+ A
A -
مع تعاظم الأدلة على أن روسيا تتعمد استهداف المدنيين في سوريا بالقنابل العنقودية وغيرها من الأسلحة المضادة للأفراد، يكتسب التساؤل المشروع التالي حول السياسة الأميركية في سوريا المزيد من الإلحاح الحقيقي: ما سر صمت إدارة اوباما ورفضها التأكيد أو نفي الاتهامات الموجهة للروس، حتى من مؤسسات دولية مثل منظمة مراقبة حقوق الإنسان، باقتراف جرائم حرب في سوريا، كالتي تحصل الآن في حلب وإدلب؟
بالأمس صدر تقرير عن المنظمة، يوثّق قيام طائرات روسية بقصف سوق لبيع الوقود خارج بلدة تيرمانين، في محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة المعتدلة التي تحارب جيش الأسد، مما أوقع عشرات الإصابات في صفوف المدنيين الذين كانوا يحاولون الحصول على حاجتهم من الوقود.
ويأتي تقرير منظمة مراقبة حقوق الإنسان، ليدعم صحة روايات شهود عيان عن دور طائرات السوخوي – 34 التي لا يستخدمها غير الطيارين الروس في سوريا، في قتل المدنيين، وزوّد الشهود ممثلي المنظمة بأشرطة مصورة للغارات والقنابل العنقودية التي ألقتها على المدنيين. مثل هذه الشهادات تثير تساؤلات عما إذا كانت حكومة الولايات المتحدة، التي تملك قدرات استطلاع ومراقبة واسعة وشاملة وتسجل ما يجري على الأرض في المنطقة، على دراية بالدور الروسي في قتل المدنيين، وإذا كانت كذلك، فما سر التزامها الصمت عن جرائم الحرب هذه؟
قبل صدور تقرير منظمة مراقبة حقوق الإنسان بيوم واحد، سألت المسؤولين في وزارة الخارجية الأميركية عما إذا كانت واشنطن على علم بما كان يفعله الروس في إدلب ذلك اليوم؟ وهل تم إثارة الموضوع مع ممثلي روسيا في منتدى المراقبة الروسي الأميركي الخاص بمتابعة اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا، وماذا كان الرد الروسي؟
لم أتلق حتى لحظة نشر هذا الموضوع، أي إجابة من وزارة الخارجية الأميركية على تساؤلاتي. ولعل أحد الأسباب وراء الصمت الأميركي المثير للقلق عن الانتهاكات الروسية، هو أن إدارة أوباما تصنف معلوماتها الاستخباراتية تحت بند «سرّي للغاية» بغرض «حماية المصادر والوسائل» التي تجمع بها هذه المعلومات. ومما سمعته من مسؤول كبير في الإدارة قبل فترة، فإن الكشف عن هذه المعلومات من شأنه أن «يضع سابقة في نشاط جمع المعلومات الاستخباراتية الأجنبية، ويضعنا أمام معضلة تتعلق بتحديد ما هو مسموح بالكشف عنه وما لا يمكن إعلانه على الملأ».
غير أن هذا يترك السؤال الخاص بما إذا كانت الإدارة الأميركية أثارت الموضوع مع روسيا وماذا كان عليه الرد الروسي، مفتوحاً بدون إجابة. كما أن ذلك يثير السؤال الأكبر بشأن ما إذا كان القانون الدولي الذي تمت صياغته بعد الحرب العالمية الثانية سيلقى الاحترام عندما تعمد قوة رئيسية لانتهاك قوانين الصراع المسلح من واقع الشعور بالحصانة وبدون حتى احتجاج أميركي علني.
منذ بدأت روسيا حملتها الجوية نهاية سبتمبر الماضي، اتسمت ردة الفعل الأميركية بعدم الاكتراث إلى حد الاستسلام للواقع.
copy short url   نسخ
01/08/2016
646