+ A
A -
كتب- محمد عبدالمنصف
افتتح سعادة الشيخ عبدالله بن سعود آل ثاني، محافظ مصرف قطر المركزي، ملتقى المرحلة الرابعة والأخيرة لإعداد استراتيجية الشمول والتثقيف المالي بالدولة، أمس، بحضور عدد من السادة الوزراء والسادة أعضاء مجلس إدارة مصرف قطر المركزي والرؤساء التنفيذيين للبنوك والمصارف والمؤسسات المالية العاملة بالدولة.
وأكد المحافظ في كلمته الافتتاحية أن الشمول المالي حظي باهتمام كبير على المستوى الدولي بعد الأزمة المالية في عام 2008، وأصبح ركيزة أساسية في بناء استراتيجيات التنمية الشاملة والمتوازنة في مختلف دول العالم لما له من دور في زيادة الإنتاجية وتحقيق التنمية المستدامة وضمان الاستقرار المالي والاجتماعي.
وأضاف: إن دولة قطر ومنذ وقت مبكر اهتمت بموضوع الشمول والتثقيف المالي؛ حيث تم تضمينه ضمن المهام والاختصاصات التي يباشرها المصرف وفقاً لأحكام قانون مصرف قطر المركزي وتنظيم المؤسسات المالية الصادر بالقانون رقم (13) لسنة 2012، وفي هذا الإطار فقد تم تخصيص فصل كامل في القانون لحماية العملاء والنص على حقوقهم، كذلك فإن توعية الجمهور بنشاط الأسواق المالية وتشجيع الاستثمار هو من ضمن مهام واختصاصات هيئة قطر للأسواق المالية الواردة في قانون الهيئة رقم (8) لسنة 2012 كما أن تعزيز الشمول والتثقيف المالي هو أحد الأهداف الخمسة الرئيسية للخطة الاستراتيجية الثانية لتنظيم القطاع المالي (2017- 2022 ) والتي تم إطلاقها في شهر ديسمبر من العام الماضي وهي امتداد لما تم إنجازه في الخطة الاستراتيجية الأولى (2012- 2016).
ولفت إلى انه انطلاقاً من اهتمام الدولة بالشمول والتثقيف المالي وبتوجيهات كريمة من معالي رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية فقد تم تشكيل اللجنة الوطنية للشمول والتثقيف المالي والتي تضم في عضويتها ممثلين لجميع الوزارات والهيئات والمؤسسات ذات الصلة، وذلك من أجل وضع الاستراتيجية الوطنية للشمول والتثقيف المالي في الدولة.
وأثنى على الجهود التي بذلتها اللجنة في هذا المجال؛ حيث استكملت من المراحل الثلاث الأولى المتمثلة في الاستطلاع وتقييم العمل المطلوب نوعاً وكماً وضع الخطة العامة والآن تبدأ المرحلة الرابعة والأخيرة والممثلة في صياغة وثيقة الاستراتيجية من خلال تقارير ورش العمل المختلفة والتي تمت مناقشتها خلال الملتقى.
ووجه الشكر للسادة رئيس وأعضاء اللجنة الوطنية للشمول والتثقيف المالي ولأعضاء فرق العمل المختلفة على ما بذلوه من جهود ولجميع الجهات التي ساهمت في إتمام صياغة الخطة الاستراتيجية بما يخدم الأهداف المرجوة وفقاً لرؤية قطر الوطنية 2030.
النمو المستدام
ويساهم الشمول المالي كسياسة استراتيجية أساسية في تعزيز النمو المستدام، وخلق فرص العمل والحد من حالات عدم المساواة وتحقيق الاستقرار المالي ويحظى باهتمام دولي كبير، خاصة في ظل التطور التكنولوجي الذي يشهده العالم في مجال تقديم الخدمات المالية الإلكترونية والحاجة الماسة إلى نشر الوعي وتمكين الفرد من الوصول إلى المنتجات والخدمات المالية بأسهل طرق، بالإضافة إلى توسيع نطاق استخدام هذه الخدمات والمنتجات من قبل المنشآت الصغيرة والمتوسطة وتطبيق مناهج مبتكرة للتوعية والتثقيف المالي وذلك بهدف تعزيز الرفاه المالي والاندماج الاجتماعي والاقتصادي.
أهمية الشمول
ويوجد الشمول المالي وثيقة بين الشمول والاستقرار المالي والنمو الاقتصادي فمن الصعب تصور استمرار الاستقرار المالي، بينما لاتزال هناك نسبة كبيرة من السكان أو المؤسسات مستبعدة مالياً، كما أن الشمول المالي يعزز التنافس بين المؤسسات المالية من خلال العمل على تنوع منتجاتها والاهتمام بجودتها لاجتذاب اكبر عدد من العملاء والمعاملات وتقنين بعض القنوات غير الرسمية، ويؤثر الشمول المالي على الجانب الاجتماعي من حيث الاهتمام الأكبر بمحدودي الدخل مع إيلاء اهتمام خاص للمرأة والوصول إلى الأفراد والمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر ودمجهم بالقطاع المالي الرسمي ذلك إلى جانب الاهتمام بتوفر فرص عمل مما يساهم في رفع مستوى المعيشة، ويساهم كذلك في حماية عملاء المؤسسات المالية بمختلف فئاتها عن طريق فهم العميل حقوقه وواجباته وحصوله على معاملة عادلة وشفافة وتزويد العميل بجميع المعلومات اللازمة وتوفير خدمة استشارية والاهتمام بالشكاوى والتعامل معها بحيادية مما يحمي العملاء من التعرض لحالات النصب أو الاستغلال من الجهات المالية غير الرسمية.
