+ A
A -
بيروت- الوطن - نورما أبو زيد

تقود عدّة قوى سياسية مناهضة للحكم في لبنان، حملة شرسة على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، متذرّعة بمرسوم تجنيس وقّعه قبل فترة، علماً أنّ إصدار مراسيم خاصة يقع في صلب صلاحيات أيّ رئيس لبناني.
«القوات اللبنانية» و«الكتائب اللبنانية» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» هم على رأس الذين يقودون الحملة ضدّ الرئيس عون، وحجّة «المهاجمين» المعلنة، هي السريّة التي اتّسم بها المرسوم، وشموله لأسماء حولها أكثر من علامة استفهام. فمن بين المجنسين الجدد أسماء مطلوبة للانتربول الدولي، وأخرى لديها حسابات مصرفية كبيرة في لبنان، وحصولها على الجنسية اللبنانية يعفيها من دفع الضرائب والرسوم المتوجبة عليها.
وقد وجد معارضو العهد في هذه الأسماء حجّة للتهجّم على العهد، واتهامه بأنّه منح الجنسية اللبنانية لغير مستحقيها مقابل بدلات مالية مرتفعة.
بعد ارتفاع الأصوات المناهضة لمرسوم التجنيس، تبيّن أنّه تمّ الإعداد له قبل شهور من الآن، ما بين دوائر القصر الجمهوري والسرايا الحكومي ووزارة الداخلية، وأنّ التوقيع عليه تمّ قبل ساعات فقط من انتقال حكومة سعد الحريري إلى مرحلة تصريف الأعمال.
الأكيد هو أنّ مرسوم التجنيس لم يراعِ الآليات والمعايير العلمية والمنطقية، التي تقوم على أساس العدالة والمساواة، لأنّه لم يشمل المستحقين فعلياً، بل شمل مجموعة كبيرة من رجال الأعمال الذين لديهم حسابات في المصارف اللبنانية، من الذين لا تربطهم صلة أرحام في لبنان، ولم يقدّموا خدمات جليلة للدولة اللبنانية، بحسب ما يشترط الدستور اللبناني.
فبالإضافة إلى حصول أسماء غير مستحقة على الجنسية اللبنانية، السريّة التي أحاطت بالمرسوم، جعلت الأكرية تطرح أكثر من علامة استفهام حول قانونيته، وقد تبيّن بعد «طرح الصوت» أنّ المرسوم لم يسلك طريقه إلى المديرية العامة للأمن العام كما جرت العادة، كي يتمّ التدقيق بالأسماء المرشّحة للحصول على الجنسية اللبنانية، وما إذا كانت مستوفية للشروط.
وتلافياً لمزيد من الضغوط التي تمارس على الرئيس ميشال عون، كلّف الأخير المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، لدرس الملفّ والتدقيق به.
قبل «اتفاق الطائف»، كانت لرئيس الجمهورية صلاحية مطلقة في تجنيس من يرغب بتجنيسهم، وكان كل رئيس جمهورية يمنح الجنسية اللبنانية لأصدقائه، ولم يكن أمراً موجباً أن يكون الحاصل على الجنسية يخدم لبنان بصورة غير قابلة للخدش.
قبل «الطائف» لم يتم تجنيس أعداد غفيرة وفق الصلاحية المعطاة للرئيس، بينما في العام 1994، تمّ تجنيس 400 ألف فلسطيني، بمرسوم صادر عن الرئيس الياس الهراوي، ورغم الاعتراضات التي سيقت في حينها، تمّ الإبقاء على المرسوم، علماً أنّه كان يناقض الدستور اللبناني، كما أنّ السوريين خلال وجودهم في لبنان رشّحوا مئات الملفات للرئيس إميل لحود.
وكما في عهد الهراوي ولحود، كذلك في عهد الرئيس ميشال سليمان، حيث قام الأخير بتجنيس عدد من رجال الأعمال، دون أن يعترض الذين يعترضون اليوم.
رغم أنّ الرئيس عون لم يشذّ عن القاعدة التي اعتمدها الرؤساء الذين تعاقبوا بعد الطائف، هناك من أراد التصويب عليه عبر مرسوم التجنيس، ولكن الرئيس نجح في نزع فتيل المرسوم الذي أريد له أن يفخّخ مسيرة العهد، من خلال وضع أسماء المجنسين في عهدة جهاز الأمن العام للتدقيق بها.
عملياً، واجه القصر الجمهوري، خلال الأيام الماضية، حملة ضغوط غير مسبوقة، ما استدعى من الرئيس عون القيام بجملة اتصالات هدفت إلى إيجاد المخرج.
وقد طرحت فكرة إلغاء المرسوم من أصله، وبدا عون منفتحاً على كل الاحتمالات لأنه لا يريد للمرسوم أن يوجّه ضربة إلى صورة العهد ومصداقيته.
copy short url   نسخ
13/06/2018
1136