+ A
A -
- مينكسين بي
وعلى العموم، من الأرجح أن يستمر الاقتصاد الصيني في التراجع، وهذا راجع إلى سرعة تحول السكان إلى الشيخوخة وارتفاع مستويات الديون وعدم تماثل الاستحقاق وتصاعد وتيرة الحرب التجارية التي بدأتها الولايات المتحدة الأميركية.. كل هذا سيستنزف الموارد المحدودة للحزب الشيوعي الصيني.. فعلى سبيل المثال، بما أن نسبة إعالة المسنين ترتفع، فسترتفع أيضاً تكاليف الرعاية الصحية وتكاليف التقاعد.
وعلاوةً على ذلك، رغم أن الاقتصاد الصيني قد يكون أكثر فعالية مما كان عليه الاقتصاد السوفياتي، فهو بعيد كل البعد من أن يصل إلى مستوى الاقتصاد الأميركي.. وهذا راجع إلى السلطة الثابتة للشركات التابعة للحكومة الصينية، التي تستهلك نصف قيمة القروض البنكية للبلاد وتساهم بنسبة 20 % فقط من القيمة المضافة والتشغيل.
إن مشكل الحزب الشيوعي الصيني يكمن في كون الشركات التابعة للحكومة الصينية تلعب دوراً حيوياً في المحافظة على قيادة الحزب الواحد، حيث من خلالها يُكافأ الموالون ويسهل على الحكومة التدخل لصالح الأهداف الرسمية في مجال الاقتصاد الكلي.. وبالتالي فتدمير هذه الشركات الضخمة وغير الفعالة سيؤدي إلى انتحار سياسي.. وحماية هذه الشركات سيؤجل فقط ما لا مفرّ منه، حيث كلما تمادوا في امتصاص الموارد القليلة من الاقتصاد، ضعفت قدرة الصين على تحمل تكلفة السباق نحو التسلح مع الولايات المتحدة الأميركية، وكلما أصبح التحدي أكثر صعوبة على الحزب الشيوعي الصيني.
والدرس الثاني الذي فشل الزعماء الصينيون في استيعابه بشكل كافٍ هو ضرورة تفادي الأطماع الإمبريالية.. فقبل عشر سنوات، وبعد أن أدت الفوائض التجارية الكبيرة إلى فائض في العملة الصعبة، بدأت الحكومة الصينية بتوقيع التزامات مكلفة مع دول أخرى وتقديم الدعم المالي لـ«حلفاء» لا يلتزمون بسداد ديونهم.
والمثال الأول هو مبادرة طريق الحرير الجديد المثني عليها بشكل مبالغ فيه.. واهتم هذا البرنامج الذي بلغت قيمة تكلفته تريليون دولار ببناء البنيات التحتية الممولة عن طريق الديون في الدول النامية.. ورغم ظهور العلامات الأولى التي تنبأ بحدوث مشاكل، والتي إن اجتمعت مع تجربة الاتحاد السوفياتي، ستؤدي إلى توقف الحزب الشيوعي الصيني، يبدو أن الصين مُصرّة على مواصلة برنامج طريق الحرير الجديد التي بناها زعماء البلاد لتكون ركيزة أساسية لـ«استراتيجيتهم الكبيرة».
وهناك مثال أسوأ يدل على الأطماع الإمبريالية للصين.. ويتجلى هذا في الدعم الكبير التي تقدمه البلاد لدول مثل كمبوديا وفينزويلا وروسيا التي تقدم القليل بالمقابل.. وحسب مختبر البيانات المتعلقة بالإعانات في جامعة ويليام وميري، تلقت كامبوديا والكاميرون وساحل العاج وكوبا وإثيوبيا وزيمبابوي، في الفترة ما بين 2000 إلى عام 2014، ما مجموعه 424 مليار دولار من المنح الصينية أو القروض المدعمة بنسبة كبيرة.. وخلال نفس المدة، تلقت أنغولا ولاوس وباكستان وروسيا وتركمانستان وفينزويلا 298 مليار دولار.
والآن، وعدت الصين بمنح قروض بقيمة 62 مليار دولار لفائدة «الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني».. وسيساعد هذا البرنامج باكستان في مواجهة أزمة ميزان المدفوعات التي تلوح في الأفق.. ولكنها ستستنزف أيضاً صناديق الحكومة الصينية في وقت تهدد فيه الحمائية التجارية إعادة ملء هذه الصناديق.
وعلى غرار الاتحاد السوفياتي، تدفع الصين بسخاء من أجل كسب أصدقاء جدد، محققة مصالح محدودة، بينما تبقى عالقة في سباق غير مستدام نحو التسلح.. إن الحرب الباردة بين الصين والولايات المتحدة الأميركية قد بدأت لتوها، ومع ذلك، فالصين تقترب من الخسارة.
copy short url   نسخ
12/09/2018
754