+ A
A -
عمان - الوطن




تسببت الحرب السعودية التي تشنها تحت ما يسمى بـ «التحالف العربي» على اليمن في تدمير عشرات المدارس والمستشفيات والمنشآت الصناعية والتجارية المختلفة، فاستكمال التعليم أصبح حلماً بالنسبة لكثير من أطفال وطلبة المدارس والجامعات في ظل فقدان الأمن والأمان في غالبية الأماكن والمواقع المستهدفة التي تتعرض للغارات الوحشية مما ينعكس سلباً على مستقبل السكان الذين يعانون أوضاعاً اقتصادية معقدة ومأساوية حطمت مصالحهم وأفقدت الغالبية الساحقة منهم مصدر دخله.
وتضرر قطاع التعليم بصورة بالغة كغيره من قطاعات كثيرة طالها الدمار والخراب بفعل القنابل والصواريخ التي تطلق بشكل عشوائي ليل نهار وتستهدف أماكن السكان العزل؛ إذ بات قطاع التعليم مهدداً بصورة واضحة مع استمرار الحرب العبثية التي ألحقت الأذى بأطفال اليمن وطلابها في ظل عدم مقدرة الآلاف على استكمال مراحل التعليم بسبب الحرب.
ولا تقتصر أضرار الحرب على التعليم وإنما طالت قطاعات حساسة ومهمة كالصحة والغذاء اللذين نالهما ما نال غيرهما من الأذى، وتسبب الحصار المفروض على الموانئ والمعابر المسؤولة عن حرمان الناس من إيصال الأدوية والمساعدات، مما ضاعف من الويلات والمآسي الأمر الذي أحدث نقصاً حاداً في الدواء والغذاء، وأدى إلى انتشار الأمراض بسبب تلوث المياه وحدوث سوء تغذية لأطفال ونساء وشيوخ اليمن.
ونتيجة لسوء التغذية وتضرر قطاع الصحة بفعل نقص الأدوية وعدم وصول المساعدات الإنسانية من الغذاء والدواء فإن اليمن أصبح يعاني اليوم أسوأ أزمة إنسانية قاسية باتت تفرضها حرب لا تفرق بين صغير وكبير وبات اليمنيون مهددين بحدوث مجاعة إنسانية.
وتشير منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف» إلى أن طفلاً يمنياً واحداً على الأقل يموت كل عشر دقائق بسبب سوء التغذية والأمراض، محذرة من إن 2.2 مليون طفل يعانون سوء التغذية الحاد ويحتاجون إلى العناية العاجلة.
ووفق «اليونيسيف»: «يموت في اليمن على الأقل طفل واحد كل عشر دقائق بسبب أمراض يمكن الوقاية منها، مثل الإسهال وسوء التغذية والتهاب الجهاز التنفسي».
وبحسب منظمة اليونيسيف «يعاني نحو 2.2 مليون طفل يمني سوء التغذية الحاد ويحتاجون إلى العناية العاجلة»، موضحة أن بين هؤلاء الأطفال 462 ألف طفل على الأقل يعانون «سوء التغذية الحاد الوخيم».
وقالت «اليونيسيف»: «إن معدلات سوء التغذية في هذا البلد هي الأعلى والأكثر تصاعداً من أي وقت مضى، وصحة أطفال البلد الأفقر في الشرق الأوسط لم تشهد مطلقاً مثل هذه الأرقام الكارثية التي نشهدها اليوم».
وأشارت إلى أن محافظة صعدة تشهد «أعلى معدلات التقزم بين الأطفال على مستوى العالم؛ إذ يعاني 8 من أصل كل 10 أطفال في المحافظة من سوء التغذية المزمن في نسبة لم يشهد لها العالم مثيلاً من قبل».
وتزداد مأساة ومعاناة اليمنيين جراء الأوضاع الإنسانية السيئة التي يواجهونها يومياً جراء الحرب التي جعلت من الأمور على الأرض تتفاقم وتزداد سوءاً يوماً بعد يوم في ظل ما تفرضه الحرب من أوضاع صعبة جعلت مصير اليمنيين مجهولاً بفعل حرب مزقت ودمرت البلاد في وقت تفرض السعودية وتحالفها حصاراً خانقاً على اليمن، يشمل المطارات والموانئ والمنافذ الحدودية البرية، وتمنع دخول المساعدات الإنسانية عبر هذه المنافذ، وسط صمت دولي مطبق.
وتظهر الأرقام المفزعة والمرعبة الصادرة وفق آخر إحصاءات عن منظمة أوكسفام الدولية للإغاثة المتعلقة بقطاع التعليم في اليمن أن أكثر من مليوني طفل يمني حرموا من المدارس إضافة لإغلاق أكثر 1400 مدرسة بسبب الصراع الدائر، لاسيما أن المدارس التي لم تعد صالحة للاستخدام ارتفعت لـ 1600 مدرسة.
