+ A
A -
نشر الخبير في الشأن السعودي مدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن سايمون هندرسون مقالاً مطولاً، على موقع معهد واشنطن للدراسات تناول فيه الدور السعودي في هجمات سبتمبر.
مقال هندرسون يأتي تعليقاً على نشر الصفحات الـ(28) من تقرير الكونغرس الذي أعد قبل 13 سنة حول هجمات 11 سبتمبر. يقول هندرسون:
في بعض الأحيان يكون الواقع عبثياً، بحيث يفوق كل ما يمكن لنظريات المؤامرة التوصل إليه فبعد أكثر من 13 عاماً على نشر تقرير التحقيق الذي أجراه الكونغرس الأميركي حول الأحداث المحيطة بهجمات الحادي عشر من سبتمبر، تم نشر «28 صفحة» حول التدخل السعودي في الهجوم الإرهابي والتي كانت موضع نقاش كبير، وتم حجب نشرها نظراً لكونها حساسة جداً وغير قابلة للنشر. وقد تبين أن هناك 29 صفحة، وليس 28، مرقمة من 415 إلى 443 في التحقيق الذي أجراه الكونغرس حول هجمات 11 سبتمبر. كما أنه مع الحذف الذي تم في الصفحات، والذي يشمل في بعض الأحيان كلمات وغالباً سطوراً بأكملها، يصل عدد الصفحات إلى ما يعادل ثلاث صفحات بالإجمالي. لذلك لم نحصل بعد على الصورة الكاملة.
وتبيّن على الفور وبشكل واضح أن الاعتقاد السائد حول سبب عدم نشر هذه الصفحات منذ البداية صحيح، وهو منع إحراج العائلة المالكة السعودية، نظراً إلى كون هذه الصفحات مدمرة:
الصفحة 415: «أثناء وجودهم في الولايات المتحدة، كان بعض مختطفي الطائرات في 11 سبتمبر على اتصال بأفراد قد يكونون مرتبطين بالحكومة السعودية وتلقوا الدعم والمساعدة منهم، وقال البعض إن اثنين على الأقل من هؤلاء الأفراد هم ضباط في الاستخبارات السعودية».
الصفحة 417: أحد الأفراد الذين تم التعرف إليهم في الصفحات على أنهم قدموا الدعم المالي لاثنين من الخاطفين في هجمات11 سبتمبر، وهو أسامة باسنان، تلقى في وقت لاحق «مبلغاً كبيراً من المال» من «عضو في العائلة المالكة السعودية» خلال رحلة قام بها في عام 2002 إلى هيوستن.
الصفحة 418: «يشكل سعودي آخر تربطه علاقات وثيقة مع العائلة المالكة السعودية، [محذوف]، موضع تحقيقات من مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي في قضايا مكافحة الإرهاب».
الصفحتان 418 و419: كان من ضمن جهات الاتصال على هاتف زعيم تنظيم «القاعدة» المحتجز أبوزبيدة الرقم غير المدرج للشركة الأمنية المسؤولة عن مقر إقامة السفير السعودي لدى الولايات المتحدة الأمير بندر بن سلطان في ولاية كولورادو.
الصفحة 421: «[يشير] [محذوف]، بتاريخ 2 يوليو 2002 إلى أدلة دامغة بأن هناك دعماً لهؤلاء الإرهابيين داخل الحكومة السعودية».
الصفحة 426: كانت زوجة باسنان تتلقى المال «من الأميرة هيفاء بنت سلطان»، زوجة السفير السعودي. (اسمها الحقيقي هو في الواقع الأميرة هيفاء بنت فيصل).
الصفحة 436: شهد المستشار القانوني العام في وزارة الخزانة الأميركية ديفيد أوفهاوسر بأن «مكاتب [المؤسسة الخيرية السعودية] «الحرمين» على اتصال كبير بالمتطرفين، المتطرفين الإسلاميين». كما شهد مسؤولون في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية بأنهم «كانوا يحرزون تقدماً في تحقيقاتهم حول مؤسسة «الحرمين»… وأن رئيس المكتب المركزي متواطئ في دعم الإرهاب».
