+ A
A -
لايزال العالم يتابع بألم أحداث تفاصيل الهجومين الإرهابيين على مسجدين في مدينة كرايست تشيرتش في نيوزيلندا، وهو الحادث الذي قاده يميني متطرف إرهابي، اختار أن يوقع عشرات المصلين في وقت صلاة الجمعة ما بين قتيل وجريح. ومع بشاعة المأساة اختلفت ردود الفعل الدولية على الحادث، فبينما اختارت دول الحصار على قطر أن يكون ردها باهتاً خافتاً، كان رد دول أخرى غير مسلمة أكثر قوة، بينما انقسمت باقي الردود الدولية ما بين مستنكرة للهجومين أو مقدمة للتعازي.
فعلى غرار حالة التخلي عن المسلمين التي صارت تقوم بها السعودية عملياً مع مسلمي العالم والتي كان أوضحها صوراً، ما قاله ولي العهد السعودي في زيارته للصين والتي أيد فيها قمعها للمسلمين من أقلية الإيغور، جاء رد السعودية خافتاً على هجوم مسجدي نيوزيلندا، وكذلك بيان الإمارات.
فلم يزد رد فعلهما على الإدانة، واكتفت كلٌ منهما بوصفه بحادث إطلاق نار، دون وصفه بالإرهاب، وهو الأمر الذي تتسابق فيه الدولتان إذا كان من يقود الهجوم على دولة غربية متطرف إرهابي يتبع معالم مشوهة للدين الإسلامي الحنيف.
ونشرت وكالة الأنباء السعودية «واس» خبر الإدانة وحمل عنوان «المملكة تدين إطلاق النار الذي استهدف مسجدين خلال صلاة الجمعة في مدينة كرايست تشيرش بجنوب نيوزيلندا» دون وصف المذبحة بالعمل الإرهابي، وعلى غرار واس سارت قناة العربية التابعة للمملكة والتي تبث من دبي، وغيرها من الصحف والمواقع الموالية للسعودية.
أما وكالة الأنباء الإماراتية، فحمل خبر الإدانة عنوان: «الإمارات تدين حادث إطلاق النار على مسجدين في نيوزيلندا»، دون وصف المذبحة بالعمل الإرهابي أيضاً، وأثارت طريقة إدانة السعودية والإمارات للهجوم تعليقاتٍ ساخطة من المغرّدين، الذين انتقدوا الدولتين، وبخاصة السعودية التي كان شعارها السابق هو الدفاع عن المسلمين في العالم، واعتبر البعض أن سياسة السعودية الجديدة هي الابتعاد عن قضايا المسلمين والموالاة المطلقة للغرب.
ووفق تعليقات الصحف وساسة العالم، فقد كان المعيار الحاسم هنا الإدانة الإرهابية الواضحة في بادئ الأمر من عدمها، وهو ما نجحت فيه دولة قطر التي تنطلق وفق سياسة حكيمة هدفها صالح المسلمين في العالم، وتدين الإرهاب أياً كان جنسه أو نوعه أو عقيدته.
وقال سعادة وزير خارجية قطر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني عبر تويتر «ندين بشدة الهجوم الإرهابي الشنيع على مسجدين في نيوزيلندا، سائلين المولى عز وجل أن يتغمد الشهداء بواسع رحمته ويلهم ذويهم الصبر والسلوان، نتمنى الشفاء العاجل للجرحى» وهو الرد القطري الحاسم الذي نال احترامًا واسعاً في العالم الإسلامي.
بينما اعتبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاعتداءين مؤشراً على «تصاعد العداء للإسلام»، ودعا الدول الغربية إلى اتخاذ إجراءات طارئة لتفادي وقوع كوارث أخرى.
وقال الرئيس التركي على تويتر: «أدين بشدّة الهجوم الإرهابي على مسجد النور في نيوزيلندا وعلى المسلمين الذين كانوا يؤدون عبادتهم هناك. ولعنة الله على الفاعلين. أتمنى من الله تعالى الرحمة لإخواننا الذين فقدوا حياتهم في الهجوم، والشفاء العاجل للجرحى».
وأدى آلاف الفلسطينيين صلاة الغائب على الضحايا في المسجد الأقصى، الذي أدان خطيبه الشيخ محمد حسين الهجوم الإرهابي. واعتبر أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات الجريمة إرهابية، ولا تختلف عن مذبحة المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية.
أما ردود الفعل الغربية، فكانت في أبرزها ما بادرت به رئيسة وزراء نيوزيلندا التي وصفت الأمر بالعمل الإرهابي.
وقالت شبكة سي إن إن الأميركية إن الحادث شنيع وفظيع ويعد مسرحاً لمجزرة واضحة، وهو ما أيدته رئيسة الوزراء النيوزيلندية غاسيندا أردرن، التي وصفت هجوم المسجدين بالإرهابي، وأنه يعبر عن رؤى متطرفة لا مكان لها في بلادها، وأن الجريمة الإرهابية تكتب في تاريخ البلاد على أنها أيام سوداء.
وأدان الرئيس الأميركي دونالد ترامب «المذبحة المروعة»، التي وصفها البيت الأبيض بأنها «عمل آثم من أعمال الكراهية»، لكنه لم يوصمها بالحدث الإرهابي وهو ما جر عليه نقداً واسعاً.
أما المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل فوصمت الأمر بالإرهابي، وأرجعت سبب العملية الإرهابية للعنصرية والكراهية في نيوزيلندا، بينما وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الهجوم بأنه «مقزز ووحشي وصادم».
وقدّم الاتحاد الأوروبي التعازي لأسر وذوي ضحايا الهجومين الإرهابيين، إذ قالت ممثلة الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية فيديريكا موغريني «نقدم التعازي في الضحايا الذين فقدوا أرواحهم في الهجومين الإرهابيين بنيوزيلندا، الهجمات التي تستهدف دور العبادة تعتبر استهدافاً لنا».
وفي هذا الإطار، قالت صحيفة النيويورك تايمز الأميركية إن الجريمة الإرهابية عبرت عن حالة من الصدق الغربي في وصم الأمر بالإرهابي مطالبة الإدارة الأميركية بالتحلي بذات الموقف.
بينما كان رأي صحيفة الواشنطن بوست الأميركية الشهيرة، أن هجمات نيوزيلندا أحدث دليل على وجود شبكة من التطرف المتفوق في الغرب، وقالت إنه يمكن اظهار منفذ الهجوم رمزًا للنازيين الجدد وأسماء المتطرفين اليمينيين، بمثابة فعل يقوم به فرد تلاحق العنصرية والخيال أعماله.
copy short url   نسخ
19/03/2019
1411