+ A
A -
ترجمة - نورهان عباسبي بي سي : المؤسسة العسكرية ترجع خطوة للوراءالإعلام العالمي : استقالة رئيس المخابرات انتصار كبير للمعتصمينلم تمض ساعات على استقالة الفريق أول عوض بن عوف من رئاسة المجلس العسكري الانتقالي، ليلحق به رئيس جهاز الأمن والمخابرات صلاح عبدالله قوش الملقب بالرجل الشبح أو رجل الظل في عملية اقتلاع الرئيس السابق عمر البشير.. الاثنان رفضهما المعتصمون أمام مقر الجيش باعتبارهما أهم رمزين من رموز النظام السابق ومتهمين بقيادة فظاعات دارفور في غرب السودان. قوبل خبر استقالة صلاح قوش الذي كان وراء اعتقال المئات وزجهم في سجون سرية عرفت باسم بيوت الأشباح، بترحيب واسع محليا وخارجيا، حيث التقطت وكالات الأنباء والصحف العالمية ذلك الخبر بسرعة كبيرة، معلقة بأن سيناريوهات ما بعد البشير تسرع خطاها وأن الشعب السوداني هو المتحكم الوحيد في سرعتها وإبطائها حتى الآن.
وقال موقع روسيا اليوم: إن قوش من أبرز وجوه النظام السابق، وكان يشغل منصب رئيس الأمن القومي السوداني، وكان مستشاراً للرئيس السوداني حتى أغسطس 2009، وفي 2012 حكم عليه بالسجن بعد إدانته بالتخطيط للانقلاب، لكن أفرج عنه لاحقاً بموجب عفو رئاسي، وفي فبراير 2018 عينه البشير مديرا للمخابرات مرة أخرى.
واعتبر موقع التليفزيون التركي تي ار تي صلاح عبدالله قوش من أهم رجالات السودان المثيرين للجدل في جهاز المخابرات؛ إذ تسلم هذا الجهاز أكثر من مرة. وعقب عودته لتسلم جهاز المخابرات في فبراير 2018، قال صلاح قوش البالغ من العمر 61 سنة في أول تصريح له: «إن إطلاق سراح بقية المعتقلين رهين بتحسن سلوك أحزابهم» تعليقاً على استمرار اعتقال عشرات القادة والناشطين السياسيين، وذلك في مهرجان إعلامي دعا له الصحف ومحطات التليفزيون في سجن كوبر بالخرطوم.
أثارت هذه التصريحات وقتها، إثر العودة المباغتة للفريق قوش لقيادة جهاز المخابرات، دهشة وردود فعل واسعة حول المستقبل السياسي للبلاد، والكثير من التساؤلات حول دوافع الرئيس السابق عمر البشير لمعاودة الاستعانة بالحرس القديم للحزب.
التحق قوش، الذي كان مهندس إنشاءات مدنية، بجهاز الأمن الداخلي عام 1989. وتميّزت الفترة التي تولى فيها إدارة الأمن الداخلي في التسعينيات، بالقوة في التعامل مع المعارضين وباعتقال آلاف السياسيين في سجونٍ سرية عُرفت وقتها باسم «بيوت الأشباح»، حسب المنظمات الحقوقية الدولية.
واعترف قوش في لقاءٍ صحفي لاحق أن قسوته البالغة طالت حتى شقيقه الأكبر، الذي اعتُقل وسُجن لعام كامل في بيوت الأشباح إبان رئاسته للجهاز؛ لأنه كان ينتمي للحزب الشيوعي.
رحبت وسائل الإعلام العالمية بمختلف أطيافها برحيل الفريق أول عوض بن عوف، واعتبروه انتصاراً جديداً للقوى المدنية في الشارع السوداني، التي رفضت بقاء رجال البشير في المشهد، متمسكة بـ«ميدنة الثورة» بدلاً من عسكرتها، نسبة إلى القوى الشعبية التي كان لها الفضل الأول في إشعال شرارة التغيير.
من جانبها، قالت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية: إن السودان تمكنت من عزل رئيسين في يومين فقط، وهو إنجاز سياسي غير مسبوق في أي دولة عربية أو أوروبية، مشيرة إلى أن رحيل «ابن عوف» هو انتصار جديد للثورة والمعتصمين في الميدان.
وقالت نيويورك تايمز: «بعد استبعاد ابن عوف، نتوقع أن يتشكل المجلس الجديد من مجموعة من المناصرين للثورة وضباط الجيش، بحيث يتم التوافق على كيفية إدارة المرحلة الانتقالية وصولا للانتخابات الرئاسية في البلاد، مع استبعاد محاولة سيطرة الجيش على مكتسبات الثورة السودانية».
ولفتت الصحيفة، إلى أنه بعد عزل ابن عوف تم التوافق بين القوى السياسية والمجلس الجديد على تشكيل حكومة مدنية تدير البلاد، خلال تلك الفترة، على أن تكون مشكلة من مجموعة من الكفاءات، لإنقاذ البلاد من الوضع المأساوي الذي عاشته خلال العقود الثلاثة الماضية.
