+ A
A -
عمان– عماد عبد الكريم
تسارعت خطوات الأردن نحو اعتماد خطة طويلة المدى لتغطية الطلب المتزايد على الكهرباء من خلال اللجوء إلى الاستثمار في الطاقة البديلة (الطاقة المتجددة) نظرا لكونها من بين أبرز الحلول المستدامة التي تدعم التوجه العالمي في ما يتعلق بالمناخ.
ويتمتع الأردن بأحد أعلى المعدلات في العالم من حيث استيراد الطاقة من الخارج إذ تشير التقديرات إلى أن أكثر من 90 بالمائة من احتياجات البلاد من الطاقة تأتي من كميات النفط والغاز المستوردة من الدول العربية المجاورة.
وتعتبر مشكلة تأمين مصادر الطاقة كالنفط والغاز من ابرز مشكلات الاردن والتي ساهمت الاحداث الاقليمية في المنطقة مؤخراً اضافة الى الازمات الاقتصادية التي عصفت بالاردن الى خلل في توافرها باستمرار حيث واجه الأردن تجربتين قاسيتين في مجال إمدادات الطاقة، أولاهما توقف تزويده بالنفط بأسعار تفضيلية من العراق بعد حرب عام 2003 والأخرى انقطاع واردات الغاز الطبيعي المصري عقب الأحداث التي تلت يناير 2011.
من هنا كان لابد من البحث عن البدائل التي تساهم في دفع عجلة التنمية في البلاد وعدم وقوعها تحت رحمة صادرات الطاقة التي تصل البلاد يوما وتنقطع اياما فكان قرار التوجه بقوة نحو استغلال الطاقة المتجددة التي تساهم بشكل كبير في الاستغناء عن الغاز والنفط.
ويعول الأردن كثيرا على تطور تكنولوجيا الطاقة المتجددة وخاصة أنظمة التخزين لمواجهة المعوقات التشغيلية والتذبذب في التوليد وتحقيق الاستقرار في النظام الكهربائي ويسعى بأن تصل مساهمة مصادر الطاقة المتجددة إلى 20 بالمائة من حجم الطاقة الكهربائية المولدة في الأردن بحلول 2020.
مشاريع واستثمارات
وبلغ حجم قدرات مشاريع الطاقة المتجددة نحو 247 ميغاواط باجمالي تكلفة تبلغ نحو 386.6 مليون دولار مولتها حكومات وصناديق مختلفة بحسب احصائيات وزارة الطاقة والثروة المعدنية.
وبحسب الاحصائيات فإن هذه المشاريع تضم محطات للطاقة الشمسية، وطاقة الرياح في عدد من محافظات ومدن المملكة، تم تنفيذها من منح دولية، منها ما تم انجازه وربطه على الشبكة، ومنها مايزال قيد التنفيذ.
وتضم هذه المشاريع مشروع طاقة الرياح في محافظة معان (جنوب الأردن)، الذي يعد الأول من نوعه المملوك للحكومة بقدرة 80 ميغاواط، وبكلفة تقارب 150 مليون دولار، والممول من حكومة دولة الكويت من خلال الصندوق الكويتي للتنمية، وقد تم ربطه بالكامل على الشبكة الوطنية العام الماضي، ويتكون المشروع من 40 مروحة توليد طاقة بقدرة 2 ميغا واط كل منها بارتفاع 78 مترا ميغا واط.
أما المشروع الثاني، فهو مشروع محطة الطاقة الشمسية في القويرة (سلطة العقبة) بقدرة 103 ميغاواط بقيمة منحة تقارب 150 مليون دولار ومن المتوقع أن يتم التشغيل التجاري للمشروع بنهاية العام الحالي، فيما ستقوم شركة السمرا بعمليات الصيانة والتشغيل للمحطة.
وتبلغ قدرة المشروع الثالث، وهو مشروع محطة الزعتري للطاقة الشمسية 13 ميغاواط وبقيمة 17.6 مليون دولار (15 مليون يورو) بمنحة من الحكومة الألمانية حيث توفر هذه الطاقة المتجددة والنظيفة لحوالي 80 ألف لاجئ سوري داخل المخيم وأيضا للمناطق الحضرية حول المخيم، كما ستساعد هذه المحطة بزيادة ساعات توفير الكهرباء لمأوى اللاجئين من 8 ساعات حتى 14 ساعة.
وتعكف الحكومة على تنفيذ محطة الطاقة الشمسية جنوب العاصمة عمان بقدرة 40 ميغاواط بكلفة 51.7 مليون دولار (44 مليون يورو) من بنك KFW الالماني.
وتنفذ الحكومة الأردنية في الوقت ذاته من خلال برنامج الدعم الأوروبي لقطاع الطاقة مشروعي طاقة شمسية بقيمة 5.8 مليون دولار في منطقة الأرزق، في وقت تبلغ فيه كامل قيمة البرنامج 90 مليون يورو.
إنتاج الكهرباء بالطاقة الشمسية
من جهته اعتبر الأمين العام السابق للهيئة العربية للطاقة المتجددة المجلس الاقتصادي العربي التابع للجامعة العربية والخبير في مجال الطاقة المتجدة صالح ارشيدات ان الطاقة المتجددة هي طاقة نظيفة صديقة للبيئة ولا انبعاثات من وراء إنتاجها ومصادرها متوافرة بالأردن بشكل كبير.
