+ A
A -
نظير الكندوري
اضطرت تركيا للتدخل عسكريًا وبشكل مباشر في سوريا للمرة الثانية، لكي لا تضطر أن تدخل بمواجهة عسكرية داخل حدود بلادها، ذلك لأن من الواضح لكل مراقب أن كل التطورات العسكرية والسياسية التي تجري في سوريا، ستؤدي لا محالة لأن تكون تركيا البلد الذي سيلي سوريا في تصدير الفوضى إليه، كون تصدير تلك الفوضى رغبة تتوافق عليها كل الدول الضالعة في المشهد السوري مثل الولايات المتحدة وروسيا وإيران، وكذلك الدول التي ليس لها تدخل مباشر في سوريا مثل «إسرائيل» وألمانيا وباقي الدول الأوروبية الكبرى.
بعد مرور ما يقارب السبع سنوات على الفوضى التي تعيشها سوريا، نجد تركيا تشق طريقها في سوريا بصعوبة حفاظًا على أمنها الداخلي، كونها قد فوتت على نفسها فرصًا كبيرة لتجعل ما يحدث في سوريا ليس له تأثير مباشر على الداخل التركي، فالتردد الذي كان الصفة الملازمة للسياسة الخارجـــــية التركية التي تتعلق بالشأن الـــــــسوري، جعل تركيا الآن تنتقل من مــــــــرحلة الــــــــتأثير بالساحة السورية إلى مرحلة الدفاع عن أمنـــــها الداخلي، من خلال تدخل مباشر للحيلولة دون انتقال الخطر إليها.
ففي الوقت الذي كان لتركيا فرصة كبيرة للتدخل بشكل غير مباشر في سوريا، وكانت حينها الأجواء السياسية الإقليمية والدولية مواتية لمثل هذا التدخل، أحجمت عنه، أما الآن بعد أن دخلت الأزمة السورية بهذا التعقيد الذي نراه، نجد تركيا تواجه صعوبة كبيرة للتدخل في منطقة صغيرة تستولي عليها أحزاب إرهابية من شمال سوريا، فهي تبذل جهدًا كبيرًا لأخذ الضوء الأخضر من اللاعبين الرئيسيين في سوريا (روسيا والولايات المتحدة)، وتضطر لمواجهة منظمات إرهابية تمتلك أحدث الأسلحة الحربية الأميركية.
كان لتركيا فرصة كبيرة للتدخل مبكرًا بشكل مباشر أو غير مباشر في سوريا، وفرض أجنداتها في مقابل أجندة الدول الأخرى اللاعبة وقبل التدخل الروسي واسع النطاق، وذلك من خلال حجة محاربة الإرهاب المتمثل بالقاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية «داعش» وجبهة النصرة، تلك الحجة التي تتذرع بها كل الدول التي توجد في سوريا، ومن خلال محاربتها الإرهاب هناك كان يمكن أن تقع الأراضي التي بحوزة أحزاب إرهابية الآن بيد الجيش السوري الحر.
كان يمكن لتركيا أن تدعم فصيل وطني واحد وتجعل المساعدات العربية تمر من خلالها إلى ذلك الفصيل المعارض، وبذلك كان يمكن لتركيا أن تلغي التشظي الذي تعاني منه الفصائل الآن وتوحد قوتها ويكون لها موقفها السياسي المؤثر.
وكان يمكن أن يساهم هذا التدخل في تقليل عمر الأزمة السورية وتقليل ضحاياها، وبنفس الوقت يبعد الخطر عن تركيا بشكل كبير ويكون لها دور السبق في تقرير مصير سوريا بما يخدم المصالح السورية والتركية على حد سواء.
copy short url   نسخ
24/01/2018
1256