+ A
A -
كتب- محمد حربي
أكد الدكتور أنيس فوزي قاسم نزال، خبير القانون الدولي، ومستشار الوفد الفلسطيني في مؤتمر مدريد عام 1991 م، وعضو في هيئة الدفاع الفلسطينية أمام محكمة العدل الدولية في قضية جدار الفصل العنصري، ومؤسس الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن، أن استبدال المملكة العربية السعودية عداوة إيران بإسرائيل يخدم الإسرائيليين ويضر بالقضية الفلسطينية وأن القرار الأميركي الذي أصدره الرئيس دونالد ترامب، باعتبار أن القدس عاصمة لإسرائيل، ومن ثم نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إليها، يمثل إنتهاكا للعديد من مبادئ القانون الدولي، فضلا عن إنتهاكه لبعض قوانين أميركا ذاتها، موضحا أنه فيما يتعلق بالشق الخاص بالقوانين الدولية، فإن هذا الأمر واضح، ودلالته ما جرى في مجلس الأمن، حيث تم تصويت أربع عشرة دولة في مواجهة صوت واحد، بجانب قرار الجمعية العامة للامم المتحدة، الذي حاز على 128 صوتا، ضد تسع أصوات، وفي كلا المرتين، كانت هناك إدانة للقرار الأميركي، الذي يحمل بين طياته مخالفات دستورية للقوانين الأميركية ذاتها، والتي تفرض علينا كقانونيين عرب ضرورة التعاون مع قانويين أميركيين البحث في هذه المسألة، التي لا تجيز للرئيس الأميركي أن يتحدث في مسائل دينية، وفقا للتعديل الأول من دستور أميركا.
وقال الدكتور أنيس قاسم، في تصريحات خاصة لـ«الوطن»، خلال مشاركته في ندوة حول «قرار نقل السفارة الأميركية ووضع القدس القانوني والسياسي»، نظمها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، إن العرب يستطيعون التحرك، عن طريق إتخاذ عدة إجراءات، وفي مقدمتها المسارات الدبلوماسية، حيث يوجد هناك قرار قمة عربية، تم إتخاذه خلال قمة عمان، ينص على أن تقطع الدول علاقاتها دبلوماسيا مع الدولة التي تعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وكان علينا عربيا إلتزام دولنا بتنفيذ مثل هذا القرار، هذا بجانب بعض الإجراءات الأخرى، والتي قد لا تقل أهمية، إلا أنه ربما الوضع السياسي الدولي لا يساعد الدول العربية في إتخاذ إجراء ما، بفعل أن قرار بعضها أصبح للأسف الشديد رهينا بالإرادة الأميركية، الأمر الذي من شأنه أن يعرقل أي مسارات عربية ذات قيمة على هذا الصعيد بالتحديد.
لكم آراء، بشأن ضرورة أن تعمل السلطة الفلسطينية على خلق الآلية التي من خلالها تقوم بتنفيذ القانون الدولي.. كيف يكون ذلك من وجهة نظركم؟
-هناك مسار محكمة الجنايات الدولية، التي لم تلجأ إليها السلطة الفلسطينية، أو تسعى إلى تحريكها، تحريكا فعليا، وما لجوئها إليها خلال المرحلة الماضية، إلا نوعا تكتيكيا، ودعائيا، عبر إرسال التقارير، التي لم تكن تعني شيئا في حقيقة الأمر، في حين كان ينبغي على قيادة فلسطين أن تطلب رسميا إحالة الوضع إلى هذه المحكمة، دون الإكتفاء بالبلاغات، التي هي غير ملزمة للمدعي العام، بالرد على هذه وفقا لقرار محكمة روما، وحتى إذا رد فليس عليه إلزام، بتحديد المدة الزمنية لهذا الرد.
ما الذي يجعل السلطة الفلسطينية لا تقدم على مثل هذه الخطوة؟
-في إعتقادنا، أنه توجد هناك صفقة، بين القيادة الفلسطينية، والإدارة الأميركية والإسرائيلية، مضمونها، أن الفلسطينيين ينضمون للمحكمة الجنائية الدولية، ولكن دون القيام بتحريك أي دعاوي قضائية، وهذا يبدو واضحا في زيارات وزير الخارجية الفلسطيني للمحكمة الجنائية الدولية، وتسليمه ملفات لدى المدعى العام، يتم تسجيلها، وهذا ينم عن عدم الجدية، لأن الأصل توجه الطاقم القانوني، وليس السياسي.
