدنا بشكل دقيق كافة الضربات التي تسمى بالضربات الخاطئة التي ارتكبها طيران التحالف، خاصةً طيران المملكة العربية السعودية شمال اليمن وجنوبها، وحالياً نعمل بهذا الدور على أكمل وجه، وفي ما يتعلق بقضية الإفلات من العقاب، وضمان المساءلة بموجب القانون الدولي، يعتقد الحميدي أن عملية الرصد والتوثيق لهذه الانتهاكات تشكل مقدمة أساسية لمعاقبة ومساءلة مرتكبي جرائم الحرب، لأنها توثق الأدلة وأحوال الضحايا وأيضاً شهادة الشهود، وهذه مقدمة أساسية ومهمة من أجل محاسبة مرتكبي جرائم الحرب في اليمن وعدم إفلاتهم من العقاب.
وأوضح أن المؤتمر انعقد في ظرف حساس والمنطقة العربية تشهد حالة اضطرابات في أكثر من دولة مثل سوريا واليمن وليبيا وحتى داخل المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية وغيرها من الدول، مبيناً أن مؤتمر بهذا الحجم سيشكل إجماعا مهما لتحريك المجتمع الدولي للضغط من أجل محاسبة ومحاكمة مرتكبي الحرب في المراحل المقبلة، خاصةً إذا كان مرتكبو هذه الجرائم من القيادات الكبرى، سواء أن كانت سياسية أو عسكرية، ويتبوؤون مناصب كبرى في الدول، مشدداً على ضرورة تفعيل آليات المحكمة الجنائية الدولية، منوهاً بأنه يجب على المجتمع الدولي أن يطور آلياته باستمرار من أجل عملية المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب، لافتاً إلى أن المحكمة الجنائية بصيغة روما صيغة متقدمة لكن هذه الصيغة اليوم بحاجة إلى تطوير وتفعيل حيث إنها تكون أكثر فاعلية في ظل تعقيدات الظروف، حتى لا تبقى المحاسبة بيد مجلس الأمن كجهة سياسية لإحالة القضايا إلى المحكمة الجنائية الدولية.
انتهاكات جسيمة
من جهته قال أسعد يونس، خبير في حقوق الإنسان من فلسطين: إن موضوع مكافحة الإفلات من العقاب سينعكس بشكل إيجابي على فلسطين لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين في ما يرتكبونه من جرائم وانتهاكات بحق الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة، لافتاً إلى أن هناك لجنة تحقيق أممية من مجلس حقوق الإنسان، أنهت مؤخراً تحقيقها في الأراضي الفلسطينية، وتوصلت إلى توصيات رفعتها للأمم المتحدة، مفادها أن هناك انتهاكات جسيمة يرتكبها الاحتلال بحق الفلسطينيين، وتضمن التقرير الذي صدر عن لجنة التحقيق العديد من البنود المهمة، التي توضح أن هناك أكثر من (33) ألف مصاب خلال فترة التحقيق البالغة (9) أشهر، بالإضافة إلى أكثر من (300) شهيد، بينهم حوالي (100) شهيد من الأطفال، ومن بينهم شهيدان صحفيان، ومن بينهم كذلك شهداء مسعفون كانوا يعملون ضمن الطواقم الطبية، وطالب التقرير الذي تم رفعه إلى مجلس حقوق الإنسان بمحاسبة ومعاقبة مرتكبي هذه الجرائم.
وقال إن المحكمة الجنائية الدولية تعتبر إنجازا عظيما، في ظل متابعة جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية، إلا أن نصوصها تضمنت خلال الصياغة على قضايا، ينظر إليها كثير من المراقبين بأنها قريبة من الوضع السياسي أكثر من القانوني، كونها تستثني تقديم مجرمي الحرب لبعض الدول الذين ليسوا طرفاً في ميثاق روما، بالرغم من أن المدعي العام للمحكمة الجنائية من حقه التحقيق بصورة تلقائية في الجرائم التي تحدث، وعلى سبيل المثال فلسطين تقدمت إلى المحكمة الجنائية الدولية بقضايا انتهاكات ارتكبتها دولة الاحتلال منذ حوالي أكثر من ستة أشهر، كما تقدمت أيضاً بشكاوى بعد حرب 2014 على قطاع غزة إلا أنه حتى هذه اللحظة المدعي العام لم يحدد هل المحكمة مختصة في الموضوع أم غير مختصة، ويأتي الرد بأن المحكمة التمهيدية لاتزال تنظر في الموضوع، لكن عندما يكون الأمر متعلقا بعالمنا العربي ودول العالم الثالث إنه في أقل من مدة شهر تقريباً يصدر أمر من المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بمذكرة اعتقال لإلقاء القبض على الرئيس (سين) أو (صاد) لأن مجلس الأمن الدولي يحكم بالدرجة الأولى مصالح الدول الخمس، وبالتالي أميركا ستقف ضد أي قرار سيصدر ضد ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين، ذلك نتمنى من المجتمع الدولي العمل على وضع آليات تلزم الدول بمحاسبة ومحاكمة أي مجرم حرب.
توقيت مناسب
بدوره قال سامي الحاج، مدير مركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسان في قطر: إن المؤتمر جاء في توقيت مناسب، خاصةً إذا ما نظرنا إلى ما تمر به المنطقة من نزاعات ومشاكل وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، مؤكداً أن المنطقة الآن بحاجة ماسة لتحقيق العدالة، من خلال متابعة المنتهكين لقضايا حقوق الإنسان، مبيناً أن المؤتمر صادف المكان المناسب كذلك، باعتبار أن دولة قطر التي استضافت المؤتمر نفسها تتعرض لانتهاكات، في ظل الحصار الجائر الذي ترتبت عليه عدد من الانتهاكات، ووجود هذا المؤتمر في هذا التوقيت وهذا المكان يدفع ببصيص من الأمل نحو تحسين وضع حقوق الإنسان.
وأوضح أن المؤتمر الدولي حول الآليات الوطنية والإقليمية والدولية لمكافحة الإفلات من العقاب وضمان المساءلة بموجب القانون الدولي، هو محاولة لوضع توصيات دولية لمتابعة المنتهكين لقضايا حقوق الإنسان، في ظل عدم وجود آليات دولية حتى الآن، تتابع في إنصاف المنتهكة حقوقهم في قضايا حقوق الإنسان، قائلاً: القانون الدولي قد يكون هو إحدى المظلات التي تدافع عن قضايا حقوق الإنسان، لكن أعتقد أن غياب الآليات التنفيذية التي تتابع الذين يقومون بالانتهاكات وإفلاتهم من العقاب هو يدفع كثيرا من الآخرين لانتهاكات حقوق الإنسان، لذلك عندما تتواجد هذه الآلية ويتم عقاب الذين يقومون بالانتهاكات، تكون رادعا وتكون كذلك أساسا قويا لتحقيق العدالة في العالم.
copy short url   نسخ
20/04/2019
2714