عند قراءة ما ورد أعلاه، صرختُ قائلاً: «نعم!» في يناير 2002، نقلت مجلة «يو إس نيوز آند وورلد ريبورت» عن مسؤوليْن لم تذكر اسمهما من إدارة [الرئيس الأميركي السابق بيل] كلينتون قولهما إن اثنين من كبار الأمراء السعوديين كانا يدفعان لأسامة بن لادن منذ تفجير عام 1995 في الرياض، الذي أسفر عن مقتل خمسة مستشارين عسكريين أميركيين. وقد تابعتُ الأمر في مقال للرأي نشرتُه في صحيفة «وول ستريت جورنال» في أغسطس 2002، ذكرتُ فيه أن مسؤولين أميركيين وبريطانيين أطلعوني على أسماء اثنين من كبار الأمراء كانا يستخدمان الأموال السعودية الرسمية، وليس أموالهما الخاصة، للدفع إلى بن لادن من أجل إشعال اضطرابات في أماكن أخرى خارج المملكة، ولكن ليس داخلها. وقد أشرتُ إلى الأميريْن في وقت لاحق في مقال رأي لاحق في صحيفة «وول ستريت جورنال».
ونقل مقال «يو إس نيوز آند وورلد ريبورت» عن مسؤول سعودي قوله: «أين الدليل على ذلك؟ لا أحد يقدم الدليل». كان ذلك المسؤول وزير الخارجية الحالي عادل الجبير، الذي أمضى أياما يضغط على أعضاء الكونغرس الأميركي للحد من الأضرار، وأراهن على أنه ربما استخدم المنهجية نفسها.
ولكن مع صدور الصفحات التي بلغ عددها 29، ومع الوصف المفصل الذي ورد فيها حول العلاقات المالية بين الخاطفين في أحداث 11 سبتمبر ومسؤولين سعوديين، أصبح من الصعب بصورة متزايدة تقديم الحجة التي قدمها الجبير. ففي النهاية، نقلت لجنة التحقيق عن مصدر تم حجبه مدّعياً وجود «أدلة دامغة تشير إلى أن هناك دعماً لهؤلاء الإرهابيين من داخل الحكومة السعودية».
ومما يذكر أن ناجين من اعتداءات 11 كتبوا سبتمبر إلى رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، رسالة حثوها فيها على نشر تقرير للحكومة البريطانية عن الدول المسؤولة عن التطرف الإسلامي في المملكة المتحدة.
وكان تقرير صدر لمؤسسة بحوث خلص إلى أن هناك صلة بين السعودية والتطرف في بريطانيا.
وورد في التقرير الذي أصدرته مؤسسة هنري جاكسون للأبحاث أن هناك «صلة واضحة ومتنامية» بين منظمات إسلامية تتلقى دعماً من الخارج، ومنظمات تروج للكراهية، وتنظيمات جهادية تروج للعنف.
وكان وزير الداخلية البريطانية أمبر رود ذكر أن التقرير لم ينشر؛ «بسبب حجم المعلومات الشخصية التي يتضمنها، ولأسباب تتعلق بالأمن القومي».
وحثت مجموعة تمثل الناجين الأميركيين من هجمات 11 سبتمبر وأقارب بعض ما يقرب من 3000 شخص لقوا حتفهم، حثت السيدة ماي على اغتنام الفرصة للإفراج عن التقرير، حتى لو لم يكتمل.
وقالت: إن المملكة المتحدة لديها الآن فرصة تاريخية فريدة لوقف موجة القتل من الإرهابيين، من خلال الإفراج عن تقرير الحكومة البريطانية حول تمويل الإرهاب في المملكة المتحدة.
وكان رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون طلب إعداد تقرير حول وجود ونفوذ جهات جهادية، وهناك شكوك حول ما إذا كان سينشر على الملأ في حال إنجازه.
وجاء في الرسالة: «كلما أصبح التواطؤ في المملكة العربية السعودية مخفيا عن الناس، فإن الإرهاب سيستمر. ويجب وقفه، ولكن من سيوقفهم؟».
وأضافت: «إننا نحثكم بكل احترام على إصدار التقرير الآن أو الانتهاء منه. نطلب منكم النظر في جميع ضحايا الإرهاب، الذي ترعاه الدولة والممول من السعودية، وأسرهم وناجياتهم في المملكة المتحدة وفي جميع أنحاء العالم».
وإضافة إلى وجود إماراتيين اثنين ضمن قائمة منفّذي الهجمات الأربع، طفت العلاقة بين دولة الإمارات وتنظيم «القاعدة» على السطح في الصحف الأميركية خلال الأزمة الخليجية. وفي يوليو 2017، كشف تقرير لموقع «ميدل إيست آي» أن أسر ضحايا هجمات 11 سبتمبر 2001 تسعى لمقاضاة الإمارات، مستفيدة من قانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب» المعروف باسم «جاستا».
نقل الموقع عن محاميي ضحايا الهجمات، أن الدعم الإماراتي المزعوم لتنظيم القاعدة أُثير في الدوائر القانونية بنيويورك؛ مما دفع أسر الضحايا إلى مناقشة اتخاذ إجراءات قانونية ضد أبوظبي.
