+ A
A -
في الثامن من سبتمبر «2014» تحقق إجماع نادر بين الكتل البرلمانية السُنية والشيعية والكردية على تعيين حيدر العبادي رئيسا للحكومة العراقية خلفاً لنوري المالكي أداة إيران الأولى في العراق. ولم يكن ذلك الإجماع ليتحقق بأغلبية الثلثين إلا بعد أن وقع العبادي «وثيقة شرف» بعنوان «وثيقة الاتفاق السياسي»، ألزم نفسه بتنفيذها خلال فترة تمتد بين ستة شهور وسنة.
غير أنه بعد مرور حوالي سنتين على حكمه، لم ينفذ رئيس الحكومة ولا حتى بندا واحدا من بنود الوثيقة التي تضمنت مطالب وشروط الكتل السياسية، والتي لعبت الولايات المتحدة فيها دور الضامن للعبادي.
وإذْ غضب الأكراد من تصرف العبادي واتهموه بالتنصل من الوثيقة، وصفت القيادات السُنية الرجل بالمخادع، وهو في الواقع أقل ما يمكن أن يوصف به، لكونه نسخة كربونية من نوري المالكي سيئ السمعة ومؤسس حملة خنق السُنة وتهميشهم.
وأثبت العبادي أنه لا يقل بطشاً وكذباً وتلذذاً بإذلال السُنة عن المالكي، خاصة وأنه أدار ظهره تماما لعشرين شرطاً احتوتها الوثيقة المذكورة، بل إنه فعل عكس ما نصت عليه الوثيقة في كل بند من بنودها.
وفيما تعهد أمام الأكراد والسُنة بالحد من تشكيل الميليشيات الشيعية المسلحة وحصر السلاح بيد الدولة، فالذي حصل هو أن هذه الميليشيات التي بلغ عددها «33» في بداية حكمه, وكلها «شيعية صرف» أصبحت الآن «54» وجميعها تخضع لإشراف «الحشد الشعبي» أبو الإرهاب وأمه والذي يفوق حتى داعش، بالوحشية والبربرية والتنكيل بالبشر.
والمعروف أن الحشد الشعبي الذي يُعتبر مجرم الحرب نوري المالكي المؤسس الرسمي له، يتلقى الدعم المالي والتسليحي السخي من حكومتي بغداد وطهران، علماً بأن إيران هي التي تعين رؤساء الحكومات العراقية، كما أكد إياد علاوي رئيس الحكومة الأسبق، وهو شيعي ولكنْ غير طائفي، مما دفع الإيرانيين إلى وضعه على الرف، خارج منظومة الحكم بالكامل والمتأسس على المحاصصة المذهبية.
ومما نصت عليه وثيقة الشرف التي ثبت أنه لا علاقة لها بالشرف، تشكيل حكومة وطنية جامعة بوزراء تكنوقراط، وبعيدة عن المحاصصة الطائفية والحزبية، وتحقيق المصالحة الوطنية, والتعامل قضائيا لا سياسياً مع ملف اجتثاث البعث، وعدم توظيف قانون مكافحة الإرهاب لأغراض سياسية.
كما تضمنت الوثيقة تشكيل قوات حرس وطني من أبناء محافظات الشمال والغرب لتكون رديفة لقوات الحكومة، وتشرف على الأمن في مناطقها، وكذلك حسم ملفات الفساد، وإجراء إصلاحات شاملة لمؤسسات الدولة، وتحقيق التوازن بين المكونات العراقية في الوظائف العامة وخاصة المؤسسات العسكرية والأمنية، وإصلاح القضاء وإبعاده عن سطوة الكتل السياسية.
وهذا بعض ما جاء في وثيقة الشرف التي لم يتحقق شيء مما نصت عليه: حبر على ورق وكذب مباشر، وهيمنة إيرانية على الحكومة العراقية. كان الله في عون الشعب الشقيق المحتل.
copy short url   نسخ
01/08/2016
734