وتكشف هذه الأرقام عن فظاعة وقساوة المشهد لأطفال اليمن الذين أصبحوا بلا تعليم، ما يعني أن مستقبل التعليم للأجيال القادمة بات في مرحلة خطيرة ومأزومة؛ إذ أن مسيرة واقع التعليم أضحت تسير للخلف، خصوصاً أن الانقطاع عن المدارس بسبب ظروف الحرب يحرم الطلبة والأطفال من حق التعليم والحصص الصفية؛ حيث إن هذه الفئات المحرومة سيتأخرون لسنوات إضافية عن أقرانهم الآخرين المنتظمين في المقاعد الدراسية.
ومع دخول الحرب التي تقودها السعودية تحت ما يسمى «التحالف العربي» عامها الثالث، واستناداً لأرقام وإحصائيات المنظمات الدولية فقد تعرض قطاع التعليم لانتهاكات صارخة في ظل تضرر ودمار مدارس عديدة لم تعد صالحة للاستخدام في حين حول بعضها الآخر لثكنات عسكرية أو مكان لإيواء النازحين لتخرج المؤسسات التعليمية عن الغاية الرئيسية لإقامتها.
وتحول معظم تلك المدارس إلى مراكز إيواء للنازحين أو مقرات عسكرية أو غير ذلك من الاستخدامات بعدما أضحت مباحة لكل شيء إلا التعليم.
وقد تعرضت المدارس والمؤسسات التعليمية إلى غارات التحالف العربي بقيادة السعودية وقصف مدفعي من ميليشيا الحوثي.
وبحسب الإحصائيات المتوفرة فإن 70 % من المعلمين لم يتلقوا رواتبهم منذ نحو عام، وبالنسبة لحال المدارس الخاصة فلم يعد أفضل من نظيراتها الحكومية، فالآلاف من التلاميذ اضطروا لتركها لعدم قدرة ذويهم على دفع الرسوم الدراسية، وهناك الكثير من الآباء والأمهات منعوا أطفالهم من الذهاب إلى مدارسهم خوفاً على سلامتهم.
ويلفت التقرير إلى أن توقف المرتبات كان له تأثير مباشر على العملية التعليمية، حيث تلقى ما يقارب 4.5 مليون طفل 60 في المائة فقط من الساعات الدراسية كما أن هناك ظروفاً سيئة متعلقة بالنازحين داخل اليمن جراء الحرب والذين يقدر عددهم بنحو مليوني نازح بحسب الأمم المتحدة، حيث يشير تقرير مركز الدراسات إلى ارتفاع نسبة النزوح بين الطلاب والتي تزيد على 19% من إجمالي الطلاب البالغ عددهم ستة ملايين، بينما هناك واحد من كل اثنين من الطلاب النازحين أي النصف لم يتلق أي تعليم رغم بقاء الكثير منهم على قيد الدراسة.
وتعرضت المدارس في العام الفائت وحده إلى 32 حادثة اعتداء تراوحت بين غارات جوية شنتها طائرات التحالف وقصف مدفعي من قبل ميليشيا الحوثي، أسفرت جميعها عن مقتل 16 طفلاً أثناء تنقلهم من وإلى المدرسة.

الطلبة النازحون.. قصة أخرى
واحد من كل اثنين من الطلاب النازحين أي النصف لم يتلق أي تعليم رغم بقاء الكثير منهم على قيد الدراسة؛ حيث إن هذه الأرقام تتطلب من المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية وحقوق الإنسان التدخل فوراً حفاظاً على حق التعليم لطلبة اليمن.
معاناة الطلبة النازحين في مناطق الحرب والصراع والهرب والفرار من مكان لآخر تحرم هؤلاء النازحين من حق أساسي في استكمال التعليم بالمدارس، خصوصاً أن هذه الفئة بأمس الحاجة للتعليم من أجل استكمال مسيرة حياتهم وتأمين مستقبلهم.
وتتعمق الأمية بين طلبة اليمن بفعل الحالة التي يعيشها الطلبة جراء الحرب وعدم مقدرتهم على الالتحاق بالمدارس التي تضررت أعداد كبيرة منها ولم تعد صالحة للتعليم؛ ما يؤكد أن واقع التعليم في خطر وأصبح على الهاوية ما لم تُتخذ إجراءات دولية عاجلة لحل هذه الأزمة التي شردت الملايين من اليمنيين.
ووفق تقرير آخر أصدره مركز الدراسات والإعلام التربوي- منظمة يمنية غير حكومية- فإن 78% من المدارس المغلقة تعرضت لأضرار كلية وجزئية نتيجة الحرب فيما احتلت عسكرياً 22 في المائة منها.
copy short url   نسخ
24/01/2018
5094