وذكر محامون أن تحرك أسر ضحايا هجمات 11 سبتمبر يأتي بعد تسريبات البريد الإلكتروني للسفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة.
ففي إحدى الرسائل المسربة التي تناقلتها الصحف الغربية واطلع عليها الرأي العام الأميركي، يحذّر العتيبة أعضاء في مجلس الشيوخ من أن الدول المهددة بقانون «جاستا» ستتراجع عن تعاونها الاستخباري مع الولايات المتحدة.
وتزامنت تهديدات العتيبة مع ما جرى تداوله في ذلك الوقت، عن تحريك محكمة أميركية دعوى قانونية ضد بنك إماراتي بتهمة تقديم خدمات مالية لتنظيم القاعدة عن سابق قصد وعلم.
وتلقّف محامو ضحايا هجمات 11 سبتمبر هذه المعلومات بالقول إن خطوات الإمارات لدرء تمرير قانون «جاستا» دليل على أن هناك ما تخشاه أبوظبي ولا تريد له أن يُكشف.
ويبني المحامون قضاياهم أيضاً بالاستناد إلى ما ورد في تقرير لجنة التحقيق الخاصة بالهجمات، الذي أظهر أن مواطنَين إماراتيين كانا ضمن المهاجمين الـ19، كما جرت الإشارة إلى الإمارات أكثر من 70 مرة في ثنايا التحقيقات.
في سبتمبر 2017، نشرت صحيفة «هافينغتون بوست» الأميركية، وثائق تكشف مساعدة الإمارات لمنفذي الهجمات، قائلة إن «الجميع يعلم الدور السعودي في الاعتداءات، لكنّ قليلاً منهم يدركون أن ثمة دولة أخرى لها صلات قوية بهجمات سبتمبر، وهي الإمارات».
وكشفت الوثائق الأميركية التي نشرتها الصحيفة، أن إمارة دبي لها اتصال وثيق بالهجمات؛ فقد سافر نصف مختطفي الطائرات مباشرة من مطار دبي الدولي إلى الولايات المتحدة، بل إن النظام المصرفي الإماراتي قد استُخدم من قبل منفّذي هجمات سبتمبر من أجل عمليات غسيل أموال.
وأكدت الصحيفة أن الإمارات قبيل 11 سبتمبر كانت نوعاً من محطة اتصال لإرهابيي تنظيم القاعدة. فعلى سبيل المثال، إذا أراد هؤلاء المتطرفون التنقل إلى معسكرات أفغانستان، فغالباً ما كانوا يمرون عبر مطارات الإمارات. مشيرة إلى أن الإمارات هي الدولة الوحيدة التي كانت تسمح برحلات إلى مناطق «القاعدة» و«طالبان».
وأوضحت أن السلطات الإماراتية غضت الطرف عن نقل الإرهابيين أموالهم والذهب إلى دبي، وتحوّلها إلى محطة غسيل أموال.
وقالت الصحيفة إن «عبور الإرهابيين عبر مطارات الإمارات ليس النقطة الوحيدة التي تربط نظام آل نهيان بهجمات 11 سبتمبر، بل يمكن القول إن كل الأموال التي موّلت مختطفي طائرات 11 سبتمبر عبرت عن طريق النظام المصرفي الإماراتي وبنوك تلك الدولة».
ونقلت «هافينغتون بوست» عن وثائق أميركية في قسم الأبحاث بمكتبة الكونغرس لعام 2004، قولها إن «الإمارات العربية أكثر من أي دولة أخرى استُخدمت مراراً من قبل مخططي الإرهاب لنقل الأموال حول العالم، والحصول على تأشيرات وجوازات سفر، كما أنها استُعملت أيضاً باعتبارها ملاذات آمنة لتنقّل الإرهابيين بين أفغانستان والشرق الأوسط».
وذكرت الصحيفة أن أسامة بن لادن عندما طُرد من السودان إلى أفغانستان، كان مسموحاً لطائراته أن تهبط في دبي للتزود بالوقود في دولة تُعدّ حليفة لأميركا، إذ سمحت هذه الدولة للإرهابي رقم 1 في العالم بالهبوط على أراضيها دون خدش.
الأكثر إثارة في الأمر- بحسب ما قالته الصحيفة- أن الولايات المتحدة كانت لديها فرصة لقتل بن لادن في أفغانستان عام 1999، لكن الجيش الأميركي ألغى الهجمة الصاروخية؛ لأن بن لادن كان محاطاً بعدد كبير من أمراء الأسرة الحاكمة في الإمارات، الذين كانوا يصطادون معه.
copy short url   نسخ
12/09/2018
1780