وأضافت: «ابن عوف كان يقف مثل العثرة في طريق الثورة.. وعزله لا يقل أهمية عن عزل البشير نفسه». وتوقعت الصحيفة أن يستمر الثوار في الشارع حتى يطمئنوا على النجاح الكامل للثورة والتصدي لدولة البشير العميقة.
أما موقع هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي فوصف تنحي ابن عوف بأنه «تراجع للمؤسسة العسكرية بمقدار خطوة واحدة إلى الوراء»، لافتاً إلى أن خروج رئيس المجلس العسكري الانتقالي السابق من المشهد وتنازله عن منصبه اختيارياً – كما قال في البيان- أو إجبارياً وهو الاحتمال الأقرب للتصديق، يؤكد أن للقوى المدنية قوة حقيقية على الأرض، وأنه لا بديل عن التفاوض السلمي مع مطالب الثوار.
وأكد الموقع أن الفريق أول عبدالفتاح البرهان الذي خلف ابن عوف في المشهد يحظى بقبول شعبي أكثر، ويمكن أن يخلق حالة من الهدوء النسبي في المشهد السوداني المحتدم بشدة.
وقال الموقع: «البرهان يتمتع بقبول أكبر من ابن عوف لدى معظم الأطياف السودانية، وبالتالي هو الخيار الأنسب في هذه المرحلة، وبإمكانه قيادة عملية التغيير، ولا يحسب على أي انتماء سياسي، كما أنه متمسك بانتمائه إلى المؤسسة العسكرية، وبمقدوره تشكيل حكومة تجمع بين العسكريين والمدنيين».
واستطرد موقع هيئة الإذاعة البريطانية، لافتاً إلى أن الأرشيف السيئ لابن عوف أثر مباشرة على عدم قبول الثوار له، خاصة أن الولايات المتحدة فرضت عليه في عام 2007 سلسلة من العقوبات، ضمن مجموعة من المسؤولين والمؤسسات السودانية، على خلفية دورهم في أحداث دارفور والعنف ضد المدنيين والنساء هناك.
واختتم الموقع بقوله: «هناك ضرورة ملحة الآن لإجراء حوار مع القوى السياسية كافة في البلاد، مع وضع خطة واضحة للفترة الانتقالية».
من جانبها، عبرت صحيفة نيو ميكسيكان المكسيكية عن احترامها للدرس السياسي، الذي أعطته القوى المدنية الثائرة في السودان للعالم، لافتة إلى أن رفض الفصائل الثورية المختلفة للحلول الوسط والاستسلام للسيطرة العسكرية، هو ما مكنهم في النهاية من إزاحة ابن عوف وصلاح قوش من المشهد، وإجبار المؤسسة العسكرية على الاستماع لأصواتهم.
وقالت الصحيفة: «عبر مئات الآلاف من السودانيين المعتصمين بساحة القيادة العامة الجيش عن فرحتهم بعد استقالة ابن عوف، كما خرج الآلاف في شوارع الخرطوم عقب الإعلان، بالرغم من دخول فرض حظر التجوال حيز التنفيذ».
وترى الصحيفة أنه من الصعب أو ربما من المستحيل أن يلجأ الجيش السوداني إلى استخدام العنف مع المحتجين، لأنه سبق أن أعلن قبل تنحي البشير عدم استعمال العنف من أجل الحفاظ على الأرواح.
وقالت الصحيفة: «المجلس العسكري يجب أن يكون دوره الآن هو حماية أمن واستقرار البلاد، وفتح حوار مع كل الكيانات السياسية حول كيفية إدارة البلاد من أجل تشكيل حكومة مدنية».
ختاماً، قالت شبكة إن بي سي نيوز الأميركية: إنه رغم حالة الهدوء التي انتشرت بعد إعلان استبعاد ابن عوف، إلا أن الفترة الانتقالية المقبلة للسودان ستحمل تحديات خطيرة، محذرة من عدم حدوث توافق بين كافة الأطراف خلال تلك الفترة، وهو ما قد ينذر بوقوع سيناريوهات سيئة من الفوضى وعدم الاستقرار في الشارع السوداني.
وقالت الشبكة الأميركية: أفضل السيناريوهات هو أن يكتفي المجلس العسكري بأن يكون ضامنا لحكومة مدنية، مع محاولة تقليص الفترة الانتقالية، وفقاً للتطورات على الأرض وموافقة الأطراف المعنية.
وأضافت الشبكة: يجب إجراء حوار علني بين كل أطراف الصراع السياسي في السودان، بشأن ضرورة تحييد الجيش في الصراع السياسي، وضمان حياديته ومهنيته، ومساعدته على تطهير نفسه من العناصر ذات الأجندة التابعة للبشير، حتى لا تنجر السودان لأسوأ السيناريوهات وهو وقوع خلافات دموية بين القوتين المدنية والعسكرية.تي آر تي: نهاية مهندس السجون السريةنيو ميكسيكان : درس سياسي من القوى المدنيةنيويـورك تايمــز : الـســودان خلــع رئيسـين في يومــينإن بــي ســي نيــوز : انتبهــوا للمــرحـلـة الانــتــقــالــيـة
copy short url   نسخ
15/04/2019
868