وضعت الاستراتيجية وسائل لتحقيق الشمول المالي عبر خلق التزام واسع لدى الجهات الرسمية لتحقيق الشمول المالي وتنفيذ سياسات يتم من خلالها تعزيز وتسهيل وصول جميع فئات المجتمع إلى الخدمات وتمكينهم من استخدامها بالشكل الصحيح، بالإضافة إلى توفير خدمات مالية متنوعة ومبتكرة بتكلفة منخفضة وتحسين إدراك المستهلكين والمستثمرين بمفهوم الخدمات والمنتجات المتوفرة والمخاطر.
وتهدف استراتيجية الشمول المالي إلى تعزيز وصول جميع فئات المجتمع إلى الخدمات والمنتجات المالية وذلك من خلال توحيد جهود كافة الجهات المشاركة في الاستراتيجية لتعريف المواطنين بأهمية الخدمات المالية وكيفية الحصول عليها والاستفادة منها لتحسين ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية لتحقيق الاستقرار المالي والاجتماعي وتشجيع المواطنين على الادخار والاستثمار بالطرق المثلى وذلك من خلال إعداد برامج موجهة لكل فئات المجتمع لتعزيز ثقافة الادخار والاستثمار لديهم وكذلك تشجيع التنافس بين مزودي الخدمات المالية لتقديم منتجات ادخارية واستثمارية تتناسب مع فئات المجتمع المختلفة، فضلاً عن تثقيف فئات المجتمع المالي وتعزيز وحماية حقوق مستهلكي الخدمات المالية والتحول من تقديم الخدمات بالطرق التقليدية إلى الوسائل والأدوات العصرية مثل خدمات الصيرفة الرقمية.
ركائز الاستراتيجية
ترتكز الاستراتيجية على أربعة محاور: أولاً دعم البنية التحتية المالية وتتضمن توفير بيئة تشريعية ملائمة من خلال إصدار وتعديل التعليمات واللوائح وتعزيز الانتشار الجغرافي من خلال التوسع في شبكة فروع مقدمي الخدمات المالية، بالإضافة إلى إنشاء نقاط وصول للخدمات المالية مثل وكلاء البنوك وتطوير نظم الدفع والتسويات لتسهيل تنفيذ العمليات والاستفادة من التطورات التكنولوجية لتيسير الوصول إلى الخدمات مالية بتكلفة قليلة وفعالية عالية وتوفير قاعدة بيانات شاملة وإنشاء قواعد بيانات شاملة تتضمن سجلات البيانات الائتمانية التاريخية للأفراد والشركات الصغيرة والمتوسطة.
الحماية المالية
أما المحور الثاني الخاص بالحماية المالية للمستهلك فيهدف إلى التأكيد على حصول العميل على معاملة عادلة وشفافية، بالإضافة إلى حصوله على الخدمات والمنتجات المالية بكل يسر وسهولة وبتكلفة مناسبة وجودة عالية وتوفير المعلومات اللازمة والدقيقة في جميع مراحل تعامل العميل مع مقدمي الخدمات المالية من خلال الإفصاح للعملاء عن البيانات ووضع آليات رقابة وحماية مناسبة تراعي حقوقهم وتوفير آليات للتعامل مع شكاوى العملاء وتوعية وتثقيف العملاء بمبادئ حماية المستهلك مالياً لفهم حقوقهم ومسؤولياتهم.
تطوير الخدمات
أما المحور الثالث للاستراتيجية الوطنية فيعني بتطوير خدمات ومنتجات مالية تلبي احتياجات جميع فئات المجتمع عبر مراعاة احتياجات ومتطلبات العملاء المستهدفين عند تصميم الخدمات والمنتجات لهم قبل طرحها والتسويق لها بالإضافة إلى ابتكار منتجات مالية.
ويعمل المحور الرابع والأخير على تعزيز الوعي والمعرفة المالية لدى المواطنين وخاصة الفئات المستهدفة ويساعد التثقيف المالي المواطنين في اتخاذ قرارات استثمارية سليمة ومدروسة في ما يتعلق بتعاملاتهم المالية المختلفة بأدنى درجات المخاطر.
ويلعب مصرف قطر المركزي والجهات الرقابية في تعزيز الشمول المالي دوراً رئيسياً في وضع قواعد تشريعات هدفها تيسير إجراءات المعاملات المصرفية بجميع أشكالها وتشجيع إنشاء وتطوير قنوات إضافية للخدمات المالية التقليدية باستخدام التكنولوجيا الحديثة وتحسين البنية التحتية اللازمة من خلال إنشاء مكاتب استعلام الائتماني وتطوير نظم الدفع والتسوية والوساطة المالية وتوفير الحماية للمستهلكين ورفع الوعي المصرفي والتثقيف المالي لدى المستهلكين.
ويأتي هذا الملتقى انطلاقاً من اهتمام الدولة بالشمول والتثقيف المالي وتوجيهات معالي رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية بتشكيل اللجنة الوطنية للشمول والتثقيف المالي التي تضم في عضويتها ممثلين لجميع الوزارات والهيئات والمؤسسات ذات الصلة.
وقد قامت اللجنة بإنجاز المراحل الثلاث من عملها والمتمثلة في الاستطلاع وتقييم العمل المطلوب ووضع الخطة العامة، ويمثل هذا الملتقى بداية للمرحلة الرابعة لصياغة وثيقة الاستراتيجية.
copy short url   نسخ
24/01/2018
4902