+ A
A -
عمان- الوطن- خالد سامح
الحقوق المادية للمؤلف في عالمنا العربي...قضية قديمة ومتجددة باستمرار، لاسيما مع توسع سوق النشر وتكاثر دور التوزيع في المدن العربية الأمر الذي لم يواكب بتفعيل جدي للقوانين التي تضمن للكاتب -سواء في القضايا الثقافية أو العملية والتوثيقية وغيرها -حق مادي يوفر له الحياة الكريمة ويضمن استمارية التأليف والعطاء العلمي والإبداعي.
وعلى العكس من الدول الغربية فإن الكثير من مثقفينا ومفكرينا ينجزون كتباً مهمة تحصل على جوائز عربية وعالمية رفيعه ورغم ذلك يذهب معظم حصادها المادي لدور النشر بينما يكون الفتات من نصيب المؤلف صاحب الإنجاز..فما الأسباب وكيفية معالجتها؟... الوطن تطرح القضية على عدد كتاب أردنيين في ذلك التحقيق.
يقول القاص والشاعر هشام البستاني:عالم النشر العربي مغرق في سورياليّته، وتستهتر أغلب مكوّناته (مع استثناءات قليلة جدًّا) بالأصول الحرفيّة، والمتطلّبات المهنيّة، لما يمكن أن نطلق عليه اسم: النّاشر. يبدأ الأمر بعدم وجود آليّات محدّدة لاختيار الكتب التي ستُنشر، وانعدام وجود «توجّه أدبيّ» ما لدى دار النشر بخصوص ما تقدّمه من نصوص إبداعية، وصولًا إلى عدم تحرير النصوص، وتدقيقها، والعناية بتصميم الأغلفة والصفّ الدّاخليّ للكتاب. أغلب هذه المصائب ناتج كون أغلب الناشرين، في واقع الأمر، «مطابع»: لا يشترون حقوق المؤلَّف من كاتبه، أي يحصلون عليه مجّانًا في أسوأ الحالات، أمّا في أحسنها، يقومون بجعل الكاتب يدفع بدلًا ماليًّا لطباعة الكتاب، أي أنهم يحقّقون أرباحهم سلفًا على ظهر الكاتب، فتنعدم عندهم بذلك دافعيّة تسويق الكتاب، وتنعدم الانتقائيّة (الناشر الذي سينشر الكتاب مقابل دفع حقوق للكاتب، سيبذل جهدًا كبيرًا في انتقاء النّصوص التي سينشرها)، وتسود رداءة الكمّ على حساب النّوع. الأصل في الناشر أن يدفع بدل حقوق التأليف للمؤلف، وأن يدفع نسبة من مبيعات الكتاب للمؤلف، أن تكون هناك آليّة شفافة وحقيقية ومؤسسية يرسل من خلالها الناشر سنويًّا للمؤلف كشف مبيعات بكتبه، ونسبه المستحقة، مرفقة بشيك ماليّ، وأن يقوم الناشر بترويج الكتاب، وبالتالي بيعه وتحقيق أرباح لنفسه وللكاتب، أين عالم النّشر العربيّ من كلّ هذا؟ يركّز أغلب الناشرين، في أحسن الأحوال، على «الأكثر مبيعًا»، ويهملون كل شيء في أسوئها، لأن «الربح في الجيب» منذ البداية، دفعه المؤلف سلفًا، وكل بيع إضافي سيكون ربحًا إضافيًّا فوق الرّبح المتحقّق من البداية!
تطبيق القوانين الدولية
كما يؤكد أستاذ النقد الأدبي الكاتب الدكتور عماد الضمور على أهمية وجود تشريعات مفعلة ضامنة لحقوق المؤلف، وقال:تبدو علاقة المؤلف العربي بالناشر علاقة مأزومة يشوبها التوتر في الأغلب وعدم الثقة في ظل غياب التشريعات التي تضمن للمؤلف حقوقه المادية، فدور النشر في معظمها تقوم لأهداف تجارية ربحية في الدرجة الأولى، بينما هدف المؤلف الأول هو نشر نتاجه العلمي أو الابداعي وتوزيعه على نطاق واسع في كافة أرجاء العالم العربي.وبشكل يضمن له الديمومة والانتشار.
إن آمال المؤلف وأحلامه تصطدم في أحيان كثيرة بالعقلية التجارية التي تمتاز بها أكثر دور النشر في الوطن العربي، التي لا ننكر عليها الربح المادي فهذا من حقها، لكن لا أن تتوغل على حقوق المؤلف المادية، فغالباً لا يعرف المؤلف كم عدد النسخ المطبوعة فعليا من كتابه، وبالتالي لا يعرف مردودها المادي الذي يفترض أن يكون له نصيب منه كما هو منصوص عليه في العقد المبرم مع دار النشر، كذلك لا يعرف المؤلف كمية النسخ المباعة من كتابه في المعارض الموسمية والمتعددة.
في الغالب لا يحصل المؤلف الا على عدد محدود من كتابه، وهي لا تمثل أي مردود مالي، لتصبح عملية الابداع في مجملها عملية معنوية يحقق فيها المؤلف طموحه العلمي بعيدا عن أي مردود مالي...بل أن جهده في التأليف والطباعة والمراجعة اللغوية والتدقيق الإملائي وما يتبع ذلك من نفقات مادية يتحملها المؤلف دون أن يعود عليه شيء من مردود الكتاب المادي.
إن عدم تطبيق القوانين الدولية فيما يخص حقوق المؤلف المادية وضعف الحيلة عند كثير من المؤلفين وحاجتهم لدور نشر أوجد حالة من القلق نحو أية عملية نشر لأي كتاب جديد.
ميثاق شرف
كذلك يعلق الشاعر إسلام سمحان:للأسف أضحى الكاتب فريسة لبعض دور النشر خاصة إذا كانت تجربته وخبرته قليلة أو إذا كانت أوضاعه المادية متواضعة فالكثير من الكتاب ومن منطلق الحاجة وقعوا على عقود للنشر تحرمهم من حقوقهم وتضعهم تحت رحمة الناشر.
وعلى صعيد آخر لا أفهم أن يأخذ الكاتب جزء يسير من عوائد كتابه فيما تذهب الأرباح والمبيعات الناشر علما بأن الجهد الذهني والفكري من نصيب المؤلف في حين لا يبذل الناشر جهدا إلا في التوزيع والنشر وهما وظيفة دار النشر ومن هنا أدعو إلى وضع ميثاق شرف لدور النشر تلتزم فيه بانصاف الكتاب والمؤلفين.
copy short url   نسخ
27/02/2018
5480