وأضاف في حديث خاص لـ الوطن الاقتصادي «أشعر أن الأردن مقبل في المستقبل القريب على انتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية التي قطع شوطاً كبيراً ومهما في استغلالها مشيراً الى ان أسعار إنتاج الطاقة المتجددة قريبة من أسعار وتكاليف الطاقة التقليدية».
وأضاف ان حجم الاستثمار بمجال الطاقة المتجددة في الاردن بلغ حسب الاستراتيجية الوطنية للطاقة حوالي 10 %‏ من حجم انتاج الطاقة البالغة حاليا 1500 الى 2000 ميجا وات بكلفة ملياري دينار حوالي 20 %‏ من انتاج الكهرباء ويوفر حسب أسعار البيع بالجملة حوالي 50 %‏ من مثيلتها من الطاقة التقليدية، اضافة الى تركيب معدات توفير استهلاك الطاقة الذي يبلغ 20 %‏ من الطاقة الحالية.
وطالب ارشيدات الحكومة الأردنية منع احتكار قطاع الطاقة المتجددة وتهيئة البيئة المحفزة للمستثمرين وتسهيل الإجراءات للمستثمرين مثل توفير الاراضي وعقود الاستئجار المريح ورسوم الاستجرار المناسب للاستثمار وتأمين الشبكة الوطنية لاستيعاب مزيد من منتج الطاقة المتجددة.
وشدد على انه لا يمكن الاستغناء عن الطاقة التقليدية ولكن امام الأردن فرصة ذهبية في التخفيف من استيرادها وتصحيح معادلة خليط الطاقة الذي ورد في الاستراتيجية الوطنية للطاقة وقانونها لعام 2014.
أول مركز لتخزين الكهرباء
وضمن خطط الاردن في استغلال الطاقة المتجددة عمل على انشاء مركز لحفظ الكهرباء المنتجة من مشاريعها للطاقة المتجددة، كأول دولة في المنطقة تنجز مشروعا من هذا النوع.
ويضم المركز بطاريات مخصصة لحفظ الكهرباء المنتجة من مشاريع الطاقة المتجددة التي تملكها في منطقة الشرق الأوسط، حيث سيكون الاردن مركز انطلاق لها في المنطقة لحفظ واستخدام هذه الطاقة.
وستتراوح قدرة هذه البطاريات من 20 إلى 100 ميغاواط، وبكلفة تقديرية تتراوح ما بين 15 مليونا إلى 20 مليون دولار.
وستستخدم التكنولوجيا المتبعة في تخزين الطاقة الكهربائية ثم إعادة استخدامها من حيث الاستفادة منها في النظام الكهربائي في عدة أغراض، منها تعويض التذبذب في الطاقة المولدة من محطات الطاقة المتجددة والمساهمة في تخفيض الاوقات التي يتم الطلب فيها من هذه المحطات.
كما تساعد في تنظيم تردد الشبكة الكهربائية من خلال شحن البطاريات عند ارتفاع تردد الشبكة، والمساهمة في تخفيض كلف النظام الكهربائي وتخفيض اثر ارتفاع الحمل الأقصى للنظام.
تحديات
وأشار خبراء الى أن هناك أربعة تحديات تواجه الأردن في مجال الطاقة المتجددة: أولها طول المدة التي تطلبها شركات توزيع الكهرباء لمنح الموافقة على تركيب أنظمة الطاقة المتجددة، مطالبين أن يتم اعتماد الشركات التي تركب منتجات الطاقة المتجددة وتورّدها، وذلك لتقصير مدة الموافقة إلى شهر ونصف بدلاً من ثلاثة شهور، وإتاحة المجال لهذه الشركات لتركيب الأنظمة الصغيرة تحت 16 أمبيرا للفاز الواحد، ثم يتم إبلاغ شركة التوزيع كما هو معمول به في ألمانيا.
وأوضح الخبراء أن التحدي الثاني يتمثل في وضع خطة تفصيلية لرفع الحد الأعلى لإجمالي استطاعة نظم مصادر الطاقة المتجددة المربوطة من 1 %، ومن 1.5 % إلى ما لا يقل عن 10 % على الجهدين المنخفض والمتوسط، مضيفاً أن هذا يتطلب تخصيص استثمارات لرفع كفاءة شبكة الكهرباء بحيث يصبح لدينا شبكة ذكية لاستقبالها.
ويكمن التحدي الثالث في تفعيل صندوق الطاقة المتجددة وترشيدها، بشكل عملي وواضح، مشيرين إلى انه يجب أن يتم اعتماد الشركات ومنتجاتها الموفرة للطاقة، بحيث تعود للمواطن الذي يشتري من هذه المنتجات رديّات بقيمة 25 % -35 % من قيمة الفاتورة الرسمية.
ويكمن التحدي الرابع في توسيع نطاق الإعفاءات الجمركية والضريبية، لتشمل جميع الأنظمة الموفرة للطاقة، مثل: المضحات الحرارية (HEAT PUMPS) والبويلرات عالية الكفاءة، وأنظمة التكييف المصنفة كموفرة للطاقة.
copy short url   نسخ
12/01/2018
12209