+ A
A -
عمليات التجميل.. ضرورة أم هوس؟، سؤال سعى المشاركون في الجلسة الحوارية التي نظمها مركز شباب العزيزية،، للإجابة عليه، وتحديد مآلات هذه العمليات دينياً وصحياً واجتماعياً، رغم كلفتها الباهظة. الجلسة، التي أدارتها الإعلامية حصة السويدي، وشارك فيها كل من الشيخ أحمد البوعينين، والشيخ خناصر الهاجري، والدكتور محمد الإبراهيم، استهدفت الشباب من كلا الجنسين، من سن 18 فما فوق، وجاءت إيذاناً بتدشين المركز لموسمه الثقافي الجديد، بالتعاون مع نادي السد الرياضي. وتطرقت إلى 3 محاور رئيسية، هي: عمليات التجميل من منظور شرعي، وإيجابيات وسلبيات هذا النوع من العمليات، والتجميل بين الحقيقة والوهم، سيما وأنها أخذت في الآونة الأخيرة منحى الهوس عند البعض من كلا الجنسين، خصوصاً لدى المراهقات.
رواج هذه العمليات وانتشارها على المستوى العالمي، يفرض تساؤلاً عن المحرك الأساسي لإجرائها، والدوافع النفسية الكامنة وراء إقبال الزهرات عليها، لكن التساؤل الذي يفرض نفسه أمام من يخوض هذا التجربة، ما الفائدة منها في ظل النتائج العكسية؟، ورغم أنها قد تكون ضرورة عند البعض ممن تعرضوا لحادث ما، يعتبرها الكثيرون من المراهقين إجراء بسيط، ولا يمانعون من القيام بها إذا ما اقتضت الحاجة لذلك.
الداعية الشيخ احمد البوعينين، أكد أن الجراحات التي يقصد بها تغيير خلق الله سبحانه وتعالى غير جائزة شرعاً، وهذا النوع من الجراحة لا يشتمل على دوافع ضرورية، ولا حاجة ملحة، بل غاية ما فيه تغيير الخلق والعبث بها حسب أهواء الناس وشهواتهم، ولا يندرج مطلقا تحت مسمى الحرية الشخصية كونها تتعارض مع الشرع، مستشهداً بقوله تعالى: «لقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ».
وقال: جمال الروح والإيمان هو الجمال الحقيقي، ولا يجوز إطلاقاً للمرأة إجراء مثل هذه العمليات دون إذن الزوج وموافقته، ونشكر إدارة المركز على طرح مثل هذه الموضوعات الهامة، التي بحاجة لمزيد من التوعية بجوانبها الشرعية والطبية.
وأضاف: الجمال نسبي ويختلف من شخص لآخر، والسعي وراء الجمال الزائف وتغيير الهيئة التي خلقنا الله عليها يوقع الإنسان في الأمور المحرمة، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن ‏الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات، والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله ‏تعالى».‏
وبحسب البوعينين قد يحتاج البعض منا لمثل هذه العمليات لإصلاح التشوهات الناتجة عن الحوادث ولا حرج في ذلك، وقد يتطور الامر ويصبح عادياً، ويقع صاحبه في المحظور، وهنا لا بد من استشارة الطبيب، حتى لا يتحول الجسم إلى قطع يتلاعب بها، أما تغيير الهيئة فهو من المحظورات، وإتباع لخطوات الشيطان، لقوله تعالى: «وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا».
ومما لا شك فيه أن المرأة تحب التجمل لزوجها، والله جميل يحب الجمال، وتنكح المرأة بأمر نبوي لدينها وجمالها ونسبها وحسبها، ولكن عند تجاوزها لحدود الله تقع في المحرمات، والمصيبة هي أن شبابنا أصبح بعضهم كالفتيات في يومنا الحاضر.
من جهته، لخص الهاجري دوافع الخضوع لجراحاتها، وأهمها أن المجتمع أصبح يعطي أهمية كبيرة للمظهر الخارجي، مشيراً إلى أن قلة الوازع الديني، ووفرة المال، وغياب الدور الأسري، والتأثر بالمشاهير، وضعف الثقة بالنفس، وإغراءات العيادات وإعلاناتها التجارية، والفراغ، والتفكير السطحي، وحب الثناء والظهور، جميعها من الأسباب المحفزة والمشجعة على إقدام البعض على مثل هذه العمليات. وطالب بتنوير الرأي العام للحد من انتشار هذه الموضة، والتوعية بمخاطرها الجمة، سيما وأنها تنشر الأوهام حول قدرتها على رفع المعنويات، وتضمن العريس للخاضعات لها، بعد أن يصبحن أجمل، وتحمل في طياتها الغش والخداع والتدليس، وهي بحد ذاتها عمليات غير مقبولة ومرفوضة، لأن الجمال الصناعي لن يعوض الطبيعي أبداً. دواع نفسية، بهذه العبارة بدأ د. محمد الإبراهيم حديثه، مشيراً إلى تخليص هذه العمليات المريض من العيوب والتشوهات التي شكلت له مشاكل نفسية وجسدية مزمنة، كما أنها تساهم في تحسين حالته النفسية وزيادة الثقة بنفسه، كذلك الحال بالنسبة لأفقه المهني والاجتماعي.
وتنقسم جراحات التجميل إلى نوعين: أولاً الجراحة التجميلية التي تساهم في تحسين المظهر الجمالي وإصلاح بعض العيوب البسيطة، التي يرى أصحابها أنها توثر في جمالهم، وبالتالي تساعد في تجديد الشباب، وثانياً الترميمية التي تهدف إلى علاج العيوب الخلقية أو المكتسبة الناجمة عن التعرض للحوادث والحروق وغيرها.
وعن الإيجابيات، قال إنها تتمثل بتعزيز الثقة بالنفس، والشعور بالطمأنينة، وتحسن صحة الجسم وتخلصه من المشاكل الوظيفية كعمليات الأنف وتصغير الثدي.
أما السلبيات فهي مكلفة الثمن، والمضاعفات الكارثية التي قد تنجم عن العمليات غير الاحترافية كالنزيف والندبات والتشوهات، وطول فترة الاستشفاء والنقاهة، والإدمان على إجرائها، ومن أكثر العمليات رواجاً شفط الشحوم، وتصغير الأنف. الحضور، كان لهم رأي في ذلك، فقد خلصوا إلى أن جراحات التجميل أصبحت سلعة، ومجال اللعب فيها واسع جداً ومخيف وخطر في الوقت ذاته، إما بهدف التحسين والتغيير وفقاً لمعايير الحسن والجمال السائدة بدواع تجارية، من خلال التسويق لهذه الجراحات ومحاولة إقناع العملاء والتأثير عليهم، وهذا العمل مخالف لأخلاق مهنة الطب. وأضافوا: لا بد من تقنين العمليات لحماية حقوق الأفراد من العبث والانتهاك والإضرار بأنفسهم من حيث يشعرون أو لا يشعرون. وفي ختام الجلسة قام المدير التنفيذي لمركز شباب العزيزية، السيد خالد عبد الله بتكريم المشاركين فيها.
copy short url   نسخ
10/09/2018
1715