+ A
A -
بن رودز كاتب أميركي
على مدى عامين، بدّل الرئيس ترامب التوقعات بشأن صورة أميركا وطريقة إدارتها لعلاقاتها الخارجية بافتعال المشكلات مع الحلفاء وتمزيق الاتفاقات الدولية والاستهتار بالقيم الحقوقية والتودد للرئيس الروسي والتنازل في سياسات الشرق الأوسط، خصوصاً مع المملكة العربية السعودية.. لكن يبدو أن الوضع الآن يمكن السيطرة عليه إذ سيواجه الرئيس أغلبية ديمقراطية في مجلس النواب. وفي حين يكثف الديمقراطيون تركيزهم على القضايا الداخلية مثل الرعاية الصحية والموازنة وغيرها، هناك حاجة ماسة لأن يوجهوا تركيزهم بشكل أكبر على القضايا الخارجية التي تمس الأمن القومي، فمن المرجح أن يقلل الرئيس من متابعة جدول الأعمال المحلي ويركز أكثر على الجوانب التي يتمتع فيها بحرية أكبر.. وبالطبع لا يستطيع مجلس النواب ذو الأغلبية الديمقراطية أن يأخذ السياسة الخارجية في اتجاه مختلف كليا لكنه من الممكن أن يطرح رؤية بديلة في الوقت الذي يحمل فيه هذه الإدارة المسؤولية عن تصرفاتها المتهورة بشكل متزايد في الخارج. يجب على الديمقراطيين أن يرسلوا رسالة واضحة للعالم بأننا نقف إلى جانب حلفائنا وقيمنا الديمقراطية، ويمكن للكونغرس التأكيد على التزاماتنا الخارجية وزيادة تمويل وزارة الخارجية مع الضغط على الإدارة لقبول المزيد من اللاجئين وتقديم الدعم المادي والمعنوي للمجتمع المدني والإعلام المستقل حول العالم. ربما لا يرى الرئيس ترامب أن القيم الأميركية هي جزء لا يتجزأ من قوة أميركا ونفوذها، لكن على الكونغرس أن يؤكد ذلك. إن التوقيت حاسم الآن مع تقديم روسيا والصين مساراً سلطوياً بديلاً للعالم.. يجب على الديمقراطيين متابعة التشريعات التي تدافع عن ديمقراطيتنا ضد التدخل الأجنبي، وتحمي انتخاباتنا وبنيتنا التحتية الحيوية ضد الهجمات الإلكترونية، وتسهل عملية التصويت وتزيد تمويل الإجراءات الأمنية التي تتيح للدولة مكافحة الهجمات السيبرانية التي تؤثر على صحة ديمقراطيتنا ومرونتنا وقدرتنا على دعم الديمقراطيات المحاصرة في العالم. أيضا على الديمقراطيين أن يغيروا منهج الرئيس بشأن «الحرب إلى الأبد» التي يجر أميركا إليها، فعلى الرغم من تعهده بالانسحاب من الصراعات العسكرية، صعد الرئيس ترامب جميع الأزمات باعتماد إستراتيجية متهورة ومقلقة. ويستطيع الكونغرس أن يصر على زيادة الشفافية حول الانتشار العسكري الأميركي مما يجبر الإدارة على تحديد الأهداف العسكرية والمنظمات الإرهابية التي يجب مواجهتها. من المهم أيضا أن يدفع الديمقراطيون باتجاه خطة لحماية قواتنا من التعرض للأذى في أفغانستان، ع الإصرار على أن الحرب ضد إيران لا يمكن أن تتم بدون إذن من الكونغرس. وبينما يواجه ترامب انتكاسات سياسية في الداخل، يجب على الديمقراطيين أن يكونوا يقظين فيما يتعلق بتحركاته الخارجية. يمكن أيضاً للكونغرس العمل على إنهاء دعم الولايات المتحدة للحرب التي تقودها السعودية في اليمن، والتي تسببت في أسوأ كارثة إنسانية في العالم، وبدلا من تأجيج الحرب، يجب علينا قيادة الأطراف المختلفة نحو حل دبلوماسي مع زيادة المساعدات لوقف انتشار المجاعة وهو الأمر الذي أصبح أكثر أهمية في أعقاب تصريح الرئيس ترامب المخزي عن السعودية الأسبوع الماضي والذي لمح فيه إلى إن السياسة الخارجية الأميركية تقف في صالح من يدفع أكثر. يجب على مجلس النواب أيضاً أن يطالب بمعرفة كل المعلومات التي جمعتها الاستخبارات بشأن جريمة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، بما في ذلك حدود معلومات الرئيس ترامب ومساعديه، لأن هذا الأمر من شأنه أن يحدد مدى ضرورة مراجعة علاقاتنا مع السعودية والبحث في عقوبات محتملة تتضمن مبيعات الأسلحة وغيرها من الإجراءات التي تتعارض مع المصلحة الأميركية. أيضاً هناك مخاوف جمة من وجود شبهات فساد في الإدارة الأميركية، مع توقعات بخلط ترامب وشركائه بين المصالح الشخصية والمصالح العامة، ونحن مازلنا لا نعرف مدى عمق صراعات عائلة ترامب في التعامل مع دول مثل المملكة العربية السعودية وروسيا والصين. لقد أرسل الأميركيون رسالة يوم الانتخابات النصفية مفادها أنهم يرفضون المسار الذي رسمه الرئيس ترامب، ولإصلاح هذا الضرر الهائل الذي ألحقته الإدارة الحالية بموقفنا الدولي، يجب على الديمقراطيين استخدام قوتهم الجديدة في الكونغرس بدون أي تهاون. { نقلاً عن صحيفة نيويورك تايمز الأميركية
copy short url   نسخ
30/11/2018
713