+ A
A -
نزار عابدين كاتب سوري
مرت في 25 يناير ذكرى ولادة المخرج العبقري يوسف شاهين أشهر المخرجين السينمائيين العرب، فقد ولد في مثل هذا اليوم عام 1926 (توفي في 27/7/2008) ويسـتحق كل واحد من المبدعين وقـفات مطولة مع حـياته وإبداعه، لأنه جعل حياتـنا أجمل.
هو ابن الإسكندرية، وقد خلدها في أربعة أفلام حكى فيها سيرته الذاتية (إسكندرية... ليه؟ - حدوتة مصرية - إسكندرية كمان وكمان - إسكندرية - نيويورك). ولم يكن أبوه من الأغنياء، ومع ذلك درس في كلية فيكتوريا، وبعد إنهاء الدراسة الجامعية سافر إلى الولايات المتحدة، وكان مخرجاً سينمائياً بالفطرة، إذ إنه درس في معهد باسادينا المسرحي، وعندما عاد أخرج أول فيلم له عام 1950. وبعد عام واحد شارك فيلمه ابن النيل (1951) في مهرجان «كان» السينمائي الذي منحه عام 1997 جائزة إنجاز العمر.
مسيرة يوسف شاهين محيرة، فقد بدأ بفيلم «فانتازي» يصور حياة إنسان بعد الموت، ورأينا له أفلاماً التصق فيها بقضايا الناس مثل «باب الحديد، الناس والنيل» وأفلاماً عالج فيها قضايا الصراع الطبقي مثل «صراع في الوادي» وأفلاماً عالج فيها قضايا سياسية مثل «جميلة بو حريد، العصفور، الأرض، وداعا بونابارت» وأفلاماً ليس لها أي قيمة فنية مثل «بياع الخواتم، ودعت حبك، رمال من ذهب» وأفلاماً تاريخية مثل «الناصر صلاح الدين، المهاجر، المصير». كان شاهين مهووساً بالعالمية، وهذا حق كل فنان، ولكنه كان يحاول الوصول بطرق ملتوية، مثل إسناد بطولة فيلمه «اليوم السادس» للمغنية الفرنسية من أصل مصري «داليدا».
يعرف عن يوسف شاهين حبه للغناء، وقد استخدمه بكثرة في أفلامه، حتى إنه لحن أغنيتين، كما ظهر ممثلاً في بعض أفلامه، أبرزها «باب الحديد» بشخصية قناوي، وهي شخصية مركبة معقدة، ويعرف عنه أيضاً كرهه لأي نوع من أنواع الرقابة، وكان متفائلاً على الرغم من الصعاب، يقول في نهاية فيلم المصير «الأفكار لها أجنحة. لا أحد يستطيع منعها» ووضع قاعدة للفنان الحقيقي «اصنع ما ينفع الناس، وسيأتيك التقدير دون أن تسعى إليه».
اعتمد على نفسه في تمويل أفلامه، خاصةً بعد توقف دعم الدولة له بسبب أعماله السياسية المنتقدة للنظام، وقام بتأسيس شركة إنتاج سينمائية بالتعاون مع المنتجين الفرنسيين، وكان أول أفلامها «المهاجر».
سيظلُّ يوسف شاهين أيقونةً في تاريخ السينما، ومنطلقاً لمن ليس فقط لديه الرغبة في دخول مجال السينما، لكن لأيِّ إنسان يريد أن يستشعر سحر الفن السابع في أبهى صوره الحديثة. يجب أن تبكيه مدينته إذ عندما سُئل: لمن تصنع أفلامك قال «أصنعها لنفسي أولاً، ثم للإسكندرية ثانياً، ثم للجمهور ثالثاً».
بقلم: نزار عابدين
copy short url   نسخ
11/02/2019
698