هل السلطة الفلسطينية، تعزف منفردة بعيدا عن عيون المجلس المركزي الفلسطيني، وكافة القوى الوطنية والفصائل، فيما يتعلق بمثل هذا الأمر المصيري؟
-نعم، لأنه فيما هو واضح أن السلطة الفلسطينية لا تسمع إلى صوتها هي فقط، حيث أن قرارات المجلس المركزي الفلسطيني، التي صدرت منذ عامين لم يتم تنفيذها، ولا حتى تلك التي تم إتخاذها مؤخرا، قام الرئيس محمود عباس «أبومازن» بمخالفتها، حينما توجه إلى مجلس الأمن الدولي لإلقاء خطابه، ومطالبة العام بمساعدته، مع أنه من الأجدر به أن يتوجه إلى شعبه أولا، بتوحيد الصفوف، ليستمد منه قوته.
ألا ترى أن حديثكم فيه شيء من القسوة على السلطة الفلسطينية، ورئيسها أبومازن، في ظل حال نظامنا العربي الراهن؟
-نحن لا نغفل أبدا، حال النظام العربي في الوقت الراهن، من حيث عدم تماسكه، وينبغي أن نعي وندرك ذلك، ونتصرف على هذا الأساس، بتماسك صاحب القضية داخليا، بعيدا عن الاستمرار في ممارسة الإنقسام الفلسطيني، خاصة وأنه حتى الآن لم يتم إتخاذ أي إجراء لملمة الشمل، واللحمة بين جناحي الوطن، كما لم يتم منح الشعب الحريات للتعبير عن آرائه، ومن يخرج في تظاهرة، يتم إعتقاله أمنيا، وهو شيء غير مقبول أن يتم كبت شعب يناضل من أجل حريته.
دعنا نعود بكم إلى الوراء قليلا، إلى مدى تتوقعون أن هناك علاقة بين زيارة زوج ابنة ترامب جاريد كوري كوشنر، للمنطقة، ولقاء قيادات بعض الدول العربية، والتمهيد لقرار الرئيس الأميركي بشأن القدس؟
-لايوجد هناك أدنى شك في ذلك، وقد كشفت الأيام، بأن ترامب ما كان له ليعلن ذلك القرار، لولا قناعته أن رأس النظام العربي مؤيد ومبارك لخطوته بشأن نقل السفارة الأميركية للقدس، خاصة وأن المملكة العربية السعودية، وكما أعلنها وزير خارجيتها عادل جبير في أحد تصريحاته مؤخرا، أن الخطر على الإقليم الآن هي إيران، مما يعني أن استراتيجية النظام السعودي الحالي قلبت المعادلة، رأسا على عقب، الذي لم يجعل إسرائيل هي الخطر، كما كان في السابق، وتبنت الرياض تجييش معظم العالم العربي لمواجهة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهذا فيه نظرة ضيقة، لخدمة المصلحة السعودية من دون العربية، بمعنى أن الفلسطيني حربه مع الإسرائيليين لا مع الإيرانيين، وعلى هذا الأساس صار هناك تفككا عربيا، بسبب البلبلة في رسم الاستراتيجيات المتعارضة.
أخيرا ماذا عن الاتصالات التي تجري من تحت الطاولة، نحو التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، وأثره على مستقبل القضية الفلسطينية؟
-هو ليس من تحت الطاولة، بل سبق وأعلنها صراحة الأمير تركي الفيصل في ندوة بأميركا، وهي موجود ومسجلة، بأن الرياض على اتصال مع إسرائيل منذ السبعينيات من القرن الماضي، وهذا الكلام يعني أنه من قبل قيام الثورة الإيرانية، وفي نفس الوقت تم مؤخرا كشف النقاب عن المعونة الإسرائيلية للسعودية أثناء حرب اليمن في زمن جمال عبدالناصر، مما يعني وجود تناغم مصالح بين السعودية والأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وإيران تستخدم كذريعة، وخطر ذلك جر العرب بعيدا عن عدوهم الحقيقي وهي إسرائيل.
copy short url   نسخ
27/02/2018
1786